تداول الأوراق المالية في القانون اليمني

الأستاذ. الدكتور/ عبد الخالق صالح عبد الله معزب

7/19/2024

يمكنك تنزيل الدراسة من هنا

تداول الأوراق المالية في القانون اليمني

الأستاذ. الدكتور/ عبد الخالق صالح عبد الله معزب

نائب عميد كلية الشريعة والقانون
أستاذ القانون التجاري المشارك

جامعة صنعاء والجامعات اليمنية

 

مقدمة

تتشعب العلاقات التجارية حيث تشمل كافة النشاطات والمعاملات التجارية بغض النظر عن أطراف تلك العلاقات أكانوا تجاراً أفراداً أم مؤسسات أم شركات تجارية، كما تمتد تلك العلاقات لتشمل بعض الأعمال التي تعد تجارية بطبيعتها حتى ولو لم يكن أطرافها تجاراً أو تكن نيتهم تجارية كما فصلها القانون التجاري اليمني، وبطبيعة تلك العلاقات فإنها تتضمن عقوداً تجارية تبرم بين طرفين أساسيين معنيين بتنفيذ التزاماتهما التي حتمها عليهما العقد، ومع ذلك توجد بعض العقود التي تتطلب دخول أطراف أخرى ليست ذات علاقة مباشرة بالعقد التجاري المبرم بين طرفيه، لكنها تعمل على تسهيل تنفيذه وتوفير الضمانات اللازمة لتيسير إتمام العلاقات التجارية بين أطرافها كتدخل البنوك في تسهيل تنفيذ عقود المقاولة أو التجارة الخارجية وغيرها.

وقد نظم المشرع اليمني أحكام عمليات البنوك والمصارف بوصفها أعمالاً تجارية في العديد من التشريعات والقوانين الخاصة بتلك العمليات، كما نظم أيضاً أحكاماً خاصة بالأعمال المالية التجارية ضمن تشريعات خاصة أخرى. 

وسوف نتناول في هذه الدراسة تداول أحكام الأوراق المالية وأحكامها في القانون اليمني، في مبحثين على النحو الآتي:

المبحث الأول: أنواع الأوراق المالية، وفيه أربعة مطالب:

-      المطلب الأول: الأسهم

-      المطلب الثاني: أسناد القرض

-      المطلب الثالث: الصكوك الإسلامية

-      المطلب الرابع: الشهادات المؤقتة

المبحث الثاني: تداول الأوراق المالية في سوق الأوراق المالية، وفيه مطلبان:

-      المطلب الأول: مفهوم وأهداف سوق الأوراق المالية

-      المطلب الثاني: العوامل المؤثرة في إنشاء واستمرار سوق الأوراق المالية

 

المبحث الأول
أنواع الأوراق المالية

يقصد بالأوراق المالية عامة: الصكوك التي تصدرها شركات الأموال، وهي (الأسهم وأسناد القرض أو سندات القروض، الصكوك الإسلامية والشهادات المؤقتة) وسوف نفصل ذلك تباعاً على النحو الآتي:

 المطلب الأول: الأسهم

تعريف السهم:

لم يرد في القانون اليمني تعريفاً معيناً للأسهم، لكن من خلال الأحكام التي نظمت السهم في قانون الشركات نستطيع القول بأن السهم هو: صك مالي ينظم حقاً لصاحبه في الشركة يتمثل هذا الحق بالتمتع بكافة الحقوق وتحمل الالتزامات التي تترتب على ملكية ذلك السهم.

خصائص الأسهم: 

1)    تحمل الأسهم قيمة معينة: حيث تكون القيمة الاسمية للسهم عشرة آلاف ريال، فلا يجوز أن تقل القيمة الاسمية للسهم الواحد أو تزيد على هذا المبلغ، م(94/أ) (شركات تجارية يمني)[1]، لكن عادة تصدر الأسهم في شركات المساهمة بأكثر من عشرة آلاف ويمثل المبلغ المضاف تكاليف الإصدار ولا يدخل ضمن القيمة الاسمية للسهم، حيث ينص القانون على أنه:( لا يجوز عند تأسيس الشركة إصدار السهم بأقل من قيمته الاسمية ولا بأكثر من هذه القيمة مضافاً إليها مصاريف الإصدار) م(94/ب) (شركات تجارية يمني)، ولعلنا نشير هنا إلى أن القانون اليمني لم يكن موفقاً في تعديل 2004م الذي حدد قيمة السهم بـ (عشرة آلاف ريال) حيث كانت قيمة السهم قبل هذا التعديل محدودة بحد أدنى هو (مائة ريال) وحد أعلى هو (ألف ريال)، وهذا التعديل أصبح يقف عائقاً أمام استثمار الأموال في شركات المساهمة نظراً لارتفاع قيمة السهم.

2)   تساوي قيمة الأسهم: كما يجب أن تكون الأسهم متساوية القيمة بحيث لا يجوز أن ترتفع قيمة السهم الاسمية أو تقل عن قيمة سهم آخر، ولا يجوز أن تصدر الشركة أسهماً تعطي أصحابها امتيازاً من أي نوع، م(93/ج) (شركات تجارية يمني)، لكي تكون لكافة الأسهم في الشركة حقوق متساوية وتخضع جميعها لالتزامات متساوية أيضاً إذ لا يجوز أن يتحمل أحد الأسهم التزامات أكثر أو أقل من بقية الأسهم، م(97/ب) (شركات تجارية يمني).

3)  فئات الأسهم: تصدر شهادات الأسهم بثمان فئات معينة هي: سهم واحد، خمسة أسهم، عشرة أسهم، عشرين سهماً، خمسون سهماً، مائة سهم، خمسمائة سهم وألف سهم، فلا يجوز أن تصدر صكوكاً تحتوي على فئات أسهم غير الفئات المذكورة وبالقيمة المحددة لكل سهم، م(32) اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني.

4)   الأسهم غير قابلة للتجزئة: حيث يعتبر السهم وحدة واحدة لا يجوز تجزئتها إلى وحدات أصغر، فلا يجوز أن يمتلك شخص على سبيل المثال خمسين سهما ً ونصف السهمِ أو ثلاثة أرباع السهم، م(94/ج) (شركات تجارية يمني)، وعدم قابلية السهم للتجزئة لا تعني عدم جواز ملكية الشخص لجزء من السهم، إنما يقصد بها عدم تجزئة السهم عينه، إذ يجوز أن يشترك شخصان فأكثر بملكية سهم واحد على الشيوع، وفي هذه الحالة يجب على ملاك السهم على الشيوع أن يختاروا أحدهم لينوب عنهم في استعمال الحقوق المتصلة بالسهم، ويكون بقية الشركاء في السهم مسؤولين بالتضامن فيما بينهم عن الالتزامات الناشئة عن ملكية السهم، م(94/ج) (شركات تجارية يمني). 

5)   الأسهم قابلة للتداول: الأسهم قد تكون اسمية يكتب اسم مالكها على صك السهم ويدون في سجل الأسهم، وقد تكون لحاملها، غير أنه لا يجوز أن يصبح السهم لحامله إلا بعد استيفاء قيمته الاسمية كاملة، أي بعد أن تدفع قيمة السهم الاسمية المخصصة لرأسمال الشركة كاملة لحساب الشركة في رأسمالها المكتتب، م(98/أ) (شركات تجارية يمني).

وكقاعدة عامة فإن كافة الأسهم تكون قابلة للتداول، م(100/أ) (شركات تجارية يمني)، والتداول يقصد به أن يكون السهم قابلاً للتصرف به كالبيع والرهن وغير ذلك، لكن القانون قد قيد تداول الأسهم بطرقٍ معينة بحسب نوع السهم؛ فإن كان السهم اسمياً فيتم تداوله عن طريق قيد التصرف في سجل الأسهم، والتأشير به على السهم نفسه، ويصبح التداول سارياً من تاريخ قيد التصرف في السجل، وليس من تاريخ التأشير به على الصك (السهم)، م(100/ب) (شركات تجارية يمني)، أما الأسهم لحاملها فيتم تداولها بمجرد تسليمها بالمناولة. أضف إلى ذلك أن القانون قد جعل قيداً آخر على تداول الأسهم سواء أكانت أسهماً اسميةً أم أسهماً لحاملها وهو قيد زمني، بحيث لا يجوز تداول الأسهم في السنة الأولى من تأسيس الشركة وقبل نشر الميزانية وحساب الأرباح والخسائر عن سنة مالية (اثني عشر شهراً) على الأقل، م(102/أ) (شركات تجارية يمني)، غير أن هذا القيد لا يسري على تداول الأسهم بين المؤسسين فيما بينهم بحيث يجوز نقل ملكية الأسهم النقدية التي يكتتب بها المؤسسون فيما بينهم أو من أحدهم إلى أعضاء مجلس الإدارة لتقديمها كضمان للإدارة أو من ورثة المؤسس في حالة وفاته إلى الغير. م(102/ب) (شركات تجارية يمني).

أنواع الأسهم:

تتنوع الأسهم التي تصدرها الشركة التجارية كالتالي:

أ)  من حيث طبيعة الحصة التي قدمها الشريك تنقسم الأسهم إلى أسهم نقدية وأخرى عينية.

ب) من حيث قابلية الحصة للاستهلاك تنقسم الأسهم إلى أسهم رأسمال وأسهم تمتع.

ج) من حيث شكل السهم تنقسم الأسهم إلى أسهم اسمية وأسهم لحاملها، ونفصل ذلك فيما يأتي:

أ)  الأسهم النقدية والأسهم العينية:

الأسهم النقدية: وهي تلك الأسهم التي تمثل حصة من النقود، والتي بموجبها أسهَم الشريك بنقوده ودفع قيمتها للشركة نقداً، ويجب في هذا النوع من الأسهم أن يذكر نوع السهم في الصك الذي يمثله ويكتب على الصك ما يفيد أن المساهم قد دفع قيمته نقداً، م(97/أ) (شركات تجارية يمني).

وقد أوجب القانون في شركات المساهمة المقفلة دفع رأس المال (قيمة الأسهم) بالكامل عند تأسيسها أو زيادة رأسمالها ولم يجز تقسيط قيمة الأسهم في هذا النوع من الشركات، م(76) (شركات تجارية يمني) بصيغتها المعدلة بقانون 2004م. أما شركات المساهمة ذات الاكتتاب المفتوح فقد أجاز أن تدفع قيمة السهم دفعة واحدة أو على أقساط، لكن القانون قد اشترط في حالة دفع قيمة السهم على أقساط ما يأتي:

1. ألا يقل القسط الواجب تسديده عند الاكتتاب عن (25%) من قيمة السهم .

2. أن تسدد كامل قيمة السهم خلال سنتين من تاريخ تأسيس الشركة في المواعيد التي يعينها نظام الشركة أو مجلس إدارتها[2]، م(76) (شركات تجارية يمني)، حيث يلتزم المساهم بدفع قيمة السهم في المواعيد المعينة لذلك، وتستحق الغرامات عن التأخير في الوفاء بمجرد حلول ميعاد الاستحقاق دون حاجة إلى إنذار، م(106/أ) (شركات تجارية يمني)، فإذا تخلف المساهم عن دفع القسط المستحق عليه من قيمة السهم في ميعاد الاستحقاق جاز لمجلس الإدارة التنفيذ على السهم وذلك بإنذار المساهم بدفع القسط المستحق بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول، فإذا لم يقم بالوفاء خلال عشرة أيام من تاريخ وصول الإنذار جاز للشركة بيع السهم في سوق الأوراق المالية، ولأنه لا توجد في اليمن سوق للأوراق المالية حتى اليوم فإن القانون قد أجاز للشركة بيع السهم في مزاد علني، ولا يجوز للمساهم دفع القيمة المستحقة عليه في اليوم المحدد لإجراء المزايدة، م(106/ب) (شركات تجارية يمني)، ولم يحدد القانون ما إن كان للمساهم الاشتراك بالمزاد من عدمه لكننا نرى أن الأكثر صواباً هو اشتراك المساهم بالمزاد مع تغريمه كافة المصروفات التي ترتبت على ذلك لأن الغرض الأساسي من بيع السهم هو استيفاء قيمة السهم وليس إيقاع العقوبة على المساهم وتستوفي الشركة من الثمن الناتج عن البيع ما يستحق لها من أقساط متأخرة وغراماتها والمصاريف وترد الباقي لصاحب السهم، فإذا لم يكف الثمن للوفاء بالثمن والمصروفات والغرامات جاز للشركة الرجوع بالباقي على المساهم بالطريقة العادية، وتحرير محضر بكل ذلك، م(106/ج، د) (شركات تجارية يمني)، وتلغي الشركة السهم الذي حصل التنفيذ عليه وتعطي المشتري سهماً جديداً يحمل رقم السهم الملغى ويؤشر في سجل الأسهم بوقوع البيع مع بيان اسم المالك الجديد، م(106/هـ) (شركات تجارية يمني).

الأسهم العينية: وهي تلك الأسهم التي تمثل حصة من مال أو حق قابل للتقويم، م(97/أ) (شركات تجارية يمني)، ويقصد بالمال هنا كل شي له قيمة مالية غير النقود، كالمجوهرات أو الأُصول الثابتة كالعقارات أو الأموال المنقولة وغيرها.

ولا تختلف قيمة السهم العيني عن السهم النقدي إذ أن جميع الأسهم تحمل قيمة متساويةـــ كما أسلفناـــ بقطع النظر كانت عينية أم نقدية، م(59) (شركات تجارية يمني)، كما أن جميع الأسهم تتمتع بحقوق متساوية، وتتحمل التزامات متساوية، م(97/ب) ((شركات تجارية يمني)).

ب)  أسهم رأس المال وأسهم التمتع:

أسهم رأس المال: وهي الحصص التي يقدمها المساهمون في رأسمال الشركة، والتي تعتمد عليها الشركة في مباشرة نشاطاتها واستثماراتها، والوفاء بالتزاماتها، ولا يجوز للمساهم طلب استرداد هذه الحصة، م(109) (شركات تجارية يمني).

وتثبت للمساهم جميع الحقوق المتصلة بالسهم الذي قدمه كحصة في رأسمال الشركة، وعلى وجه الخصوص الحق في الحصول على نصيب من الأرباح التي تقرر توزيعها ومن موجودات الشركة عند التصفية، وحق حضور الجمعيات العامة والاشتراك في مداولاتها، والتصويت على قراراتها، وحق التصرف في السهم وحق طلب الاطلاع على أوراق الشركة ودفاترها، ومراقبة أعمال مجلس الإدارة، وإقامة دعوى المسؤولية على أعضائه والطعن في قرارات الجمعية العامة فيما لا يتعارض مع النظام الأساسي للشركة أو قانون الشركات التجارية، م(110) (شركات تجارية يمني).

أسهم التمتع: قد يكون غرض الشركة التجارية تنفيذ مشروع معين لمدة معينة، وقد ينص نظام الشركة على انتقال ملكية الشركة بعد ذلك من المساهمين لشخص آخر، كالدولة أو غيرها، وقد يتم تأسيس الشركة لغرض مؤقت كاستثمار مشروع يهلك تدريجياً، كالشركة التي تؤسس لاستثمار امتياز إحدى المنتجات التجارية المشهورة وعلامتها التجارية في منطقة معينة لمدة معينة، على أن تؤول ملكية الشركة بعد ذلك لصاحب لمانح الامتياز صاحب المنتج والعلامة التجارية، وبالتالي يستحيل على المساهمين استرداد قيمة أسهمهم أو التصرف فيها بالبيع أو غيره، وفي مثل هذه الحالة أجاز القانون للشركاء استرداد قيمة أسهمهم تدريجياً وفقاً للضوابط الآتية:

1. يكون الاستهلاك من الأرباح أو من الاحتياطي فقط دون المساس برأسمال الشركة الأساسي، م(112/ب) (شركات تجارية يمني)، وقد منع القانون استرداد قيمة الأسهم من رأسمال الشركة لكيلا يؤثر ذلك على نشاط الشركة أو قدرتها على الوفاء بالتزاماتها القائمة، كما أن رأسمال الشركة يعتبر ضماناً عاماً للدائنين يتم الوفاء من خلاله عند حلها وتصفيتها.

2. يكون استهلاك الأسهم بإحدى الطرق القانونية الآتية:

-      القرعة السنوية: حيث يتم استهلاك أسهم نسبة من المساهمين عن طريق قرعة تجرى سنوياً، ويتم تكرارها حتى يتم استيفاء قيمة كافة أسهم المساهمين في الشركة، م(112/ب) (شركات تجارية يمني)، وفي هذه الحالة يجوز أن تكون هذه الأسهم اسمية أو لحاملها، ويحدد نظام الشركة الحقوق التي تعطيها لأصحابها، ومع ذلك يجب أن تخصص نسبة مئوية من الربح السنوي الصافي للأسهم التي لم تستهلك ليوزع عليها بالأولوية على أسهم التمتع، وفي حالة انقضاء الشركة يكون لأصحاب الأسهم التي لم تستهلك حق الحصول بالأولوية من موجودات التصفية على ما يعادل القيمة الاسمية لأسهمهم، م(112/د) (شركات تجارية يمني).

-      أي طريقة أخرى تحقق المساواة بين الشركاء المساهمين: كأن ترد الشركة سنوياً نسبة معينة من القيمة الاسمية لكل سهم حتى يتم استهلاك جميع الأسهم في نهاية المدة أو المشروع[3].

-   شراء الشركة لأسهمها في سوق الأوراق المالية (البورصة) بشرط أن يكون سعرها أقل من قيمتها الاسمية أو مساوياً لهذه القيمة وتعدم الشركة الأسهم التي تحصل عليها بهذه الطريقة، م(112/ج) (شركات تجارية يمني).

ج)  الأسهم الاسمية والأسهم لحاملها:

الأسهم الاسمية: وهي الأسهم التي تكون باسم مالكها، حيث يكتب اسم المالك على الصك الذي يمثل السهم كما يقيد في سجل الأسهم في الشركة.

الأسهم لحاملها: وهي الأسهم التي لا يذكر اسم صاحبها عليها بل تكون ملكيتها لحاملها.

وعلى الرغم من عدم وجود تفرقة قانونية بين السهم الاسمي والسهم لحامله من حيث قيمة السهم أو الحقوق التي يتمتع بها السهم والالتزامات التي تقوم على صاحب السهم تجاه الشركة أو الغير، غير أن ثمة اختلافات بين هذين النوعين نوجزها فيما يأتي:

1. علمنا فيما سبق أنه يجوز دفع قيمة السهم على دفعة واحدة أو على أقساط، وفي حالة دفع قيمة السهم على أقساط لا يجوز إصدار السهم لحامله قبل استيفاء قيمة السهم كاملة، وعلى العكس من ذلك في حالة الأسهم الاسمية التي يجوز إصدارها قبل استيفاء قيمة السهم كاملة، م(98/أ) (شركات تجارية يمني).

2. يجوز تحويل السهم الاسمي إلى سهم لحامله بناء على طلب من صاحب السهم بعد دفع قيمة السهم كاملة للشركة إذا كان النظام الأساسي للشركة يسمح بذلك، م(98/ب) (شركات تجارية يمني).

3. يجب على الشركة أن تعد سجلاً خاصاً لقيد الأسهم الاسمية وأسماء المساهمين وجنسياتهم ومواطنهم ومهنتهم وأرقام الأسهم والقدر المدفوع من قيمتها وتبلغ صورة من هذه البيانات إلى وزارة الصناعة والتجارة، في حين أن عدم ضرورة ذلك الإجراء تكون في حالة الأسهم لحاملها، م(99) (شركات تجارية يمني).

4. في حالة إذا انتقلت ملكية السهم الاسمي بطريق الإرث أو الوصية وجب على الوارث أو الموصى له أو من يقوم مقامهما أن يطلب قيد نقل الملكية في سجل الأسهم ومن ثم تعدل الشركة البيانات الخاصة بصاحب السهم الاسمي في سجل الأسهم الخاص لديها، م(101/أ) (شركات تجارية يمني).

المطلب الثاني: أسناد القرض

قد تلجأ الشركة إلى زيادة رأسمالها والتوسع في استثماراتها، الأمر الذي يزيد من حاجة الشركة للأموال، فعندئذ يكون أمام الشركة خياران؛ إما إصدار أسهم جديدة والاكتتاب فيها، وبالتالي زيادة عدد الأسهم وعدد المساهمين، وفي هذه الحالة تقل نسبة الأرباح المخصصة للسهم الواحد، وهو الأمر الذي لا يرغب به المساهمون عادةً، فتلجأ الشركة للخيار الآخر وهو الاستدانة والاقتراض عن طريق إصدار صكوك مالية غير الأسهم تسمى أسناد القرض، ونستطيع تعريف أسناد القرض على أنها: صكوك مكتوبة تصدرها شركة المساهمة بغية الاستقراض تخول مالكها حقاً مالياً على الشركة لا تبرأ ذمة الشركة إلا بعد سداد أصل الدين والفوائد المترتبة على ذلك الدين.

ويجيز القانون اليمني إصدار مثل هذا النوع من الأوراق المالية بشرط أن تكون مشروعة، م(113/أ) (شركات تجارية يمني)، وتتميز أسناد القرض بالأحكام التالية:

1) تكون الأسناد التي تصدرها الشركة إما اسمية أو لحاملها، غير أن القانون قد اشترط في هذه الأخيرة عدم إصدار السند لحامله أو تغيير نوع السند من سند اسمي لسند لحامله إلا بعد الوفاء بقيمته كاملة، م(113/ب) (شركات تجارية يمني). 

2) لا يجوز إصدار أسناد قرض إلا بعد موافقة الجمعية العامة العادية ويجوز للجمعية العامة أن تخول مجلس الإدارة سلطة تعيين مقدار القرض وشروطه، كما لا يجوز إصدار أسناد القرض إلا إذا كان رأس مال الشركة قد دفع بأكمله وبشرط ألا تزيد قيمة الأسناد على رأس المال الموجود فعلاً، م(114/أ، ب) (شركات تجارية يمني).

3) لا يجوز إصدار أسناد قرض جديدة إلا إذا دفع المكتتبون بأسناد قرض سابقة قيمة تلك الأسناد كاملة وبشرط ألا تزيد قيمة أسناد القرض الجديدة بالإضافة إلى ما بقي في ذمة الشركة من قيمة أسناد القرض السابقة على رأس المال الموجود فعلاً، م(114/ج) (شركات تجارية يمني).

4) لا يجوز للشركة إصدار أسناد القرض قبل إقرار ميزانية سنتها المالية الأولى إلا إذا كفل الوفاء بهذه الأسناد أحد المصارف المعتمدة أو كانت الأسناد مضمونة بصكوك أصدرتها إحدى الجهات المذكورة، م(115) (شركات تجارية يمني).

5) إذا طرحت أسناد قرض للاكتتاب العام وجب أن يتم عن طريق أحد المصارف المعتمدة، م(118) (شركات تجارية يمني). 

الاكتتاب:

يقصد بالاكتتاب: طرح الأسهم أو أسناد القرض للمساهمين أو للجمهور للمشاركة في رأسمال أو إقراض الشركة، وقد حدد القانون اليمني نوعين من الاكتتاب:

النوع الأول: الاكتتاب المفتوح: ويكون بعرض الأسهم أو أسناد القرض على الجمهور العام، مع إعطاء الأولوية للمساهمين، غير أن القانون قد قيد طرح الأسهم للاكتتاب العام بعدة قيود من أهمها:

1) أن يصدر بالاكتتاب ترخيص من رئاسة الوزراء.

2) أن يكون الاكتتاب عن طريق مصرف معتمد.

3) أن تعد لجنة المؤسسين (وهي لجنة تتكون من ثلاثةـــــ خمسة أشخاص من بين المؤسسين يتم انتخابهم من قبل جميع المؤسسين) نشرة الاكتتاب وتدعو الجمهور للاكتتاب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور قرار رئيس الوزراء بالتأسيس، م(21) (اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني).

أما عند طرح الشركة أسناد القرض للاكتتاب العام فيجب عليها التقيد بالأحكام التالية:

1) أن يصدر بالاكتتاب ترخيص من وزير الصناعة والتجارة.

2) يتم ذلك عن طريق مصرف معتمد ويتم دعوة الجمهور للاكتتاب في الأسناد قبل موعد الاكتتاب بخمسة عشر يوماً على الأقل.

3) أن يوقع نشرة الاكتتاب أعضاء مجلس الإدارة.

4) أن تتضمن نشرة الاكتتاب اسم الشركة المقترضة، رأسمالها، معلومات عامة عن وضعها المالي، عدد الأسناد وقيمتها الاسمية ونوعها اسمية أم لحاملها، تاريخ اقفال الاكتتاب، مواعيد الوفاء بالقيمة الاسمية للسند وضمانات الوفاء، الغرض من القرض، تقرير مراقب حسابات الشركة عن ميزانية الشركة للعام السابق على إصدار الأسناد وغير ذلك من الضوابط التي يجب على الشركة التقيد بها عند إصدارها أسناد قرض وطرحها للاكتتاب العام، م(33) (اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني).

النوع الثاني: الاكتتاب المغلق، أو المقفل وهو طرح الأسهم أو أسناد القرض على الشركاء المساهمين فقط للاكتتاب فيها دون الجمهور العام، وعند الاكتتاب بالأسهم يجب مراعاة الضوابط الآتية:

1) يقدم الطلب إلى وزير الصناعة والتجارة موقعاً عليه من خمسة مؤسسين على الأقل، م(36/أ) (اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني).

2) يرفق بالطلب المقدم بعض البيانات مثل: مشروع العقد والنظام الأساسي للشركة، شهادة من المصرف الذي تم إيداع المبلغ المدفوع من رأس المال من قبل المؤسسين باسم الشركة تحت التأسيس، أسماء أعضاء مجلس الإدارة والمحاسب القانوني وبياناتهم، م(26، 28) (اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني).

3) صدور قرار وزير الصناعة والتجارة بالترخيص للاكتتاب بالأسهم وقيام الشركة، م(29/ ج) (اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية اليمني).

وعلى الرغم مما سبق، ومن الطبيعة الاقتصادية لأسناد القرض التي تقتضي سعي المقرض إلى فرض فوائد ربوية على أصل القرض إلا أن نظام الفوائد بات ممنوعاً في أي معاملات مدنية أو تجارية أو إدارية في الجمهورية اليمنية ابتداء من 1 رمضان 1444هـ الموافق 23 مارس 2023م  بصدور القانون رقم (4) لسنة 1444هـ الذي منع التعاملات الربوية فعرف الفَائدة على أنها: الزيادة التي يتم اشتراطها مقابل الحصول على القرض أو مقابل تأجيل فارق قيمة النقود الورقية بين تاريخ الوفاء بالدين وتاريخ التسليم قياساً على الوفاء بالدين تحت أي مسمى[4]، حيث نص القانون السابق على منع التعاملات الربوية بكل صورها في جميع المعاملات المدنية والتجارية التي تجري بين الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين وجعل كل ما يترتب على هذه المعاملات من فوائد ربوية ظاهرة أو مستترة يتم الحصول عليها مقابل الانتفاع بمبلغ من النقود أو مقابل التأخير بالوفاء باطل بطلاناً مطلقاً، وعلى سبيل المثال  الفوائد التي يتم اشتراطها بأي طريقة يتم الاتفاق عليها مقابل القرض أو التسهيلات أو الودائع أو السندات أو أذون الخزانة أياً كان نوع القرض أو الوديعة أو السند، وكذلك الفوائد المترتبة على خطاب الضمان والاعتماد المستندي وخصم الأوراق التجارية وأياً كان مسمى الفَائدة سواء تم تسميتها فَائدة أو مساهمة أو أرباح أو غيرها[5]، كما ألغى القانون السابق أي نص في أي قانون يتعارض مع أحكام قانون منع التعاملات الربوية وبالتالي تم تعطيل أي نص في القانون التجاري أو قانون الشركات التجارية أو أي قانون آخر يجيز التعامل بالفائدة، وعليه فإن التعامل بنظام أسناد القرض بات ضيقاً في المعاملات التجارية داخل الجمهورية اليمنية.

المطلب الثالث: الصكوك الإسلامية

تصدر البنوك والشركات الإسلامية أسهمها وتضعها للاكتتاب وفق عملية تسمى (التصكيك أو التوريق أو التسنيد)، والتصكيك عبارة عن: وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو نشاط استثماري معين[6].

وعلى الرغم من أن هذه الوثائق أو الأوراق لا تختلف عن الأسهم وأسناد القرض من ناحية الهدف من إصدارها وهو الحصول على التمويل اللازم للبنك أو المنشأة وتقوية رأسمالها ومركزها المالي والاستثماري، ولا تختلف في كثير من خصائصها عن خصائص الأسهم فالصكوك الإسلامية تحمل قيمة اسمية معينة، وتمثل ملكية حصة شائعة، وتصدر بفئات متساوية القيمة وتكون قابلة للتداول من حيث المبدأ[7]، وأيضاً عدم قابليتها للتجزئة، وتستحق الربح وتتحمل الخسارة، ويتحمل أصحابها تبعات ملكيتها من حيث قيمتها السوقية ومصاريف استثمارها، إلا أن الصكوك الإسلامية تنفرد بأحكام تميزها عن كل من الأسهم وأسناد القرض نلخصها فيما يأتي:

1) لا ضمان لرأسمال حامل الصك نتيجة لقابليتها تحمل الخسارة، كما أنها لا تصدر إلا بناء على عقد شرعي يخضع في أحكامه لأحكام العقود التي تمثلها هذه الصكوك.

2) يشارك مالكو السهم أو الأسهم في إدارة الشركة بينما لا يشارك مالكو الصكوك الإسلامية في إدارة الشركة إذ ليس لهم أي مناصب في مجلس الإدارة والصكوك الإسلامية تتشابه بهذه الخاصية بذلك مع أسناد القرض.

3) يعد السهم أداة مشاركة دائمة في الشركة، فلا يوجد للسهم تاريخ استحقاق في حين أن الصكوك الإسلامية قد تتضمن تاريخ استحقاق، وقد تصدر بطريقة الإيجار التمويلي الذي يبدأ العقد معه بالإيجار وينتهي بالتمليك[8].

 

 

المطلب الرابع: الشهادات المؤقتة

هي عبارة عن صكوك تصدرها شركات المساهمة بعد تأسيسها مباشرة ويتم تسليمها للمساهمين عوضاً عن إيصالات الاكتتاب التي يتم سحبها منهم، وبالتالي فإن هذه الشهادات تعتبر صكاً مالياً يحفظ حقوق المساهمين لحين إصدار الأسهم.

وقد نص القانون اليمني على بعض الأحكام الخاصة بهذا النوع من الصكوك نلخصها فيما يأتي:

1) ألزم القانون الشركة عند إصدارها شهادات مؤقتة أن تصدرها وفق أرقام مسلسلة ويتم التوقيع عليها من رئيس مجلس إدارة الشركة وتسلم للمساهم.

2) تتضمن هذه الشهادات اسم المساهم وعدد الأسهم التي اكتتب بها المساهم وأرقامها، والطريقة التي سيتم بها الوفاء بقيمة الأسهم سواء أكانت عينية أم نقدية تدفع كدفعة واحدة أم على أقساط بحسب الاتفاق بين الشركاء المساهمين، كما يجب أن تتضمن هذه الشهادات مقدار رأسمال الشركة ومكان مركز الشركة الرئيسي، م(96/ أ) (شركات تجارية يمني).

3) وبطبيعة هذه الشهادات التي تتسم بأنها مؤقتة فلا يتجاوز عمرها ستة أشهر تبدأ من تاريخ إشهار الشركة، بقطع النظر عن تاريخ إصدار الشهادة نفسها، وبالتالي فإنه لا يجوز إصدار مثل هذه الصكوك إذا مر على تأسيس وإشهار الشركة مدة ستة أشهر بأي حال، م(96/ ج) (شركات تجارية يمني).

4) تكتسب هذه الشهادات قوة قانونية كالأسهم غير أنه لا يجوز إصدارها لحاملها، فلا تصدر الشهادات المؤقتة إلا اسمية، وتظل كذلك حتى يتم استبدالها بالأسهم، م(96/ ب) (شركات تجارية يمني).

 

المبحث الثاني
 تداول الأوراق المالية في سوق الأوراق المالية (البورصة)

المطلب الأول: مفهوم وأهداف سوق الأوراق المالية

يقصد بسوق الأوراق المالية مجموعة المؤسسات المالية التي يلتقي من خلالها طالبو الأوراق المالية من أسهم وأسناد قرض وعارضوها، والتي تتحدد فيها الأسعار وفق معيار العرض والطلب[9].

ويقوم المستثمرون في سوق الأوراق المالية بتداول عمليتي بيع وشراء الأسهم وأسناد القرض وفق شروط معينة، وضوابط قانونية محددة، ويتم ذلك بإحدى طريقتين: إما داخل قاعة مخصصة للتداول وفي أوقات معينة للتداول عن طريق الوسطاء الماليين المرخص لهم رسمياً بالعمل في هذه السوق، كسماسرة الأوراق المالية والوسطاء وغيرهم، ويطلق على هذه السوق سوق «البورصة»، وإما خارج القاعة المحددة عن طريق وسطاء آخرين كالبنوك والصيارفة وتسمى بالسوق غير المنتظمة أو الموازية[10].

ولا خلاف حول قانونية كل من السوقين السابقتين غير أن تداول الأسهم والسندات وفق سوق منظمة عبر «البورصة» له فوائد اقتصادية عديدة سواء للمستثمرين أنفسهم الذين يعظمون أرباحهم عن طريق حركة الأسهم المتزايدة بيعاً وشراء- نظراً لوجود السماسرة والوسطاء المتخصصين وارتباط أسعار الأوراق المالية بآلية العرض والطلب- أو للمركز الاقتصادي للدولة بشكل عام؛ حيث يؤدي تداول الأوراق المالية عبر قنوات منظمة «البورصة» إلى استمرار سوق الأوراق المالية وتنشيط حركة استثمار القطاعين الخاص والمختلط فيها، وبالتالي تستطيع الدولة الوقوف على مؤشرات اقتصادية حقيقية لحركة الاستثمار في الأوراق المالية واستخدام ذلك في بناء الخطط الاقتصادية المستقبلية.

 

أهداف سوق الأوراق المالية:

تنشأ سوق الأوراق المالية لتحقيق مجموعة من الأهداف يمكن إيجازها فيما يأتي:

1) إتاحة الفرصة للمواطنين لاستثمار مدخراتهم في الأوراق المالية فيما يخدم الاقتصاد الوطني.

2) ضمان إتمام عمليات بيع وشراء الأوراق المالية في جو من النزاهة والحياد من خلال اتباع سياسة الإفصاح عن معلومات الأسهم المتداولة.

3) العمل على تطوير السوق المالي على نحو يخدم جهود التنمية الاقتصادية، ويساعد في تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية للدولة.

4) ترشيد وتطوير أساليب وإجراءات التعامل في الأوراق المالية في السوق بشكل يكفل سلامة المعاملات ودقتها ويوفر الحماية للمتعاملين.

5) العمل على تشجيع إنشاء شركات جديدة، وتطوير وتنظيم إصدار الأوراق المالية في السوق الأولية وتحديد المتطلبات الواجب توافرها في نشرة الإصدار.

6) قيد الأوراق المالية الجديدة في السوق، والسرعة في تسييل الأموال المستثمرة في الأوراق المالية، مع ضمان تفاعل العرض والطلب.

7) إصدار النشرات والتقارير التي تتضمن جميع المعلومات المتعلقة بأسعار الأسهم اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية، وجميع البيانات الأخرى التي من شأنها أن توضح للمستثمرين الأوضاع المالية للشركات[11].

 

 

المطلب الثاني: العوامل المؤثرة في إنشاء واستمرار سوق الأوراق المالية

كما هو معلوم أنه لا توجد سوق لتداول الأوراق المالية في اليمن حتى اليوم على الرغم من وجود مشروع قانون ينظم تداول الأوراق المالية وإنشاء قواعد سوق الأوراق المالية في اليمن، لكن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي لليمن منذ العام 2001م أدى إلى ركود الاستثمار والذي أثر سلباً على خطوات الحكومة في إصدار القانون المنظم لتداول الأسهم وأسناد القرض وتنظيم «البورصة».

وبالإضافة إلى ما سبق فإن هنالك عوامل اقتصادية تؤثر في إنشاء واستمرار سوق الأوراق المالية في اليمن، ومن أهم هذه العوامل ما يأتي:

- الناتج المحلي الإجمالي:

حيث يؤكد الاقتصاديون أن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي عن معدل النمو السكاني يؤثر إيجاباً في إيجاد بيئة ملائمة لسوق الأوراق المالية؛ ذلك لأن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي يعني تحسن مستوى الدخل السنوي للفرد والذي يقود بدوره إلى زيادة الطلب نظراً لزيادة معدل الاستهلاك لدى الفرد، فينتج عن ذلك حركة للمشروعات الاستثمارية لتلبية احتياجات الفرد المتزايدة، وذلك يرفع من أسعار الأسهم في سوق الأوراق المالية وزيادة الإقبال على شرائها والاستثمار فيها[12].

- الموازنة العامة للدولة:

حيث يؤدي العجز في الموازنة العامة للدولة إلى اتباع السياسات الانكماشية في مصروفات الدولة، فتلجأ الدولة عندها إلى زيادة الدخل عن طريق رفع الضرائب، الأمر الذي يؤدي إلى إحجام المستثمرين عن الاستثمار في المشروعات عامةً ومنها الأوراق المالية. والعكس صحيح فإن الفائض في الموازنة العامة للدولة يدعو الدولة إلى تسهيل الاستثمار عن طريق منح التسهيلات الحكومية للمستثمرين وتخفيض الضرائب، وبالتالي يزيد الإقبال على الاستثمارات في مختلف المشروعات.

- ميزان المدفوعات:

إن ارتفاع ميزان المدفوعات يؤدي إلى زيادة ديون الدولة، سواء كانت ديوناً خارجية بالعملات الأجنبية، أو ديوناً عامة داخلية بالعملة الوطنية أو أي عملة أخرى، والديون بشكل عام تؤثر سلباً على أسعار العملة الوطنية (الريال) أمام العملات الأجنبية (الدولار الأمريكي وغيره)، حيث ينخفض سعر صرف العملة الوطنية أو المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، وبالتالي تهتز ثقة المستثمرين بالأداء الاقتصادي، مما يجعل الاستثمار في سوق الأوراق المالية يتضاءل وينكمش، والعكس صحيح، حيث يؤثر انخفاض ميزان المدفوعات في دعم مركز الدولة المالي، وينتج من ذلك زيادة احتياطي الدولة العام مما يعزز مركز الدولة المالي ويدعم العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وذلك بدوره يقود إلى تهيئة الظروف المناسبة للانتعاش الاقتصادي وتشجيع المستثمرين على الإقبال على سوق الأوراق المالية والاستثمار فيها.

- الخبرة والدراية في كيفية دخول السوق والاستثمار فيها:

حيث يعتمد تداول الأسهم وأسناد القرض في سوق الأوراق المالية (البورصة) على الخبرة والدراية الكافيتين لدخول السوق والاستثمار فيها، ومعرفة جميع التفاصيل عن المتعاملين فيها سواء كانوا متعاملين رئيسيين كصناديق الاستثمار والشركات القابضة أو التجار الأجانب والشركات والهيئات المحلية والسماسرة وغيرهم أو كانوا متعاملين مضاربين أو مغامرين أو مستثمرين[13]، لكن يرى البعض أنه لا يوجد حد فاصل وواضح بين مضاربي البورصة ومستثمري الأسهم، فـ«المضارب» يشتري سهمًا ما ليس بسبب احتمال نمو الشركة على المدى الطويل، وإنما لأنه يتوقع زيادة سعر السهم في المستقبل القريب، ومن ذلك فإن المضارب لا يسعى للاستثمار في الشركات الناجحة، بل يبحث عن أسهم مسعرة بأقل من قيمتها ليحقق ربحًا سريعًا عن طريق بيعها بعد زيادة أسعارها، فشعاره «اشترِ بسعر منخفض، وبِع بسعر أعلى». أما المستثمر فيمكن أن يشتري حصصًا من الأسهم في شركة واحدة أو عدة شركات، وهو بذلك يأمل في أن تزداد القيمة السوقية لاستثماراته بمرور الوقت، إما بسبب مدفوعات أرباح الأسهم التي سيحصل عليها بصفة منتظمة أو بسبب ارتفاع القيمة السوقية لأسهم تلك الشركة، أو كليهما معًا، وكثير من الأفراد يستثمرون جزءاً على الأقل من مدخراتهم في أسهم الشركات، لأنها تقدم نسبة عائد أعلى من السندات، وبذلك فإن الاستثمار في الأسهم أمر جدير بالتقدير، بل ملمح أساسي من ملامح الاقتصاد، بينما تعد المضاربة في الأسهم عملًا ضاراً وغير أخلاقي وهذا الاستهجان الشائع للمضاربة يعجز عن تقدير المساهمة الحقيقية لهذا النشاط[14].

سوق الأوراق المالية في اليمن:

اهتم المشرع اليمني مؤخراً بتنظيم موضوع سوق الأوراق المالية في اليمن حيث صدر قرار جمهوري رقم (216) لسنة 2010م بشأن إنشاء هيئة عامة لتنظيم التعاملات المتعلقة بالأوراق المالية حيث منح المشرع هيئة الأوراق المالية التي نص على إنشائها وفق القانون السابق الشخصية الاعتبارية المستقلة تحت إشراف رئاسة الوزراء، وألزم المشرع هذه الهيئة بالإعداد والتهيئة لإنشاء سوق للأوراق المالية بالجمهورية اليمنية والإشراف عليها، وتنظيم ومراقبة إصدار الأوراق المالية والتعامل بها والرقابة على أعمال المستثمرين المتعلقة بإصدارهم للأوراق المالية، ومنح التراخيص اللازمة للاستثمار في سوق الأوراق المالية اليمنية وتم نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية في العدد (23) لسنة 2010م، إلا أنه في الواقع ونظراً للتقلبات السياسية التي مر بها اليمن بعد إصدار القانون السابق بشهرين من أحداث بداية العام 2011م وما بعدها قد حالت دون إنشاء سوق للأوراق المالية في اليمن، إلا أنه يمكننا القول أن إصدار مثل القانون السابق يعد خطوة جيدة في إنشاء وتنظيم سوق لتداول الأوراق المالية في الجمهورية اليمنية. 

 

أهم المراجع والمصادر:

أولاً: كتب القانون:

1. أمين طاهر عبد الحق الحميري، التطورات الحديثة في سوق الأوراق المالية ومتطلبات وجدوى إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن، رسالة ماجستير، معهد الدراسات و البحوث العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2004م.

2. د. أماني أحمد عبد الله، الوجيز في القانون التجاري، جامعة النيلين، الخرطوم، 2006م.

3. د. زياد جلال الدماغ، الصكوك الإسلامية ودورها في التنمية الاقتصادية، دار الثقافة، عمان، 2012م.

4. د. طارق عبد العال حماد. دليل المستثمر إلى بورصة الأوراق المالية، الدار الجامعية، القاهرة، 2005م.

5. د. عبد الوهاب عبد الله المعمري، التشريعات المالية والمصرفية، ط2، مركز الكتاب الجامعي، جامعة العلوم والتكنولوجيا، صنعاء، 2016م.

6. روبرت ميرفي، دروس مبسطة في الاقتصاد، ترجمة رحاب صلاح الدين، ط1، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2013م.

7. نبيل محمد الطيري، سوق الأوراق المالية في اليمن، الفرص المتاحة والمخاطر المحتملة، رسالة ماجستير، جامعة صنعاء، 2006م.

ثانياً: القوانين:

1. القانون التجاري اليمني رقم (32) لسنة 1991م وتعديلاته.

2. قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997م وتعديلاته.

3. قانون منع التعاملات الربوية رقم (4) لسنة 1444هـ.

 


 

[1]    كانت القيمة الاسمية للسهم في قانون الشركات رقم (22) لسنة 1997م لا تقل عن مائة ريال ولا تزيد على ألف ريال، وتم تعديل نص المادة (94/أ) في قانون رقم (28) لسنة 2004م لتصبح القيمة الاسمية للسهم بعد التعديل لا تقل ولا تزيد على (عشرة آلاف ريال) .

 

[2]    وقع المشرع اليمني هنا في خلل تشريعي حيث  نظم في قانون الشركات التجارية النافذ رقم (22) لسنة 1997م كيفية تقسيط قيمة السهم فنص في المادة (76) منه على أنه: (لا يجوز أن يقل المدفوع من قيمة كل سهم نقدي عند الاكتتاب عن (20%) من قيمته الإسمية ويجب أن يدفع الباقي من قيمة السهم خلال أربع سنوات من تاريخ تأسيس الشركة في المواعيد التي يعينها نظام الشركة أو مجلس إدارتها ويؤشر على السهم بالقدر المدفوع من قيمته) ونص أيضاً في المادة (95) من ذات القانون على أنه: (تدفع قيمة الأسهم النقدية دفعة واحدة أو على أقساط ولا يجوز أن يقل القسط الواجب تسديده عند الاكتتاب عن (20%) من قيمة السهم ويجب أن يسدد كامل قيمة السهم خلال أربع سنوات من تاريخ قرار إعلان التأسيس)، ونلاحظ هنا وجود تكرار لنفس الحكم في نصي المادتين السابقتين، ثم عدل المادة (76) السابقة وفق القانون رقم (28) لسنة 2004م  فأصبحت المادة (76) بعد التعديل تنص على أنه: (لا يجوز أن يقل المدفوع من قيمة كل سهم نقدي عند الاكتتاب عن (25%) من قيمته الإسمية ويجب أن يدفع الباقي من قيمة السهم خلال سنتين من تاريخ تأسيس الشركة في المواعيد التي يعينها نظام الشركة أو مجلس إدارتها ويؤشر على السهم بالقدر المدفوع من قيمته، عدا شركات المساهمة المقفلة فيجب دفع رأس المال بالكامل عند تأسيسها أو زيادة رأسمالها) ومع ذلك ما زال هنالك تعارض بين نص المادة (76) بعد التعديل ونص المادة (95) والذي ينبغي على المشرع معالجة هذا الاختلال.

 

[3] د. أماني أحمد عبد الله، الوجيز في القانون التجاري، جامعة النيلين، الخرطوم، 2006م، ص143.

 

[4]    المادة (2) من قانون منع التعاملات الربوية رقم (4) لسنة 1444هـ.

 

[5]    المادة (3) من القانون السابق.

 

[6]    د. زياد جلال الدماغ، الصكوك الإسلامية ودورها في التنمية الاقتصادية، دار الثقافة، عمان، 2012م، ص68.

 

[7]    فهنالك صكوك قابلة للتداول بطبيعتها مثل صكوك المضاربة، المشاركة والإجارة، وهنالك صكوك أخرى غير قابلة للتداول إلا إذا اعتبرت سلعة، أما إن أصبحت ديوناً في ذمة الغير فلا يجوز تداولها، مثل صكوك المرابحة وصكوك السلم وصكوك الاستصناع.

 

[8]    د. زياد جلال الدماغ، مرجع سابق، ص76 .

 

[9]    نبيل محمد الطيري، سوق الأوراق المالية في اليمن، الفرص المتاحة والمخاطر المحتملة، رسالة ماجستير، جامعة صنعاء، 2006م، ص8.

 

[10]   المرجع السابق، ص10.

 

[11]   د. عبد الوهاب عبد الله المعمري، التشريعات المالية والمصرفية، ط2، مركز الكتاب الجامعي، جامعة العلوم والتكنولوجيا، صنعاء، 2016م، ص191.

 

[12]   أمين طاهر عبد الحق الحميري، التطورات الحديثة في سوق الأوراق المالية ومتطلبات وجدوى إنشاء سوق الأوراق المالية في اليمن، رسالة ماجستير، معهد الدراسات والبحوث العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2004م، ص13.

 

[13]   د. طارق عبد العال حماد. دليل المستثمر إلى بورصة الأوراق المالية، الدار الجامعية، القاهرة، 2005م، ص29.

 

[14]   روبرت ميرفي، دروس مبسطة في الاقتصاد، ترجمة رحاب صلاح الدين، ط1، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، 2013م، ص201.