(قراءة معاصرة في عهد الإمام عليٍّ لواليه على مصر)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين نحمده، ونشكره، ونستعينه، ونستهديه، ونثني عليه الثناء كلّه، ونصلي ونسلم على خير خلقه؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أمّا بعد.. فقد سلف القول في الدراسة السابقة – الموسومة «أركان القضاء على ضوء عهد أمير المؤمنين الإمام علِيٍّ”[1] – إنّ مضمون عهده عليه السلام، مُلزِم لكل مُتلَّقٍ، تولَّى شأناً من شئون العباد في كل عصر، والحكم بين الناس– بفض خصوماتهم وقطع منازعاتهم– من أهم شئونهم؛ بل هو– كما قال الإمام يحيى بن حمزة : «من أهم القواعد الشرعية وأعلاها بالمحافظة والمراقبة»[2]؛ وبالتالي فإنّ تولي القضاء لا يمكن بحال أن يكون مجرد وظيفة كغيره من الوظائف، بل هو رسالة إنسانية، أناطها الله تعالى ابتداءً بأنبيائه عليهم الصلاة والسلام؛ لذا لا يتأتى لأيٍّ كان تأدية هذه الرسالة، بل لابد فيمن يُختار للحكم بين الناس، أن يتمتع بخصال وصفات خاصة، وهذا ما صرّح به الإمام علي- عليه السلام- في عهد توليته لمالك بن الحارِثِ الأَشْتَرَ على مصر، آمِراً إياه بقوله: «اخْتَرْ للحُكْمِ بين النَّاس أفضلَ رعيَّتك في نَفْسِكَ؛ مِمَّنْ لا تَضيقُ به الأمورُ، ولا تُمَحِّكُهُ الخصومُ، ولا يتمادَى في الزَّلَّةِ، ولا يَحْصَرُ من الْفَيْءِ إِلى الحقِّ إذا عَرَفَهُ، ولا تُشْرِفُ نَفسُهُ على طمعٍ، ولا يَكتَفِي بِأدنَى فَهْمٍ دون أقصاهُ، وأوقَفَهُمْ في الشُّبُهَاتِ، وآخَذَهُمْ بِالحُجَجِ، وأقَلَّهُمْ تبرُّماً بمراجعةِ الخصمِ، وأصبرَهُمْ على تَكَشُّفِ الأمورِ، وأصرَمَهُمْ عند اتِّضاحِ الحُكْمِ، ممَّنْ لا يَزْدَهيهِ إِطْرَاءٌ، ولا يَسْتَمِيلُهُ إغْراءٌ، وأولئك قليلٌ…».
وخلصنا إلى أن قوله عليه السلام: «اخْتَرْ للحُكْمِ بين النَّاس…»، هو أول أركان القضاء وأهمها، بل وركنها الركين[3]؛ لذا أعقبه بتعداد الخصال أو الصفات اللازم على واليه تحريها فيمن سيختارهم لذلك؛ ولم يتركها لاجتهاد واليهِ؛ وفي ذلك دلالة واضحة على أهمية وسمو وقدسية الرسالة التي ستناط بهم؛ مؤكداً ذلك بقوله عليه السلام– عقب تعداد تلك الخصال– : «… وأولئك قليلٌ»، أي أن من تتوفر فيهم هذه الخصال، هم بطبيعة الحال قليل في كل زمان ومكان؛ فهي خصال عزيزة التحقق إلا في القليل من الناس[4]، وفي هذا دلالة واضحة على أن القضاء ليس مجرد وظيفة كغيرها من الوظائف، وإشارة إلى أن تلك الخصال أو الصفات التي ذكرها– فيمن يتم اختياره للحكم بين الناس– هي خصال ذاتية في الشخص؛ أي مما لا يمكن اكتسابه بالتعلم والتلقي.
كما تعرضنا في الدراسة السابقة إلى طبيعة تلك الخصال[5]، وأنها ليست بشروط، وإنما تتضمن في مجملها خمسة شروط؛ ثلاثة منها شروط ذهنية، وشرطان مسلكيان؛ وأن التحقق من الشروط الذهنية: يكون بتحري الخصال المبينة بقوله عليه السلام: «لا تَضيقُ به الأمورُ، ولا تُمَحِّكُهُ الخصومُ، ولا يَحْصَرُ من الْفَيْءِ إِلى الحقِّ إذا عَرَفَهُ، وآخَذَهُمْ بِالحُجَجِ، وأقَلَّهُمْ تبرُّماً بمراجعةِ الخصمِ، وأصرَمَهُمْ عند اتِّضاحِ الحُكْمِ، ولا يَكتَفِي بِأدنَى فَهْمٍ دون أقصاهُ، وأوقَفَهُمْ في الشُّبُهَاتِ، وأصبرَهُمْ على تَكَشُّفِ الأمورِ».
أما التحقق من الشروط المسلكية: فيكون بتحري الخصال المتمثلة في قوله عليه السلام: «لا يتمادَى في الزَّلَّةِ، ولا تُشْرِفُ نَفسُهُ على طمعٍ، ولا يَزْدَهيهِ إِطْرَاءٌ، ولا يَسْتَمِيلُهُ إغْراءٌ».
وعليه وليتسنى لنا إقامة الركن الأول من أركان القضاء، سنتعرض في ما يلي من بنود للخصال الثلاث عشرة، وفقاً للترتيب الوارد في عهد الإمام عليه السلام، محاولين– بعون الله وتوفيقه– بيان المقصود بكل منها، وبما يتفق مع واقعنا المعاصر.
أولاً: «لا تَضيقُ به الأمورُ»:
إن أول خصلة يجب أن تتوافر في من يُختار لتولى القضاء أن يكون ممن لا تضيق الأمور بفهمه؛ بحيث يَعْيَ ولا يدري ماذا يعمل في ما يعرض عليه منها[6]، ويقف مكتوف الأيدي أمامها، وتنسد في وجهه المخارج التشريعية بشأنها[7]، بل ينبغي أن يمتلك فهما يُمَكِّنه من إدراك المعالجة المناسبة والإجراء الصائب في تلك الأمور، سواء عرضت عليه في شكل طلبات على عرائض أم دعاوى مستعجلة، أم طلبات عارضة على الخصومة الأصلية، فأمور كهذه لا سعة لديه بشأنها، ويحتاج بشأنها إلى اتخاذ إجراء تحفظي أو تدبير وقتي عاجل.
بمعنى آخر: ينبغي أن يملك من الفهم ما يمنحه القدرة على اتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب، والقدرة على تكييف الوقائع، وإسقاط النصوص عليها، ومعرفة ما ينبغي أن يتخذ في مواجهة كل منها، وكذلك الحال في الخصومات الموضوعية البسيطة (غير المُرَكَبَّة) أو في الخصومات التي يمثل فعل الخصم فيها عدواناً ظاهراً على حق واضح لخصمه، ومن ثم ينبغي ألا تضيق مثل هذه الأمور على فهمه وإدراكه.
ومع ذلك فالكثير من الخصومات يحتاج إلى تأمل وتدبُّر، بل وإلى بحث ومشاورة؛ لذا أمر عليه السلام بلزوم توافر خصال أخرى أيضاً فيمن يُوَّلى القضاء منها– كما سيأتي– أن يكون ممن «لا يكتفي بأدنى فهْمٍ دون أقصاه»، وأن يكون «أوقفهم في الشبهات»، و»آخذهم بالحجج»، و»أصبر هم على تَكَشُّفِ الأمورِ»[8].
ثانياً: «لا تُمَحِّكُهُ الخصومُ»:
المَحْكُ: التَّمادي في اللَّجاجة عند المُساومَة والغَضَب ونَحْوه[9]، وأمحكه الغضب: جعله يلج ويتمادى في المنازعة[10]، وعليه فمن الخصال اللازمة فيمن يُختار للقضاء أن يكون ممن لا يتأثر بمماحكات ولدد الخصوم، بحيث يُستفز بذلك؛ فيدخل في لجاجة معهم؛ فذلك مدعاة إلى أن يخرج عن اعتداله، وقد يدخل في شجار معهم أو مع أحدهم[11]؛ فلا يضمن عندئذ تجرده وحيدته،
وقد ينجم عن لجاجته مع الخصوم أن يصر على رأيه وإن كان على خطأ[12]، وهذا معيب في حق أي شخص فكيف بالقاضي؛ لأنه قد يصر على الخطأ فيحكم به وإن عرف الحق، ومن الخصال الواجب توافرها فيه– كما سيأتي– أن يكون ممن «لا يَحْصَرُ من الْفَيْءِ إِلى الحقِّ إذا عَرَفَهُ».
ثالثاً: «لا يتمادَى في الزَّلَّةِ»:
الزَّلَةُ لُغةً: السقطة؛ يقال: زلَّ عن الصَّخْرة، وزَلَّ في الطِّين[13]، أما الزَّلَةُ اصطلاحاً فهي: الْخَطَأُ، وقد أُخذت من المعنى اللُغوي; لأنَّ المخْطئ زَلَّ عن نهج الصواب[14].
يُفهم من هذا أن المقصود بالزَّلَة هنا هو الوقوع في الخطأ عن غير قصد؛ لهذا يأمرنا الله تعالى بأن ندعوه قائلين: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾، والقاضي– أولاً وأخيراً – بَشَرٌ، ومن ثم فهو عرضة لأن يَزِل؛ فإنْ بدرت منه زَلَّةٌ رَجِع وأناب[15]، إذ ينبغي به ألا يصر عليها، بأن يستمر ويسترسل فيها، فالزَّلة قد وقعتْ، وإنما عليه ألا يتمادى فيها؛ لأن التمادي ينفي عن الفعل صفة الخطأ، ويصبح فعلاً عمدياً يؤاخذ عليه صاحبه، وقد يصل التمادي بصاحبه إلى حد الكِبْر، فلا يبالي بالآثار المترتبة على فعله، مما يعني انعدام المسئولية لديه[16]، وهذا أمر خطير، خاصة في القاضي؛ فعواقب تماديه في الخطأ وخيمة على المتقاضين.
وتجدر الإشارة إلى أن زلل القاضي– وفقاً للمفهوم السابق– إنما يتصوَّر وقوعه في مرحلة المحاكمة، أما في مرحلة الحكم فغير وارد البتة؛ لأن القاضي إنما يصدر حكمه وفقاً لأسباب وحيثيات؛ أي بعد تأمل وتدبر، آخذاً بالحُجَج والأدلة؛ لذا فالزلل غير متصور فيه؛ فإذا شاب حكمه عوارٌ، بأن صَدَر بالمخالفة لما طُرح في مجلس قضائه، فلا يمكن– بأي حال من الأحوال– أن يكون ذلك العوار ناجماً عن زَلَّة، بل عن قصد وسابق تصور، أو عن تعجل تهاوناً بحقوق المتخاصمين وجهلاً بقدسية رسالته[17]، ومن ثم لا محل في مثل هذه الأحوال لـ»التمادي» من عدمه؛ فلسنا بصدد «خطأ» يمكن للقاضي تصويبه، بل بصدد «باطل» يجب إزالته؛ بإلغاء ذلك الحكم أو تعديله.
رابعاً: «لا يَحْصَرُ من الْفَيْءِ إِلى الحقِّ إذا عَرَفَهُ»:
لا تضيق نفسه عن الرجوع إلى الحق إذا عرفه، بل ولا يَعْيا منطقه عن بيان سبب ذلك الرجوع؛ فقد يكون ثمة خلل أو نقص في المقدمات التي ينبغي أن يصدر حكمه بموجبها[18]، نتيجة مماحكة الخصوم أو تضليلهم وتغريرهم؛ وهنا لا يخلو: إما أن يعرف القاضي ذلك بعد المحاكمة وقبل الحكم، وإما أن يعرفه بعد الحكم:
ففي الصورة الأولى: يجب عليه– من تلقاء نفسه– إعادة فتح باب المرافعة لإصلاح الخلل أو استيفاء النقص[19]، فالرجوع إلى الحق في هذه الصورة من الصفات الكريمة الكاشفة عن تقوى الإنسان وحرصه على عدم الوقوع في الخطأ[20].
وفي الصورة الأخرى: يجب عليه ذلك أيضاً، ولكن بناء على طلب من الخصم المحكوم عليه يلتمس فيه من القاضي «إعادة النظر»؛ إذ أن القاضي لن يتمكن من معرفة سبب الخلل أو النقص إلا من خلال التماس الخصم؛ ليقرر الرجوع إلى الحق.
ومن الجدير بالتنويه إلى أن ثمة فرقاً دقيقاً يميز هذه الخصلة في القاضي عن التي قبلها (عدم التمادي في الزلة)، وهو أن الزلة قد تقع من القاضي؛ فيجب عليه ألا يتمادى فيها، أما الباطل– الذي قد يقع فيه القاضي والذي أشار إليه الإمام عليّ– فسببه هوى المتقاضين؛ فيجب عليه إزهاقه بالرجوع إلى الحق؛ لذا قَيَّد عليه السلام الرجوع إلى الحق بقوله: «إذا عَرَفَهُ»، إذ لو كان الباطل من القاضي لما كان ثمة معنى لهذا القيد، بل ولا معنى لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوَ مَا أَسْمَعُ…» الحديث، يؤكد ذلك أيضاً ما جاء في قصة داود عليه السلام مع الخصمين[21]؛ فاعتماده قول أحد الخصمين قبل سماع الآخر، مجرد اتكال على هوى المدعي؛ فـ﴿فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ﴾؛ أي فاء إلى الحق بعد أن عرفه؛ لذا اختتم تعالى تلك القصة منبهاً داود عليه السلام بقوله: ﴿يَا دَاوودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} [سورة ص: 26]، أي لا تتبع هوى الخصوم؛ إذ لا يتصور أن يكون ثمة هوىً شخصي لمن اصطفاهم الله لرسالاته.
خامساً: «لا تُشْرِفُ نَفسُهُ على طمعٍ»:
الإشراف على الشيء: الاطلاع عليه من أعلى؛ يعني لا تتطلع نفسه سلفاً إلى تحصيل الأطماع[22]؛ فذلك أمر خطير في من يُولَّى القضاء، فلا يُؤمن على المتقاضين من شهواته؛ إذ سيحيد عن الحق ولو بقليل من المال[23]؛ كونه مجبولاً على الطمع؛ فهو أخطر على الناس من غير المتطلع للمال؛ فهذا قد يميل عن الحق إذا واجهته مغريات مادية كبيرة، قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ﴾، ومن تلك الشهوات ﴿الْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾.
سادساً: «لا يَكتَفِي بِأدنَى فَهْمٍ دون أقصاهُ»:
قال الإمام يحيى بن حمزة: أي «لا يكتفي في قضائه وحكمه بسابق النظر والفهم، من دون أن يكون تابعاً لمنتهى ذلك وغايته؛ بالتدبر والتفهم والإبلاغ»[24]؛ أي لزوم أن يتميز القاضي بالتثبت والبحث العميق في ما بين يديه من خصومات؛ فلا يكتفي بمجرد الفهم الأولي الذي يتكون لديه من سماع الخصوم في مجلس قضائه، فيعجل بالحكم في الخصومة بناء على ذلك[25]، بل لابد له من معاودة الاطلاع على ملف القضية، ما قيل والتأمل في ما قدم أمامه، وتفحص أوراق ومستندات وأدلة الخصوم[26]، فبذلك فقط يتحقق له الفهم الأقصى للخصومة وملابساتها وما له علاقة بها؛ فإن استيعابه لكل ذلك يكشف عن أمور مهمة لها علاقتها بالمشكلة وحلها؛ ليقرر بناء على ذلك صلاحيتها للحكم من عدمه، وأن حكمه سيكون حاسماً لها، لا كقضية معروضة عليه، بل وقاطعاً للتنازع بين الخصمين؛ لهذا ينبغي به ألا يعلن حكمه إلا بعد التحري والوقوف على جهات الخصومة، والبحث عما يتصل بها موضوعاً وحكماً[27].
وتوجيه الإمام علي- عليه السلام- بتحري هذه الخصلة فيمن يختار لتولِّى القضاء، دعوة منه للزوم التعمق في القضايا، وبذل كافة المحاولات لاستقصاء الحقائق، والغور وراء الأدلة والبراهين، واستعمال أقصى درجات الفهم والتحقق[28].
سابعاً: «أوقَفَهُمْ في الشُّبُهَاتِ»:
الشبهةُ في اللغة: الالتباس، وفي الاصطلاح: ما التبس أمره؛ فلا يُدرى أحلال هو أم حرام؟ وحق هو أم باطل؟[29]، فيلزم من يُختار لتولي القضاء أن يكون أكثر من نظرائه توقفاً في الأمور المشتبهة[30]، بحيث لو لم تتضح له كافة معالم القضية المطروحة عليه– بعد التحري والتدبر فيها– وبقيتْ مسألة جوهرية فيها اشتبه الأمر عليه بشأنها؛ فإنه لا يتهور ويصدر حكمه في القضية كيفما كان[31]، بل يجب عليه التوقف عند تلك المسألة؛ ليطلب الرأي فيها من أهل الخبرة العدول، أو يستشير بشأنها الثقات ثم يستخير الله فيها؛ لأن التسرع في أحوال كهذه لا يجوز؛ فالوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات[32]؛ ومن ثم فتوقف الشخص عند الشبهات، من الصفات التي تبرز شدة تقواه وتورعه عما اشتبه عليه أمره[33].
ثامناً: «آخَذَهُمْ بِالحُجَجِ»:
أي أقطعهم عند ظهور الحجة الواضحة[34]؛ لأن الحجة والدليل هي الأساس الذي سيبني عليه حكمه[35]، والأخذ بها هو الأقرب في الوصول إلى الحقيقة[36].
والمقصود بـ»الحجج» هنا، ليس فقط الحجج بمعناها القانوني؛ أي ما يسمى بـ»الحجج القانونية»[37]، بل يشمل أيضاً «الأدلة الواقعية»، من إقرار، وشِهادة، ومحررات، ويمين، إلى آخر ما تضمنته المادة (13) من قانون الإثبات.
تاسعاً: «أقَلَّهُمْ تبرُّماً بمراجعةِ الخصمِ»:
قال الإمام يحيى بن حمزة في شرح المراد بهذه الخصلة: «البَرَمُ هو: السَّأم والمَلَل، وأراد أنه لا يكون سائماً بمراجعة أهل الخصومات مالّاً لها؛ لأن ذلك يؤدي إلى تغير حاله وطيشه وفشله»[38]؛ فطبيعة المتخاصمين أن يسعى كل منهما لإثبات ما يدعيه بما يقدر عليه، وقد يستدعي هذا منهما مراجعة القاضي أكثر من مرَّة[39]؛ لذا ينبغي به أن يُفسحالمجال لكل منهم؛ ليُدلي بكل ما لديه، ويستمع إليهم بصدر رحب[40]؛ فهذا يجعل صاحب الحق يقول ويدافع عن حقه بحرية تامة[41].
عاشراً: «أصبرَهُمْ على تَكَشُّفِ الأمورِ»:
إن من القضايا ما يكتنفه الغموض، فيحتاج إلى صبر حتى ينكشف الغموض وتتضح الحقيقة، فالبحث عن الحقيقة هو الهدف والمقصد[42]؛ لذا يجب في من سيُختار للحكم بين الناس أن يكون ممن يتمتع بملكة الصبر على تكشف الأمور الغامضة والمستعصية؛ فرُبَّ قضية تحتاج إلى ومضة شعاع ليزول غموضها أو طرف خيط يزيل عقدتها؛ فلا يجوز التغافل عن ذلك؛ لنفاد الصبر وعدم التروي[43].
أحد عشر: «أصرَمَهُمْ عند اتِّضاحِ الحُكْمِ»:
سلف القول أنه يلزم فيمن يُولى القضاء، أن يكون ممن لا يُقدم على الحكم على الأشياء دون بصيرة، فإذا حصلت له البصيرة حكم في القضية دون توان، قاطعاً لِلِجاج الخصوم، ثم يصدر حكمه؛ بالنطق به علناً، دون خشية مما قد يصيبه في سبيل ذلك[44] من عناء أو عنت أو ضرر دنيوي؛ فبالنطق بالحكم يتضح لكل خصم ما له وما عليه، عندئذ يلزم أن يكون صارماً في الإنفاذ لقضائه وحكمه[45]، بل أصرم من نظرائه في ذلك.
ووفقاً للقواعد القانونية النافذة في عصرنا يمكن تفسير جملة: «اتضاح الحكم»، بصيرورته قابلاً للتنفيذ الجبري، مع لزوم إعادة النظر بهذا الشأن في قانون المرافعات النافذ[46].
اثنا عشر: «لا يَزْدَهيهِ إِطْرَاءٌ»:
أي «لا يستخفُّه مدح»[47]؛ بحيث يفقد رزانته بزيادة الثناء عليه؛ فمن الخصوم من لديه من ذلاقة اللسان وحلاوته ما ليس لدى غيره؛ فيعمد بذلك إلى مديح القاضي والثناء عليه، قاصداً كسب مودته ليس إلا، والتأثير على نفسيته[48]؛ ففقدان القاضي لتجرده أثناء المحاكمة ينعكس– وإن بصورة غير مباشرة– على حكمه؛ لذا ينبغي في من يُختار للقضاء أن يكون من الحصافة بحيث يدرك مدى تأثير الإطراء والمديح على النفس؛ وأنه يستخف السامع فيطرب به.
ثلاثة عشر: «لا يَسْتَمِيلُهُ إغْراءٌ»:
أي لا يستميله- إلى الحكم بالباطل- إغراء[49]؛ وليس المقصود هنا الإغراء المادي؛ فقد سلف هذا المعنى ضمن قوله عليه السلام: «لا تُشْرِفُ نَفسُهُ على طمعٍ»، وإنما هي من باب قوله تعالى: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، فالمقصود: أنه ممن لا يميل به عن الحق أي تحريض على أحد الأطراف؛ كأن يقال عنه أنه على غير الحق أو أنه ظالم للطرف الآخر[50]، والإغراء بهذا المعنى لا يأتي غالباً من طرف على آخر، وإنما يأتي ممن يقف خلف هذا الطرف أو ذاك؛ ممن له علاقة صداقة أو قرابة بالقاضي، أو ممن له سلطة أدبية عليه كمشائخه في العلم، أو ممن له عليه سلطة إدارية؛ كأي من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، أو ممن له تأثير اجتماعي عام كخاصة السلطان، فإن كان ممن يتأثر بإغراء أي من هؤلاء علي أي من الخصوم، فلا يصلح لتولي القضاء؛ لأن القاضي– في كل زمان ومكان– لا ولن يسلم من تدخل الغير في الخصومات؛ فليعمل بعد ذلك بما تبرأ به ذمته أمام الله؛ واضعاً نصب عينيه قوله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
ختاماً: لما كان الركن الأول لإقامة القضاء هو حسن اختيار من يتولاه، بتحري الخصال الثلاث عشرة آنفة الذكر؛ فلا ولن تقوم للقضاء قائمة، ولن تبرأ ذمة القائمين عليه أمام الله والناس، إلا ببذل الجهد بهذا الشأن، وفقاً للمضامين والمفاهيم القويمة التي تضمنها عهد الإمام علي- عليه السلام، التي تركز في الأساس على أن الحكم بين الناس ليس مجرد وظيفة– يمكن لأي كان أن يؤديها– بل هو رسالة إنسانية، لا يتولاها إلا من هو أهل لها، ممن تتوافر فيه خصال معينة، «وأولئك قليل»، ومع ذلك لا يخلو منهم زمان ومكان؛ لأن الحكم بين الناس– بالحفاظ على حقوقهم وصيانة أموالهم ودمائهم وأعراضهم– «من أهم القواعد الشرعية وأعلاها بالمحافظة»[51]؛فبها تتحقق سُنَّة من السُّنن الإلهية؛ وهي «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»؛ لذا فإن على القائمين على الأمر، بذل الجهد– بشتى السبل– في البحث عن أولئك القِلَّة؛ لتولي أمر القضاء؛ لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 41].
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
[1] تراجع مجلة البحوث والدراسات القضائية والقانونية، إصدار المكتب الفني بوزارة العدل– اليمن، العدد (7) محرم – ربيع أول 1444ه، ص37 – 41.
[2] الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي (شرح نهج البلاغة)، تحقيق خالد بن قاسم بن محمد المتوكل، إشراف الأستاذ عبدالسلام بن عباس الوجيه، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الطبعة الأولى 2003م، المجلد الخامس، ص2541.
[3] والركن الثاني: مراقبة وتتبع سلامة أدائهم، والثالث: توفير احتياجاتهم المادية، والرابع: تحقيق حَصاناتهم (تراجع التفاصيل عن هذه الأركان في الدراسة، المنشورة في مجلة البحوث والدراسات القضائية والقانونية، المرجع السابق، ص41 – 58) .
[4] عباس موسوي، شرح نهج البلاغة، دار الرسول الأكرم– بيروت، الطبعة الأولى 1998م، الجزء5، ص56.
[5] تراجع مجلة البحوث والدراسات القضائية والقانونية، المرجع السابق، المطلب الثالث، ص47 – 48.
[6] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المسئولية العامة في ضوء دروس عهد الإمام علي لمالك الأشتر، إعداد محمد محمد يحيى الدار، إخراج دائرة الثقافة القرآنية، الطبعة الأولى 1439هـ = 2018م، ص86.
[7] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55.
[8] يحز في النفس أن العمل في الواقع قائم على خلاف هذا تماماً؛ فاعتبار القضاء مجرد وظيفة، كان أبرز أسباب إهمال إقامة الركن الأول من أركان القضاء؛ فوُلِّى القضاء من لا تتوافر فيه شروط القبول المنصوص عليها قانوناً (مادة 57 سلطة قضائية) ناهيك عن شروط الكفاءة، فظهرت على الساحة مشاكل عدة؛ أبرزها: «تراكم القضايا»، و»تعثرها»، و»إطالة آماد التقاضي»؛ فصار «التوجه الكمي» هاجساً؛ فأخذت محاولات الإصلاح القضائي منذ وقت مبكر تركز جل همها على سرعة الإنجاز دون مراعاة أن قضايا المحاكم متعلقة بأرواح ودماء وأموال وحقوق العباد؛ فتمت محاولة معالجة المشاكل الثلاث بالتوسع في إنشاء المحاكم العامة والخاصة، ثم بالإكثار من عدد القضاة في المحكمة الواحدة، وأخيراً بتعديل قانون المرافعات النافذ وتضمينه نصاً إنشائياً صرفاً بأن: «يتولى مجلس القضاء الأعلى العمل على الحد من التطويل وتراكم القضايا من خلال اللوائح التنظيمية والقرارات المتعلقة بسير الأداء في المحاكم والنيابات وصولًا لتحقيق العدالة بأيسر السبل وأسرعها، ويجب تزمين القضايا» (مادة 502 مكرر)!!! وبصرف النظر عن إمكانية تزمين القضايا، ننوه بأن أيّا من المشاكل الثلاث ليس هو المرض– لينصب عليه العلاج– بل مجرد عَرَض لأمراض أخرى؛ أبرزها وأهمها وأساسها، مخالفة المفاهيم القويمة التي تضمنها العهد العظيم الذي نحن بصدده (يراجع للكاتب بهذا الشأن: دراسات في الشأن القضائي والتشريعي، ص16 – 22، وص67 – 70، وص74 – 79، وص99 – 106، وص107 – 111، وص197 – 212) .
[9] كتاب العين للفراهيدي: دار ومكتبة الهلال، تحقيق : د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، ج2، ص68.
[10] المعجم الوسيط: لإبراهيم مصطفى، وأحمد الزيات وحامد عبد القادر ومحمد النجار، دار الدعوة، تحقيق : مجمع اللغة العربية، ج2، ص856.
[11] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص86. ومحمد باقر الناصري: مع الإمام علي في عهده لمالك الأشتر، دار التعارف – بيروت، الطبعة الثانية 1980م، ص84..
[12] عهد الإمام عليٍّ (عليه السلام) لمالك الأشتر، وثيقة إسلامية ذات أبعاد قانونية، سياسية، اجتماعية، إدارية، اقتصادية، عسكرية، إصدار شبكة الفجر، ص33.
[13] المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده ، تحقيق عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الأولى 2000م، الجزء 9، ص6.
[14] معجم مقاييس اللغة لابن فارس، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر– 1979م، الجزء 3، ص4.
[15] ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة، دار الكتاب العربي – بغداد، الطبعة الأولى، الجزء 17، ص40.
[16] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص86. ومحمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص84.
[17] كما هو شأن من يصدر بحكمه مقتصراً على منطوقه، قبل صياغة حيثياته وأسبابه.
[18] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[19] يراجع للكاتب بهذا الشأن: كفاءة القاضي الفنية، الطبعة الثالثة، ص105 وما بعدها.
[20] محمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص85.
[21] قال تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ *قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [الآيات 21 – 25 من سورة ص].
[22] الإمام يحيى بن حمزة: المرجع السابق، ص2542. وباقر شريف القرشي: شرح العهد الدولي للإمام علي أمير المؤمنين لمالك الأشتر، تحقيق مهدي باقر القرشي، مكتبة الروضة الحيدرية، ص34.
[23] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[24] الديباج الوضي، المرجع السابق، ص2542.
[25] السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[26] يراجع للباحث بهذا الشأن كتاب «كفاءة القاضي الفنية» ص30 وما بعدها.
[27] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55. ومحمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص86.
[28] محمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص86.
[29] المعجم الوسيط: المرجع السابق، ج1، ص471.
[30] الإمام يحيى بن حمزة: الديباج الوضي، المرجع السابق، ص2543.
[31] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[32] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55.
[33] محمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص86.
[34] الإمام يحيى بن حمزة: المرجع السابق، ص2543. ومحمد باقر الناصري: المرجع نفسه.
[35] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[36] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55.
[37] هي ما يستند إليه الخصوم في مرافعاتهم الشفوية والكتابية من: مبادئ وقواعد شرعية وقانونية، أو نصوص شرعية ومواد قانونية، أو مبادئ أو سوابق قضائية (يراجع للكاتب: كفاءة القاضي الفنية، الطبعة الثالثة، ص175).
[38] الديباج الوضي، المرجع السابق، ص2543.
[39] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55.
[40] محمد جواد مغنية: في ظلال نهج البلاغة (محاولة لفهم جديد)، دار العلم للملايين – بيروت، الطبعة الأولى، الجزء4، ص77.
[41] محمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص86.
[42] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[43] السيد عباس موسوي، المرجع السابق، الجزء5، ص55.
[44] محمد باقر الناصري: المرجع السابق، ص86.
[45] الإمام يحيى بن حمزة: المرجع السابق، ص2543، والسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع نفسه.
[46] ومن ذلك– على سبيل المثال– تفعيل قاعدة: «الطعن بالنقض لا يوقف التنفيذ»، بإعادة نص المادة (216) من قانون المرافعات السابق (رقم 28 لسنة 1929م)، لأن المادة (294) من قانون المرافعات الحالي قد أفرغت تماماً تلك القاعدة الهامة من محتواها؛ لتتحول المحكمة العليا مذ ذاك وكأنها محكمة درجة ثالثة (للتفاصيل بهذا الشأن يراجع للكاتب: دراسات في الشأن القضائي والتشريعي، ص204) .
[47] الإمام يحيى بن حمزة: المرجع نفسه.
[48] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع نفسه.
[49] الإمام يحيى بن حمزة: المرجع السابق، ص2543. والسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[50] السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: المرجع السابق، ص87.
[51] الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي (شرح نهج البلاغة)، تحقيق خالد بن قاسم بن محمد المتوكل، إشراف الأستاذ عبدالسلام بن عباس الوجيه، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية، الطبعة الأولى 2003م، المجلد الخامس، ص2541.