نظام التوثيق في الجمهورية اليمنية

الأستاذ/ أحمد حزام أحمد القبلاني

4/18/2023

يمكنك تنزيل الدراسة من هنا

الأستاذ/ أحمد حزام أحمد القبلاني
مدير عام التوثيق
بوزارة العدل
 

مقدمة:

إن نظام التوثيق هو نظام إثبات العقود والالتزامات والتصرفات الأخرى بالشروط الشرعية والقانونية كتابة في أوراق أو كتب أو دفاتر أو أية وسيلة أخرى يصح الاحتجاج بها شرعاً، من هذا المعنى يمكن القول أيضاً أن ما يهدف إليه التوثيق أولاً هو مراجعة العقود والالتزامات والتصرفات الأخرى بين مكونات المجتمع للتأكد من عدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام والقوانين النافذة، وهذه فائدة جليلة جداً سواء تم توثيقها أو رفض توثيقها لأي سبب، وبهذه المراجعة من قبل رجل عدلي مختص بذلك يتم تلافي الكثير من المشاكل، فيما تكون الفائدة الأخرى في حال تم توثيقها اكتسابها للحجية الرسمية لتكون بعد ذلك حجة بين أطرافها وكذلك العمل بها أو الاحتجاج أو الاستشهاد بها لدى أي من الجهات عامة أو خاصة، داخلية أو خارجية فور صدورها، كما لا يقتصر الأمر على ذلك، بل من فوائد المراجعة والتوثيق الحد من المنازعات وسهولة الفصل فيها في حال المنازعة، لذلك: تطلب الأمر وجود نظام للتوثيق مقنن بتشريع (قانون) يُبين ما هي المهام التي يصب فيها هذا النظام وينظم كيفية اختيار العاملين في التوثيق، وكيفية ممارستهم للمهام والواجبات الواردة فيه وآلية الإشراف والرقابة على أعمالهم، وهذا ما تضمنته هذه الدراسة، بالإضافة الى الحديث عن القضاء (الحكم) والتوثيق.

 

والله من وراء القصد

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول
تعريف التوثيق ومشروعيته والمختصين بمباشرة أعمال التوثيق

أولاً: تعريف التوثيق:

سنتناول في التعريف بالتوثيق معنى التوثيق لغة وشرعاً كما سنتناول مفهوم التوثيق حسب ما جاء في سياق القانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن التوثيق:

1- المعنــــى اللغوي للتوثيق:

التوثيق لغة: مصدر وثق الشيء إذا أثبته وأحكمه، ووثق الشيء توثيقاً، أي: أثبته وأحكمه، وشيء موثق، أي، مُحكم، والميثاق هو العهد، والمواثقة هي المعاهدة.

2- المعنـــى الشرعي للتوثيق:

هو نظام إثبات العقود والالتزامات والتصرفات الأخرى بالشروط الشرعية كتابة في أوراق أو كتب أو دفاتر أو أية وسيلة أخرى يصح الاحتجاج بها شرعاً.

3- مفهـوم التوثيق:

إن مفهوم التوثيق في سياق القانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن التوثيق في الجمهورية اليمنية هو:

(تنظيم إثبات شرعي وقانوني للتصرفات والالتزامات في محررات يتم المصادقة على تواقيع ذوي العلاقة فيها من قبل موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة مختص بتحريره وتوثيقه من حيث نوعه ومكان تحريره بعد التأكد من حضورهم وشخصياتهم وأهليتهم ورضاهم على مواضيع هذه المحررات، وكذلك إثبات التصرفات الأخرى كتابة في أوراق أو في كتب أو في دفاتر)،

ولتوضيح هذا المفهوم للتوثيق نبين المعاني لبعض مفرداته:

الموثــــق: الموظف الذي يتولى في حدود مهامه واختصاصاته القيام بأعمال التوثيق المبينة في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والقوانين النافذة، مثل تحرير المحررات والمصادقة على المحررات العرفية وتوثيقها وإجراء التصرفات الأخرى كتحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية وتأشير الدفاتر التجارية وإثبات المحررات الرسمية والعرفية في السجلات، ويأخذ حكم الموثق الموظف المختص في قنصليات الجمهورية وذلك فيما يتعلق بتحرير وتوثيق محررات مواطني الجمهورية بالخارج.

الأميـــن: الشخص المكلف بالقيام بتحرير العقود المتعلقة بالأحوال الشخصية أو البيع أو الشراء أو الوصايا ونحوها بموجب قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والقوانين الأخرى النافذة والمصادقة على تواقيع ذوي العلاقة فيها بعد التأكد من شخصياتهم وأهليتهم ورضاهم.

التحرير: إنشاء المحرر مباشرة من قبل الموثق أو الأمين وفقاً لأحكام قانون التوثيق ولائحته التنفيذية ويراعى في الإنشاء إحكام المحررات واللغة وحسن الصياغة ووضوحها.

التصرفات والالتزامات: العقود والإقرارات وما على شاكلة ذلك مثل البيع والهبة والوصية والنذر والقسمة والصلح… الخ.

المحــــرر: الورقة المدون فيها كتابة إرادة أطرافها تتضمن تصرفاً معيناً أو إقرارا معيناً.

التصــديق: تأشير الموثق على صحة توقيع الأمين في المحررات المحررة من قبله أو على صحة توقيعات ذوي العلاقة في المحررات العرفية وعلى اعترافهم بمضمونها تمهيداً لتوثيقها.

ذوو العلاقة: كل متعاقد أو موقع على المحرر أو من يقوم مقامه بصفة قانونية.

ذلك هو مفهوم التوثيق في سياق القانون رقم (7) لسنة 2010م بشأن التوثيق، علماً أن معنى التوثيق بحسب التعريف الوارد في المادة (2) من هذا القانون: هو تقييد وتدوين الموثق للمحررات في السجلات المعدة لها، بعد التصديق عليها واستيفاء الرسوم المقررة وإثبات تاريخ ورقم القيد على المحرر وختمه بخاتم قلم التوثيق، وفقاً لأحكام هذا القانون واللائحة ((أي: قانون التوثيق ولائحته التنفيذية)).

ثانياً: السند الشرعي للتوثيق:

إن عدم كتابة المعاملات بين الناس قد يهدمها النسيان والتناسي والغفلة والتغافل والشبهة والاشتباه، لذلك حرصت الشريعة الإسلامية الغراء والقوانين الوضعية أن توثق المعاملات بين الناس كتابة، وفيما يأتي نستعرض بشكل موجز حكم التوثيق من الكتاب والسنة والقانون وعلى النحو الآتي:

1- مشروعية التوثيق من القرآن الكريم:

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ولاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ َفرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)﴾ صدق الله العظيم (البقرة/282-283).

وتجدر الإشارة إلى أن العلماء استنبطوا من لفظ: الدين، أنه لفظ يندرج ضمنه كل التزام أياً كان نوعه؛ لأن الالتزام ليس إلا ديناً في ذمة الملتزم به، فيدخل تحت لفظ الدين القرض والرهن والبيع وغير ذلك، ويمكن الاستدلال عن طريق القياس، حيث أن الأمر بالكتابة في الدين المؤجل منصوص عليه، وفي الالتزامات الأخرى مسكوت عنه، ولاتحاد العلة في قوله تعالى في نفس الآية: (ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا)، فإنه يمكن قياس الالتزامات الأخرى على الدين، ومن جانب آخر فإنه من حق ولي أمر المسلمين تقييد المباح درءاً لمفسدة إذا اقتضى الحال، فالمشرع اليمني مثلاً قد أوجب إثبات العديد من التصرفات كتابة، كما هو وارد في مضامين نصوص عدد من القوانين كالقانون المدني والتجاري والبحري والشركات التجارية وغيرها من القوانين، وحقاً فإن توثيق البيع والهبة والوصية أصبح واجباً شرعياً، وكيف لا وقد أزهقت الكثير من الأرواح واكتظت المحاكم بسبب الاختلاف في إثبات الحق.

2- مشروعية التوثيق من السنة النبوية:

إن ما يدلنا على مشروعية كتابة المعاملات وتوثيقها من السنة النبوية المطهرة ما جاء في الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ما حق أمريء مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده)، وكذلك العهد الذي كتبه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة بعد هجرته من مكة المكرمة يبين فيه أسس الدولة الإسلامية.

ومن أدلة مشروعية التوثيق أيضاً وثيقة صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة بين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبين مشركي قريش التي حررها سيدنا على كرم الله وجهه وشهد عليها كثير من المسلمين والمشركين، وعلى مر العصور الإسلامية بدءاً من عهد الخلافة الراشدة وما يليها من الدويلات الإسلامية، أنشئت الدواوين الحكومية التي تعنى بتوثيق التصرفات الشرعية بجميع أنواعها بين الناس، كما أن دراسات التوثيق قد اهتم بها فقهاء الإسلام الأوائل عبر العصور.

3- مشروعية التوثيق من القوانين الوضعية:

إن المتأمل لمشروعية التوثيق الذي جاءت به الشريعة الإسلامية قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، وما ورد في مشروعيته في القوانين الوضعية في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية؛ يتبين له أن ما ورد في هذه القوانين يعد تقنيناً وتفصيلاً لما أجملته الشريعة الإسلامية، فمشروعية التوثيق في القوانين الوضعية تتمثل بالنص على الأحكام الخاصة بالمعاملات والعقود والتصرفات والتي تشير في مجملها إلى شروطها وكيفية صياغتها وانعقاد الرضا فيها والإشهاد عليها مع وجوب إجرائها كتابة، وفي حجيتها اعتبرتها القوانين من أدلة الإثبات تحت مسمى الأدلة الكتابية وقسمت إلى نوعين: محررات رسمية ومحررات عرفية، ففي القانون اليمني ندلل على مشروعية التوثيق بما اشتمل عليه القانون المدني رقم (14) لسنة 2002م وتعديلاته لمجمل المعاملات والعقود والتصرفات، وأحكام وشروط وصيغ وآثار كل نوع على حدة، بما في ذلك وجوب كتابتها في محررات.

وكذلك ما ورد في قانون الإثبات رقم (21) لسنة 1992م وتعديلاته، باعتبار المحررات الكتابية من أدلة الإثبات بحسب ما جاء في المادة (97) والتي قسمتها إلى نوعين بحسب قوة حجيتها: محررات رسمية وأخرى عرفية، حيث عرفت المادة (98) (المحررات الرسمية: بالمحررات التي يثبت فيها الموظف (عاماً أو شخصاً مكلفاً بخدمة عامة) ما تم على يديه في حدود اختصاصه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه )، ويفهم من هذا النص أن المحررات الرسمية التي يتحدث عنها المشرع هي الأوراق الرسمية بشكل عام والتي تشمل في مفهومها كل ورقة أو محرر يصدر عن أجهزة السلطة العامة أو ما في حكمها، أو يتم تحريره وتوثيقه مثل العقود وغيرها من التصرفات الأخرى، وكذلك عرفت المادة (99): (المحررات العرفية: هي التي تصدر من الأشخاص العاديين فيما بينهم، ويجوز لهم تعميدها لدى الجهة المختصة في حضورهم، وبعد التأكد من أشخاصهم وموافقتهم على ما جاء فيها فتأخذ حكم المحررات الرسمية)، وباستثناء المحررات الرسمية المتمثلة بالعقود والتصرفات الأخرى التي يحررها موظف عام بين الأشخاص العاديين وفقاً للمادة رقم (98) بالإضافة إلى ما ورد في المادة رقم (99)، فإن المحررات الرسمية الصادرة من أجهزة السلطة العامة تنظمها القوانين واللوائح الخاصة بكل جهة على حدة، كما تنظم كيفية إصدارها والمختصين بذلك، الأمر الذي أوجب على المشرع إصدار قوانين خاصة تنظم الأحكام والشروط والخطوات والإجراءات الخاصة بتحرير وتوثيق المحررات الرسمية وكافة التصرفات الأخرى، وكذلك توثيق المحررات العرفية بما في ذلك المختصين للقيام بذلك ونطاق اختصاصهم المكاني والنوعي وغير ذلك من الأحكام الإشرافية والرقابية.

وهذه القوانين هي قوانين التوثيق أو قوانين كتاب العدل في بعض الدول، وفي اليمن صدر قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م الذي ألغى قانوناً للتوثيق سبق صدوره برقم (29) لسنة 1992 وتعديلاته، ولكل ما سبق فإن النصوص الواردة في القانون المدني وقانون الإثبات وقانون التوثيق تدل في مجملها على وجوب إثبات المعاملات والعقود والتصرفات الأخرى كتابة وتوثيقاً، وهذا ما يدل على مشروعية التوثيق أيضاً في القوانين الوضعية.

ثالثاً: المختصون بأعمال التوثيق ومهامهم ونطاق اختصاصهم والجهات المنظمة والمشرفة والمراقبة على أعمالهم:

إن إجراءات تحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات الأخرى، هي عمل قانوني في المقام الأول ينفرد بالقيام بها عضو قانوني دون سواه، هو المحرر أو الأمين في حالة التحرير والموثق في حالات التحرير والتصديق والتوثيق وإجراء كافة التصرفات الأخرى، وهذا العضو القانوني يتلقى إرادة أصحاب الشأن ويرشدهم إلى الإجراء القانوني الواجب إتباعه في كل إجراء على حدة، وبالتالي فهو المراجع القانوني تحقيقاً لضبط المحررات وكافة التصرفات ومراعاة صحتها وتحري الدقة في مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة، لذلك فقد شدد المشرع في شروط اختيار وتعيين القائمين على مثل هذه الأعمال، خصوصاً في حالة الموثق الذي يظهر من خلال المهام الموكلة إليه أنه لا يقل أهمية عن القاضي، ولذلك فقد أعطاه المشرع حق رفض تحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات في حالة مخالفتها لأحكام الشريعة والقوانين النافذة.

وبما أن الغاية من التوثيق هي إكساب المحررات الموثقة والتصرفات القانونية الأخرى للحجية الرسمية، ومن ثم فلا بد من أن يكون القائمون بأعمال التوثيق موظفين عموميين (الموثقين) أو مكلفين بخدمة عامة (الأمناء)، أي: يختصون بالقيام بهذه الأعمال من حيث نوعها ومكانها وبحسب القواعد المقررة قانوناً، وعملاً بمضامين نصوص المواد (2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 12 – 13 – 14 – 15 – 16 – 17 – 21 – 22 – 31 – 32 – 33 – 34 – 35 – 36 – 37 – 42 – 44 – 45 – 46 – 49 – 50 – 53) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م.

ولذلك فإن المختصين بتحرير المحررات وتوثيقها وكافة التصرفات القانونية الأخرى، هم الأمناء والموثقون وقنصليات الجمهورية بالخارج، إلا إن مستوى الصلاحيات يختلف من فئة إلى أخرى، فصلاحية الأمناء تحرير المحررات فقط، بينما صلاحية الموثقين التحرير والتصديق والتوثيق وكافة التصرفات القانونية الأخرى، ومثلها صلاحيات قنصليات الجمهورية بالخارج التي تتمثل في تحرير وتوثيق المحررات المتعلقة بمواطني الجمهورية في الخارج، أما من حيث جهات التنظيم والإشراف والرقابة على أعمال التوثيق، فإن أقلام التوثيق هي المعنية بأعمال الأمناء، بينما مكاتب التوثيق في إطار محاكم الاستئناف بالمحافظات هي المعنية بأعمال أقلام التوثيق (الموثقون والعاملون معهم) والأمناء، أما الجهة المختصة بوزارة العدل فهي المعنية بتنظيم أعمال مكاتب وأقلام التوثيق والأمناء في كافة أنحاء الجمهورية والمتابعة والإشراف والرقابة عليها، وفيما يأتي بيان ما سلف بشكل أكثر تفصيلاً:

 

أ- المختصون بأعمال التوثيق ومهامهم ونطاق اختصاصهم:

1- الأمنــــــــــــاء:

يكتسب الأمين هذه الصفة بعد أن يمنح الترخيص بمزاولة المهنة بقرار من وزير العدل في حال توفر فيه عدد من الشروط والإجراءات، منها: أن يكون يمني الجنسية، وألا يقل عمره عن 25 سنة، وأن يكون ملماً بأحكام المعاملات الشرعية والأحوال الشخصية، وقوانين الإثبات، والرسوم والضرائب العقارية، والسجل العقاري والمساحة، وغيرها من القوانين ذات العلاقة، على أن يجتاز بنجاح الاختبار المقرر له في هذه المواد تحريرياً وشفهياً أمام لجنة القبول المشكلة في نطاق محكمة الاستئناف التي يتبعها، في حال استوفى بقية الشروط والتي أيضاً منها، أن يكون مرشحاً من أهالي المنطقة التي يرغب في مزاولة المهنة بها، وهذه المنطقة يجب أن تكون شاغرة من الأمناء، أي: لا يوجد فيها أمين،  ومعتمدة من قبل الجهة المختصة بوزارة العدل وفقاً للشروط والخطوات والإجراءات الواردة في اللوائح والتعليمات المنفذة للقانون التوثيق.

أما مهام الأمين فهي على النحو الآتي:

1- تحرير عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة على النماذج الرسمية المعدة لذلك.

2- تحرير الوكالات والتصرفات والمحررات الأخرى، التي يوجبها قانون التوثيق والقوانين النافذة، أو بناء على طلب ذوي المصلحة وفقاً لما تحدده اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق.

3- أية مهام أو اختصاصات أخرى منصوص عليها في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية.

وبالتالي تزول ولاية الأمين في حال تحريره لمحررات خارج إطار الاختصاص المكاني المحدد له، أو في حال انتهاء ميعاد تجديد الترخيص دون القيام بتجديده، وأيضاً في حال تحريره لمحررات غير مختص بتحريرها نوعياً، وكذلك تزول ولايته بصورة مؤقتة في حال صدور قرار بتوقيفه عن مزاولة المهنة لمدة محددة، وتزول ولايته نهائياً في حال صدور قرار بسحب الترخيص الممنوح له، ونعني بولايته هو قيام قلم التوثيق الذي يتبعه الأمين بالتصديق على محرراته وتوثيقها، دون حضور ذوي العلاقة أمام القلم للتأشير على صحة توقيعاتهم في المحررات وعلي اعترافهم بمضمونها، على اعتبار أن عدم حضور ذوي العلاقة أمام القلم هي الخدمة العامة المكلف الأمين بالقيام بها في المنطقة الممنوح الترخيص له بمزاولة المهنة فيها، ولذلك فعلى ذوي العلاقة قبل الطلب من الأمين إنشاء محرراتهم التأكد من عدم حصول أي من الحالات التي قد يزول بوجودها ولاية الأمين، ومن حيث التنظيم والإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال الأمين والترخيص الصادر له بمزاولة المهنة، فإن قلم التوثيق وبصورة مباشرة هو المعني بتنظيم عمل الأمين وتحديد سجلاته والمصادقة عليها والإشراف والمراجعة والرقابة على أعماله، بما في ذلك التحقيق معه في المخالفات التي يرتكبها وفيما يقدم ضده من شكاوى، يلي ذلك مكتب التوثيق بالمحافظة التي يتبعها الأمين، ثم الجهة المختصة بوزارة العدل، وتحدد أولوية كل جهة من الجهات سالفة الذكر وفقاً لما ورد في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والتعليمات الوزارية، فعلى سبيل المثال يجب أن تقدم الشكاوى ضد الأمين إلى قلم التوثيق الذي يتبعه ذلك الأمين، مع الإشارة إلى أن ذكر كلمة المهنة لا تعني أنها من المهن الحرة، بل إن هذه المهنة تأخذ حكم الوظيفة العامة، يسري عليها ما يسري على الوظيفة العامة تنظيماً وإشرافاَ ورقابةَ… إلخ.

2- أقلام التوثيق (الموثقون):

تضمنت المادة (3) من قانون التوثيق على أن: تنشأ في نطاق محاكم الاستئناف بأمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية مكاتب للتوثيق تتبعها أقلام للتوثيق في نطاق المحاكم الابتدائية، وتمارس مهامها واختصاصاتها وفقاً لأحكام قانون التوثيق ولائحته التنفيذية، ويجوز بقرار من وزير العدل إنشاء أقلام توثيق متخصصة ويحدد قرار إنشائها اختصاصها النوعي والمكاني، مثل أقلام معينة لتوثيق الأعمال التجارية أو أقلام لتوثيق أعمال المرور (المركبات وما يتعلق بها) أو غيرها من الأقلام المتخصصة بنوع معين من المحررات والتصرفات بحسب حجم العمل وأهميته، وفي كل الحالات تحدد اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق التقسيمات الإدارية لمكاتب وأقلام التوثيق ومهام واختصاصات تلك التقسيمات، وبالتالي فإن الجهة المختصة بتحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات القانونية الأخرى من الجهات المنشأة، وفقاً للمادة سالفة الذكر هي أقلام التوثيق عملاً بالمادة (5) من قانون التوثيق التي نصت على:

(يتولى قلم التوثيق ممارسة المهام والاختصاصات الآتية:

1- تلقي المحررات العرفية والتصديق على توقيع ذوي العلاقة فيها وتوثيقها.

2- تحرير وتوثيق المحررات التي توجبها التشريعات النافذة أو بطلب ذوي العلاقة توثيقها.

3- استيفاء الرسوم المقررة قانوناً على كل محرر حرره أو وثقه.

4- حفظ سجلات ودفاتر تحرير العقود المحررة أو الموثقة من قبله وصور الأوراق التي تثبت صفة ذوي العلاقة.

5- حفظ صور المحررات التي تم توثيقها.

6- إعداد فهارس للمحررات التي تم توثيقها.

7- إثبات المحررات العرفية وتاريخها في السجلات المعدة لها.

8- إثبات المحررات الرسمية في السجلات المعدة لذلك.

9- إعطاء الشهادات بحصول التصديق على التوقيعات من واقع السجلات.

10-                                                                                           التأشير على الدفاتر التجارية.

11-                                                                                           تحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية.

12- تحرير وتوثيق صكوك الوصية.

13- أية مهام واختصاصات منصوص عليها في هذا القانون واللائحة.

فيما يبين القرار الوزاري المنشئ لقلم التوثيق المتخصص المهام والاختصاصات التي يتولاها مع تحديد نطاق اختصاصه المكاني، وعملاً بمضمون نص المادة (8) من قانون التوثيق، فإن مباشرة إجراءات تحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات القانونية الأخرى والواردة في المادة (5) يتولاها موثقون معينون بقرار من وزير العدل، على أن تتوفر فيمن يعين بوظيفة موثق عدد من الشروط منها: أن يكون يمني الجنسية، وألا يقل عمره عن 25 سنة، وأن يكون حائزاً للشهادة الجامعية في الشريعة والقانون أو في الحقوق، من إحدى الجامعات المعترف بها في الجمهورية، وأن لا يكون قد سبق فصله من وظيفة عامة بقرار تأديبي أو بحكم قضائي، وأن يجتاز بنجاح الاختبار المقرر للقبول وفقاً للأحكام والإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق، على أن شرط اختبار القبول يبين لنا أمرين، الأول: أن أهمية وظيفة الموثق التي لا تقل عن وظيفة القاضي أو عضو النيابة العامة، فمن خلال الإحالة إلى اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق لبيان كيفية إجراءات القبول، أتيح للوزارة أن تشترط مثلاً فيمن اجتاز اختبار القبول أن يمر بفترة تدريب أو تأهيل في المعهد العالي للقضاء لمدة معينة، قد تكون ستة أشهر أو سنة أو أكثر، أما الأمر الثاني: فإن اشتراط اجتياز اختبار القبول يدل على أنه يجب صدور قرار وزاري بالتعيين في وظيفة موثق، سواء أكان موظفاً أم تقدم لوظيفة التوثيق ابتداءً، وهذا يتشابه مع التعيين في وظيفة عضو النيابة العامة.

كما أن ذلك يدل أيضاً على أنه لا يمكن القيام بتحرير وتوثيق المحررات والتصرفات الأخرى، إلا من قبل من عين بوظيفة موثق حتى ولو كان موظفاً ويحمل المؤهل المطلوب.

3- قنصليات الجمهورية بالخارج:

نصت المادة (46) من قانون التوثيق على أن:

أ- تتولى قنصليات الجمهورية مهام تحرير وتوثيق المحررات المتعلقة بمواطني الجمهورية في الخارج، وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحته (اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق).

ب- تحصل الرسوم وفقاً للإجراءات المحددة في القوانين النافذة)، ومن خلال هذا النص تم حل مشكلة كان يعانيها المواطنون اليمنيون المتواجدون خارج الوطن، عند تحرير وتوثيق المحررات المتعلقة بهم، وبالتالي فقد سلك قانون التوثيق اليمني رقم (7) لسنة 2010م نفس مسلك معظم قوانين التوثيق العربية في منح سفارات وقنصليات تلك الدول حق تنظيم وتوثيق المحررات لمواطني تلك الدول بالخارج، لأن مثل هذا النص لم يكن وارداً في قانون التوثيق السابق رقم (29) لسنة 1992م وتعديلاته، وبالتالي فلا بد من أن يكون المختصون بتحرير وتوثيق المحررات في سفارات وقنصليات الجمهورية بالخارج من حملة المؤهلات المطلوبة لمثل هذه المهام، حتى لا تشوب المحررات الموثقة القصور أو الأخطاء أو المخالفات التي قد تؤدي مستقبلاً إلى مشاكل بين أطرافها أو مع الغير، أو لا تقبل كمحررات رسمية يستشهد أو يحتج بها أمام الجهات المعنية، كما أن اللازم على المختصين بالقنصليات استخدام نماذج المحررات وسجلات قيد المحررات الصادرة من وزارة العدل والرجوع إلى الجهة المختصة بتلك الوزارة للاستفسار عن أي إشكالية تخص تحرير وتوثيق المحررات.

ت- الجهات المختصة بالتنظيم والإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال أقلام التوثيق والأمناء:

1- وزارة العـــــــــــدل:

وزارة العدل ليست مختصة بالتنظيم والإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال أقلام التوثيق فقط، بل معنية بمكاتب وأقلام التوثيق والأمناء في كافة أنحاء الجمهورية، فعلى سبيل المثال تضمنت نصوص المواد (6 – 7 – 8 – 15 – 32 – 44 – 53) من قانون التوثيق أن تتولى الوزارة:

–   تنظيم وتطوير مكاتب وأقلام التوثيق والأمناء، والإشراف والرقابة والتفتيش على أعمالها وتأهيل وتدريب العاملين فيها.

–   إصدار القرارات الوزارية بتعيين مدراء مكاتب التوثيق ورؤساء أقلام التوثيق والموثقين وموظفيها.

–   إصدار القرارات الوزارية بمنح التراخيص لمزاولة مهنة الأمين.

–   إعداد نماذج السجلات والدفاتر والأوراق والأختام ونظم التقنية المتعلقة بأعمال التوثيق والأمناء وإصدار قرار وزاري بها.

–   إصدار وزير العدل كافة القرارات والتعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام قانون التوثيق، على أنه في حال ظهر ما يستوجب الإحالة إلى التحقيق أو المساءلة التأديبية في أعمال أو في سلوك أي من الموثقين، بما فيهم مدراء مكاتب التوثيق ورؤساء أقلام التوثيق، أو أي من العاملين بمكاتب وأقلام التوثيق، فإن الأحكام والشروط والخطوات والإجراءات المنظمة لذلك والعقوبات التي توقع عليه تتم وفقاً لما ورد في اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق مع مراعاة الأحكام العامة لموظفي المحاكم المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية، وما ورد في القانون العام لموظفي الجهاز الإداري للدولة، وإذا تبين أن المخالفة المنسوبة للشخص المحال تنطوي على جريمة جنائية فيلزم إحالة القضية إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم بشأنها.

2- مكتب التوثيق بالمحافظة التي يتبعها أقلام التوثيق:

حيث نصت المادة (4) من قانون التوثيق على أن تمارس مكاتب التوثيق المهام والاختصاصات الآتية:

  1. تنفيذ خطط الوزارة المتعلقة بتنظيم وتطوير أعمال مكاتب وأقلام التوثيق، ورفع التقارير الدورية بشأنها.
  2. الرقابة والتفتيش على أعمال الأمناء وأقلام التوثيق.
  3. تنظيم وتطوير مهنة الأمناء.
  4. إقامة دعوى المساءلة التأديبية ضد الأمين المخالف لمهامه وواجباته، وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون واللائحة (اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق).
  5. استقبال ملفات ترشيح الأمناء المرفوعة للمكتب من أقلام التوثيق، واستيفاء إجراءاتها القانونية.
  6. أية مهام واختصاصات منصوص عليها في هذا القانون واللائحة.

وبالتالي فإن من حق ذوي الشأن تقديم الشكاوى ضد أي من الموثقين، أو العاملين بأقلام التوثيق إلى مكتب التوثيق المعني في حال وجود ما يبررها، ليتم اتخاذ الإجراء اللازم حيال المشكو به، أو الرد على الشاكي بعدم صحة ما ورد في شكواه، بحسب الأحوال.

3- أقلام التوثيق:

تتولى أقلام التوثيق التنظيم والإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال الأمناء الواقع اختصاصهم المكاني ضمن إطار الاختصاص المكاني لقلم التوثيق، ووفقاً للأحكام والضوابط والإجراءات المنصوص في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والقرارات والتعميمات والتعليمات النافذة، والقلم صاحب الاختصاص الأصيل بتلقي الشكاوى ضد الأمناء وكذلك التحقيق معهم.

4- السفارات:

يتولى المسئولون المباشرون في سفارات الجمهورية عملية الإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال المختصين بالتوثيق في القنصليات، ووفقاً للأحكام والضوابط والإجراءات المنصوص عليها في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والقرارات والتعميمات والتعليمات الصادرة عن وزارة العدل.

 

المبحث الثاني
(الأحكام والخطوات والإجراءات العامة المتعلقة بتحرير وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الأخرى)

من خلال الاطلاع على العديد من النصوص القانونية ذات الصلة بشروط إنشاء وتوثيق المحررات وكافة التصرفات القانونية الأخرى والواردة في العديد من القوانين اليمنية النافذة، ومنها على سبيل المثال القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون أراضي وعقارات الدولة، وقانون الوقف الشرعي، وقانون تملك غير اليمنيين للعقارات، وقانون السجل العقاري، وقانون الإثبات، وقانون الأحوال المدنية والسجل المدني، وقانون الجنسية، وقانون التوثيق، التي يجب على الموثقين والأمناء التقيد بما ورد في نصوص تلك القوانين، فهي تعد إن جاز لنا التعبير سلاح الموثق أو الأمين، فالإلمام بها والرجوع إليها تقيه من الوقوع في أوجه القصور والأخطاء أو المخالفات.

وأيضاً بالرجوع إلى العديد من قوانين ولوائح وتعليمات التوثيق لعدد من الدول العربية؛ للاستئناس بها والذي يظهر من خلال الاطلاع عليها تشابه الأحكام والإجراءات المنظمة لتحرير وتوثيق المحررات، مع الأحكام والإجراءات القانونية اليمنية النافذة، وبناءً على مضامين نصوص المواد (2 – 5 – 8 – 9 – 10 – 11 – 17 – 18 – 19 – 20 – 21 – 22 – 24 – 25 – 26 – 27 – 28 – 29 – 30 – 31 – 38 – 39 – 40 – 41 – 43 – 46 – 51) من قانون التوثيق رقم ((7)) لسنة 2010م فإن تحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات القانونية الأخرى تتم وفقاً لما يأتي:

أولاً: في تحرير وتوثيق المحررات:

أ- في تحرير المحررات: يتولى الموثقون والأمناء كل فيما يخصه تحرير المحررات على النماذج الرسمية المعدة لذلك والصادرة من وزارة العدل، سواء أكان التحرير بخط اليد أو بواسطة الآلات والأجهزة المستخدمة لذلك بحسب الأحوال، وذلك وفقاً لما اتفق عليه أطراف المحرر، أو وفقاً لما أقر به صاحبه، بحيث لا تخرج الصيغة التي يحُرر بها المحرر عن متضمنات الطلب أو موضوعه، فلا يضاف عليه أو ينقص منه شيء، مع مراعاة أن على الموثق عند إنشاء المحرر الاستعمال السليم للغة وسرد الألفاظ، بحيث يوضح المطلوب ويراعي الشكل اللازم وتفصيلاته ويرتب مندرجاته وبشكل وافٍ مشتملاً على البيانات الآتية:

  1. ذكر السنة والشهر واليوم والساعة التي تم فيها التحرير بالأحرف.
  2. اسم الموثق ولقبه.
  3. بيان ما إذا كان قد تم بقلم التوثيق، أو في مكان آخر في حال انتقال الموثق إلى محل ذوي العلاقة في حالتي المرض أو الضرورة.
  4. أسماء الشهود.
  5. أسماء ذوي العلاقة ومحل ميلادهم وإقامتهم ومهنهم وأسماء وكلائهم.
  6. أسماء من يقتضي الحال وجودهم مثل المترجمين والخبراء والمعرفين.

كما يلزم كتابة المبالغ والمساحات بالأرقام والحروف، وأن تكون ألفاظ المحرر كاملة غير منقوصة أو مختصرة أو مختزلة، وإذا بقي من السطر ما لا يكفي للكلمة التالية أو ترك منه جزء للبدء بسطر جديد، فيجب أن يملأ ذلك الفراغ بشرطه منعاً من إضافة لفظ ما، و إذا أريد حذف بعض الكلمات أو تغييرها قبل إمضاء المحرر فيقوّس على هذه الكلمات وينص في آخر المحرر على أن الكلمات التي بين الأقواس وعددها كذا، وأولها كذا، وآخرها كذا، تعتبر لاغية، وتكتب الكلمات المراد استبدالها بها، وإذا أريد زيادة كلمات تكتب في آخر المحرر أيضاً شرط أن يتم كل ذلك بنفس المداد الذي حرر به المحرر، وقبل انقضاء مجلس تحرير المحرر، لكي يتسنى للجميع من أطراف وشهود ومن يلزم تواجدهم بحسب الأحوال التوقيع عليها مع الموثق، حتى إذا استكمل إنشاء المحرر، تلاه على ذوي العلاقة وأسمعهم مضمونه، وأفهمهم موضوعه وآثاره، فإن صادقوا عليه وأقروا به ووافقوا على مضمونه، يقوم الموثق بتوقيع المحرر بعد توقيع أو بصمة ذوي العلاقة، والشهود عليه مع المترجمين والخبراء إن تطلب الأمر ذلك، ومن يقتضي الحال وجودهم، على أنه يجب على الأمين أو الموثق قبل تحرير المحرر وبعد تحريره بحسب الأحوال، التحقق من شخصية ذوي العلاقة وأهليتهم ورضاهم، وأن يذكر ذلك في المحرر مع ذكر الاسم الكامل لكل منهم، ومهنته، وعمره، والشهود، وتدوين التاريخ، والمبالغ بالأرقام والحروف الكاملة، وطريقة التحقق من هوية ذوي العلاقة وأهليتهم وصفاتهم وسلطاتهم ورضاهم على النحو الآتي:

–   طريقة التحقق من شخصية ذوي العلاقة:

يتم التحقق من شخصية ذوي العلاقة من خلال:

1- البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر.

2- تعريف شاهدين ممن تتوفر فيهم أهلية الشهادة، شريطة أن لا يكون الشاهد أعمى أو أبكم وإثبات ذلك في المحرر و توقيع المعرفين على المحرر.

3- في حالة ما إذا كان طرف العلاقة زوجة لا تحمل بطاقة شخصية، فإن البطاقة العائلية لزوجها التي تحمل اسمها وصورتها الشخصية مختومة بختم الجهة مصدرة البطاقة معتبرة قانوناً لإثبات شخصيتها.

4- في حال ما إذا كان حامل البطاقة الشخصية تبعاً لسنه أو لحادث طرأ على ملامحه وبسببه لم يعد التطابق كاملاً بين صورته في البطاقة، وبين شكله الماثل أمام الأمين أو الموثق، ففي هذه الحالة يمكن التعريف بشاهدين ممن تتوفر فيهم أهلية الشهادة على أن الصورة في البطاقة هي صورته، والأمر كذلك في امرأة محجبة لا توضح صورتها على البطاقة بشكل قاطع أنها هي ذاتها الحاضرة أمام الأمين أو الموثق.

–   طريقة التحقق من أهلية وحضور وصفات وسلطات ورضاء ذوي العلاقة:

  1. التثبُت من أهلية ذوي العلاقة، بتقديم ما يؤيد الأهلية من مستندات كشهادة الميلاد، أو بوسائل إثبات الشخصية السالف ذكرها.
  2. على الأمين أو الموثق أن يتثبت من حضور ذوي العلاقة بأنفسهم، أو من ينوب عنهم قانوناً، كالوكيل أو الوصي أو الولي أو القيم أو وكيل الغائب أو ممثل الشركة… إلخ، فيتأكد من هوية الحاضر أمامه وبأنه ذو العلاقة في الإجراء، ويتأكد من صفته كنائب عن ذي العلاقة بهذا الإجراء سواء أكان أطراف العلاقة أشخاصاً طبيعيين أم كانوا أشخاصاً اعتباريين (شركات – مؤسسات – جهات عامة)، وإذا كان الموكل يحضر بصفته وكيلاً، فإن على الأمين أو الموثق أن يتأكد من أن وكالته تخوله التوكيل بما يزمع التوكيل به، وتُثبت الصفة من الوثائق الرسمية المقدمة إثباتاً لها، وتحفظ صورة منها بعد مطابقتها برفقة نسخة المحرر المحفوظة لدى الأمين أو بقلم التوثيق بحسب الأحوال، ويشار لذلك بالمحرر، وفي حال كانت الوثيقة المقدمة إثباتاً للصفة صادرة من بلد أجنبي، وجب على الأمين أو الموثق التأكد من رسميتها، وأنها تحتوي على كل التصديقات اللازمة عليها، كما أنه ليس له أن يقبل كتاباً رسمياً ورد عن طريق البريد، متضمناً الإقرار بالوثيقة التي طرفها جهة عامة، بل يجب حضور ممثل الجهة أمامه، وإذا كانت الوثيقة التي يعتمدها لإثبات الصفة محررة بلغة أجنبية، فيجب إبراز أصل الوثيقة وترجمتها من قبل مترجم معتمد إلى العربية معاً، وكذلك الحال يتم حفظ صورة الوثيقة وترجمتها.
  3. للتحقق من رضاء ذوي العلاقة، يقوم الأمين أو الموثق بحسب الأحوال بعد الانتهاء من تحرير المحرر، بتلاوة الصيغة الكاملة للمحرر على ذوي العلاقة، ويفهمهم مضمونه ليتأكدوا من تعبيرها الكامل عن إرادتهم، وليكون هؤلاء على بينة مطلقة من مضمونه، على اعتبارها تمثل تصريحاً لهم واتفاقاتهم وإراداتهم، وأن يبين لهم الأثر القانوني المترتب عليه دون أن يؤثر على إرادتهم، مبيناً في المحرر أنه قد تلى صيغة المحرر كاملة على ذوي العلاقة، ويوقع هو وذوو العلاقة والخبراء والمترجمون إن وجدوا على المحرر، وإذا كان المحرر مكوناً من عدة صفحات، فيوقع في آخر كل صفحة على ما بُيِّن سلفاً بعد أن يرقم كل صفحة منه، ويبين بآخر الصفحة الأخيرة منه عدد صفحاته والمربوطة ببعضها بالحروف والأرقام، ولا يجوز للأمين أو الموثق أن يحرر في ظهر الورقة كتابة ما، فإذا لم تكفِ الصفحة لتحرير متضمنات إرادة ذوي العلاقة، فعليه أن يُضِّمن الباقي في الصفحة الأخيرة، وإذا كان أحد ذوي العلاقة أو الخبير أو الترجمان لا يحسن التوقيع أو ليس له توقيع ثابت معروف، لعدم اعتياده التوقيع فيبصم في المحرر في المواطن اللازمة ببصمة إبهامه الأيسر، وفقاً للفصل سالف الذكر، إلا إذا كان هناك مانع فيستعاض عنها ببصمة أخرى ويشار إلى ذلك في المحرر.

–   ما يجب اتخاذه من إجراءات عند تحرير المحررات الناقلة للملكية أو في عقود الزواج المختلط:

في حال كان المحرر المراد تحريره من التصرفات الناقلة للملكية، كالأراضي والعقارات أو المنقولات، فإنه على الموثق أو الأمين بحسب الأحوال بعد التأكد من أصول مستندات ملكية المتصرف للمتصرف فيه التأشير بظاهر أصل المستند بما تم التصرف به بقدره ونوعه وصفته، مميز أو على الشيوع مما هو مُبيّن في باطن المستند واسم المتصرف له وتاريخ التصرف، على أن تذيل الإشارة بانتقال المتصرف فيه إلى المتصرف له ((التعطيل – الإسقاط – التنكيت… الخ)) بتوقيع ذوي العلاقة والموثق أو الأمين، وتختم بخاتم قلم التوثيق أو الأمين، ثم يُسلم أصل مستند الملكية للمتصرف له، إلا إذا كان التصرف لجزء مما في المستند، ففي هذه الحالة يُسلم للمتصرف له صورة لمستند الملكية بعد التأشير على أصل المستند بماهية التصرف، وفقاً لما سلف بيانه، والإشارة لكل ذلك في المحرر، وكذلك التأشير بالإلغاء أو التعديل لمستند الملكية في سجلاته في حال تم تحرير وتوثيق ذلك المستند في قلم التوثيق أو لدى الأمين، أو إبلاغ قلم التوثيق المعني بذلك للتأشير بالإلغاء أو التعديل لمستند الملكية في سجلاته، في حال تم تحرير وتوثيق ذلك المستند أمام موثق أو أمين يتبع قلم توثيق آخر، وعلى نفقة صاحب العلاقة.

كما أن على الموثق أو الأمين في حال كان محل المحرر عقد زواج أحد طرفي الزواج أجنبي، التأكد من وجود موافقات الجهات المختصة والصادرة، وفقاً للقوانين واللوائح والقرارات والتعليمات النافذة ذات الصلة بهذا الشأن، والإشارة في المحرر إلى ذلك وحفظ تلك الموافقات برفقة نسخة المحرر.

–   تنبيه للمحررين من غير الأمناء أو الموثقين:

على كل من يقوم بتحرير المحررات من غير الأمناء أو الموثقين سواء قام بالتحرير من ذوي العلاقة في المحرر أم من غيرهم الالتزام بالشروط والخطوات والإجراءات والبيانات الواجب التقيد بها عند تحرير المحرر والواردة في هذا البند ((الفقرة أ))، حتى لا يكون المحرر قابلاً لرفض توثيقه من قبل قلم التوثيق المختص، أو أن تثار بسببه مشاكل في المستقبل بين ذوي العلاقة أو مع غيرهم في حال عدم التقيد بتلك الشروط والخطوات والإجراءات والبيانات.

ب- في التصديق على المحررات:

يتولى الموثقون التصديق على المحررات، من خلال التأشير على صحة توقيع الأمين في المحررات المحررة من قبله، أو على صحة توقيعات ذوي العلاقة في المحررات العرفية وعلى اعترافهم بمضمونها تمهيداً لتوثيقها وعلى النحو الآتي:

–   في التصديق على المحررات المحررة من قبل الأمناء:

يتلقى الموثقون في قلم التوثيق المحررات المحررة من قبل الأمناء التابعين لقلم التوثيق، لمراجعتها للتأكد من أنها محررة على النماذج الرسمية، وأن أحكام وشروط وإجراءات تحريرها والبيانات الواردة فيها قد تمت وفقاً لما ورد في الفقرة (أ) والتي يلزم الأمين أيضاً التقيد بها عند تحرير المحررات، بما في ذلك التأكد من اتباع الأمين للإجراءات اللازمة في حال كان المحرر من التصرفات الناقلة للملكية، أو كان محل المحرر عقد زواج أحد طرفي الزواج أجنبياً، فيما عدا الرسوم، فإنها تستوفى فقط من قبل قلم التوثيق، بالإضافة إلى مراجعة المرفقات التي استند إليها الأمين في التحقق من إثبات شخصيات ذوي العلاقة وأهليتهم وصفاتهم وسلطاتهم، والتي يلزم أن ترفق صور منها مع المحرر مطابقة تحت توقيع وختم الأمين، وفقاً لما هو محفوظ لديه للتأكد من سلامتها.

ويقوم الموثق بعد ذلك بتحرير محضر المصادقة في ذيل المحرر متضمناً الإشارة بالمصادقة على خط وتوقيع «الأمين» بذكر اسمه ولقبه ومناطق اختصاصه وتاريخ تحريره للمحرر مع بيان تاريخ التصديق على المحرر بالحروف والأرقام معاً، ويوقع الموثق على محضر المصادقة، فإذا كان المحرر مكوناً من عدة صفحات، لزم على الموثق توقيع كل صفحة من صفحاته ويشار في المحضر إلى عدد صفحات المحرر إن تعددت.

– في التصديق على المحررات العرفية:

يتلقى الموثقون في قلم التوثيق المحررات العرفية للتصديق على تواقيع ذوي العلاقة فيها، في حال كان ذوو العلاقة ضمن الاختصاص المكاني للقلم ومواضيع المحررات ضمن الاختصاص النوعي والمكاني للقلم أيضاً، ويتم التصديق عليها من خلال الاطلاع على المحرر، للتأكد من أنه مكتوب بخط واضح، وأن لا يكون في متنه حك أو شطب أو محو أو فواصل، وعند وقوع سهو، أو حصول ضرورة للتصحيح أو الإضافة أو الحشر، فيتم في متن المحرر الإشارة إلى سبب ذلك أو الإضافة أو تصحيحه، ويوقع عليه ذوو العلاقة والشهود والموثق، إذا كانت الإضافة أو التصحيح أو نحوها جوهرية، وكذلك على الموثق التأكد من عدم مخالفة المحرر لقانون التوثيق وأحكام القوانين النافذة المتعلقة به، ثم يقوم الموثق بالتحقق من حضور ذوي العلاقة أمامه والتحقق من شخصياتهم وأهليتهم وصفاتهم وسلطاتهم ورضائهم وفقاً لما ورد في الفقرة ((أ))، وإذا كان المحرر المقدم للتصديق عليه بلغة أجنبية، وجب أن يكون مترجماً بالعربية بواسطة مترجم معتمد، ليتم التصديق على المحرر وترجمته معاً، ويقوم ذوو العلاقة بإعادة التوقيع أو البصمة على المحرر أمام الموثق، وكذلك إعادة التوقيع أو البصمة أمامه، على المحرر المكتوب بلغة أجنبية وترجمته مع الخبراء والمترجمين، ثم يقوم بتحرير محضر المصادقة في ذيل المحرر متضمناً ذكر أسماء ذوي العلاقة ومحال إقامتهم وأرقام وثائق إثبات شخصياتهم كتابة، والإشارة بحصول التوقيع منهم أمامه، وأسماء الشهود ومهنتهم ومحال إقامتهم وأسماء المترجمين والخبراء إن وجدوا ومن يقتضي الحال وجودهم، والإشارة إلى رضا ذوي العلاقة وإقرارهم بمضمون المحرر وتاريخ تحرير المحرر إن وجد، وبيان تاريخ التصديق على المحرر بالحروف والأرقام معاً، ويوقع الشهود والموثق على المحضر، فإذا كان المحرر مكوناً من عدة صفحات، فيلزم توقيع ذوي العلاقة ومن يتطلب توقيعهم والشهود والموثق على كل صفحة من صفحاته، ويشار في المحضر إلى عدد صفحاته.

–   في جواز انتقال الموثق أو الأمين إلى محل ذوي العلاقة لتحرير أو لتصديق المحرر في حالتي المرض أو الضرورة:

يجوز للموثق أو الأمين أن ينتقل إلى محل ذوي العلاقة لتحرير المحرر أو التصديق على توقيعات ذوي العلاقة في المحرر العرفي في حالتي المرض أو الضرورة، ويتحمل مقدم الطلب مصاريف الانتقال مع مراعاة التقيد بما يأتي:

1- تقديم طلب الانتقال من ذوي العلاقة إلى قلم التوثيق أو الأمين المختص بحسب الأحوال، ويبين فيه موضوع المحرر وحالات وأسباب طلب الانتقال، مع مراعاة أن يكون محل الإقامة لذوي العلاقة يقع ضمن دائرة الاختصاص المكاني والنوعي لقلم التوثيق أو الأمين.

2- في حال تأكد جدية أسباب طلب الانتقال، يحال لاستيفاء رسوم التوثيق الخاصة بطلب الانتقال في حال قدم الطلب لقلم التوثيق.

3- يقوم الموثق المكلف أو الأمين المختص بالانتقال إلى محل ذوي العلاقة لتحرير المحرر أو التصديق على توقيعات ذوي العلاقة في المحرر العرفي، على أن تحدد مصاريف انتقال الموثق أو الأمين بحسب الظروف والأحوال.

4- على الموثق أو الأمين في حال الانتقال إلى محل ذوي العلاقة لتحرير المحرر أو التصديق على توقيعات ذوي العلاقة في المحرر العرفي التقيد بالأحكام والشروط والإجراءات الخاصة بتحرير المحررات والتصديق عليها والسالف ذكرها، بالإضافة إلى الإشارة في المحرر إلى سبب الانتقال ومكانه وزمانه، مع فتح سجلات خاصة بطلبات الانتقال لدى قلم التوثيق والأمناء بحسب الأحوال، وكذلك حفظ طلبات الانتقال بملفات خاصة بذلك.

ج- توثيق المحررات:

عملاً بما تضمنه تعريف التوثيق الوارد في المادة (2) من قانون التوثيق، فإن تحرير المحرر من قبل الموثق والتصديق على بياناته، وكذلك التصديق على المحررات المحررة من قبل الأمناء والمحررات العرفية التي سبق بيانها في الفقرتين ((أ – ب)) لا تعتبر بمثابة توثيق المحرر، بل إن هنالك إجراءات وبيانات أخرى يتم القيام بها من قبل الموثقين حتى يصبح المحرر موثقاً، وتكون له الحجية المنصوص عليها في المادة (31) من قانون التوثيق، وهذه الإجراءات والبيانات اللازم القيام بها هي على النحو الآتي:

1- استيفاء الرسوم المقررة قانوناً على كل محرر من خلال قيام الموثق المختص بتحديد مقدار رسوم التوثيق سواء كانت ثابتة أم نسبية، بما في ذلك تقدير قيمة المحرر ذي القيمة المالية غير مقدر القيمة ليتم تحديد مقدار الرسوم عليه، بالإضافة إلى تحديد مقدار الرسم الإضافي المخصص لصالح دعم القضاء كل على حدة، ووفقاً لما هو محدد في جدول رسوم التوثيق الواردة في نهاية هذا الفصل، وكذلك يقوم الموثق بتحديد مقدار غرامات التأخير المفروضة على المحررات التي لم تقدم إلى أقلام التوثيق لتوثيقها في المواعيد المحددة لذلك، والإحالة إلى الصندوق لاستيفائها وفقاً للنموذج المعد لذلك، والمبيّن فيه مقدار الرسوم ودعم القضاء كل على حدة، مع مراعاة بيان تفصيلات للمبالغ المطلوب تحصيلها كرسوم التوثيق ونوعها ثابتة أو نسبية، ورسوم الإنشاء في حال تم إنشاء المحرر من قِبل الموثق، ورسوم انتقال الموثق لتحرير المحرر أو التصديق عليه، والغرامات بحسب الأحوال، كل على حدة، والتوقيع على الإحالة، وبعد استيفاء المبالغ على الموثق أن يُبيّن جميع الرسوم وكذلك الغرامات إن وجدت وأرقام سندات التحصيل وتاريخها في ذيل المحرر الأصل وفي النسخة المحفوظة لديه أو في الصور الأخرى المسلمة لذوي العلاقة والتوقيع على تلك البيانات، وفي حالات الإعفاء من الرسوم على المحررات، على الموثق الإشارة إلى الإعفاء من الرسوم في المحرر في الموضع المخصص لبيانات الرسوم والتوقيع عليه، مع بيان النص الدال على الإعفاء سواء من قانون التوثيق أم من القوانين الأخرى النافذة ذات العلاقة مع بيان ذلك أيضاً في سجلات القيد.

2- بعد استيفاء الرسوم، يتم قيد المحررات من خلال تدوينها في السجلات المعد لهذا الغرض بحسب تسلسل تاريخ تحريرها أو التصديق عليها بحسب الأحوال، بحيث يتم تدوين نص المحرر في السجل حرفياً لكل متضمناته وأسماء ذوي العلاقة وبيانات الرسوم وغير ذلك من البيانات اللازمة، والتوقيع عليها وختمها بختم قلم التوثيق، وفي حال تعددت الصفحات المدون فيها المحرر يوقع على كل صفحة ويختم عليها بختم قلم التوثيق، وفي كل الحالات تتعدد سجلات القيد تبعاً لنوع المحررات، كما يمكن أن يتعدد السجل للنوع الواحد للمحررات، كسجل للمحررات المحررة من قبل الموثق والآخر للمحررات المصادق عليها وبحسب حجم العمل، وبعد تسجيل المحرر في السجل والتوقيع عليه، لا يجوز أن يجرى أي تعديل أو تصحيح عليه إلا إذا تبين أن هناك خطأً أو سهواً ناشئاً عن اختلاف بين المحرر أو السجل وبين ما اعتمده الموثق عند التسجيل ((كورود الاسم أو الرسم أو التاريخ خطأً… الخ))، فإنه في هذه الحالة يتم التصحيح بشرط أن تسترد جميع النسخ المعطاة لذوي العلاقة، وأن يدخل عليها التصحيح اللازم، وأن يشار للتصحيح وتاريخ إجرائه بالقلم الأحمر، وأن يأخذ توقيع ذوي العلاقة على عبارة التصحيح مع توقيع الموثق المختص وختم قلم التوثيق، لأن القيام بشطب عبارة في المحرر أو السجل أو تصحيحها دون مراعاة ما تقدم يعتبر باطلاً ويعرض القائم بذلك للمساءلة، على أنه يجب أن تكون سجلات القيد بريئة من كل حك ومحو وتحشير وفواصل، وأن تكون واضحة الخط ، وأن تكتب الأرقام بالحروف، وأن يذكر في نهاية كل صفحة أنها انتهت، والكلمات المغلوطة يقوس عليها بخط أحمر على وجه تبقى معه مقروءة، والكلمات والعبارات التي يجب إضافتها تدرج في الحاشية ويشار بالرقم إلى المحل الذي كان يجب أن تدرج فيه، وتوقع من الموثق وذوي العلاقة، على أنه يجب القيام بعمل محاضر مصادقة للسجلات قبل استخدامها وبعد انتهاء القيد فيها، وبعد الانتهاء من قيد المحرر في السجل وفقاً للإجراءات والبيانات السالفة الذكر يتم إثبات تاريخ ورقم القيد على المحرر والنسخ والصور المسلمة لذوي العلاقة وختمها بختم قلم التوثيق، وتسليمه لذوي العلاقة بعد حفظ نسخة منه مع المرفقات اللازمة بالملف المعد لذلك.

قيد المحررات المحررة من قبل الأمناء:

على الأمين بعد تحرير المحررات قيدها في السجلات المعدة لذلك وبنفس الخطوات والإجراءات والبيانات المتبعة في قيد المحررات بقلم التوثيق والواردة في البند (2) الفقرة (ج) السالف بيانها.

–   رفض توثيق المحرر وحق التظلم من قرار الرفض أمام المحكمة المختصة:

أ- نصت المادة (28) من قانون التوثيق على أنه (إذا اتضح عدم توافر الأهلية أو الرضا لدى المتعاقدين أو إذا جاوز الوكيل حدود وكالته أو إذا كان المحرر المطلوب توثيقه ظاهره البطلان وجب على الموثق رفض توثيق المحرر وإعادته إلى ذوي العلاقة مع إبداء أسباب الرفض كتابةً وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية)، وبالتالي فإن على الموثق في حال توفر أي من أسباب الرفض الواردة في المادة سالفة الذكر، وجب عليه إصدار قرار مسبب برفض توثيق المحرر، ولا فرق بين ما إذا:

1- كان الرفض قبل تحرير المحرر في حال طلب ذوي العلاقة أو المقر من الموثق إنشاء المحرر وتبين له قبل تحريره توافر أي من أسباب الرفض، إلا أنه في هذه الحالة يستلزم أولاً من صاحب الشأن تقديم طلب للموثق بإنشاء المحرر يبين فيه إجمالاً موضوع المحرر وأطرافه.

2- أو كان المحرر الذي رفض تحريره من المحررات العرفي، وفي هذه الحالة لا يستلزم الأمر تقديم طلب للموثق بتوثيقه كون تقديم المحرر بمثابة الطلب.

3- أو كان المحرر المراد توثيقه من المحررات المحررة من قبل الأمناء، وهذا أيضاً لا يستلزم تقديم طلب لتوثيقه، إلا أنه في هذه الحالة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية في حق الأمين المعني بما في ذلك المساءلة بحسب الأحوال، كون الأمين يعتبر بحكم الموظف المخل بمهامه وواجباته، وبالتالي يُفترض ألا تكون محرراته قابلة للرفض.

ب- فيما نصت المادة (29) من قانون التوثيق على أنه ((يحق لأي شخص رفض توثيق محرره أن يتظلم لدى رئيس المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها قلم التوثيق خلال (30) يوماً من تاريخ إبلاغه بالرفض وعلى رئيس المحكمة الفصل في التظلم في مدة لا تزيد على (15) يوماً من تاريخ تقديم التظلم))، وبالتالي يستلزم من الشخص صاحب الشأن تقديم عريضة تظلم إلى رئيس المحكمة الابتدائية الواقع بدائرتها قلم التوثيق خلال المدة الواردة في المادة على أن يكون التظلم مسبباً ومرفقاً فيه الوثائق اللازمة.

–   حجية المحررات الموثقة:

عملاً بمضمون المادة (31) من قانون التوثيق فإن المحررات المحررة الموثقة سواء أكانت محررة من قبل الموثق أم من قبل الأمين المختص ومن قبل، ما دامت قد استوفت إجراءات توثيقها تكون لها حجية المحررات الرسمية ما لم يثبت تزويرها أو بطلانها بالطرق القانونية، أما المحررات الناقلة للملكية العقارية والرهن العقاري فلا تكتسب هذه الحجية إلا بين طرفيها فقط، أما حجيتها أمام الكافة فلا تكون إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري.

ثانياً: في كيفية القيام بالتصرفات القانونية الأخرى:

لقد سبق في البند أولاً، بيان كيفية تحرير المحررات والتصديق على بياناتها وتوثيقها، إلا أن هناك تصرفات قانونية أخرى وردت في قانون التوثيق وبعض القوانين الأخرى، يختص الموثقون بالقيام بها دون غيرهم، وهذه التصرفات وكيفية القيام بها نبينها في ما يأتي:

أ- تحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية:

عملاً بمضامين نصوص المواد (457-489-490-491-492-525-526-562-563-564-565) من القانون التجاري رقم (32) لسنة 1991م وتعديلاته، والمادتين (4-5) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م، يتولى الموثق المختص في قلم التوثيق ((قلم التوثيق التجاري)) تحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية وفقاً للخطوات والإجراءات الآتية:

1- يتلقى الموثق المختص طلباً من حامل الورقة التجارية أو من ينوب عنه بتحرير احتجاج لإثبات الامتناع من قبول الورقة في حالة امتناع من يلزمه القبول، أو لإثبات الامتناع عن الوفاء بالورقة في حالة امتناع من يلزمه الوفاء بقيمتها.

2- على الموثق المختص قبل تحرير الاحتجاج التأكد من:

–   قيام حامل الورقة التجارية للقبول بتقديمها الى المسحوب عليه في الكمبيالة وإلى محرر السند في السند لأمر في موطنه وفي المواعيد القانونية المحددة لتقديمها للقبول.

–   قيام حامل الورقة التجارية للوفاء بقيمتها بتقديم السند لأمر إلى محرره والكمبيالة أو الشيك إلى المسحوب عليه في موطنه وفي تاريخ الاستحقاق أو خلال الميعاد القانوني المحدد للوفاء ولم يقم بدفع قيمتها.

–   تقديم طلب إثبات الامتناع عن الوفاء بقيمة الشيك أو الكمبيالة أو السند قبل انقضاء الميعاد القانوني.

–   أن تكون الورقة التجارية قد قُدمت لقبولها أو للوفاء بقيمتها في يوم عمل رسمي.

3- يقوم الموثق بتحرير الاحتجاج بإثبات عن قبول الورقة التجارية أو عن وفائها مشتملاً على صورة حرفيه للورقة ولما اُثبت فيها من عبارات القبول والتظهير وعلى الإنذار بوفاء قيمتها، ويذكر حضور أو غياب الملتزم بالقبول أو بالوفاء، وأسباب الامتناع عن القبول أو الوفاء، ويجب على الموثق أن يترك صورة منه لمن حرر في مواجهته.

4- على الموثق قيد أوراق الاعتراض بتمامها يوماً فيوماً، مع ترتيب التواريخ في سجل خاص مرقم الصفحات ومؤشر عليه حسب الأصول ويجري القيد فيه على الطريقة المتبعة في سجلات الفهرس.

5- على الموثق خلال الأيام العشرة الأولى من كل شهر أن يرسل إلى مكتب السجل التجاري قائمة اعتراضات عدم الدفع التي حررها خلال الشهر السابق وفقاً للنموذج المعد لذلك.

ب- التأشير على الدفاتر التجارية:

عملاً بمضامين المواد (30 – 31 – 32 – 33 – 34 – 35) من القانون التجاري رقم (32) لسنة 1991م وتعديلاته والمادتين (4 – 5) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م، يتولى الموثق المختص في قلم التوثيق (قلم التوثيق التجاري) التأشير على الدفاتر التجارية وفقاً للخطوات والإجراءات الآتية:

1- يقوم الموثقون بالتأشير بالفتح أو بالقفل على الدفاتر التجارية التي تقدم من التجار والشركات والمؤسسات التجارية بعد ترقيم صفحاتها بمعرفة التاجر أو الشركة بحسب الأحوال على أن يتحقق الموثق من صحة الترقيم.

2- يلتزم التاجر عند التقدم للموثق المختص للتأشير على دفتره التجاري بالفتح إيضاح البيانات الآتية على أول صفحة من الدفتر:

3- 1-اسم التاجر وجنسيته 2-عنوان التاجر   3- مكان المحل التجاري 4 – نوع التجارة  5- نوع الدفتر وعدد صفحاته    6- إقرار من التاجر بأن هذا أول دفتر له وأن دفاتره السابقة قد أُقفلت مع تقديم الدليل على هذا الإقفال   7- التوقيع على البيانات المذكورة مع ذكر التاريخ.

4- على الموثق التوقيع على كل ورقة من أوراق الدفاتر المشار إليها وختمها بخاتم قلم التوثيق.

5- على الموثق المختص عمل محضر لافتتاح أو إقفال الدفتر التجاري وفقاً لصيغة موحدة تعد لهذا الغرض.

6- يلتزم الموثق بعدم فتح دفتر تجاري جديد من نوع معين (يومية، خزانه… الخ) إلا بعد قفل الدفتر السابق من هذا النوع.

7- يجب أن تكون الدفاتر المقدمة للتأشير عليها خالية من أي فراغ أو كتابة في الحواش أو كشط أو تحشير فيما دوّن بها وعلى الموثق التنبيه بمحضر القفل بكل ما يخالف ذلك.

8- تدون محاضر فتح وإقفال الدفاتر التجارية في سجل يعد لهذا الغرض يدون فيه نص المحاضر وترقم بأرقام متسلسلة ويوقع على بياناته من قِبل التاجر أو وكيله المفوض والموثق.

ج- تسليم صورة طبق الأصل من المحررات الموثقة لغير ذوي العلاقة بقرار من المحكمة المختصة:

عملاً بمضمون المادة ((10)) من قانون التوثيق، فإنه يجوز تسليم صورة طبق الأصل من المحرر الموثق للغير بقرار أو بأمر من المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها قلم التوثيق في حال تأكد سلامة الأسباب الموجبة لذلك، وفي هذه الحالة يقوم الموثق المختص عند تلقي القرار الصادر من المحكمة بقيده في السجل المعد لذلك وبعد التأكد من حضور طالب الصورة أو من ينوب عنه قانوناً والتثبت من شخصيته، يتم استيفاء الرسوم المقررة قانوناً على الصورة المطلوبة ويصور المحرر المطلوب ويدون بذيل الصورة محضراً يتضمن الإشارة إلى أنها صورة طبق الأصل للمحرر الموثق مع مضمون قرار المحكمة وتاريخه واسم طالب الصورة وبيانات الرسوم وتاريخ المطابقة وتوقيع المختص وختمه بخاتم قلم التوثيق بعد قيد بيانات الصورة في السجل المعد لذلك وإثبات رقم القيد في الصورة وتسلم الصورة لطالبها بعد إثبات اسمه وتوقيعه على الاستلام في السجل المشار إليه، وحفظ قرار المحكمة والمرفقات الأخرى بملف يعد لذلك.

د- تسليم صورة طبق الأصل من المحررات الموثقة أو تحرير نسخ منها لصاحب الشأن:

عملاً بما تضمنه نص المادة ((10)) من قانون التوثيق، فإنه يجوز تسليم صور طبق الأصل للمحررات الموثقة أو تحرير نسخ منها لصاحب الشأن في حال عدم تعدد أطراف المحرر أو لأحد ذوي العلاقة أو جميعهم إن تعدد طرفا العقد، وذلك وفقاً للحالات المحددة والإجراءات المنظمة لذلك والواردة في اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق، ولتعدد الحالات التي يجوز تسليم صور طبق الأصل من المحررات الموثقة أو تحرير نسخ منها وشروط وإجراءات كل حالة على حدة وكذلك تعدد ذوي الشأن ممن يجوز التصوير أو النسخ لهم، وحيث أن بيان ذلك سيطول، لذلك فإننا هنا ندل الموثقين والأمناء وكل ذي شأن على الأساسيات الواجب مراعاتها عند تسليم الصور أو تحرير نسخ منها، مع لزوم الرجوع إلى التفاصيل الواردة في اللائحة التنفيذية للقانون.

 

وبالتالي فإن من الحالات:

أ-  تسليم صورة طبق الأصل من المحررات الموثقة لصاحب الشأن في حال الاستشهاد أو الاحتجاج بها لدى أي من الجهات.

ب- تحرير نسخ من المحررات الموثقة لصاحب الشأن في حال:

1- فقدان أصل المحرر.

2- تلف أصل المحرر، والتلف قد يكون إما بتمزق أصل المحرر أو محو كلماته أو بعض منها بسبب تعرضه للماء أو للأرضة، والتلف قد يكون كلياً أو جزئياً وفي الحالتين تتوفر حالة الجواز.

3- تعرض أصل المحرر أو جزء منه للحريق.

4- أي حالات قد ترد في اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق أو التعليمات الوزارية.

ومن ثم فإنه لا بد من توافر عدد من الشروط والإجراءات لكل حالة من الحالات سواء من حيث أشخاص ذوي الشأن طالبي التسليم أو التحرير، أو من حيث الحالات، فعلى سبيل المثال تختلف الشروط والإجراءات فيما يتعلق بذوي الشأن تبعاً لصفة الشخص أو نوع الإجراء المطلوب أو موضوع المحرر، فهناك فرق بين حال عدم تعدد أطراف المحرر وبين حال تعددهم، وكذلك هناك اختلاف في الحالتين فيما إذا كان صاحب الشأن الوارث أو أحد الورثة، وأيضاً الاختلاف بين كل حالة مما سلف بحسب موضوع المحرر أو بحسب الإجراء المطلوب، تسليم صورة طبق الأصل للمحرر أو تحرير نسخة منه.

وكذلك الحال بالنسبة للحالات، تختلف أيضاً الشروط والخطوات والإجراءات بين حالة وأخرى، حتى في نفس الحالة هناك اختلاف تبعاً لنوع المحرر، فعلى سبيل المثال هناك فرق بين حالة فقدان المحرر وبين حالة تلفه، ففي حال فقدان المحرر مثلاً يحتاج إلى الإعلان في الصحف الرسمية لمدد معينة كخطوة يتم بانقضائها اتخاذ الخطوات والإجراءات الأخرى، كما تختلف الخطوات والإجراءات أيضاً في حالة الفقدان تبعاً لنوع المحرر، فمثلاً في المحررات الناقلة للملكية كالأراضي والعقارات فإنه بجانب الإعلان بالصحف الرسمية عن الفقدان تحتاج أيضاً إلى مخاطبة عدد من الجهات كالبنوك للتأكد من عدم وجود ذمة مالية على أصل المحرر، لأنه في حال وجود ذمة مالية يتضح أن المحرر محفوظ لدى البنك المعني كرهن لا مفقود، وأيضاً يحتاج إلى مخاطبة مصلحة أراضي وعقارات الدولة أو مكتب الأوقاف في حال كان موضوع المحرر أرضاً أو عقاراً تعود ملكيته للدولة أو للأوقاف بحسب الأحوال، وكذلك مخاطبة السجل العقاري للتأكد من عدم انتقال الملكية إلى شخص آخر، وهذا مطلوب ليس فقط في المحرر المفقود، بل في المحرر التالف أو المحروق المؤثر عليه، على عكس فقدان محرر عقد الزواج مثلاً الذي لا يحتاج إلى مخاطبة تلك الجهات.

ولذلك يجب على الموثقين التقيد بالشروط والخطوات والإجراءات الخاصة بتسليم صور طبق الأصل للمحررات الموثقة أو تحرير نسخ منها، وهي لا تقل أهمية عن شروط وخطوات وإجراءات تحرير وتوثيق المحررات إن لم تكن أكثر أهمية وخطورة منها، فحسن النية في ذوي العلاقة عند تحرير وتوثيق المحررات هي الأصل والاستثناء سوء النية، بينما يظل في بال الموثق العكس من ذلك في حال طلب تسليم الصور أو تحرير نسخ من المحررات الموثقة، فكم من مشاكل حصلت أو إن جاز لنا القول من مصائب بسبب التساهل واللامبالاة في التقيد بالشروط والخطوات والإجراءات الخاصة بذلك، فهناك كثير من القضايا المنظورة أمام المحاكم بسبب ذلك، ولأهمية ذلك فإنه يجوز للموثق في حال عدم توافر الشروط والإجراءات اللازمة إصدار قرار برفض طلب تسليم صورة طبق الأصل للمحرر الموثق أو تحرير نسخة منه، وهذا لا يمنع صاحب الشأن من التظلم أمام المحكمة المختصة مثلما هو مقرر في حق رفض توثيق المحررات وحق التظلم من قرار الرفض.

ولأن تسليم صورة طبق الأصل للمحرر الموثق أو تحرير نسخة منه هي من اختصاص الموثقين فقط وفقاً لقانون التوثيق، فإنه لا يجوز للأمناء القيام بذلك، وفي حال استلزم الأمر تكليف الأمين من قبل قلم التوثيق الذي يتبعه للقيام بتحرير نسخة من المحرر، فإنه لا بد في هذه الحالة أولاً من استيفاء الشروط والخطوات والإجراءات اللازمة ثم إصدار أمر كتابي من رئيس قلم التوثيق مختوم بخاتم القلم إلى الأمين المعني بتحرير نسخة من المحرر المطلوب.

هـ- عمل نسخ للمحررات الموثقة لضمها الى دعاوى منظورة تنفيذاً لقرارات المحاكم:

عملاً بمضمون المادة (43 فقره 2) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م، فإنه إذا أصدرت المحكمة قراراً بضم محرر موثق محفوظ لدى قلم التوثيق إلى دعوى منظورة أمامها، وجب على قلم التوثيق عمل نسخة مطابقة للمحرر المحفوظ يدون بذيلها محضراً يوقعه الموثق المختص بالقلم وتضم النسخة إلى ملف النزاع وتقوم مقام الأصل في الاستدلال على موضوع النزاع أثناء نظر القضية فقط، على أنه يجب على الموثق عند عمل النسخة مراعاة ألا يتم ذلك إلا بناءً على مذكرة من المحكمة مصدرة القرار بضم المحرر مبيناً فيها مضمون القرار الصادر بهذا الشأن وتاريخ صدوره وبيانات موضوع المحرر وأطرافه وتاريخ توثيقه ورقمه مع الطلب فيها من قلم التوثيق عمل النسخة، وبعد قيد المذكرة وحفظها بملف يعد لذلك، يقوم الموثق بعمل النسخة المطلوبة من خلال الرجوع إلى النسخة المحفوظة والسجل المدون فيه المحرر، ويدون بذيل هذه النسخة محضراً يتضمن الإشارة إلى أن النسخة مطابقة لأصل المحرر المحفوظ بقلم التوثيق مع بيان اسم المحكمة مصدرة القرار وتاريخ صدوره وسبب عمل النسخة وبيان أن النسخة تقوم مقام الأصل للاستدلال بها على موضوع النزاع أثناء نظر القضية فقط وبيان تاريخ عمل النسخة كتابةً واسم وتوقيع الموثق المختص ورئيس قلم التوثيق، وقيدها في السجل المعد لذلك وإثبات رقم القيد على النسخة وختمها بخاتم قلم التوثيق، وفي حال تعددت صفحات النسخة يتم التوقيع والختم على كل صفحة من صفحاته، على أن تسلم النسخة إلى المحكمة المختصة عن طريق قلم التوثيق فقط.

و – في إثبات المحررات العرفية والرسمية في السجلات وإعطاء الشهادات بحصول التصديق على التوقيعات:

عملاً بما تضمنته المادة (5) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م فإن من المهام التي يتولاها الموثقون:

1- إثبات المحررات العرفية وتاريخها في السجلات المعدة لها.

2- إثبات المحررات الرسمية في السجلات المعدة لذلك.

3- إعطاء الشهادات بحصول التصديق على التوقيعات من واقع السجلات.

وحيث أن مثل هذه المهام نادرة الحصول إن لم تكن منعدمة الحصول في الواقع العملي نظراً لقلة الوعي بأهميتها، فمن أهميتها مثلاً الاحتجاج بالتاريخ الذي قيدت فيه أمام الموظف العام (الموثق)، وبالتالي فإن على الموثقين الرجوع في حال قدمت لهم مثل هذه الطلبات إلى الشروط والخطوات والإجراءات المنظمة لمثل هذه المهام في اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق والتعليمات الوزارية النافذة والرجوع أيضاً إلى المختصين بمكاتب التوثيق والجهة المختصة بوزارة العدل حتى لا يقع الموثق في خطأ عند إجراء مثل هذه المهام.

ثالثاً: الرسوم المقررة على المحررات والتصرفات القانونية وحالات الإعفاء منها:

أ- الرسوم المقررة على المحررات والتصرفات القانونية وغرامات تأخير تقديم المحررات لتوثيقها:

عملاً بمضامين نصوص المواد (2 – 5 – 30 – 38 – 39 – 51) من قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م فإن:

1- رسم التوثيق المفروض يكون بنسبة خُمس الواحد في المائة (20. %) على المحررات ذات القيمة المالية وهي:

–   المحررات الناقلة للملكية كعقود البيع.

–   الأوراق المالية القابلة للتملك بذاتها ولها قيمة مالية وقوة في التعامل وقابلة للتصرف بأي نوع من أنواع التصرفات وقابلة للتداول في الأسواق المالية كأسهم الشركات، ورسم ثابت بالنسبة للمحررات عديمة القيمة المالية، وهي الورقة التي تثبت حقاً ولا تنقل ملكية وهي غير قابلة للتملك بذاتها وإن كان مبلغاً محدداً كعقود التسهيلات والقروض والضمانات العقارية وضمانات المنقول والكفالات وجدولة المديونيات وسندات الدين، وكذلك رسم ثابت على المحررات والطلبات والإجراءات الأخرى، كل ذلك وفقاً لما هو مبين في جدول الرسوم الآتي:

مفقرةالبيانرسوم التوثيقالرسم الإضافي لصالح دعم القضاء
توع الرسمالمبلغ بالريالالمبلغ بالريال
بالأرقامبالأحرفبالأرقامبالأحرف
إنشاء المحرر من قِبل الموثق:
1-أ-المحرر عديم القيمة الماليةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
ب-المحرر ذو القيمة الماليةثابت800ثمانمائة ريال200مائتا ريال
ج-عقد الزواج أو الطلاق أو الرجعةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
د-الوكالةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
هـ-كل محرر لم ينص عليهثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
توثيق المحرر:
2-أ-المحرر عديم القيمة الماليةثابت2000ألفا ريال500خمسمائة ريال
ب-المحرر ذو القيمة الماليةنسبي0.20%

عشرون من المائة في المائة

 

( خمس الواحد في المائة)

25%خمسة وعشرون في المائة من إجمالي الرسم النسبي
ج-عقد الزواج أو الطلاق أو الرجعةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
د-الوكالةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
هـ-محرر قسمة بين الورثةثابت2000ألفا ريال500خمسمائة ريال
الطلبات والإجراءات الأخرى:
3-أ-صورة طبق الأصل لكل صفحة من المحررثابت80ثمانون ريالاً20عشرون ريالاً
ب-الاطلاع أو البحث ((عن أي محرر ))ثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
ج-توجيه الاحتجاجثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
د-التأشير على دفتر تجاريثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
هـ-التصديق للخارج لأي محرر موثق أو حكمثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
و-ترخيص مهنة الأمينثابت3000ثلاثة آلاف ريال750سبعمائة وخمسون ريالاً
ز-تجديد مهنة الأمينثابت2000ألفا ريال500خمسمائة ريال
ح-طلب انتقال الموثق إلى محل ذوي العلاقةثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال
ط-كل إجراء لم ينص عليهثابت400أربعمائة ريال100مائة ريال

 

2- لقد أوجب قانون التوثيق على ذوي العلاقة تقديم محرراتهم لتوثيقها لدى أقلام التوثيق خلال مواعيد محددة، وفي حال تجاوز تلك المدد دون تقديمها تم فرض غرامة تأخير نسبية وثابتة بحسب نوع المحرر، حيث نصت المادة (30) من قانون التوثيق على ما يأتي:

أ – يجب على ذوي العلاقة تقديم المحررات بأنفسهم أو من يمثلهم قانوناً أو بواسطة الأمين الذي تولى تحريرها بتفويض من صاحب الشأن وذلك لتوثيقها لدى قلم التوثيق المختص وفقاً لأحكام هذا القانون واللائحة.

ب – تبين اللائحة التنفيذية الإجراءات والمدد التي تقدم خلالها المحررات إلى قلم التوثيق لتوثيقها.

ج- تفرض غرامة على كل من تجاوز المدة المحددة لتقديم المحرر بنسبة لا تقل عن 5 % ولا تزيد على 10% من قيمة الرسم المقرر قانوناً على المحرر فيما يتعلق بالمحررات ذات القيمة المالية على أن لا تتجاوز الغرامة عشرين ألف ريال، وتكون الغرامة بالنسبة للمحررات عديمة القيمة المالية بما يساوي الرسم الثابت المقرر قانوناً على المحرر.

د- يستثنى من الغرامة المشار إليها في الفقرة (ج) من هذه المادة المحررات السابق إنشاؤها قبل صدور هذا القانون.

ب- حالات الإعفاء من الرسوم المقررة على المحررات والتصرفات القانونية:

نصت المادة (40) من قانون التوثيق على ما يأتي:

(تعفى من سداد رسوم التوثيق:

أ-  إجراءات توثيق المحررات الصادرة لمصلحة الدولة أو أي من أجهزتها، أو الهيئات والمرافق الخدمية العامة وتكون خاضعة للرسوم الإجراءات الصادرة من الدولة أو أي من أجهزتها لمصلحة الغير.

ب-الوصية والوقف والنذر في وجوه البر والإحسان.

كما أن على الموثق التحقق من حالات الإعفاء من رسوم التوثيق الواردة في بعض القوانين النافذة.

ج- المختصون في تقدير رسوم التوثيق:

إن تقدير رسوم التوثيق على المحررات والطلبات والإجراءات الأخرى وكذلك تحديد مقدار الغرامات على عدم تقديم المحررات لتوثيقها في مواعيدها هو اختصاص أصيل للموثقين دون غيرهم عملاً بما ورد في الفقرة (ج) من المادة (5) من قانون التوثيق وليس من اختصاص المحصلين كما يعتقد البعض، فالمحصل يتحصل الرسوم فقط وفقاً للمبالغ المحددة والمحالة إليه من الموثق المختص، حيث يتم تحديد مقدار رسوم التوثيق المطلوب تحصيلها على المحررات والطلبات والإجراءات بما في ذلك تقدير الرسوم على المحررات ذوات القيمة المالية غير مقدرة القيمة (الثمن) وفقاً للأسس والإجراءات اللازمة لذلك، وتحديد مقدار الرسم الإضافي لصالح دعم القضاء كل على حدة، وكذلك تحديد مقدار غرامات التأخير المفروضة على المحررات التي لم تقدم إلى أقلام التوثيق لتوثيقها في المواعيد المحددة لذلك، والإحالة إلى الصندوق لاستيفائها وفقاً للنموذج المعد لذلك والموقع عليه من قبل الموثق، وبعد استيفاء المبالغ على الموثق أن يبين جميع الرسوم وكذلك الغرامات إن وجدت وأرقام سندات التحصيل وتاريخها في ذيل المحرر أو الطلب أو الإجراء وكذلك الحال الإشارة في حالات الإعفاء من الرسوم ببيان ذلك في الموضع المخصص لبيانات الرسوم مع بيان النص الدال على الإعفاء، على أن يقابل ذلك الإشارة إلى تلك البيانات في سجلات القيد.

 

المبحث الثالث
أهمية التوثيق في استقرار المعاملات ودوره في الحد من المنازعات

بعد أن أوضحنا تعريف التوثيق ومفهومه ومشروعيته والمختصين بمباشرة هذه الوظيفة والأحكام والخطوات والإجراءات العامة المتعلقة بتحرير وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الأخرى التي توحي في مجملها بأهمية التوثيق، إلا أنه لا بد من معرفة أهمية التوثيق بصورة مفصلة، وقبل بيان أهميته في شتى الجوانب، لا بد من الحديث عن عدد من الضمانات التي تؤدي إلى قيام التوثيق بالدور المنوط به في استقرار التصرفات والحد من المنازعات، وتلك الضمانات نجدها في عدد من النصوص القانونية المتعلقة بالشروط والخطوات والإجراءات المنظمة لتحرير وتوثيق المحررات وكافة التصرفات القانونية الأخرى، فمن خلال الرجوع إلى عدد من النصوص الواردة في قانون التوثيق رقم (7) لسنة 2010م منها على سبيل المثال:

أ. ما نصت عليه المادة (9) من أنه:(يجب على الموثق عند ممارسة مهامه الالتزام بما يأتي):

1- التحقق من شخصية ذوي العلاقة وأهليتهم ورضاهم وأن يذكر ذلك في الوثيقة مع ذكر الاسم الكامل لكل منهم ومهنته وعمره والشهود وتدوين التاريخ والمبالغ بالأرقام والحروف وتحدد اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق طريقة التحقق من هوية ذوي العلاقة وأهليتهم ورضاهم.

2- عدم توثيق أي محرر في التصرفات العقارية إلا بعد التأكد من ملكية المتصرف للعقار بأن يكون مسجلاً في السجل العقاري في المناطق التي يوجد بها مكاتب للسجل العقاري ما لم فأقلام التوثيق بالمحاكم هي المختصة.

3- عدم تحرير أو توثيق أي محرر يخالف الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة.

4- التأكد من ذوي العلاقة عن موضوع المحرر الذي يرغبون توثيقه وقراءته عليهم مع ذكر ذلك فيه ثم التوقيع عليه مع ذوي العلاقة والشهود.

كما وردت في المادة (18) نفس الواجبات التي تجب على الأمين عند قيامه بمهامه في تحرير المحررات.

 

ب. ما نصت عليه المادة (24) من أنه: (يجب عند تحرير العقود والمحررات الأخرى وكافة التصرفات القانونية مراعاة أحكام القوانين النافذة المتعلقة بها).

ج. ما نصت عليه المادة (25) من أنه، يشترط في تحرير أو توثيق المحرر ما يأتي:

1- ألا يكون مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة.

2- أن يكون مدوناً باللغة العربية وإذا كان مكتوباً بلغة أجنبية وجب أن يكون مترجماً بالعربية بواسطة مترجم معتمد.

3- أن يكون بخط واضح بدون شطب أو إضافة أو حشر في متن المحرر إلا إذا أشير في الهامش إلى سببه أو تصحيحه مع توقيع من قام بتحرير الوثيقة وذوي العلاقة إن كانت الإضافة أو نحوها جوهرية.

د. ما تضمنته المادتان (26-27) من أحكام وإجراءات خاصة بتحرير وتوثيق المحررات التي يكون طرفاها أو أحدهما من ذوي الاحتياجات الخاصة المؤثرة على الإرادة كالأصم والأبكم.

ه. ما نصت عليه المادة (5) الفقرتان (ي – ك) من أنه: (يتولى قلم التوثيق ممارسة المهام والاختصاصات الآتي:

1- التأشير على الدفاتر التجارية.

2- تحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية.

و.  ما نصت عليه المادتان (11 – 20) من أنه (لا يجوز للموثق أن يحرر أو يوثق محرراً يخصه شخصياً أو يخص من تربطه به صلة قرابة إلى الدرجة الرابعة)، (لا يجوز للأمين أن يحرر محرراً إذا كان هذا المحرر يتعلق بحق له أو لزوجه أو أحد فروعه أو أصوله إلا برضا جميع من لهم علاقة بذلك ويستثنى من ذلك عقود الزواج فيجوز للأمين تحريرها إذا كان طرفاً العقد أو أحدهما من أصوله أو فروعه).

ز.  وما نصت عليه المادة (31) من أنه (تكون للمحررات الموثقة من قبل الموثق حجية المحررات الرسمية ما لم يثبت تزويرها أو بطلانها بالطرق القانونية، أما المحررات الناقلة للملكية العقارية والرهن العقاري فلا تكتسب هذه الحجية إلا بين طرفيها فقط، أما حجيتها أمام الكافة فلا تكون إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري.

بالإضافة إلى الأحكام والشروط الخاصة بتعيين واختيار الموثقين والأمناء والواردة في المواد (6-8-12-13-14-15-16) من القانون.

هذه النصوص المشار إليها هي الضمانات بأن تحرير وتوثيق التصرفات الشرعية والقانونية يؤدي إلى استقرار المعاملات والحد من المنازعات فمن مفهومها يتبين أهمية التوثيق حيث تكمن أهمية التوثيق على سبيل المثال في:

1- تحديد الحقوق والرجوع في أي وقت كان إلى معرفة هذه الحقوق بين المتعاقدين أو المتصرف، فبالكتابة تتم الدقة في التصرفات ولا يقبلها الأطراف إلا بعد مراعاة الوقت الكافي لإقرار تصرفاتهم وبعد مراجعة الجهات المعنية في هذا التصرف، وبالتالي فإن التوثيق يزيل الاشتباه والشك والإرباك في المعاملات.

2- حفظ الحقوق من الضياع حيث أنه بالكتابة والتسجيل في دفاتر يحفظ الحق مدة طويلة خلاف ما لو تم شفاهة فالحق بدون كتابة يكون عرضة للنسيان ووفاة الشهود أحياناً تؤدي إلى النكران والجحود من أصحاب الذمم الضعيفة، هذا والحفظ صار ميسراً في الوقت الحاضر ولمدة طويلة باستعمال أجهزة الميكروفيلم والحاسب الآلي وغيرها.

3- أن توثيق عقود الزواج وشهادات الطلاق والرجعة يؤدي إلى إثبات الحالات الشخصية الأسرية، حيث يسهل بوثيقة الزواج والطلاق والرجعة التعامل الشرعي والقانوني في جميع مناحي الحياة مثل (إثبات النسب والبنوة – الميراث – الطاعة الزوجية – معرفة حالات الطلاق والرجعة وما ينتج عنهما من أحكام – الحصول على البطاقة العائلية – الحصول على المعاش التقاعدي للزوج أو الزوجة… الخ)، وبالتالي فإن الحفاظ على الحقوق والآثار الشرعية والقانونية للزواج والطلاق والرجعة سبيله الأمثل هو التوثيق، إضافة إلى الاستفادة منها في تخطيط البرامج الاقتصادية والاجتماعية مثل برامج الإسكان والضمان الاجتماعي وإعداد الدراسات الديمغرافية.

4- أن التوثيق عون كبير في مجال التصرفات التجارية، حيث تراجع العقود من الناحيتين الشرعية والقانونية سواء أكان القانون الوطني أم الدولي حسب ما يتفق عليه الأطراف، كما يتم التأكد من صفة الأشخاص أكانوا طبيعيين أو معنويين، كما أن التوثيق أيضاً يُعين على تشجيع الاستثمار واستقرار المعاملات بين الأشخاص في أعمال المقاولات والتأجير والوكالات وبيع المنقول وغيره، لكون التوثيق جهة التدقيق والتمحيص في الالتزامات لجميع التصرفات لتتفق مع الشرع والقانون، وهذا يساهم كثيراً في سيادة القانون، ويساعد الجهات الحكومية وغيرها في الإنجاز السريع للمعاملة بهذه الوثائق.

 

5- اكتشاف العقود الفاسدة التي يحررها كثير من الناس أو التي سبق تحريرها، ويزعم العوام صحتها، فعرضها على الموثق يكشف فسادها وعدم تطابقها مع القانون، لأن من مهام الموثق الوظيفية تمحيص العقود والتأكد من صحتها ثم تقديم الإرشادات والنصائح لذوي العلاقة حول الشكل القانوني الصحيح الذي يجب أن يصب فيه التزامهم والمعلومات الضرورية التي يجب ان يتضمنها العقد الصحيح، مع الإشارة الى أن تقديم المحرر إلى الموثق فور تحريره  يختلف عن المحرر المقدم بعد مدة، فالأخير قد تظهر فيه مشاكل بسبب اختلاف وجهات النظر بين ذوي العلاقة لمرور الزمن أو وفاة أحدهم وذلك في حال تبين للموثق أي أوجه قصور في المحرر، والعكس في حال تقديم المحرر فور تحريره.

6- بالتوثيق تتحرك الأموال بين الناس بكل ثقة، فتتحرك دواليب الاقتصاد، وبناء على هذه الثقة يشجع كل متعامل على إفراغ إراداته في المعاملة المالية على المقصد المرجو، فتتنوع العقود، فمن المتعاملين من يقصد الاقتراض ومنهم من يقصد المضاربة ومنهم من يريد المشاركة وغيرها من العقود المسماة أو غير المسماة ومن ثم تزداد حركة الاقتصاد نمواً وتطوراً، فالعقد شريعة المتعاقدين، والقانون يجيز للمتعاقدين إفراغ إرادتهم في القالب القانوني بعقد موثق.

7- إن توثيق وتسجيل التصرفات العقارية تكمن قيمته القانونية في أنه يصبح حجة قانونية رسمية في مواجهة الكافة لا يمكن إنكارها أو جحودها.

8- إن توثيق المحررات وفقاً لما رسمه القانون قرينة شرعية تغني في الإثبات وفقاً لنصوص المواد (97 – 98 – 100) من قانون الإثبات رقم (21) لسنة 1992م المعدل بالقانون رقم (20) لسنة 1996م.

9- إن أهمية التوثيق في المنازعات القضائية تتمثل في أن المحررات الموثقة والمستوفية شروط المحررات إذا وجد نزاع بشأنها فإنها تحل بسهولة سواء بواسطة أصحاب النزاع أم عبر لجان التحكيم أو من خلال القضاء، لأن البت فيها سيكون سريعاً في كل الحالات وبأقل جهد وأدنى تكلفة، على العكس في المحررات التي لم تستوف الشروط ولم توثق، فإن المنازعة تتسم بالتطويل في المرافعات وتعقيداتها وازدحام المحاكم بالشهود وضياع وقت وجهد القضاة، وقد تظهر بسبب عدم سلامة المحررات قضايا أخرى كوقوع الفتن بين ذوي العلاقة تؤدي إلى منازعات جنائية إلى جانب المنازعات المدنية بشأن موضوع المحرر.

 

المبحث الرابع
القضــاء (الحكم) والتوثيـق

– مقارنة بين القضاء ((الحكم)) والتوثيق:

بيان أوجه التشابه والاختلاف بين طبيعة وظيفتي القضاء ((الحكم)) والتوثيق، ولبيان سبب أهمية الموثقين والأمناء ودورهم الكبير في الحد من المنازعات واعتبارهم ضمن من يقيمون الميزان بالقسط، فإننا وفقاً لما تضمنته القوانين التنظيمية والإجرائية ذات الصلة بأعمال القضاء ((الحكم))، ووفقاً لمضامين المواد ((2-5-8-9-17-18-24-25-31-49)) من قانون التوثيق رقم ((7)) لسنة 2010م نورد على سبيل المثال العديد من أوجه المقارنة بين القضاء ((الحكم)) وبين التوثيق وعلى النحو الآتي:

1- القوانين المنشئة والمنظمة للقضاء ((الحكم)) تختلف عن القوانين المنشئة والمنظمة للتوثيق، فالقوانين المنشئة والمنظمة لوظيفة القاضي هي قوانين السلطة القضائية والمرافعات والتنفيذ المدني والإجراءات الجزائية وغيرها من القوانين ذات الطابع الخاص كقوانين، محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا والأحداث… الخ، أما التوثيق فالقانون المنشئ والمنظم لعمل هذه الوظيفة هو قانون التوثيق بالإضافة إلى بعض النصوص في قوانين أخرى، كما هو وارد في القانون التجاري بشأن اختصاص الموثقين في التأشير على الدفاتر التجارية وتحرير الاحتجاجات بإثبات الامتناع من قبول أو وفاء الأوراق التجارية.

2- القضاء ((الحكم)) هو الفصل بين الخصومات حسماً للنزاع، ويظهر لكل ذي حق حقه، والتوثيق هو قبول بإنشاء الحقوق، وتثبيت لكل ذي حق حقه.

3- القضاء ((الحكم)) يستند إلى دليل شرعي وقانوني، والتوثيق أيضاً يستند إلى دليل شرعي وقانوني.

4- القضاء((الحكم)) فيه العلانية، والتوثيق فيه الإشهاد، فالصيغة في تنفيذ الحكم صيغة تنفيذية، والصيغة في التوثيق قبول الأطراف أو المقر بتنفيذ ما جاء في المحرر ((حضر فلان وفلان، وقبلا أو أقرا ما جاء في المحرر أي التنفيذ)).

5- الأثر في الحكم هو الإلزام القضائي للخصوم بما جاء في الحكم، والأثر في التوثيق الإلزام الشخصي لأطراف المحرر.

6- يؤدي القضاة اليمين قبل مباشرة مهامهم، ويؤدي الموثقون والأمناء أيضاً اليمين قبل مباشرة مهامهم.

7- القضاة مستقلون في قضائهم، والموثقون والأمناء مستقلون في مباشرة أعمالهم.

– العلاقة بين القضاء ((الحكم)) والتوثيق:

بناء على مضامين نصوص المواد ((2-3-4-10-28-29-31-33-34-43-45-49)) من قانون التوثيق رقم ((7)) لسنة 2010م فإن العلاقة بين القضاء ((الحكم)) والتوثيق تتمثل من خلال الآتي:

1- تحديد نطاق الاختصاص المكاني لمكاتب وأقلام التوثيق بنطاق الاختصاص المكاني لمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، ويرجع السبب في هذا التحديد لعدة عوامل، منها أن هاتين الوظيفتين ((القضاء والتوثيق)) من الوظائف العدلية، والجهة التي تقوم بالمهام التنظيمية والمادية… الخ، لهاتين الوظيفتين جهة واحدة ((وزارة العدل))، ومن ثم فإن هذا التحديد يُسهل مهمة تلك الجهة على أداء مهامها تجاه تلك الوظيفتين، كما أن ذلك التحديد أيضاً يرجع لارتباط الفصل في التظلمات على أعمال التوثيق من قبل المحاكم ورئاسة القضاة لبعض اللجان المتعلقة بأعمال التوثيق وغير ذلك من الأمور التي سنورد العديد منها في الفقرات الآتية.

2- أداء الموثقين والأمناء اليمين القانونية أمام رؤساء محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية كل فيما يخصه قبل مباشرتهم لأعمالهم، والنص على لزوم أداء الموثقين والأمناء لليمين قبل مباشرتهم لأعمالهم، وأمام القضاة باعتبار وظيفة القضاء من أقدس الوظائف العامة، يدل على أهمية أعمال التوثيق.

3- فصل رؤساء المحاكم الابتدائية كل فيما يخصه بالتظلمات المقدمة من ذوي العلاقة بشأن رفض توثيق المحررات من قبل الموثقين بقرار قضائي مسبب مثله مثل أي قرار قضائي آخر صادر في أي منازعة.

4- ولاية المحاكم الابتدائية كل فيما يخصها بإصدار القرارات والأوامر بتسليم صورة طبق الأصل من المحررات الموثقة للغير، والقانون في هذه الحالة قد أناط سلطة إصدار القرار والأمر بالتسليم أو بعدم التسليم لصور طبق الأصل من المحررات للغير للقضاء وحدة، وهذا أيضاً ما نصت عليه العديد من قوانين التوثيق في عدد من البلدان، وذلك يرجع لأهمية وخطورة ذلك لأجراء، وذلك ما قصد به  المشرع بوضع هذا الإجراء تحت رقابة القضاء.

5- ولاية المحاكم الابتدائية في الأمر ببقاء أو عدم بقاء السجلات والمحررات التي كانت بحوزة الأمين المتوفى لدى ورثته، ولأهمية وخطورة أعمال الأمناء فإن المشروع قد قصد من ذلك النص وضع ذلك الإجراء تحت رقابة القضاء لأهمية محتوى السجلات والمحررات من حقوق.

6- رئاسة القضاة لمجالس ولجان مساءلة وتأديب الموثقين والأمناء، وهذا لأهمية أعمال الموثقين والأمناء، كما أن ذلك يعد قياساً برئاسة القضاة للجان محاسبة المحامين كمهنة عدلية معاونة للقضاء.

– دور القضاء((الحكم)) في تقويم أعمال التوثيق:

مثلما للتوثيق من دور هام على عمل القضاء ((الحكم)) باعتبار التوثيق الوظيفة المعنية بمراجعة وإقرار المحررات والتصرفات القانونية بين مكونات المجتمع بعد التأكد من استيفائها للشروط الشرعية والقانونية، حيث ينعكس ذلك إيجاباً في تحقيق سرعة الفصل في المنازعات والحد من القضايا المرفوعة أمام القضاء، فإنه بالمقابل للقضاء ((الحكم)) دور هام في إصلاح أي اعوجاج في أعمال الموثقين والأمناء، ويتم ذلك من خلال الرقابة غير المباشرة على أعمال التوثيق ولا نعني بذلك  رقابة جهة على جهة وفقاً للتبعية الواردة في الهيكل التنظيمي لتلك الجهتين، بل الرقابة في هذه الحالة، رقابة قضائية فقط من خلال ما تتضمنه القرارات والأحكام القضائية بشأن عدد من المسائل المتعلقة بأعمال التوثيق، ويمكن التمثيل على ذلك الدور بما يأتي:

1- فصل رؤساء المحاكم الابتدائية في التظلمات المقدمة من ذوي العلاقة بشأن رفض توثيق المحررات من قبل الموثقين، حيث يقوم القاضي بدراسة الأسباب الواردة في قرار رفض توثيق المحرر سواء كانت الأسباب تتعلق بالأهلية أم الرضاء أم الصفات والصلاحيات أم مخالفة موضوع المحرر لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة أم عدم الاختصاص النوعي أم المكاني… الخ، وإصدار قرار مسبب إما برفض التظلم أو بقبوله، وفي الحالتين تمكن الأهمية في أن ذلك سيحد من تعسف الموثقين تجاه ذوي العلاقة، بالإضافة إلى استفادة الموثقين وتحريهم عند توثيق المحررات لما تضمنته تلك القرارات عند إصدار قرارات مستقبلية، هذا من جانب، ومن جانب آخر، تقوم جهات التنظيم والإشراف والرقابة على أعمال التوثيق بدراسة مضامين تلك القرارات واتخاذ ما يلزم بشأنها، بما في ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال الموثقين الذين  صدرت قرارات قضائية بقبول التظلمات في قرارات رفضهم  توثيق المحررات وبحسب نصوص تلك القرارات يتم عمل اللازم ((تأهيل وتدريب- مساءلة)).

2- قيام القضاة كل فيما يخصه بالفصل في المنازعات المرفوعة أمامهم بشأن محررات محررة لدى الأمناء والموثقين بحسب الأحوال، ومن خلال مضامين تلك القرارات والأحكام القضائية تتخذ الإجراءات والمعالجات اللازمة حيال الأمناء أو الموثقين بما في ذلك تحسين وتطوير نظم الإشراف والرقابة والتفتيش على أعمال التوثيق.

3- كما أن رئاسة القضاة لمجالس ولجان مساءلة وتأديب الأمناء والموثقين والقرارات الصادرة، في ذلك لا تقل أهمية عما أوردناه في الفقرتين السابقتين، في مضامين القرارات الصادرة عن مخالفات المحالين إليها لمهامهم وواجباتهم، التي ستكون محل دراسة وتقييم للجهات المنوط بها التنظيم والإشراف والرقابة والتفتيش على العاملين في التوثيق.

لذلك فالمفترض في القاضي أن يكون أكثر إلماماً بمهام وواجبات الأمناء والموثقين ومن ذلك الأحكام والشروط والخطوات المتعلقة بتحرير وتوثيق المحررات والتصرفات القانونية الأخرى بشكل عام وبشكل خاص، كل محرر أو تصرف على حدة.

 

أسأل من الله تعالى أن يجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهه الكريم إنه سميع مجيب.