بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
(سورة البقرة: الآية 32)
المقدمة
تشكل جريمة الإبادة الجماعية إحدى الجرائم شديدة الخطورة، والتي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، نظرًا لما تنطوي عليه من قسوة ووحشية، تستهدف القضاء الكلي أو الجزئي، على جماعة عرقية أو وطنية أو دينية أو غيرها من الجماعات بسبب انتمائها هذا، ومع تطور المجتمعات أصبحت هذه الجريمة تتطور أيضًا، وقد تعرضت البشرية للعديد من الأعمال العدوانية، وأفعال الإبادة، والاضطهاد، وإن كانت التشريعات الوطنية الداخلية للدول قد تصدت لهذه الجرائم، إلا أنه ثبت على أرض الواقع عدم قدرتها على التصدي لهذه الأفعال التي كانت متعددة الصور والأشكال، والتي كانت ذات طابع دولي، ومن هنا أصبحت الحاجة ملحّة لملاحقة مرتكبي تلك الجرائم وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، وضرورة وجود آلية دولية لملاحقتهم، وهو الأمر الذي يتحقق عن طريق القضاء الجنائي الدولي المستقل والمحايد والذي يمارس اختصاصه على الأفراد دون تمييز، وفي ذلك ترسيخ لمبادئ العدالة الجنائية الدولية، القاضية بأن الجرائم الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم في المجتمع الدولي، يجب ملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم.
وقد أقرت منظمة الأمم المتحدة جريمة الإبادة الجماعية، وعاقبت عليها بناء على اتفاقية فيينا بشأن منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها لسنة 1948م، والتي تحظر عددًا من الأفعال متى تم القيام بها بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة دينية أو عرقية أو قومية، سواء تم ذلك خلال فترة الحرب أم فترة السلم.
وجريمة الإبادة الجماعية، أو جرائم إبادة الجنس البشري، أو جرائم إبادة الأجناس، كلها تعبيرات تصب في معنى واحد، وهي أفعال تهدف إلى القضاء على الجنس البشري، أو استئصاله من بقعة معينة، أو لصنف معين من البشر على أساس قومي، أو اثني، أو عنصري، أو ديني، وإزاء ذلك، فقد جاءت هذه الجريمة على رأس الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؛ لأنها تشكل إحدى الجرائم شديدة الخطورة والتي تثير قلق المجتمع الدولي بأسره، لما تنطوي عليه من قسوة ووحشية وتهدف لإبادة الجنس البشري.
ونظرًا لما يتعرض له بلدنا من عدوان ارتكبت من خلاله مختلف الجرائم الدولية، لذلك كان اختيار موضوع هذه البحث ليتناول جريمة الإبادة الجماعية وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبيان دور هذه المحكمة في تحقيق العدالة الجنائية الدولية التي هي في النهاية الغاية التي إن تحققت فستؤدي إلى ثقة المجتمع الدولي بأحكام المحكمة، وإلى النظر بعين الرضا للقضاء الجنائي الدولي.
وتبدو الأهمية القانونية لهذا الموضوع أنه ضمن القانون الجنائي الدولي، والقانون الوطني اليمني لم ينظم أحكام جريمة الإبادة الجماعية فتبدو أهمية ذلك من خلال تداخله مع أكثر من فرع من فروع القانون، فبخلاف القانون الوطني (قانون العقوبات والإجراءات الجنائية) فإنه يتعلق أيضًا بالقانون الدولي العام، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، مما يتطلب الإحاطة بمبادئ تلك القوانين، واستعراض عدد كبير من الاتفاقيات الدولية.
وتقتضي دراسة هذه الجريمة بيان تعريفها وتحديد المقصود بالجماعات المهددة بالإبادة، ومن ثم بيان أركان هذه الجريمة، وذلك من خلال مطلبين، نتعرض في أولهما إلى تعريف هذه الجريمة والمقصود بالجماعات التي تشملها هذه الجريمة، وفي مطلب ثان نتطرق إلى الأركان التي تقوم عليها هذه الجريمة, وذلك على النحو الآتي:
المطلب الأول: تعريف جريمة الإبادة الجماعية والمقصود بالجماعات المهددة بالإبادة
المطلب الثاني : أركان جريمة الإبادة الجماعية
المطلب الأول
تعريف جريمة الإبادة الجماعية
والمقصود بالجماعات المهددة بالإبادة
سبق لنا الإشارة إلى أن جريمة الإبادة الجماعية تُعد إحدى الجرائم شديدة الخطورة والتي تثير قلق المجتمع الدولي بشكل عام، لما تنطوي عليه من نزعة لإبادة الجنس البشري، ولما تشكله من قسوة ووحشية تستهدف القضاء على جنس البشر، وذلك من خلال استهداف جماعات قومية أو عرقية أو اثنية أو دينية بسبب انتمائها هذا، ولعل ذلك هو السبب بأن جاءت هذه الجريمة على رأس الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وسنتعرض في هذا المطلب لدراسة تعريف هذه الجريمة والمقصود بالجماعات المهددة بالإبادة الجماعية في فرعين، وذلك على النحو التالي:
الفرع الأول ـــ تعريف جريمة الإبادة الجماعية
الفرع الثاني ـــ المقصود بالجماعات المهددة بالإبادة
الفرع الأول
تعريف جريمة الإبادة الجماعية
مصطلح الإبادة الجماعية (Genocide) يعني قتل الجماعة، وقد وضع رفاييل ليمبكين أول تعريف لجريمة الإبادة الجماعية في عام 1944م في كتابه «دور المحور في أوروبا المحتلة»، واستند فيه إلى مقترح طرح في العقد السابق على ذلك التاريخ، والكلمة مأخوذة من كلمة (Genos) اليونانية، ومعناها الجنس أو الأمة أو القبيلة، واللاحقة اللاتينية (Cide) التي تعني القتل[1].
وتعرف الإبادة بأنها استئصال مادي أي إتيان أفعال مادية تؤدي إلى القضاء على الجماعة البشرية عن طريق اضطهادها أو تعريضها للمذابح، أو أن تتخذ شكل الاستئصال المعنوي المتمثل بالتأثير على النفس البشرية أو حملها على العيش تحت ظروف معينة كنقل صغارها إلى جماعات أخرى تختلف عنها في الدين أو العادات أو التقاليد أو الأعراف السائدة[2].
وعُرِّفت جريمة الإبادة الجماعية أيضًا بأنها سلوك إجرامي منهجي تقوم به جماعة بهدف فرض سطوتها على جماعة أخرى، وذلك بقتلها أو إلحاق أذى شديد بها أو إخضاعها لظروف تؤدي لتدميرها أو الحيلولة دون تكاثر ونمو هذه الجماعة أو أخذ أطفالها عنوة، وذلك بهدف إنهاء هذه الجماعة وتدميرها جزئيًّا أو كليًّا، وذلك لوجود اختلاف ديني أو عرقي أو قومي[3].
وقد مارست بعض الحكومات قبل الحرب العالمية الثانية وفي أثنائها وبعدها أسلوب الإبادة الجماعية ضد بعض الجماعات لأسباب عرقية أو عنصرية أو وطنية بقصد القضاء على هذه الجماعة وإبادتها كليًّا أو جزئيًّا، وقد دفعت الجرائم التي ارتكبها النازيون في ألمانيا في ذلك الوقت، المجتمع الدولي إلى التعاون في اتخاذ الإجراءات اللازمة والتدابير الكفيلة بالحيلولة دون وقوع مثل هذه الجرائم في المستقبل، وبعد إنشاء هيئة الأمم المتحدة في عام 1945م، وفي الحادي عشر من ديسمبر سنة 1946م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم (96) بجعل جريمة إبادة الجنس جريمة دولية[4]، يتعين توقيع العقاب على مرتكبيها مهما كانت دوافعهم، وطلبت من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة العمل على إصدار القوانين اللازمة لمنع هذه الجريمة والعقاب عليها، والتوصية بإنشاء تنظيم دولي من أجل هذا الغرض[5].
ونتيجة لذلك فقد اتخذ المجلس الاقتصادي والاجتماعي الترتيبات اللازمة لإعداد مشروع اتفاقية دولية حول «منع جريمة إبادة الجنس والعقاب عليها»، وبعد أن تم إعدادها وطرحت على أعضاء الأمم المتحدة حيث تمت الموافقة عليها، فصدرت اتفاقية فيينا بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 9 من ديسمبر 1948م، وبدأ نفاذها في 12 من يناير 1951م، حيث تم تعريف جريمة الإبادة الجماعية، وبيان الأفعال التي تكون تلك الجريمة، وقد حظيت هذه الاتفاقية بالمصادقة على نطاق واسع[6].
والإبادة الجماعية هي واحدة من عدد من الأعمال الرامية إلى إهلاك جماعات سكانية معينة عن آخرها، أو القضاء على جزء منها[7]، ونية الإبادة هذه هي أهم ما تميز تلك الجريمة عن بقية الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وهو الركن المعنوي للجريمة والذي يتمثل في وجود النية المسبقة للتدمير الكلي أو الجزئي للجماعات القومية أو العرقية أو الاثنية أو الدينية[8].
وفي إطار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فقد تم استعارة هذه الجريمة من اتفاقية فيينا بشأن منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها لسنة 1948م ـــ السالفة الذكرـــ والتي تحضر عددًا من الأفعال متى تم القيام بها بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة دينية أو عرقية أو قومية، سواء تم ذلك خلال فترة الحرب أم فترة السلم[9]، وبهذا فإنها تتفق اتفاقيتان دوليتان بشأن الإبادة الجماعية على خمسة أنواع من الأفعال التي تشكل إبادة جماعية، إذ نجد أن المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948م قد حددت خمسة أنواع من الأفعال التي تشكل إبادة جماعية[10].
وقد عرف النظام الأساسي للمحاكم الجنائية الدولية التي تم إنشاؤها بموجب قرار من مجلس الأمن جريمة الإبادة الجماعية، إذ عرفت المادة (2/2) من النظام الأساسي لمحكمة طوكيو بأنها الأعمال التي يتم ارتكابها بقصد القضاء على كل أو جزء من مجموعة قومية، أو عرقية أو دينية وذلك من خلال القتل، وإلحاق الأذى الجسمي البدني أو المعنوي بأفراد هذه المجموعة، والتعرض العمدي لهذه المجموعة بطريقة يترتب عليها الفناء الكلي أو الجزئي لهذه المجموعة، والإجراءات التي من شأنها منع تكاثر هذه المجموعة، والترحيل القسري للأطفال[11].
وبذلك فلم يكن لتعريف جريمة الإبادة الجماعية، خلاف يذكر في مؤتمر روما، وجاء تعريفها في النظام الأساسي للمحكمة نسخة طبق الأصل عن التعريف الذي ورد في اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها، حيث نصت المادة (6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه: (لغرض هذا النظام الأساسي، تعني «الإبادة الجماعية» أي فعل من الأفعال الآتية، يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه إهلاكًا كليًّا أو جزئيًّا:
أ. قتل أفراد الجماعة.
ب. إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
ج. إخضاع الجماعة عمدًا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كليًّا أو جزئيًّا.
د. فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة.
ه. نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى).
وبذلك نكون بصدد جريمة إبادة جماعيةـــ في مفهوم المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ـــ فيما إذا ارتكب فعلاً من الأفعال المنصوص عليها بقصدٍ ضد جماعة معينة لصفتها القومية أو العنصرية أو الدينية أو العرقية، بقصد إهلاكها كليًّا أو جزئيًّا، وجاء النص غير محدد بظروف معينة، سواء ارتكبت هذه الأفعال في زمن الحرب أم في زمن السلم[12].
والمجني عليه[13] في جريمة الإبادة الجماعية ليس الفرد فقط، بل المجموعة القومية أو العرقية أو الدينية ذاتها، ويتم تحديد هذه المجموعة بصورة تلقائية بالميلاد أكثر من تحديدها بواسطة اختيار الفرد، ويجب أن يكون هدف الفعل هو التدمير المادي وليس فقط الإبادة الجماعية الثقافية، والقضاء على السمات أو الخصائص الثقافية لمجموعات معينة من خلال الدمج أو الاحتواء القسري لهم، ومن أجل توجيه اتهام بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، يجب أن يثبت مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية أن المجني عليه أو المجني عليهم ينتمون إلى جماعات قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية معينة، وأن هذه الأعمال قد تمت في نمط واضح لسلوكيات قد تمت ضد هذه المجموعة، وأن هذا السلوك في حد ذاته يمكن أن يكون مدمرًا لجماعة من البشر كليًّا أو جزئيًّا[14].
وتُعد جريمة الإبادة الجماعية جريمة دولية، حيث جاءت الديباجة والمادة الأولى من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها[15] وأكدتا الصفة الدولية لجريمة إبادة الجنس البشري، حيث تشير الديباجة إلى قرار الجمعية العامة رقم 96 (د ـــ 1)، وتؤكد أن «الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن»، وهي تعلن أن الإبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصور التاريخ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وأن تحرير البشرية من هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي، وتقدم المادة الأولى من هذه الاتفاقية توضيحًا مهمًّا، ألا وهو أن الإبادة الجماعية يمكن ارتكابها «في أيام السلم أو في أثناء الحرب» فميزتها عن الجرائم ضد الإنسانية التي ظلت إمكانية ارتكابها في حالة عدم وجود نزاع مسلح موضع للشك عام 1948م.
وتقوم المادة السالفة الذكر أيضًا بالربط بين المنع والعقاب، وقد أقرت محكمة العدل الدوليةـــ آخذة في الاعتبار هذه الصلة ـــ في حكمها الصادر بقضية البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود بتاريخ 26 من فبراير، أنه فضلًا عن كون الإبادة الجماعية قد تم منعها بفضل الآثار الرادعة للعقاب، فقد كان لواجب منع الإبادة الجماعية نطاقه المستقل ذاتياً الخاص به[16].
ووفقًا لما جاء في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وكذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن الجماعات المشمولة بحمايتها هي أربع جماعات فقط وهي: الجماعات القومية، والجماعات العرقية، والجماعات الاثنية، والجماعات الدينية[17]. وأغفلت جماعات أخرى وهي الجماعات السياسية[18]، وأغفلت أيضًا أفعال الإبادة الثقافية، أي الأفعال التي يقصد بها القضاء على دين أو لغة إحدى الجماعات البشرية إلى المدى الذي يؤدي إلى نسيان هويتهم، ويطمس كل معالم تاريخهم. وكان من رأي بعض الدول أن إدخال هذه الأفعال ضمن الجريمة قد يؤدي إلى إضعاف الغرض منها[19].
وكان من نتائج إغفال التعريف ـــ في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948م [20] ـــ للجماعات السياسية والاجتماعية، أن قتل عدد هائل جدًّا يقدر بالملايين في الاتحاد السوفيتي ـــ سابقًا ـــ وكمبوديا، ولم تعتبر هذه الجرائم ضمن الإبادة الجماعية؟ لأن المنفذين والضحايا كانوا من المجموعة العرقية نفسها، ولأن مجموعة الضحايا المستهدفة كانت سياسية والتي لم تشملها الاتفاقية[21].
وعلى الرغم من أن تلك الثغرة في تعريف الإبادة الجماعية في الاتفاقيةـــ سالفة الذكر ـــ معروفة منذ العام 1948م، إلا أنه ومع ذلك لم يبذل أي جهد لمعالجة تلك الثغرة في الاتفاقيات الثلاث التي تلتها في الزمن ونصت على تعريف هذه الجريمة، وهي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، اللذان تم تناولهما بنفس صياغة المادة الثانية من الاتفاقية الخاصة بالإبادة الجماعية، والفرصة الثالثة فيما يتعلق بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة، فقد فشلت اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة في أن تدعم أي تغييرات في المادة (2) لاتفاقية الإبادة الجماعية[22]. ويرجع بعض من الفقه[23] ذلك لعدة اعتبارات:
أولًا: لتجنب صدور فتاوى متضاربة عن موضوع واحد بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
ثانيًا: اعتبرت محكمة العدل الدولية اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، جزءًا من العرف الدولي، وأنها ملزمة لجميع الدول باعتبارها تنظم قواعد آمرة.
ثالثًا: حتى يتماشى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية مع ما نصت عليها المادة السادسة من الاتفاقية من جواز محاكمة مرتكبي تلك الجريمة أمام محكمة جنائية دولية[24].
رابعًا: أن هناك العديد من الدول قد أدرجت تلك الاتفاقية في قوانينها الداخلية منذ التصديق عليها.
ويرى بعض الفقه[25] أن السبب الرئيسي لاستبعاد المجموعات السياسية والاجتماعية، من الحماية في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، هو أنه في عام 1948م لم يكن الاتحاد السوفيتي ـــ آنذاك وقبل أن يتفكك ـــ راغبًا في أن تشمل الحماية تلك المجموعات؛ لأن ستالين ونظامه كانا قد بدآ بالفعل في عملية التطهير التي استهدفت هذه المجموعات، وقتل نحو 40% من سكان كمبوديا من قبل جماعة الخمير الحمر بين عامي 1975م و 1985م.
وإضافة إلى تعريفات الإبادة الجماعية الواردة في الاتفاقيات الدولية، وفي الأنظمة الأساسية للمحاكم الجنائية الدولية، فقد ورد تعريف للإبادة الجماعية في الحكم الصادر في قضية Tadic من المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، وأشارت إليه المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في قضية Jean Kambanda[26].
فضلًا عن ذلك، ومن خلال استقراء نص المادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها نجد أنها لم تعاقب فقط على ارتكاب الجريمة، بل عاقبت على المساهمة، والتحريض والشروع في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية[27].
الفرع الثاني
المقصود بالجماعات المهددة بالإبادة
ذكرنا أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وكذلك النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تعريفهما لجريمة الإبادة الجماعية، حددت أن الجماعات المشمولة بحمايتها هي أربع جماعات فقط، وهي الجماعات القومية، والجماعات العرقية، والجماعات الاثنية، والجماعات الدينية، وبالرغم من ذلك فلم تورد أي من الاتفاقيتين ذكراً لتعريف المقصود بتلك الجماعات[28]، وبهذا فإن تصنيف هذه الجماعات البشرية يشوبه الغموض والقصور، فلا شك أن هناك صعوبة واضحة في إيجاد معايير محددة للتفرقة بين مفاهيم القومية، والاثنية، والعنصرية نظرًا للتداخل الشديد بين هذه المفاهيم[29].
وقد ذهب بعض الفقه إلى القول[30] إن هذه المصطلحات لا تتداخل فقط، بل إنها تساعد في تعريف بعضها البعض، وإن من الخطورة البحث عن تعريف خاص لكل مصطلح بشكل منفرد؛ لأن ذلك سيضعف المعنى العام لهذه المصطلحات، وأن هذه المقولة إن كانت تنطبق ـــ إلى حد بعيد ـــ مع الواقع من حيث تداخل المصطلحات مع بعضها، إلا أن من غير الممكن قبولها من الناحية العلمية[31].
وفي تقديري أن هذا نقص قانوني ينبغي تداركه في المستقبل وأنه كان على واضعي القانون الدولي[32] ـــ تحديدًا في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ـــ أن يعرف كل جماعة من الجماعات المشمولة بالحماية بشكل دقيق وواضح، بحيث تكون هذه التعريفات كاشفة للغموض الذي يعتري هذه المفاهيم ـــ القومية، العرقية، الاثنية، الدينية ـــ خاصة أن هذه الجماعات تُعد محلًّا لجريمة الإبادة الجماعية[33]، ويعاقب كل من ارتكب سلوكًا اجراميًّا بنية إبادتها بشكل كلي أو جزئي.
كما يمكننا القول: إن أهمية تعريف وتحديد هذه الجماعات في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تكمن في أنها تُعد إحدى المصالح المعتبرة المراد حمايتها في نص المادة (6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[34]، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لكي لا يحصل تعارض في الأحكام القضائية الصادرة عن هذه المحكمة نتيجة لغموض في هذه المفاهيم.
ونظرًا لذلك فإننا سنقوم بمحاولة تعريف هذه الجماعات في إطار الفقه وأحكام القضاء الدولي وذلك على النحو الآتي:
أولًا: الجماعات العرقية Racial Groups
يعرف معظم قدامى الفقهاء من بينهم الفقيه ((Glaser العرق على أنه ذلك الصنف من الأشخاص الذين تميزهم سمات مشتركةُ ثابتةُ وموروثة، وعلى الرغم من عدم استجابة الأعراق لتطورات علم الاجتماع، حيث لم يعد هناك وجود لجماعةٍ بشريةٍ يمكن الجزم بنقاء عرقها، وما زالت مصطلحات العرق والجماعة العرقية مصطلحات مستخدمة على نطاق واسع في علم الاجتماع والقانون الدولي.
وقد عرف بعض من الفقه الجماعات العرقية بأنها تعني مجموعة من الأفراد تتحد هويتهم بالصفات الجسدية[35]، فيما يحاول الفقهاء المحدثون البحث عن معنى جديد للجماعة العرقية ينسجم مع الفهم الاجتماعي الحديث لهذه العبارة بعيدًا عن التعابير العلمية؛ إذ لم يعد بالإمكان الاعتماد المجرد على عوامل الوراثة دون غيرها من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي ما من شك في إسهامها في حقيقة الانتماء إلى جماعة معينة[36].
وفي إطار أحكام القضاء الدولي فقد عرفت محكمة رواندا الجماعات العرقية بأنها: الجماعات التي يجمعها صفات وراثية مشتركة، عادة ما تحددها المنطقة الجغرافية المقيمون عليها[37]، وقد أكدت بذلك على التعريف التقليدي للجماعة العرقية والذي يقوم على توفر السمات الفيزيولوجية بغض النظر عن العوامل اللغوية أو القومية أو الثقافية أو الدينية، مما تلقى انتقادًا شديدًا نظرًا لصعوبة تحديد هذه السمات في معظم الحالات، إضافةً إلى أن هذا التعريف يعطي بعض الشرعية لأفكار عنصرية تجاوزها الزمن، إلا أنها على الرغم من تعريفها للمصطلح لم تقم في مجال محاكمتها عن جريمة الإبادة الجماعية بتصنيف التوتسي باعتبارها جماعة عرقية مما يؤكد عدم الارتياح العام لاستخدام هذا المصطلح من جانب الممارسة العملية[38].
ويرى جانب من الفقه أنه من أجل وصف الإبادة بهذا المصطلح، فلا بد أن يقع على أفراد أو مجموعات تتمتع بالحماية الدولية، وهو الأمر الذي تم إثارته أمام محكمة الدرجة الأولى للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، في قضية Jean- Paul Akayesu عندما حاصر الجيش الرواندي والميليشيات مدينة Kigali، والحرس الرئاسي بعد الهجوم على أحد طائرات النقل في 6 من أبريل 1994م، وقتل قبائل التوتسي، والذي تبين في 12 من أبريل 1994م أنهم هم المستهدفون الأساسيون من الأعمال التي قامت بها القوات الرواندية والميلشيات التابعة لها[39].
ثانيًا: الجماعات القومية National Groups
يعد مصطلح «الجماعة القومية» مصطلحًا غامضًا، ويعني (الأمة) وينقسم الفقه في تحديد مدلول الأمة، إلى فريقين مختلفين، يأخذ الفريق الأول بالمفهوم السياسي أو القانوني للأمة والذي يشير إلى المواطنة أو ما يعرف بالجنسية، بينما يأخذ الفريق الآخر وهو رأي الأغلبية من فقهاء القانون الدولي، بالمفهوم الاجتماعي والثقافي للأمة، الذي يميزه كل من التاريخ والروابط الاجتماعية والسمات الثقافية والأهداف والطموحات المشتركة[40].
وفي إطار أحكام القضاء الدولي فقد عرفت محكمة رواندا الجماعات القومية بأنها مجموعة من الأفراد يجمعهم رابطة قانونية واحدة تتأسس على المواطنة (الجنسية)[41]، وقد انتقد هذا التعريف؛ لأنه يستبعد من دائرة الحماية الأقليات الوطنية التي لا تتمتع بحقوق المواطنة (الجنسية) ولكنها في الوقت ذاته يمكن أن تكون ضحية لعمليات الهدف منها تدميرها كليًّا أو جزئيًّا[42]، وكذلك فإن الجماعات القومية ليست بالضرورة ذات جنسية واحدة، فالجماعة التي تمثل أقلية في دولة ما، يمكن أن تُعد بالنظر لقومتيها أغلبية في دولة ثانية، ويضرب في ذلك مثلًا للتوضيح أن الدستور اليوغسلافي لعام 1963م اعترف بالمسلمين البوسنيين على أنهم جماعة قومية[43]، وعلى الرغم من صعوبة الأخذ بالمعيار الاجتماعي والثقافي إلا أن هذا يجب أن لا يثني عن الأخذ به؛ لأن الأخذ بالمعيار السياسي أو القانوني (الجنسية) للأمة سيؤدي للخلط بين مفهوم الأمة (الجماعة القومية) والجماعة السياسية، مما يعني أن الأفراد سيكونون أحرارًا بالانتماء إلى الجماعة أو تركها، الأمر الذي يصعب قبوله، وقد كان احتمال تشابك مفهوم الأمة (الجماعة القومية) مع مفهوم الجماعة السياسية هو سبب إصرار السويد على إدراج مفهوم الجماعة الاثنية ضمن الجماعات المستهدفة عند صياغة اتفاقية الإبادة الجماعية[44].
وقد ذهب جانب من الفقه إلى تعريفها على أساس الجمع بين الهوية المشتركة بناءً على الجنسية وعلى الأصل المشترك، حيث يقصد بالجماعات القومية بأنهم مجموعة من الأفراد الذين تتحدد هويتهم المشتركة بجنسية بلد معين أو بأصل قومي مشترك[45].
ثالثًا: الجماعات الاثنية Ethnic Groups
يعد مفهوم الاثنية أحد المفاهيم الغامضة، والذي استمر الاختلاف حوله منذ صياغة اتفاقية الإبادة الجماعية، فبينما يعتبره الكثيرون مرادفًا لمفهوم العرق، يرى آخرون في الجماعة الاثنية فرعًا من الجماعة القومية (الأمة) [46]، ويستند أنصار الاتجاه الأول إلى عدم ذكر كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[47] المادة (2)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية[48] المواد (2ـــ 26) للأصل الاثني كأحد أسباب التمييز، باستثناء ما جاءت به المادة (27) من العهد الدولي، مما استدل منه على أن المجتمع الدولي وُجِد فيه معنى مرادف للأصل العرقي[49]، وقد عبر الفقيه Blafsky ببساطة عن الاتجاه الثاني الذي يعتبر الجماعة الاثنية فرعًا من الجماعة القومية (الأمة) حين قال: إنه لو قامت عدة قبائل نيجيرية بمهاجمة قبيلة Ibos النيجيرية لإفنائها، فإنها تكون بذلك قد ارتكبت جريمة إبادة جماعية، مع إن قبيلة Ibos عضو في الأمة النيجيرية[50].
وفي إطار أحكام القضاء الدولي عرفت محكمة رواندا الجماعات الاثنية في قضية Akayesu عام 1998م[51]، بأنها تلك التي يتشارك أعضاؤها ثقافة أو لغة مشتركة[52]. وأضافت في قضية Kayishemبعدًا آخر حين قالت: إن الجماعة الاثنية هي الجماعة التي يجمع أفرادها لغة أو ثقافة مشتركة، أو الجماعة التي تميز نفسها، أو يميزها الآخرون (بمن فيهم مرتكب الجريمة) على هذا الأساس[53].
وعلى الرغم من أن التوتسي والهوتو يشتركان في اللغة والثقافة والديانة، كما أن من الاستحالة بمكان التمييز بينهما على أساس بيولوجي؛ نظرًا للزواج المختلط، ومع ذلك ـــ واستنادًا إلى الأعمال التحضيرية لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليهاـــ فقد رأت محكمة رواندا أن الإرادة الحقيقية لواضعي هذه الاتفاقية قد انصرفت إلى أن الحماية من ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية تمتد إلى أية جماعة شبيهة بالجماعات التي ذكرت في المادة الثانية في الاتفاقية[54]، واعتبرتهما المحكمة جماعتين اثنيتين متمايزتين، قياسًا على استقرار الجماعة وثبات الانتماء إليها مدى الحياة، واستندت المحكمة في ذلك إلى البطاقات الشخصية التي أصدرها الاحتلال البلجيكي والتي تشير إلى اثنية حاملها، مما يعني استناد المحكمة إلى المعيار الشخصي الذي يعتمد على اعتقاد الأفراد أنهم ينتمون إلى التوتسي، واعتقاد الآخرين بذلك[55].
ولا يرى بعض من الفقه في توجه هذه المحكمة تناقضًا مع مراد الاتفاقية المتعلقة بالإبادة الجماعية من مفهوم الاثنية، رغم تأكيدهم على الحاجة إلى قدرٍ إضافي من الانتباه في أثناء إعمال هذا المعيار في المحاكمات، وقد رأت لجنة القانون الدولي أن المجموعات القبلية تندرج أيضًا تحت وصف «الجماعات الاثنية» [56].
رابعًا: الجماعات الدينية Religious Groups
كان إدراج الجماعات الدينية ضمن الجماعات المحمية مثار نقاش خلال مناقشات روما، على أساس أنها جماعة غير ثابتة، فيمكن لأي شخص أن يغير دينه، كما أن تلك الجماعات غالبًا ما تكون غير محل تهديد بالإبادة، إلا إذا كانت جماعة قومية في الوقت ذاته، إلا أنه تم في النهاية الاتفاق على إدراجها ضمن الفئات المشمولة بالحماية الدولية[57]، أما عن المراد بالجماعات الدينية، فقد أشارت لجنة حقوق الإنسان إلى أنها تضم كل من يوحدهم مجموعة من الأفكار أو العقائد الروحية، سواء أكانت هذه الأفكار والعقائد تنطوي على إيمان بوجود إله أم مجرد عقائد إلحادية، واستنادًا إلى ذلك، فإن مجموعة الخبراء التي أنشئت بقرار من الجمعية العامة عام 1999م لبحث الفظائع المرتكبة في كمبوديا في السبعينات من القرن العشرين اعتبرت أن اعتداءات الخمير الحمر على الزعماء الإسلاميين والرهبان البوذيين اعتداءات على جماعات دينية بغرض تدميرها، مما يدخلها في نطاق جريمة الإبادة الجماعية[58].
المطلب الثاني
أركان جريمة الإبادة الجماعية
إن ركن الشيء هو جانبه الأقوى الذي يتوفر الشيء بوجوده وينعدم بانعدامه[59]. ولدراسة أركان جريمة الإبادة الجماعية يقتضي الأمر أن ننظر إليها بوصفها جريمة دولية، حيث لا يختلف القانون الجنائي الدولي عن القانون الجنائي الوطني حول أركان أي جريمة، فكلاهما يتطلب توافر ركني الجريمة: الركن المادي والركن المعنوي[60]، بالإضافة إلى الركن الثالث: وهو الركن الدولي([61] (للجريمة والذي يفترض أن الفعل المكون لها يتصل على نحو معين بموضوع القانون الدولي، وعليه سنتناول دراسة أركان جريمة الإبادة الجماعية من خلال ثلاثة فروع وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول ـــ الركن الدولي لجريمة الإبادة الجماعية
الفرع الثاني ـــ الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية
الفرع الثالث ـــ الركن المعنوي لجريمة الإبادة الجماعية
الفرع الأول
الركن الدولي لجريمة الإبادة الجماعية
تتميز الجريمة الدولية بشكل عام بهذا الركن عن جرائم القانون الداخلي، ومضمونه أن يكون الفعل مخلًّا بقواعد القانون الجنائي الدولي، للمصالح الأساسية للمجتمع الدولي ويقدر تعدد هذه المصالح بتعدد هذه الجرائم؛ إذ إن العلاقة بينهما طردية فإذا ما زادت المصالح المحمية من قبل المجتمع الدولي زادت نسبة الجرائم الموجهة إليها كمًّا ونوعًا، ولا يشترط بوقوع الجريمة الدولية مساعدة دولة أو رضاؤها أو تشجيعها للجناة إذا كانوا من موظفيها أو مواطنين عاديين، ففي النهاية لا يسأل جنائيًّا سوى الأفراد الطبيعيين ولن تخضع الدولة للمساءلة الجنائية؛ إذ إنها شخص معنوي[62]، ويترتب على توافر هذا الركن إضفاء وصف الجريمة الدولية على جريمة الإبادة الجماعية، وبانتفائه ينتفي هذا الوصف[63].
وللجريمة الدولية بشكل عام ثلاثة عناصر[64] وهي:
أولًا: إن الجريمة الدولية سلوك، يتمثل في نشاط إيجابي يترك في العادة مظهرًا ماديًّا ملموسًا في العالم الخارجي، مثله مثل الجريمة الوطنية، ثانيًا: الجريمة الدولية تمثل عدوانًا على مصلحة تهم الجماعة الدولية وترتكب إخلالًا بقواعد القانون الدولي. وهذا الركن الدولي، والذي يرتب على وجوده وصف الجريمة بأنها من بين الجرائم الدولية.
ثالثًا: أن يكون السلوك غير مشروع، وأن يشكل عدوانًا على مصلحة دولية ذات أهمية ملحوظة في المجتمع الدولي، وعليه إذا وقع اعتداء على مصلحة فردية فلا جريمة دولية، لذلك إذا لم يكن الفعل يشكل جسامة معينة بحيث يؤثر على الأمن والنظام بالجماعة الدولية فلا جريمة دولية.
وتكتسب أي جريمة الصفة الدولية بوجه عام في عدة حالات، منها الحالة التي تقع فيها تلك الجريمة وفقًا لخطة محددة من قبل إحدى الدول تجاه دولة أخرى، أو تشجيع آحاد الناس العاديين من جانب السلطة الحاكمة في دولة معينة على ارتكاب تلك الجريمة، أو إذا كانت هذه الجريمة تمثل مساسًا بمصالح أساسية للمجتمع الدولي، أو كان من شأنها الإضرار بأمن وسلامة مرفق دولي حيوي، أو في حالة انتماء الجناة بجنسياتهم إلى عدة دول مختلفة، أو هروب هؤلاء الجناة لدولة أو دول أخرى غير تلك التي وقعت فيها الجريمة، أو إذا كان المجني عليهم ممن يتمتعون بالحماية الدولية[65].
ومن حيث المجني عليه فإنه ينبغي أن تكون جماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية، فإن كانت منتمية إلى دولة أخرى تحقق الركن الدولي بمفهومه الأصيل، أما إن كانت تابعة لذات الدولة فإنه يجب القول بتوافر هذا الركن أيضًا؛ لأن المعاملة التي تعاملها الدولة لرعاياها الوطنيين لم تُعد اختصاصًا مطلقًا تمارسه بغير حدود، ولكنها أصبحت مسألة دولية، سواء في وقت السلم أم في وقت الحرب[66].
حيث تكتسب جريمة الإبادة الجماعية الصفة الدولية بصفة خاصة إذا وقعت من السلطة الحاكمة في الدولة، أو حتى من آحاد الناس فيها ضد جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بهذه الصفة داخل حدود ذات الدولة؛ لأن طريقة المعاملة التي تتبعها الدولة مع رعاياها لم تُعد سلطة مطلقة للطبقة الحاكمة في هذه الدولة تمارسها بلا قيود أو ضوابط، وإنما أصبحت لها قواعد وضوابط معينة لا يجوز تخطيها أو الاعتداء عليها، بالإضافة إلى أن تجاوز هذه الضوابط أصبح يشكل جريمة، سواء وقعت تلك الممارسات في زمن السلم أم الحرب[67].
الفرع الثاني
الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية
الركن المادي في أية جريمة بوجه عام هو الفعل أو الامتناع عن الفعل الذي يخالف تكليفاً يفرضه القانون، ولا يتصور أن تقع الجريمة بغير نشاط إيجابي أو سلبي، هذا النشاط الإيجابي أو السلبي هو ما يأخذ تعبير السلوك ليجمع في معناه الفعل والامتناع معًا[68]، ولا تختلف الجريمة الدولية عن أية جريمة في أنها تعتبر سلوكًا معاقبًا عليه يحدد له القانون الدولي جزاءً جنائيًّا وهذا السلوك هو النشاط المادي الصادر عن المتهم أو المتهمين في جريمة الإبادة الجماعية وهو عنصر لازم الوجود في الجريمة، سواء أكان إيجابيًّا أم سلبيًّا[69].
بيد أن السلوك وحده لا يكفي في تكوين الركن المادي في جريمة الإبادة الجماعية؛ إذ إن ممارسة الفعل أو الامتناع، يترتب عليه حدوث تغيير في العالم الخارجي المحيط بالجاني، ذلك التغيير هو ما يعبر عنه بالحدث، ومع هذا فإن كلًّا من الفعل أو الامتناع و الحدث ظاهرتان في حكم القانون منفصلتان، ما لم تربط بينهما علاقة سببية ترتب حدوث أحدهما كأثر على الآخر، فيجعل الفعل سببًا ومن الحدث نتيجة[70]، وعليه، فإن الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية يتمثل في سلوك، إيجابي أو سلبي، ونتيجة إجرامية مترتبة على هذا السلوك، ورابطة سببية تربط بين هذا السلوك والنتيجة.
ويُعد السلوك الإجرامي العنصر الحاكم لنظرية الجريمة في ركنها المادي، وفي مجال الجريمة الدولية والتي تعاقب عليها المحكمة الجنائية الدولية، فإنه يجب توافر هذا السلوك الذي تدور حوله الجريمة وجودًا وعدمًا، وبدونه لا نكون أمام فعل مؤثم [71]، كما يجب أن تتحقق النتيجة الإجرامية التي يأملها الجناة من خلال السلوك الإجرامي، سواء الإيجابي أم السلبي، كليًّا كان أو جزئيًّا، فالنتيجة هي المسبب للعقاب وإلا وقفت الجريمة عند حد الشروع[72] دون حدوث النتيجة، والنتيجة هي التغيير المادي الذي يحدث في العالم الخارجي كأثر للسلوك الإجرامي، أو هي العدوان الذي ينال مصلحة قدَّر الشارع جدارتها بالحماية الجنائية[73].
والنتيجة الإجرامية في جرائم الإبادة الجماعية تختلف من جريمة لأخرى، ويرى بعض الفقه[74] أن تلك الجريمة ترتب نتائج متراخية؛ نظرًا لأن تأثيراتها تأتي بعد مدة من الزمن ولا تحدث النتيجة مباشرةً، مثل جريمة اتخاذ وسائل إعاقة التناسل و الإنجاب، ومن شأن تلك الجرائم أن ترتب آثارًا مستقبلية غير معلوم قدرها مثلما حدث في الأجيال التي أتت بعد إلقاء القنبلة الذرية على اليابان.
وبالنسبة للرابطة السببية في جرائم الإبادة الجماعية فإنها ترتبط بحدوث السلوك الإجرامي، والذي من شأنه تحقيق النتيجة التي تحققت أو تَحقق جزء منها، وسوف يتحقق الجزء الآخر في المستقبل، ومن ثم فإن الجريمة تصبح كاملة الأركان[75]، ورابطة السببية في مجال القانون الجنائي هي رباط يربط بين قطبين، أحدهما السلوك الإجرامي الذي يمثل دور السبب والآخر النتيجة الإجرامية، وتمثل دور الأثر المترتب على هذا السبب، وعلى هدى من السببية يمكننا أن نسند النتيجة الإجرامية- من الناحية المادية ـــ إلى السلوك الصادر عن الجاني، باعتباره «سببًا» لها ليتسنى لنا تحديد مسؤوليته عن هذه النتيجة، وبهذا تسهم السببية في بناء الركن المادي للجريمة محددة نطاق إسناد النتيجة الإجرامية إلى السلوك الإجرامي الذي سببها، كما أنها تسهم في تحديد إطار المسؤولية الجنائية عن هذه النتيجة[76].
وسنقتصر على دراسة الأفعال أو التصرفات، التي تؤدي إلى قيام جريمة الإبادة الجماعية، كما جاء النص عليها في المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وقد عددت المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الأفعال التي يشكل ارتكاب أحدها، بقصد إهلاك جماعة معينة كليًّا أو جزئيًّا، إحدى صور جريمة الإبادة الجماعية[77]، وقد وردت هذه الأفعال على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال، ومن ثم لا يجوز القياس عليها، ولا يشترط تعمد إبادة الجماعة بالكامل فيمكن حدوث الجريمة ولو بإبادة شخص واحد طالما يعلم ويرمي إلى تدمير الجماعة أو جزء منها[78].
حيث وقد نصت المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على خمس صور للأفعال التي تشكل الركن المادي في هذه الجريمة، وسنقوم بدراستها على النحو الآتي:
أولًا: قتل أفراد الجماعة
ويشكل هذا الفعل، أهم وأخطر صور الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية[79] الذي عبرت عنه المادة (6/أ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأنه قتل شخص أو أكثر ينتمون لمجموعة عرقية، قومية أو دينية معينة، وأن يتم ارتكاب هذه الأفعال بطريقة منهجية واضحة[80].
ويتلخص مضمون أركان هذه الصورة الجرمية للإبادة الجماعية على النحو المنصوص عليه في أركان الجرائم التي وضعتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية (المادة السادسة)؛ وذلك بأن يقوم مرتكب الجريمة بقتل شخص أو أكثر بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية، كليًّا أو جزئيًّا، بصفتها هذه ولا تشترط هذه الصفة الجرمية تعدد القتل، وإنما يكفي لتحققها وقوع قتل شخص واحد، ما دامت نية مرتكب الجريمة قد انصرفت إلى تعدد القتل بالإبادة، كما لا يشترط بفعل القتل أن يكون مباشرًا وإنما يكفي أن يشمل التسبب بأية طريقةٍ في موت أفراد الجماعة ما دام قد ارتكب في سياق القصد العمدي[81].
وبذلك يكون النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليةـــ في المادة السادسة منه ـــ ومن قبله اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليهاـــ في المادة الثانية منهاـــ قد جرّما السلوك الإيجابي في قتل أفراد الجماعة المتمثل في أفعال القتل المختلفة المتعارف عليها في الأنظمة القانونية الداخلية المختلفة، وجرّما كذلك السلوك السلبي الذي يؤدي إلى ذات النتيجة مثل: الامتناع عن تقديم الغذاء أو الدواء لأفراد الجماعة بقصد القضاء عليها[82].
ثانيًا: إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة
وتُعد هذه الأفعال، إحدى صور الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية، وتتمثل هذه الأفعال في قيام الجاني، بارتكاب أفعال تعذيب، أو اغتصاب، أو عنف جنسي، أو غيرها من أنواع المعاملة اللاإنسانية أو المهنية، بالشكل الذي يترتب عليها إلحاق أذى بدني أو معنوي جسيم، أو تؤثر على القوى العقلية بشخص أو أكثر من المنتمين إلى جماعة قومية، أو اثنية، أو عرقية، أو دينية، معينة بقصد إهلاك أفراد هذه الجماعة كليًّا أو جزئيًّا[83].
ويلزم لقيام هذه الجريمة أن تصدر هذه الأفعال في سياق نمط سلوك، مماثل واضح موجه ضد أفراد هذه الجماعة، أو أن يكون من شأن هذه الأفعال أن تؤدي ـــ في حد ذاتها ـــ إلى إهلاك هذه الجماعة[84].(المادة 6/ب/ من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)[85]، كما أن الضرر البدني أو النفسي الجسيم الذي أصاب أعضاء الجماعة لا يشترط فيه أن يكون دائمًا، أي يمكن أن يكون هذا الضرر قابلًا للشفاء[86].
ثالثًا ـــ إخضاع الجماعة عمدًا لأحوال معيشية بقصد إهلاكها الفعلي كليًّا أو جزئيًّا
وتُعد هذه الأفعال، إحدى صور الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية. وخلاصة هذه الصورة الإجرامية في أن يفرض مرتكب الجريمة أحوالًا معيشية معينة على شخص أو أكثر من أفراد جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية معينة، بقصد إهلاكها كليًّا أو جزئيًّا بصفتها هذه[87].
ويرى بعض الفقه[88] أن هذه الصورة يمكن أن تتمثل في الامتناع عن تقديم الخدمات الطبية لجماعة تفشت فيها أمراض قاتلة، أو الامتناع عن تقديم المعونات الغذائية في حالة انتشار الجفاف التي تعيش فيها تلك الجماعة، وتُعد هذه الأفعال من جرائم الإبادة الجماعية التي تتركب بفعل سلبي. وأيضًا من الممكن أن تتمثل هذه الصورة في فعل الطرد المنهجي من المنازل[89].
كما يلزم لقيام الجريمة في هذه الحالة أن تصدر هذه الأفعال في سياق نمط سلوك، مماثل واضح ومنهجي موجه ضد أفراد هذه الجماعة، أو أن يكون من شأن هذه الأفعال أن تؤدي، في حد ذاتها، إلى إهلاك هذه الجماعة[90].
وفي تلخيص لمفهوم هذا النوع من الجرائم قال: “Nehemiah Robinson” في تعليقه على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، «أن من المستحيل تعداد ظروف الحياة المحظور إخضاع الناس لها، وإن ما يمكن أن يحدد مدى ارتكاب الجريمة من عدمه، في كل حالةٍ على حدة، هو وجود النية وإمكانية تحقق الهدف النهائي»[91].
وقد أشارت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا إلى أنه يجب أن لا نفسر عبارة (فرض أحوال معيشية) على أنها طريقة التدمير التي ينوي بها مرتكب الفعل القتل الفوري لأعضاء الجماعة. ولكنه الطريقة التي يسعى بها إلى تدميرهم في النهاية[92].
ويتضح مما سبق أن أهم ما يميز هذه الصورة من الأفعال المكونة للركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية عن طريق فرض أحوال معيشية من شأنها أن تؤدي إلى هلاك جزء من السكان، عدم اشتراط تحقق النتيجة الإجرامية.
وعلى هذا لن يكون على المحكمة للمساءلة عن هذه الجريمة إثبات وجود قتلى من السكان المدنيين، بل سيكون كافيًا إثبات أن من شأن الأفعال المرتكبة التسبب الأكيد بالموت بعد فترة من الزمن، بدلًا من تحقق الموت السريع للضحايا. هذا ولن يخلو إثبات ارتكاب هذا النوع من الجرائم من صعوبات تتعلق بتحديد مدى خطورة الظروف التي أخضع لها السكان، والتي من شأنها أن تؤدي لوفاتهم، وما إذا كان لقرب احتمالية تحقق الهلاك أو بُعدها دورٌ في تحديد مدى هذه الخطورة.
وبعبارة أخرى هل سيشترط للمسائلة عن فرض أحوال معيشية معينة كجريمة إبادة جماعية أن يكون من شأنها تشكيل خطرٍ حالٍ على الحياة؟
فإذا أخذنا بالمفهوم الواسع لجريمة الإبادة الجماعية عن طريق فرض أحوال معيشية معينة، سيسمح بمحاولات توسيع نطاق جريمة الإبادة الجماعية في هذه الصورة لتشمل حالة الحصار الاقتصادي، ولتشمل الأعمال العسكرية التي تستهدف تدمير البنى التحتية ومقدرات الدول، إضافة لتلويث البيئة، كما في استخدام الأسلحة النووية أو المحتوية على اليورانيوم المشع[93].
كما أن من شأن هذا المفهوم الواسع لهذه الصورة الجرمية أن يفتح الباب، مستقبلًا، أمام إدراج أفعال قد تكون أشد خطرًا وفتكًا بالبشرية من استخدام الأسلحة الحربية؛ كاستخدام الأغذية المحورة وراثيًّا والتي قد تستهدف تحقيق الموت البطيء لجماعة معينة[94].
ومما لا شك فيه أنه وتطبيقًا لذلك فإنه يتفق مضمون هذه الجريمة مع الحصار الشامل (الجوي ـــ والبري ـــ والبحري) الذي فرضته دول تحالف العشر دول بقيادة المملكة العربية السعودية، متمثلة في الملك وإبنه وزير الدفاع ضد الشعب اليمني الذي بدأ بتاريخ 26/3/2015م، بالنظر إلى مساسه أساسيات الحياة من غذاء ودواء ومستلزمات طبية ومشتقات نفطية ضرورية لتشغيل أجهزة المستشفيات، مما أدى إلى تعطيل هذه المستشفيات ونقل المرضى منها إلى منازلهم، مما نتج عن ذلك وفاة عدد كبير من المواطنين، كما قامت قوات الطيران السعودي بضرب مخازن الغذاء والدواء والوقود، وصالات الأعراس، والبنية التحتية من جسور وطرق مواصلات واتصالات، والأسواق، وصالات العزاء، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما حدث في قصف القاعة الكبرى التي كان يقام فيها موجب عزاء وراح ضحيتها أكثر من 500 شخص ما بين قتيل وجريح، وهو شكل صارخ من أشكال الإبادة الجماعية ضد الشعب اليمني بصفته هذه، وقامت بفرض ظروف معيشية معينة على الشعب اليمني، وذلك بقصد الإهلاك الفعلي للشعب اليمني كليًّا أو جزئيًّا. وبحسب مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى من المواطنين اليمنيين من بداية الحملة حتى 10 من أكتوبر2016م (4125) مدنيًا على الأقل، وعدد الجرحى (7207)، أصيب أغلبهم في غارات التحالف الجوية[95]. في حين بلغ ضحايا جرائم تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي خلال ثلاث سنوات على اليمن حوالي (36,828) ما بين قتيل وجريح[96].
رابعًا ـــ فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة
ويطلق بعض من الفقه[97]على هذه الصورة مسمى الإبادة البيولوجية، ويقصد بها: فرض تدابير معينة على شخص أو أكثر من المنتمين لجماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية معينة من شأنها أن تعوق نمو وتزايد وتكاثر أعضاء هذه الجماعة[98]، ومن هذه الأفعال على سبيل المثال لا الحصر: قطع الأعضاء التناسلية لرجال الجماعة أو القضاء على خصوبة هؤلاء الرجال أو خصيهم وجعلهم غير قادرين على الإنجاب أو تطعيم نساء الجماعة بعقاقير تفقدهن القدرة على الحمل أو إجبارهن على الإجهاض في حالة الحمل أو الفصل بين الذكور والإناث أو الحرمان من الزواج[99]، ويشكل هذا السلوك نوعًا من الإبادة البطيئة على مدار عدة سنوات يؤدي تلقائيًّا إلى انقراض أفراد الجماعة المستهدفة[100].
ويلزم لقيام جريمة الإبادة تحت هذه الصورة أن يقوم مرتكب الجريمة باتخاذ تدابير بهدف منع الإنجاب ضد شخص أو أكثر من المنتمين لجماعة قومية أو اثنية أو دينية أو عرقية معينة بهدف إهلاكها كليًّا أو جزئيًّا بصفتها هذه، كما يلزم أن يصدر هذا التصرف في سياق نمط سلوك، مماثل واضح موجه ضد أفراد هذه الجماعة، أو أن يكون من شأن اتخاذ هذه التدابير أن تؤدي، في حد ذاتها، إلى إهلاك هذه الجماعة[101].
خامسًا: نقل أطفال الجماعة عنوة[102] إلى جماعة أخرى
وتتحقق هذه الصورة من السلوك بقيام مرتكب الجريمة بنقل أطفال الجماعة المراد إبادتها بعضهم أو أحدهم، ممن هم من دون سن الثامنة عشرة ومن المنتمين إلى جماعة عرقية، أو قومية، أو اثنية، أو دينية معينة إلى جماعة أخرى عنوة[103]، وأن يقصد مرتكب هذه الأفعال من ورائها إهلاك الجماعة المنتمي لها المجني عليه، إهلاكًا كليًّا أو جزئيًّا[104].
ويجب أن يكون مرتكب الجريمة يعلم أو يفترض فيه أن يعلم أن الشخص أو الأشخاص المعنيين هم دون سن الثامنة عشرة، ويلزم أن تكون أفعال الإبعاد قد تمت في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد جماعة قومية، أو اثنية، أو عرقية، أو دينية، أو أن يكون من شأن مثل هذه الأفعال أن تؤدي في حد ذاتها إلى إهلاك هذه الجماعة كليًّا أو جزئيًّا[105].
ومما سبق يمكننا القول: إن الأفعال التي نصت عليها المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تمثل مكونات الركن المادي لجريمة الإبادة الجماعية، التي تستوجب العقاب عليها بصفتها جريمة إبادة جماعية، في حالة ما ارتكبت هذه الأفعال ضد جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية، مع توافر نية إهلاك هذه الجماعة كليًّا أو جزئيًّا، طالما ارتكبت هذه الأفعال في سياق نمط سلوك واضح موجه ضد هذه الجماعة، أو أن يكون من شأن هذه الأفعال أن تؤدي في حد ذاتها إلى إهلاك هذه الجماعة، كما يمكننا ملاحظة أن هذه الأفعال وردت في النص على سبيل الحصر وليس على سبيل المثال، فلا يجوز القياس عليها.
ومن خلال ملاحظة هذه الأنماط الخمسة للإبادة الجماعية التي تقع في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية أن صورة واحدة هي التي تشمل على الفعل البدني أو القتل ـــ الصورة الأولى، وهي قتل أفراد الجماعةـــ وأن هذا الترتيب في صور الإبادة الجماعية يعكس حقيقة أن الأفعال القاتلة أشد ضررًا من الأفعال غير القاتلة، فضلًا عن ذلك، فإن أعمال القتل يمكن مقارنتها من الناحية القانونية والأخلاقية بالأفعال الأربعة غير القاتلة، كما هو الحال في ألمانيا حيث يمكن مقارنة حملات التعقيم التي قامت بها النازية للأفراد المتخلفين عقليًّا.
ويمكننا بملاحظة نص المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أن نجد أنه يسأل الجاني الذي ارتكب أحد أفعال الإبادة الجماعية، سواء أكان قد ارتكبه وحده، أم مع غيره، بوصفه فاعلًا أو شريكًا أو مساهمًا معه، إذا توافرت له كافة شروط المساهمة أو الاشتراك، ويستوي في هذا أن تكون الجريمة قد تحققت في صورتها التامة أو وقفت عند حد الشروع[106].
ويسأل الشريك عن جريمة إبادة جماعية مثله مثل الفاعل الأصلي للجريمة، سواء قام بالتحريض أم الاتفاق أم المساعدة[107] بأي شكل لغرض تيسير ارتكاب جريمة الإبادة الجماعيةـــ في أحد صورها الخمسةـــ أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها[108]، ولو لم يترتب على ذلك أثر[109]، فقد جعل القانون التحريض المباشر والعلني لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فعل يسأل من يرتكبه ويجعله عرضة للعقاب، وبما أن المساهم هو من يكون فعله جزءًا من الفعل التنفيذي للجريمة[110]، ومع توافر الركن المعنوي بعنصريه العلم والإرادة، بالإضافة إلى توفر قصد الإبادة أو الإهلاك لهذه الجماعة، فإنه بذلك يسأل عن جريمة إبادة جماعية[111].
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، قد جرمت أيضًا فعل التآمر على ارتكاب هذه الجريمة، بالإضافة إلى التحريض والاشتراك في ارتكاب هذه الجريمة[112].
الفرع الثالث
الركن المعنوي لجريمة الإبادة الجماعية
يتخذ الركن المعنوي في جريمة الإبادة الجماعية صورة القصد الجنائي، والقصد في اللغة من (قصد)، القصد هو إثبات الشيء وبابه «ضرب»، تقول: (قصد) وقصد له وقصد إليه، كل بمعنى واحد: و(قصد) قصده، أي: نحا نحوه[113]، ويعد القصد الجنائي صورة الركن المعنوي في الجرائم العمدية، وهي حالة نفسيه لا تدرك بالحس الظاهر، بل يستدل عليها من خلال المظاهر الخارجية التي تعبِّر عن حقيقة ما دار في ذهن الفاعل في أثناء مباشرته للسلوك المحظور قانونًا[114].
والجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية جميعها من الجرائم العمدية، وهذا ما نصت عليه المادة رقم (30) من النظام الأساسي للمحكمة، حيث قررت أنه (1ـــ ما لم ينص على غير ذلك، لا يسأل الشخص جنائيًّا عن ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، ولا يكون عرضة للعقاب على هذه الجريمة إلا إذا تحققت الأركان المادية مع توافر القصد والعلم.
2ـــ لأغراض هذه المادة، يتوافر القصد لدى الشخص عندما:
(أ) يقصد هذا الشخص، فيما يتعلق بسلوكه، ارتكاب هذا السلوك.
(ب) يقصد هذا الشخص، فيما يتعلق بالنتيجة التسبب في تلك النتيجة أو يدرك أنها ستحدث في إطار المسار العادي للأحداث…).
وفي حقيقة الأمر فإن تعبيري القصد والعلم الواردين في النص السابق، يجب أن يتحدد مدلولهما على ضوء المدلول السائد للقصد الجنائي على النحو الوارد في القوانين الجنائية الوطنية، وهو علم الجاني بعناصر الجريمة، واتجاه إرادته نحو تحقيق هذه العناصر أو القبول بها[115]، ويفهم من هذا أن تعبيري القصد والعلم كما جاء في النص السابق هما عنصرا العلم والإرادة القائم عليهما القصد الجنائي.
فالقصد الجنائي هو مجموعة العناصر النفسية والذهنية التي يسهم بها الشخص في مقارنة السلوك الممنوع شرعًا[116]، وقد عرَّف القانون اليمني القصد الجنائي في المادة (9) من قانون الجرائم والعقوبات[117] بقوله: ( يتوافر القصد إذا ارتكب الجاني الفعل بإرادته وعلمه وبنية إحداث النتيجة المعاقب عليها…). وجريمة الإبادة الجماعية وجميع الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من الجرائم العمدية، وعلى ذلك يجب أن يتوافر لدى مرتكبيها، عناصر القصد الجنائي العام وهما عنصرا العلم والإرادة، فيجب أن يعلم الجاني بتوافر جميع أركان الجريمة، أو أي من الأفعال المكونة للركن المادي في جريمة الإبادة الجماعية، فينبغي أن يعلم أن سلوكه ينطوي على قتل أفراد جماعة عرقية أو اثنية أو قومية أو دينية أو الاعتداء الجسيم على سلامتهم الجسدية أو العقلية، أو إخضاعهم لظروف معيشية قاسية، أو إعاقة التناسل داخل هذه الجماعة، أو نقل الأطفال دون الثامنة عشرة المنتمين لأي من هذه الجماعات إلى جماعة أخرى، وأن يعلم كذلك أن سلوكه يصيب شخصًا أو أكثر ينتمون إلى جماعة معينة من الجماعات السابقة، وأن هذا السلوك يرتكب ضد المجني عليهم بصفتهم أعضاء هذه الجماعة، وليس بصفتهم الفردية، وأن يعلم كذلك أن من شأن سلوكه هذا أن يؤدي إلى نتيجة يريدها، هي إهلاك أعضاء الجماعة كليًّا أو جزئيًّا، وينبغي أن تتجه إرادته إلى إحداث هذه العناصر[118]، حيث تقوم نظرية العلم على فكرة أن الإرادة لا سيطرة لها على إحداث النتيجة وإنما تقتصر سيطرتها على السلوك لأن حدوث النتيجة هو ثمرة لقوانين طبيعية حتمية لا سيطرة لإرادة الإنسان عليها[119].
ومن ثم فإن القصد الجنائي وفقًا لهذه النظرية يتمثل في اتجاه إرادة الفاعل إلى ارتكاب السلوك الإجرامي مع توقع حدوث النتيجة الإجرامية كأثر مترتب على سلوكه على نحو يقيني أو محتمل[120]، وتقوم نظرية الإرادة على فكرة مضمونها أن أخص ما يميز السلوك الإنساني أنه وسيلة لتحقيق غاية يهدف الفرد لتحقيقها، وكون الإرادة تسيطر على السلوك، فهي بالتالي تتجه نحو الغاية[121]، والإرادة هنا هي إرادة السلوك الذي يحدث النتيجة الإجرامية وإرادة النتيجة أيضًا.
ومن ناحية أخرى فإن القصد العام لا يكفي لقيام الركن المعنوي لجريمة الإبادة الجماعية، بل يجب توافر القصد الخاص لدى الجاني ـــ أو الجناةـــ والذي يتمثل في « قصد الإبادة»، فيجب أن تتجه إرادة الجاني ـــ أو الجناةـــ لحظة ارتكابهم السلوك الإجرامي إلى إبادة الجماعة البشرية محل الاعتداء كليًّا أو جزئيًّا[122].
ويرى بعض الفقه[123] أن الركن المعنوي لجريمة الإبادة الجماعية يتضمن ما هو أكثر من التفكير والتخطيط لارتكاب الجريمة، ووجه الاختلاف بين القصد الجنائي العادي والقصد الجنائي في جريمة الإبادة الجماعية هو أن القصد في جريمة الإبادة الجماعية هو قصد مؤسساتي، والذي يتكون بصورة نموذجية من سياسات الدولة والمنظمات التي ترعاها الدولة التي تنفذ أعمال القتل.
وأهم ما يميز جريمة الإبادة الجماعية عن باقي الجرائم الواقعة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية هو وجود النية المسبقة للتدمير الكلي أو الجزئي للجماعة، فبدون توافر هذه النية لا توجد جريمة إبادة جماعية، وإنما قد نكون بصدد جريمة أخرى من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية[124].
ويشتمل الركن المعنوي في جريمة الإبادة الجماعية على اختبار المعرفة، إذ يجب أن يكون لدى المتهم القصد الضروري والمعرفة بالجريمة المدعى بارتكابها، وتوافر العلم لديه بتجريمها، وخطورة النتائج المترتبة عليها، وفي قضية Akayesu فقد ميزت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا ما بين القصد والمعرفة، ووفقًا لتفسير المحكمة، يمكن للأفراد أن يعرفوا أن أعمالهم قد أسهمت في إبادة وتدمير مجموعة ما حتى وإن لم يكن لهم هدف خاص من تدمير هذه المجموعة، ومطلب القصد بالنسبة لجريمة الإبادة الجماعية يمتد إلى ما هو أبعد من معرفة الفرد الفعلية أو المفترضة، ويجب على المحكمة تقييم معرفة الفرد وفقًا لكيفية عمله خلال الهيكل التنظيمي، ويتكون الهيكل من السياسات التي تم صياغتها وفقًا للإجراءات الموضوعة في المنظمة[125].
وتبرز أهمية القصد الخاص المطلوب توافره في تلك الجريمة على وجه الخصوص، عند التفرقة بين هذه الجريمة وبين غيرها من الجرائم الواقعة في اختصاص المحكمة، وهي تتطابق مع الجرائم ضد الإنسانية، لولا وجود القصد الخاص المطلوب توافره في جريمة الإبادة الجماعية لتصبح جريمة مستقلة بذاتها مختلفة عن الإبادة كإحدى صور الركن المادي للجرائم ضد الإنسانية؛ لذا فإن ما يميز جريمة الإبادة الجماعية هو أن الغاية منها ليست القتل في حد ذاته، بل إن المقصود الأول من فعل الإبادة هو الرغبة في القضاء على النظام القومي أو الاثني أو العنصري أو الديني لمجموعة معينة؛ إذ إن طبيعة الفئات البشرية التي تستهدفها الجريمة هي التي تميز بين تلك الجريمة وغيرها من الجرائم[126]، كما يكون الفعل الإجرامي مرتكبًا بباعث انتماء فاعله إلى المباشرين لجريمة الإبادة الجماعية[127].
وهذا ما أكدته الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية، في قرارها بشأن بحث مدى توافر جريمة الإبادة الجماعية في جانب الرئيس السوداني عمر البشير، حيث أشارت الدائرة إلى أنه: «استنادًا إلى معيار الإثبات الذي حددته دائرة الاستئناف أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن عمر البشير تصرف بقصد خاص (قصد محدد) لإهلاك جماعات قبلية (الفور، المساليت، والزغاوة) الاثنية إهلاكًا جزئيًّا»[128]، كما أن لجنة القانون الدولي قد أشارت في تعليقها على نص المادة رقم (17) من مشروع تقنين الجرائم ضد سلم البشرية وأمنها إلى أن: القصد العام لارتكاب أحد الأفعال الواردة في هذه المادة، مع وجود إدراك عام للنتائج المحتملة لهذه الأفعال تجاه الضحية أو الضحايا، لا يكون كافيًا لثبوت جريمة الإبادة الجماعية، حيث إن تعريف جريمة الإبادة الجماعية يتطلب قصدًا خاصًّا فيما يتعلق بالنتائج المترتبة على أي من هذه الأفعال المجرمة[129].
وبهذا يمكننا القول: إن القصد أو نية الإبادة تُعد من أهم العناصر المميزة لجريمة الإبادة الجماعية، وتُعد هذه النية من الأمور النفسية التي تشكل صعوبة بالغة عند إثباتها، إلا أنه يمكن استخلاصها من بعض الوقائع المادية، ومن الأدلة والتحقيقات ومن أقوال الجاني أو الجناة، وذلك على نحو ما استخلصته المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، التي خلصت إلى توافر القصد الجنائي في جريمة الإبادة الجماعية، من أنه قد ثبت لديها أن الجناة كانوا يقتلون أي فرد ينتمي إلى جماعة التوتسي بمن في ذلك الأطفال حديثي الولادة، والنساء والحوامل، وذهبوا إلى أبعد من ذلك، بقتل النساء الحوامل اللاتي ينتمين إلى الهوتو والمتزوجات من التوتسي، على أساس أن الطفل ينتمي إلى جماعة أبيه، وكذلك فقد استخلصت المحكمة القصد الخاص من بعض الوقائع المادية المتمثلة في العدد الكبير من الضحايا المنتمين إلى جماعة التوتسى المجني عليهم، وكذا من كون أفعال الإبادة ترتكب ضد أفراد الجماعة بسبب انتمائهم إليها، وعلى نطاق واسع وبشكل منظم[130].
الخاتمـــــــــــة
وفي ضوء ذلك انتهت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات نوجزها فيما يلي:
أولًا: النتائج
ثانيًا: التوصيات
والله ولي الهداية والتوفيق
قائمة المراجع
أولًا ـــ المراجع العربية
أ ـــ القرآن الكريم
ب ـــ المعاجم العربية
ج ـــ الكتب
ثانيًا: المـراجع باللغة الأجنبية
ثالثًا: الأحكام القضائية والقرارات والوثائق الصادرة من المحاكم الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية
رابعًا: الاتفاقيات والإعلانات والمواثيق الدولية والقوانين الوطنية
خامسًا: المواقع الإلكترونية
www.un.org | الأمم المتحدة |
www.Icc–cpi.Int | المحكمة الجنائية الدولية |
www.hrw.org/ar | هيومن رايتس ووتش |
www1.umn.edu/humanrts/arab/b001.html | مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا |
https://www.hrw.org/ar/world–report/2017/country–chapters/298316 | موقع تقرير هيومن رايتس ووتش عن اليمن 2017 |
[1] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، المحكمة الجنائية الدولية: دراسة لتطور نظام القضاء الدولي الجنائي والنظام الأساسي للمحكمة في ضوء القانون الدولي المعاصر، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2010م ، ص538.
[2] د. يوسف حسن يوسف، المسئولية الجنائية لرئيس الدولة عن الجرائم الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2011م، ص46.
[3] د. خالد مصطفى فهمي، المحكمة الجنائية الدولية، النظام الأساسي للمحكمة والمحاكمات السابقة والجرائم التي تختص المحكمة بنظرها، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2011م ، ص236.
[4] تعرف الجريمة الدولية بأنها «سلوك إرادي غير مشروع، يصدر عن فرد باسم الدولة أو بتشجيع أو رضاء منها، ويكون منطويًا على مساس بمصلحة دولية محمية قانونًا». د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، ص6.
[5] د. عبد الواحد محمد الفار، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995م، ص297 وما بعدها.
[6] د. علي يوسف الشكري، القضاء الجنائي الدولي في عالم متغير، الطبعة الثانية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2011م، ص136 وما بعدها.
[7] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص541.
[8] د. خالد حسين محمد، محكمة الجنايات الدولية وتجربة العدالة الجنائية الدولية، دار الكتب القانونية، 2015م، ص202.
[9] Elsea, J., International Criminal Court: overview and selected legal issues, Report for congress, June 5, 2002. P 13; Zimmermann, A., The creation of permanent international criminal court, Max Planck Yearbook of United Nations Law, 2006, P 171.
[10] Simon, Th. W., Genocide, Torture, and Terrorism Ranking International Crimes and Justifying Humanitarian Intervention, Palgrave Macmillan, 2016, P 14.
[11] Maison, R., Le crime de genocide dans les primiers judgement du tribunal pénale international pour Rwanda, op. cit., P 130
[12] د. علي يوسف الشكري، القانون الجنائي الدولي في عالم متغير، دراسة في محكمة يبزج – نورمبرج – طوكيو – يوغسلافيا السابقة – رواندا والمحكمة الجنائية الدولية الدائمة وفقًا لأحكام نظام روما الأساسي، الطبعة الأولى، إيتراك للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، ص138.
[13] الراجح في الفقه هو تعريف المجني عليه بكونه: «الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي وقعت عليه نتيجة الجريمة أو الذي اعتدي على حقه أو مصلحته التي يحميها القانون». د. محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1998م، ص127. كذلك د. مدحت محمد عبد العزيز إبراهيم، ، حقوق المجني عليه في الإجراءات الجنائية ـــ دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013م، ص11.
[14] Elsea,J.op. cit, P 14.
[15] نصت الديباجة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها على: « أن الأطراف المتعاقدة: إذ ترى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها 96 (د – 1) المؤرخ في 11 من ديسمبر 1946م، قد أعلنت أن الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن، وإذ تعترف بأن الإبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصور التاريخ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وإيمانًا منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي. تتفق على ما يلي: المــادة الأولى: تصادق الأطراف المتعاقدة على الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في أيام السلم أو في أثناء الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد بمنعها والمعاقبة عليها، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، 09ـــ12ـــ1948م معاهدات، أقرت وعرضت للتوقيع وللتصديق أو للانضمام بقرار الجمعية العامة 260 ألف (د ـــ3) المؤرخ في 9 من ديسمبر 1948م، تاريخ بدء النفاذ: 12 من يناير 1951م، طبقًا للمادة الثالثة عشرة.
[16] ويليم أ. شاباس، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ص2.
[17] Schabas, William A, An Introduction To The International Criminal Court, Cambridge University Press, Fourth Edition,P 105.
[18] على الرغم من أن ارتكاب هذه الأفعال ضد الجماعة السياسية يمكن أن يشكل ظاهرة خطيرة للعصف بالنظم الديموقراطية الحديثة، كما أنه يخشى أن يكون عدم النص على هذه الجماعات يعني السماح بهذه الجريمة ضد الخصوم السياسيين، وهذا ما يتعارض مع روح وأهداف هذه الاتفاقية. د. عبد الواحد محمد الفار، مرجع سابق، ص309.
[19] د. عبد الواحد محمد الفار، مرجع سابق، ص309.
[20] اشتملت ثلاث أدوات قانونية دولية على مصطلح الإبادة الجماعية طبقًا لتعريفه الوارد في اتفاقية الإبادة الجماعية في المادة (2) من هذه الاتفاقية وبدون أي تعديلات، وهذه الأدوات القانونية الدولية هي:1ـــ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في المادة (4).2ـــ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا في المادة (2). 3ـــ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة في المادة (5) والمادة (6). د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص539.
[21] وقد تكرر نص العديد من الإعلانات والاتفاقيات والعهود الدولية على تجريم أفعال الإبادة الجماعية بعد الاتفاقيةـــ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948م ــــ ومنها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وميثاق نورمبرج وطوكيو وصولًا إلى نظام محكمتي يوغسلافيا السابقة ورواندا، وبذلك تكون أحكام هذه الاتفاقية قد سمت إلى مرتبة العرف الدولي الذي يعد ملزمًا للدول جميعها حتى تلك التي لم تصادق او تنظم إليها. د. ضاري خليل محمود ود. باسيل يوسف، مرجع سابق، ص80.
[22] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص543.
[23] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، 2011م، ص30.
[24] نصت المادة (6) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، على أنه «يحاكم الأشخاص المتهمون بارتكاب الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل علي أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها.»
[25] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص550.
[26] Maison, R., Le crime de genocide dans les primiers judgement du tribunal pénale international pour Rwanda, op. cit., P 131.
[27] Zimmermann, A., The creation of permanent international criminal court, Max Planck Yearbook of United Nations Law, 2006, P 172.
[28] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص32.
[29] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص547.
[30] Schabas, William A., Genocide In International Law, Cambridge University Press, 2000, P 112.
[31] د. سوسن تمرخان بكة، الجرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2006م، ص496.
[32] يتكفل القانون الدولي ــ عن طريق العرف أو الاتفاقات أو المعاهدات الدولية ـــ بتحديد النموذج القانوني للجريمة الدولية بالقدر الذي تسمح له طبيعة القانون الدولي، تلك الطبيعة التي تفرض قدرًا من الاختلاف عما هو مستقر في الجريمة الداخلية. د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، مرجع سابق، ص6.
[33] تتطلب هذه الجريمة لقيامها محل تقع عليه (وهم الجماعة البشرية المحمية بالنص) ـــ د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص546 وما بعدها.
[34] ومما تجدر الإشارة إليه أنه وبملاحظة نص المادة (6) من النظام الأساسي نجد أنه يهدف من خلال ذلك إلى حماية مصلحتين، إحداهما المصلحة الخاصة بهذه الجماعات (القومية، العرقية، الاثنية، الدينية) لعدم تعرضها لإبادة كلية أو جزئية، والأخرى هي المصلحة العامة التي تتمثل بحماية المجتمع الدولي ككل من أن ترتكب جريمة إبادة جماعية تهز الضمير العالمي ككل.
[35] المستشار محمد ماهر عبد الواحد، جريمة الإبادة، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر الحادي عشر للجمعية المصرية للقانون الجنائي، القاهرة، 2003م، ص78.
[36] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص 496وما بعدها.
[37] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص32 وما بعدها.
[38] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص497.
[39] Maison, R., Le crime de genocide dans les primiers judgement du tribunal pénale international pour Rwanda op. cit., P 132.
[40] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص497 وما بعدها.
[41] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص33.
[42] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص498.
[43] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص33.
[44] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص498.
[45] المستشار محمد ماهر عبد الواحد، مرجع سابق، ص78.
[46] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص498.
[47] نصت المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن « لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر، وفضلًا عن ذلك لا يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلًّا أم موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعاً لأي قيد آخر علي سيادته»، مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا، على الرابط الإلكتروني http://www1.umn.edu/humanrts/arab/b001.html
[48] نصت المادة رقم (2) في الفقرة الأولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن «تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيًّا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب»، مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا.
[49] أشارت المادة (27) من العهد الدولي إلى الاثنية والدينية واللغوية، حيث نصت على أنه «لا يجوز، في الدول التي توجد فيها أقليات اثنية أو دينية أو لغوية، أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائره أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم»، مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا.
[50] د. عبد الوهاب حومد، الإجرام الدولي، الطبعة الأولى، مطبوعات جامعة الكويت، 1978م، ص241.
[51] في 9 من يناير1997م، عقدت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا محاكمتها الأولى، والتي تناولت إحدى أهم القضايا في تاريخ القانون الدولي، ألا وهي قضية: المدعي العام ضد جان ـــ بول أكاييسو، ففي أثناء أعمال الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، كان جان ـــ بول أكاييسو رئيسًا لبلدية تابا، وهي مدينة شهدت اغتصاب الآلاف من أهل ”التوتسي“ وتعذيبهم وقتلهم، على نحو منهجي، وقد واجه أكاييسو، في بداية محاكمته، 12 تهمة من تهم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات للمادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف لعام 1949م، اتخذت شكل القتل والتعذيب والمعاملة القاسية، وفي حزيران/يونيه 1997م، أضاف المدعي العام ثلاث تهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات للمادة (3) المشتركة/البروتوكول الثاني الإضافي، اتخذت شكل الاغتصاب، والأعمال اللاإنسانية، وهتك العرض، (تقرير المحكمة (S/1997/868)) Case No. ICTR-96-4-T) بتاريخ 2 من سبتمبر 1998م)، علمًا بأن هذه التهم الإضافية تمثل المرة الأولى في تاريخ القانون الدولي، التي يعتبر الاغتصاب فيها عنصرًا من عناصر الإبادة الجماعية، وفي 2 من سبتمبر 1998م، أدانت المحكمة أكاييسو فيما يتعلق بتسع تهم تخص الإبادة الجماعية، والتحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، واقتراف جرائم ضد الإنسانية بقصد الإبادة، والقتل، والتعذيب والاغتصاب، وأعمال لا إنسانية أخرى، مايكل ب، شارف، النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، الأمم المتحدة، 2010م ، ص2.
[52] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص34.
[53] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص499.
[54] د. عبد الحميد محمد عبد الحميد، مرجع سابق، ص547 وما بعدها.
[55] د. فريدريك هارهوف، محكمة رواندا، عرض لبعض الجوانب القانونية، المجلة الدولية للصليب الأحمر، السنة العاشرة، العدد رقم (58)، ديسمبر 1997م. نقلا عن د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص500.
[56] د. سلوى يوسف الإكيابى، إجراءات القبض والتقديم للمحكمة الجنائية الدولية، مرجع سابق، ص34.
[57] المرجع نفسه، ص33.
[58] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص501.
[59] محمد أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، دار الفكر، بيروت، 1997م، ص255.
[60] د. خالد مصطفى فهمي، مرجع سابق، ص234.
[61] د. هشام مصطفى محمد إبراهيم، التحقيق والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 2015م، ص67.
[62] د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، مرجع سابق، ص268.
[63] د. هشام مصطفى محمد إبراهيم، مرجع سابق، ص67.
[64] د. نجلاء محمد عصر، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة المنصورة، 2011م، ص15.
[65] د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، مرجع سابق، ص268 وما بعدها. كذلك د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، المحكمة الجنائية الدولية نشأتها ونظامها الأساسي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2013م، ص419.
[66] د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، مرجع سابق، ص268 وما بعدها.
[67] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص419 وما بعدها.
[68] د. جلال ثروت، نظرية الجريمة المتعدية القصد، دار الهدى للمطبوعات، 2005م، ص40.
[69] د. محمد حنفي محمود، جرائم الحرب أمام القضاء الدولي، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م، ص173.
[70] د. جلال ثروت، مرجع سابق، ص40.
[71] د. خالد مصطفى فهمي، مرجع سابق، ص239وما بعدها.
[72] ساوى القانون الدولي بين أن تكون الجريمة قد تحققت في صورتها التامة أو توقفت عند حد الشروع، وذلك وفقًا لنص المادة (25) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[73] د. محمود نجيب حسني، قانون العقوبات، القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989م، ص269 وما بعدها.
[74] د. طاهر عبد السلام منصور، الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 2005م، ص110 وما بعدها.
[75] د. خالد مصطفى فهمي، مرجع سابق، ص243.
[76] د. علي أحمد راشد، مبادئ القانون الجنائي، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974م، ص278 وما بعدها.
[77] المادة (6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[78] د. خالد مصطفى فهمي، مرجع سابق، ص 241 وما بعدها.
[79] د. عادل عبد الله المسدي، المحكمة الجنائية الدولية (الاختصاص وقواعد الإحالة)، الطبعة الثالثة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014م ، ص103.
[80] International Criminal Court, Elements of crimes, 2011, P 2.
[81] المادة (6/أ) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي أقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وأركان الجرائم الدولية، الطبعة الأولى، إيتراك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2005م، ص314.
[82] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص421.
[83] د. عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص104.
[84] المادة (6/ب) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي أقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، مرجع سابق، ص314.
[85] International Criminal Court, Elements of crimes, 2011, P 2.
[86] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص423.
[87] د. عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص105.
[88] د. علا عزت عبد المحسن، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2007م، ص59.
[89] المادة (6/أ) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي أقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، مرجع سابق، ص315.
[90] المادة (6/ب) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي اقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، مرجع سابق، ص314.
[91] Schabas, William A., Genocide In International Law, op. cit, P 167.
[92] جاء ذلك في قضاياAkayesu وRutaganda انظر:
Schabas, William A., Genocide In International Law, op. cit, P 166.-
[93] د. سوسن تمرخان بكة، مرجع سابق، ص328.
[94] د. محمود صالح العادلي، الجرائم الدولية، مكتبة الفكر الجامعي، 2003م، ص131.
[95] تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش المنظمة غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها. منشور على الموقع الإلكتروني:
https://www.hrw.org/ar/world-report/2017/country-chapters/298316
وجاء في هذا التقرير أنه: ( تسببت عشرات الغارات العشوائية وغير المتناسبة في مقتل وإصابة آلاف المدنيين، في انتهاك لقوانين الحرب، واستخدم التحالف ذخائر عنقودية محظورة دوليًا. وقد وثقت «هيومن رايتس ووتش» 61 غارة جوية بدت غير قانونية، نفذها التحالف منذ بداية الحملة، وتسببت في مقتل 900 مدني على الأقل، وأصابت منازل وأسواق ومستشفيات ومدارس وشركات مدنية ومساجد، بعض الهجمات قد ترقى إلى جرائم حرب، ومنها ضربات جوية استهدفت سوقاً مكتظة في شمال اليمن في 15 مارس 2016م وقتلت 97 مدنيا، منهم 25 طفلاً، وأخرى استهدفت مجلس عزاء مكتظ في صنعاء في أكتوبر وقتلت 100 مدني وجرحت مئات الآخرين، وغارات التحالف المتكررة على المصانع والمنشآت المدنية الاقتصادية الأخرى تثير قلقًا شديدًا من أن التحالف يتعمد الإضرار بقدرة اليمن الإنتاجية المحدودة أصلاً، وحققت هيومن رايتس ووتش في 18 غارة بدت غير قانونية على 14 موقعًا اقتصاديًا، بعضها استخدمت أسلحة وفرتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. تسببت الضربات في مقتل 130 مدنياً وإصابة 173 آخرين، وأدت إلى توقف الإنتاج في العديد من المصانع، فخسر مئات العمال مصادر رزقهم … ).
[96] إحصائية صادرة عن وزارة العدل، التوصيف القانوني لجرائم تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن، مركز معلومات القضاء، بدون دار نشر، 2018م.
[97] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص424.
[98] د. علا عزت عبد المحسن، مرجع سابق، ص59.
[99] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص424. وكذلك د. علا عزت عبد المحسن، مرجع سابق، ص59.
[100] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص424.
[101] المادة (6/د) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي أقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، مرجع سابق، 316. وكذلك د. عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص106وما بعدها.
[102] مصطلح عنوة لا يشير على وجه الحصر إلى القوة البدنية، وإنما قد يشمل التهديد باستخدامها أو القسر الناشئ مثلًا عن الخوف من العنف والإكراه والاحتجاز والقمع النفسي، وإساءة استخدام السلطة ضد الشخص المعني أو الأشخاص أو أي شخص آخر، أو استغلال بيئة قسرية، د. محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية، نشأتها ونظامها الأساسي مع دراسة لتاريخ لجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائية الدولية السابقة، الطبعة الثالثة، مطابع روز اليوسف الجديدة، القاهرة،2002م،، ص151.
[103] د. عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص105.
[104] المادة (6/هـ) أركان الجرائم الدولية، أركان الإبادة الجماعية بالقتل، التي أقرتها اللجنة التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية، د. السيد مصطفى أبو الخير، مرجع سابق، ص316 وما بعدها.
[105] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص425.
[106] المادة (25/3/أ، ب، ج) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[107] د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، دار النهضة العربية، 1972م، ص 19.
[108] المادة (25/3/أ، ب، ج) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[109] المادة (25/3/هـ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[110] د. علي حسن الشرفي، النظرية العامة للجريمة، الطبعة الثانية، أوان للخدمات الإعلامية، 1997م، ص297.
[111] المادة (25/3/د) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
[112] حيث نصت المادة رقم (3) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها على أنه: (يعاقب على الأفعال التالية: (أ) الإبادة الجماعية، (ب) التآمر علي ارتكاب الإبادة الجماعية، (ج) التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة الجماعية، (د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، (ه) الاشتراك في الإبادة الجماعية).
[113] مختار الصحاح، مرجع سابق، ص452.
[114] د. عبد الناصر محمد الزنداني، النظرية العامة للقصد المعنوي في قانون العقوبات، دراسة مقارنة بأحكام الفقه الإسلامي، طبعة أولى، 1997م، ص161.
[115] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص427.
[116] د. علي حسن الشرفي، مرجع سابق، ص340.
[117] قانون الجرائم والعقوبات اليمني رقم (12) لسنة 1994م.
[118] من أحكام النقض المصرية، مجموعة أحكام محكمة النقض، س (2)، رقم (49)، 1970م، ص200. ورد في كتاب د. محمود نجيب حسني، الموجز في شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993م، ص42.
[119] د. محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1987م، ص29.
[120] د. محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، مرجع سابق، ص222.
[121] د. مأمون سلامة، قانون العقوبات، القسم الخاص، الجرائم المضرة بالمصلحة العامة، دار الفكر العربي، 1983م، ص545.
[122] د. حسنين إبراهيم صالح عبيد، الجريمة الدولية دراسة تحليلية تطبيقية، مرجع سابق، ص267 وما بعدها.
[123] Simon, Th., op. cit, P 17.
[124] Elsea, J., op. cit, P 14.
[125] Simon,Th., op. cit, P 18.
[126] د. علا عزت عبد المحسن، مرجع سابق، ص61.
[127] د. شريف سيد كامل، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دار النهضة العربية، 2004م، ص63.
[128] وثيقة قرار الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية في القضية برقم ICC-02/05-01/09.
[129] د. عادل عبد الله المسدي، مرجع سابق، ص111 وما بعدها.
[130] د. أحمد محمد عبد اللطيف صالح، مرجع سابق، ص429.