الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي في القانون اليمني
«دراسة مقارنة بالقانون المصري»
المحامي. الدكتور/ مجدي عبدالملك محمد قيس
دكتوراه في القانون الجنائي
الملخص:
يجب مراعاة أحكام القانون المتعلقة بشروط وضمانات الحبس الاحتياطي، ما لم فإنه عند مخالفة أي من تلك الأحكام، أو عدم مراعاتها يحق للمتهم المحبوس احتياطياً أن يدفع ببطلان هذا الحبس، وقد تناولت الدراسة مفهوم الحبس الاحتياطي، وشروطه، وضماناته، وطبيعة الدفع ببطلانه وآثاره، وقد توصلت إلى العديد من النتائج والتوصيات التي أوصت المشرع اليمني الأخذ بها في أي تعديلات مرتقبة لقانون الإجراءات الجزائية.
الكلمات الافتتاحية: الدفع ببطلان، الحبس الاحتياطي، النظام العام، مصلحة الخصوم.
Abstract:
The provisions of the law related to the conditions and guarantees of pretrial detention must be taken into account، unless، when these provisions are violated or not observed، the precautionary detained suspect has the right to plead the invalidity of this detention. One of the most important findings of this study is that the legal basis for this plea in Yemeni law is the text of Article (398) of the Code of Criminal Procedure، and in the Egyptian law is the text of Article (333) of the Code of Criminal Procedure، and that this defense is one of the defenses that are not related to public order، but rather one of the defenses related to the interest of the litigants، and it is also one of the defenses in which reality is mixed with the law، Finally، this defense is considered one of the fundamental defenses. As for the effect of this defense، it is the invalidity of the evidence derived from the false detention procedure، which was contrary to the conditions and guarantees of pre-trial detention based on the provisions of Article (402) of the Yemeni Code of Criminal Procedures، and Article (336) of the Yemeni Code of Criminal Procedure. Egyptian criminal procedures.
Introductory words: payment، invalidity، preventive detention، public order، interest of the litigants.
المقدمة: يعتبر الحبس الاحتياطي من أخطر إجراءات التحقيق الابتدائي، وأكثرها مساساً بحرية المتهم؛ لأنه بمقتضى هذا الإجراء تُقيد حرية المتهم لفترة من الزمن هي الفترة التي يقضيها في الحبس الاحتياطي، ولما كان هذا الإجراء خروجاً عن الأصل المتمثل في براءة المتهم حتى تثبت إدانته بحكم قضائي، ونظراً لخطورة هذا الإجراء على حرية المتهم، فإن المشرع وضع قواعد تحكم مشروعيته، وأحاطه بسياج من الضمانات تكفل حماية الفرد المتهم الذي يطبق عليه هذا الإجراء الخطير، كما رتب البطلان جزاءً على الإخلال بتلك الشروط والضمانات، ووسيلة المتهم المحبوس احتياطياً للتمسك بهذا البطلان هو إثارة دفع بالبطلان أمام محكمة الموضوع.
مشكلة الدراسة: تكمن مشكلة الدراسة في إن المتتبع لقانون الإجراءات الجزائية اليمني يجد أنه قد تطرق إلى شروط وضمانات الحبس الاحتياطي، ولكنه لم يتطرق صراحةً إلى أحكام الدفع ببطلانه وطبيعته وآثاره عند مخالفة أي شرط من شروطه، أو ضمانة من ضماناته، ، ولذا سوف نحاول استخلاص أحكام هذا الدفع وطبيعته وآثاره من مجمل نصوص القانون اليمني والمقارن، وكذلك اجتهاد الفقه والقضاء.
أهداف الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى بيان أحكام الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي من خلال معرفة المقصود بهذا الدفع، وأساسه القانوني، وطبيعته القانونية، والآثار المترتبة عليه، بهدف توضيح معالم هذا الدفع وإزالة الغموض والضبابية التي قد تعتريه لعدم وجود تنظيم خاص بهذا الدفع، وبالتالي ممارسته وتطبيقه بشكل أفضل يحقق الغرض منه.
أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في أنها تساعد أطراف الدعوى الجزائية، وكذلك الدارسين والمحامين والمشتغلين في مجال القانون من الوقوف على مفهوم هذا الدفع وأحكامه بشكل واضح ودقيق، لإزالة اللبس والغموض الذي قد يكتنف هذا الموضوع الهام نتيجة عدم وجود تنظيم خاص بهذا الدفع قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
نطاق الدراسة: سوف يقتصر نطاق هذه الدراسة على المقارنة بين القانون اليمني والمصري، بالإضافة إلى التعرض لآراء الفقه، وبعض الأحكام الصادرة عن القضاء اليمني والمصري حسب الإمكان.
الدراسات السابقة: بعد الرجوع إلى معظم المؤلفات والدراسات التي تناولت موضوع الدراسة، لم نقف على دراسة متخصصة تحدثت عن الموضوع بصورة مستقلة وشاملة، وخاصة في المكتبة اليمنية حسب اطلاع الباحث، بينما هناك مؤلفات ودراسات عديدة تناولت موضوع الدراسة في جزئيات بسيطة ضمن مواضيعها العديدة، ولهذا فإن هذه الدراسة تتسم بالتخصص والشمول لموضوع الدراسة.
منهج الدراسة: سوف نعتمد في دراسة هذا الموضوع على المنهج الوصفي، والتحليلي المقارن، حيث سنعرض المسألة لنص القانون، ومحاولة تحليل نصوصها في ضوء اتجاهات الفقه والقضاء، ومن ثم مقارنتها بالتشريع المقارن، ثم يبين الباحث رأيه والخلاصة والنتائج التي سوف يتوصل إليها.
واستناداً إلى ما سبق، ومن أجل استخلاص أحكام الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي والوصول إلى النتائج المترتبة على الدفع به، سنعمل على تقسيم هذه الدراسة إلى مبحثين، وذلك على النحو الآتي:
المبحث الأول: ماهية الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وضماناته.
المبحث الثاني: شروط الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وأحكامه.
المبحث الأول
ماهية الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وضماناته
سوف نتناول هذا المبحث في مطلبين، وذلك على النحو الآتي:
المطلب الأول: مفهوم الحبس الاحتياطي والدفع ببطلانه:
سوف نتناول هذا المطلب في فرعين، وذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول: تعريف الحبس الاحتياطي وطبيعته القانونية:
سنتناول في هذا الفرع تعريف الحبس الاحتياطي، وطبيعته القانونية، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: تعريف الحبس الاحتياطي: لم يرد تعريف الحبس الاحتياطي في قانوني الإجراءات الجزائية اليمني، وقانون الإجراءات الجنائية المصري، وإنما اكتفيا بإيراد وصف له على أنه إجراء استثنائي، وتركا الأمر في تعريفه إلى اجتهاد الفقه والقضاء.
وقد عرفه بعض الفقه بأنه: «سلب حرية المتهم فترة من الزمن غالباً ما تتصف بالتأقيت، تحددها مقتضيات التحقيق ومصلحته وفق ضوابط يقررها القانون»[1]، كما عرفه البعض بأنه: «إجراء من إجراءات التحقيق، ولا يجوز التفويض فيه لمأمور الضبط القضائي، سيما أنه لا يجوز إلا بعد استجواب المتهم»[2]، كما ذهب البعض في تعريفه بأنه: «إجراء تقتضيه مصلحة التحقيق تجنباً لتأثير المتهم على الشهود، أو عبثه بالأدلة، أو توقياً لهربه من تنفيذ الحكم الذي ينتظر صدوره ضده»[3]، وأخيراً يعرفه البعض بأنه: «إيداع المتهم في السجن فترة التحقيق كلها أو بعضها إلى أن تنتهي المحاكمة»[4]، ويتضح من خلال التعريفات المشار إليها أن الحبس الاحتياطي إجراء تحفظي، أو وقائي، تقتضيه مصلحة التحقيق، تُقيد به حرية المتهم فترة معينة، وذلك بإيداعه السجن خلال فترة التحقيق؛ لغرض منع المتهم من الهرب، أو التأثير على الشهود، والعبث بأدلة الجريمة، ولضمان تنفيذ الحكم الذي سيصدر ضده، وهذا الإجراء محظور على غير السلطة المختصة بالتحقيق.
ثانياً: الطبيعة القانونية للحبس الاحتياطي: تنقسم إجراءات التحقيق الابتدائي إلى نوعين من الإجراءات: نوع يرمي إلى فحص الأدلة القائمة على وقوع الجريمة، ونسبتها إلى المتهم، مثل الانتقال والمعاينة والتفتيش...، ونوع آخر يقصد به الاحتياط لمنع المتهم من الهرب أو التأثير في الأدلة، ويندرج ضمن هذا النوع الحبس الاحتياطي، والقبض، والإحضار...الخ[5]، والأصل في الحبس باعتباره سلباً للحرية وتقييدها أنه عقوبة، وبالتالي يجب ألا يوقع إلا بموجب حكم قضائي بالإدانة، بعد محاكمة عادلة تتوفر فيها للمتهم ضمانات الدفاع عن نفسه، وذلك إعمالاً لمبدأ (الأصل في الإنسان البراءة)، ولكن المصلحة العامة في الدعوى الجزائية تتطلب أحياناً المساس بهذه الحرية عن طريق حبسه احتياطياً، ولذلك أجازه المشرع للمحقق بصفة احتياطية أو استثنائية[6]، ولهذا فقد حظي الحبس الاحتياطي باهتمام دستوري، وبالعودة إلى الدستور اليمني النافذ نجد أن ضمانات الحبس الاحتياطي نصت عليه المادة (48) في الباب الثاني تحت عنوان: (حقوق وواجبات المواطنين الأساسية)، والتي نصت على أنه:
«1- تكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم ويحدد القانون الحالات التي تقيد فيها حرية المواطن، ولا يجوز تقييد حرية أحد إلا بحكم من محكمة مختصة.
2- لا يجوز القبض على أي شخص أو تفتيشه أو حجزه إلا في حالة التلبس أو بأمر توجبه ضرورة التحقيق وصيانة الأمن يصدره القاضي أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون.
3- كل من يقبض عليه بصفة مؤقتة بسبب الاشتباه في ارتكابه جريمة يجب أن يقدم إلى القضاء خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليه على الأكثر وعلى القاضي أو النيابة العامة تبليغه بأسباب القبض عليه واستجوابه وتمكينه من إبداء دفاعه واعتراضاته ويجب على الفور إصدار أمر مسبب باستمرار القبض أو الإفراج عنه.
4- وفي كل الأحوال لا يجوز للنيابة العامة الاستمرار في الحجز لأكثر من سبعة أيام إلا بأمر قضائي، ويحدد القانون المدة القصوى للحبس الاحتياطي.
5- عند إلقاء القبض على أي شخص لأي سبب يجب أن يخطر فوراً من يختاره المقبوض عليه كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر.
6- يحدد القانون عقاب من يخالف أحكام أي فقرة من فقرات هذه المادة كما يحدد التعويض المناسب عن الأضرار التي قد تلحق بالشخص من جراء المخالفة، ويعتبر التعذيب الجسدي أو النفسي أثناء القبض أو الاحتجاز أو السجن جريمة لا تسقط بالتقادم ويعاقب عليها كل من يمارسها أو يأمر بها أو يشارك فيها.»
واستناداً لما سبق، فإن الحبس الاحتياطي لا يعتبر عقوبة، ولا يهدف إلى ما تهدف إليه العقوبة، بل هو إجراء تحفظي ذو طبيعة خاصة، وهو إجراء تقتضيه مصلحة التحقيق، ووصفه البعض بأنه إجراء ذو طبيعة شاذة أو استثنائية، ويدخل ضمن اختصاص السلطة المختصة بالتحقيق، ومحظور على غيرها القيام به[7].
الفرع الثاني: تعريف الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وأساسه القانوني:
سوف نتناول هذا الفرع، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: تعريف الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي: لم يعرف المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية[8]، وكذلك المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية[9] الدفوع الجزائية عموماً، وبالعودة إلى تشريعات المرافعات المدنية في الدول موضع المقارنة، نجد أن المشرع اليمني في قانون المرافعات والتنفيذ المدني[10] قد عرف الدفع في نص المادة (179) بقوله أن: «الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضاً على موضوع الدعوى، والطعن في شروط قبولها، أو أي إجراء من إجراءاتها»، وبالنسبة للمشرع المصري فهو لم يرد أي تعريف صريح للدفع في قانون المرافعات المدنية والتجارية[11]، إلا أنه في ذات القانون يعتبر الدفع دعوى، حسب ما يفهم من نص المادة (3) منه على أنه لا يقبل طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، وهذا يعني أنه يشترط لقبول الدفع ذات الشروط التي يتطلبها القانون لقبول الدعوى، وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية بقولها: «الدفع في اصطلاح الفقهاء هو دعوى من قبل المدعى عليه، أو ممن يمثل المدعى عليه خصماً عنه بقصد أو إبطال دعوى المدعي، بمعنى أن المدعى عليه يصير مدعياً إذا أتى بدفع ويعود المدعي الأول مدعياً ثانياً عند دفع الدفع»[12].
أما عن تعريف الدفع في مجال الدعوى الجزائية فقهاً، فقد تعدد الفقهاء في تعريفه، واختلفت الآراء بشأنه، حيث ذهب البعض في تعريفه متأثراً بتعريف الدفوع في قانون المرافعات المدنية، وعرفه على أنه: «دعوى من قبل المدعى عليه يقصد بها دفع الخصومة عنه أو إبطال دعوى المدعي»[13]، بينما ذهب البعض الأخر-نؤيده- إلى أن المدلول الاصطلاحي للدفع في قانون الإجراءات الجزائية يختلف عن مدلوله في قانون المرافعات المدنية، ويرجع السبب في هذا الاختلاف، لاختلاف طبيعة كل من القانونين، إذ أن اصطلاح الدفع بمعناه العام في الدعوى الجزائية، قد جرى العمل على إطلاقه على: «أوجه الدفاع الموضوعية أو القانونية التي يثيرها الخصم لتحقيق غايته من الخصومة في الدعوى الجزائية»[14]، وبناءً عليه يمكننا القول بأن الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي، يُقصد به اصطلاحاً الأوجه أو الأمور الموضوعية أو القانونية التي يثيرها الخصم في الدعوى الجزائية أثناء المحاكمة، والتي يهدف من خلالها إلى إبطال الحبس الاحتياطي، لمخالفته الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
ثانياً: الأساس القانوني للدفع ببطلان الحبس الاحتياطي: أجاز المشرعان اليمني والمصري التمسك بالدفع بالبطلان من خلال ترتيب البطلان على كل إجراء جاء مخالفاً لأحكام القانون، أو كان هذا الإجراء جوهرياً، فقد نصت المادة (396) من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: «يقع باطلاً كل إجراء جاء مخالفاً لأحكام هذا القانون، إذا نص القانون صراحة على بطلانه، أو إذا كان الإجراء الذي خولف أو أغفل جوهرياً»، وهذا النص يقابله تماماً نص المادة (331) من قانون الإجراءات الجنائية المصرية[15]، كما بين المشرعان حالات البطلان المتعلق بالنظام العام، وكيفية التمسك به، فقد نصت المادة (397) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: «إذا كان البطلان راجعاً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بكيفية رفع الدعوى الجزائية أو بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو بعلانية الجلسات...أو غير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به من جميع الأطراف في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها...»، وهذا النص يقابله تماماً نص المادة (332) من قانون الإجراءات الجنائية المصري[16]، كما بين المشرعان أيضاً حالات البطلان غير المتعلق بالنظام العام، وكيفية التمسك به، فقد نصت المادة (398) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أنه: «في غير أحوال البطلان المتعلق بالنظام العام، يسقط حق الخصم في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الذي تجريه النيابة العامة أو المحكمة إذا كان له محام وحصل الإجراء بحضوره بغير اعتراض منه، ويسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه»، وهذا النص يقابله تماماً نص المادة (333) من قانون الإجراءات الجنائية المصري[17].
وخلاصة القول، يتضح مما سبق أن المشرعان اليمني والمصري أجازا التمسك بالدفع ببطلان الحبس الاحتياطي من خلال ترتيب البطلان على مخالفة الإجراءات المتعلقة بالتحقيق الذي تجريه النيابة العامة- فالحبس الاحتياطي يعتبر إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي كما ذكرنا سابقاً-، وأن هذا الدفع من الدفوع التي لا تتعلق بالنظام العام، بل من الدفوع المتعلقة بمصلحة الخصوم بدليل أنه يسقط حق الخصم في الدفع به إذا كان له محام وحصل هذا الإجراء بحضوره بغير اعتراض منه، وهذا يعني أنه يجب إثارته والتمسك به أمام محكمة الموضوع وإلا سقط حق التمسك به.
المطلب الثاني: الضمانات المتعلقة بالحبس الاحتياطي:
نص المشرعان اليمني والمصري على العديد من الضمانات للحبس الاحتياطي، سوف نتعرض لها في هذا المطلب، وذلك في فرعين على النحو الآتي:
الفرع الأول: الضمانات المتعلقة بمدة الحبس الاحتياطي:
يُعد أمر الحبس الاحتياطي من الأوامر القضائية التي يجب تحديد مدتها، كونه إجراء استثنائي ووقتي، يمس حرية الفرد، واقتضته مصلحة التحقيق، لذلك حدد المشرع مدته بنصوص صريحة، أوجب الجهة المخولة بإصداره ضرورة التقيد بمدته، وعلى الجهة المختصة عند تمديد الحبس الاحتياطي التقيد بحده الأقصى، ولا يجوز الزيادة عليها[18]، وتختلف المدة باختلاف السلطة المختصة بأمر التمديد، نبينها بإيجاز على النحو الآتي:
أولاً: سلطة التحقيق (النيابة العامة) في تمديد الحبس الاحتياطي: نصت المادة (189) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أن: «الأمر بالحبس الصادر من النيابة العامة لا يكون نافذ المفعول إلا لمدة السبعة الأيام التالية للقبض على المتهم أو تسليمه إليها إذا كان مقبوضاً عليه من قبل...»، ونصت المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أن: «يصدر الأمر بالحبس من النيابة العامة... وذلك لمدة أقصاها أربعة أيام تالية للقبض على المتهم أو تسليمه للنيابة العامة إذا كان مقبوضاً عليه من قبل...».
ويتضح من خلال النصوص المذكورة أعلاه أن الحد الأقصى الذي تملكه النيابة العامة في مدة حبس المتهم، هو سبعة أيام في القانون اليمني، وأربعة أيام في القانون المصري، وتبدأ هذه المدة من اليوم التالي للقبض على المتهم إذا كان أمر القبض صادراً من النيابة العامة، فإذا كان القبض قد تم بمعرفة مأمور الضبط القضائي، فتبدأ حساب تلك المدة من اليوم التالي لتسليم المقبوض عليه إلى النيابة العامة.
ثانياً: سلطة المحكمة الابتدائية في تمديد الحبس الاحتياطي: إذا انقضت مدة الحبس الاحتياطي المخولة للنيابة العامة، ورأت مد الحبس الاحتياطي، وجب عليها قبل انقضاء تلك المدة عرض الأوراق على القاضي المختص في المحكمة ليصدر أمره بما يراه ملائماً بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، وللقاضي المختص تمديد الحبس الاحتياطي لمدد متعاقبة، بحيث لا يزيد مجموعها عن خمسة وأربعين يوماً طبقاً لنص المادة (190) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (202) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
ثالثاً: سلطة محكمة الاستئناف في تمديد الحبس الاحتياطي: إذا لم ينته التحقيق رغم انقضاء مدة الخمسة وأربعين يوماً التي تم تمديدها من قبل المحكمة الابتدائية، ورأت النيابة العامة ضرورة تمديد الحبس الاحتياطي لفترة أخرى، فإن السلطة المختصة بالتمديد مرة أخرى هي محكمة الاستئناف المختصة، وعليها أن تنظر في الطلب المقدم من النيابة العامة بتمديد الحبس الاحتياطي في غرفة المداولة (التشاور)، وتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مدداً متعاقبة لا يزيد مجموعها عن خمسة وأربعين يوماً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك، أو الإفراج عن المتهم بضمانة أو بدونها، طبقاً لنص المادة (191) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (203) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
رابعاً: سلطة النائب العام في تمديد الحبس الاحتياطي: إذا مضت على الحبس الاحتياطي للمتهم مدة ثلاثة أشهر، وهو إجمالي ميعاد التمديد (خمسة وأربعون يوماً من قبل المحكمة الابتدائية، مضافاً إليها خمسة وأربعون يوماً من قبل محكمة الاستئناف)، وجب عرض الأمر على النائب العام، وذلك لاتخاذ الإجراءات التي يراها لازمة لإنهاء التحقيق، طبقاً لنص المادة (191) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وقد أجاز المشرع اليمني في المادة (191) المشار إليها في قانون الإجراءات الجزائية للنائب العام أن يخول رئيس نيابة الاستئناف بالمحافظة، بطلب مد مدة الحبس الاحتياطي لفترات متعددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بحيث لا تزيد مدة الحبس الاحتياطي كلها عن ستة أشهر، بينما لم يمنح المشرع المصري مثل هذا الحق للنائب العام، وبالتالي فإن مدة الحبس الاحتياطي كلها في القانون المصري ثلاثة أشهر فقط طبقاً لنص المادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية.
يُفهم مما سبق عرضه أن أقصى مدة للحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي هي ستة أشهر في القانون اليمني، وثلاثة أشهر في القانون المصري، أي أنه يجب على النيابة العامة الإفراج عن المتهم إذا لم تنته التحقيقات بعد مرور هذه المدة، ولا يجوز لها الاستمرار في حبسه ما لم يكن قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، طبقاً لنص المادة (191) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (143) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، ويلاحظ مما سبق عرضه أيضاً أن الحد الأقصى لمدة للحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي لدى المشرع اليمني (ستة أشهر)، وهي ضعف المدة المقررة لدى المشرع المصري المحددة بـ(ثلاثة اشهر)، وهي مدة طويلة جداً من شأنها التأثير في إرادة المتهم، ومن جهة أخرى تعتبر مدة قاسية جداً وخاصة إذا لم تتوفر أدلة كافية لاتهام المحبوس احتياطياً خلال تلك المدة الطويلة، التي تشعره بأنه كان خلالها عرضةً للظلم والجور، وندعو المشرع اليمني أن يسلك مسلك المشرع المصري في هذا الجانب ويخفض الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي إلى ثلاثة أشهر بدلاً عن ستة أشهر.
وأوجب القانون على المحكمة المختصة أن تخصم مدة الحبس الاحتياطي من الفترة التي سيحكم بها عند صدور الحكم إذا كانت العقوبة هي السجن، طبقاً لنص المادة (496) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (482) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، أما إذا كانت العقوبة هي الغرامة فقط، أو كانت الحبس والغرامة معاً وكانت المدة التي قضاها المحكوم عليه في الحبس الاحتياطي تزيد على مدة الحبس المحكوم به، فإنه يجب أن تُنقص من الغرامة مدة الحبس الاحتياطي وفقاً للمبلغ الذي حدده القانون عن كل يوم، مائة ريال وفقاً لنص المادة (521) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، وخمسة جنيهات عن كل يوم وفقاً لنص المادة (509) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، أما إذا كان الحكم بالبراءة فيجب خصم مدة الحبس الاحتياطي من أي مدة قد يحكم بها على المتهم في أي جريمة أخرى طبقاً لنص المادة (504) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (483) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وأضاف المشرع المصري المادة (312) مكرراً إلى قانون الإجراءات الجنائية بالقانون رقم (145) لسنة2006م، والتي تنص على أنه: «تلتزم النيابة العامة بنشر كل حكم بات ببراءة من سبق حبسه احتياطياً، وكذلك كل أمر صادر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقه الحكومة، ويكون النشر في الحالتين بناءً على طلب النيابة العامة أو المتهم أو أحد ورثته، وبموافقة النيابة العامة في حالة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى. وتعمل الدولة على أن تكفل الحق في مبدأ التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي في الحالتين المشار إليهما في الفقرة السابقة وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قانون خاص»، ويلاحظ من خلال هذا النص أن المشرع المصري تكفل برد اعتبار من حبس احتياطياً، وحكم ببراءته، أو صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية ضده، وذلك بتعويضه معنوياً من خلال نشر الحكم ببراءته، وتعويضه مادياً وفقاً لقانون خاص يصدر بذلك، وندعو المشرع اليمني أن يسلك مسلك المشرع المصري في هذا الجانب، ويقر بأحقية المحبوس احتياطياً الذي حكم ببراءته أو صدر قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية ضده في التعويض المادي والمعنوي عن مدة الحبس التعسفي، إذ ينال هذا الحبس من مكانة الشخص ووضعه واعتباره ويمتد أثره إلى أسرته ومعارفه وأصدقائه.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز تنفيذ أوامر الضبط والإحضار أو الحبس الاحتياطي الصادر من النيابة العامة بعد مضي ستة أشهر من تاريخ صدورها ما لم تعتمدها لمدة أخرى، طبقاً لنص المادة(189) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (139) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
الفرع الثاني: الضمانات المتعلقة بحقوق المتهم المحبوس احتياطياً:
وسوف نتناول هذه الضمانات في هذا الفرع، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: حق المحبوس احتياطياً في معرفة التهمة المنسوبة إليه وأسباب حبسه: لم ينص المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية صراحة على إبلاغ المحبوس احتياطياً بأسباب حبسه، إلا أنه اشترط في المادة (76) من ذات القانون ضرورة إبلاغ المقبوض عليه بأسباب قبضه، ويستفاد ضمنياً من نص هذه المادة ضرورة إبلاغ المتهم المحبوس احتياطياً بأسباب حبسه احتياطياً؛ لأنه لا يجوز إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي إلا بعد استجواب المتهم، والذي يشترط القانون أن يتم مواجهة المتهم بالتهمة المنسوبة إليه، وبالنسبة للمشرع المصري، فقد نص صراحة على هذا الحق للمتهم المحبوس احتياطياً، في نص المادة (139) من قانون الإجراءات الجنائية.
ثانياً: حق المحبوس احتياطياً الاتصال بمن يرى إبلاغه عن وضعه: لم ينص المشرع اليمني صراحة على حق المحبوس احتياطياً الاتصال بمن يرى إبلاغه عن وضعه في قانون الإجراءات الجزائية، إلا أنه اشترط ذلك في نص المادة (77)، على ضرورة إخطار من يختاره المقبوض عليه فوراً بواقعة القبض عليه، كما يجب ذلك عند صدور كل أمر قضائي باستمرار الحجز، فإذا تعذر على المقبوض عليه الاختيار وجب إبلاغ أقاربه أو من يهمه الأمر، وبالنسبة للمشرع المصري، فقد نص صراحة على ذلك الحق في نص المادة (139) من قانون الإجراءات الجنائية.
ثالثاً: حق المحبوس احتياطياً في الطعن من أوامر حبسه ومن قرار مد مدته: لضمان سلامة إصدار أوامر الحبس الاحتياطي وشرعية مد مدته، منح القانون المتهم حق التظلم من أمر النيابة العامة بحبسه احتياطياً، ومن قرار مد مدته، باعتبار أن المتهم شخص بريء إلى أن تثبت إدانته بحكم نهائي، وحتى لا يبقى محبوساً احتياطياً دوان توافر مبرراته[19]، وقد قرر المشرعان اليمني والمصري له ذلك الحق في نص المادة (225) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (164) من قانون الإجراءات الجنائية، كما حددا ميعاد الطعن بعشرة أيام تبدأ من تاريخ إعلان الخصوم بالأمر، وفقاً لنص المادة (227) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (166) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، على أن يتم الطعن في دائرة الكتاب بالنيابة العامة، أو بمحكمة الاستئناف المختصة لتفصل في الطعن على وجه الاستعجال، وفقاً لنص المادة (228) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (165) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
ويلاحظ بأن المشرع اليمني لم يحدد بدقة المدة التي يجب أن تنظر محكمة الاستئناف خلالها في الطعن والفصل فيه، بينما المشرع المصري كان أكثر دقة في ذلك وحدد تلك المدة بثمان وأربعين ساعة من تاريخ رفع الطعن بحسب نص المادة (167) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وندعو المشرع اليمني أن يسلك مسلك المشرع المصري في هذا الجانب كون الإجراء خطيراً ويمس الحرية الشخصية، ويتطلب الاستعجال في تحديد تلك المدة.
المبحث الثاني
شروط الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وأحكامه
سوف نتناول في هذا المبحث شروط الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي، وأحكامه، وذلك في مطلبين على النحو الآتي:
المطلب الأول: شروط الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي:
اشترط المشرعان اليمني والمصري، للأمر بالحبس الاحتياطي، شروطاً موضوعية، وأخرى شكلية، سنتناولها بإيجاز في هذا المطلب، وذلك في فرعين على النحو الآتي:
الفرع الأول: الشروط الموضوعية للحبس الاحتياطي:
سوف نتناول هذه الشروط في هذا الفرع، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: أن تكون الجريمة من الجرائم التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي: أخذ المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية بالتقسيم الثنائي للجريمة؛ حيث أنه قسم الجرائم حسب جسامتها، ومعيار العقوبة المقررة لها إلى جرائم جسيمة وغير جسيمة، بينما أخذ المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية بالتقسيم الثلاثي للجريمة؛ حيث أنه قسمها إلى جنايات وجُنح ومخالفات، واستناداً لهذا التقسيم حدد المشرعان اليمني والمصري الجرائم التي يجوز الحبس الاحتياطي فيها، حيث نصت المادة (184/2) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني على أن: «الحبس الاحتياطي لا يكون إلا بعد استجواب المتهم....، وبعد توفر الشروط الآتية:...2- أن تكون الواقعة المتهم فيها جريمة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ستة أشهر أو لم يكن للمتهم محل إقامة معروف بالجمهورية متى كانت الجريمة معاقباً عليها بالحبس...»، ونصت المادة (134) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه: «يجوز لقاضي التحقيق، بعد استجواب المتهم أو في حالة هربه، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، والدلائل عليها كافية، أن يصدر أمراً بحبس المتهم احتياطياً....، ومع ذلك يجوز حبس المتهم احتياطياً إذا لم يكن له محل إقامة ثابت ومعروف في مصر، وكانت الجريمة جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس».
ويتضح من خلال النصوص المشار إليها أعلاه، أن المشرعين اليمني والمصري أجازا الحبس الاحتياطي كقاعدة عامة في الجرائم الجسيمة، والجنايات عموماً، وأما الجرائم غير الجسيمة، والجنح يجوز فيها الحبس الاحتياطي في حالتين هما:
1- أن تكون الجريمة معاقباً عليها بالحبس مدة تزيد على ستة أشهر في القانون اليمني، ومدة لا تقل عن سنة في القانون المصري.
2- أن تكون الجريمة معاقباً عليها بالحبس، ولم يكن للمتهم محل إقامة معروف في اليمن أو مصر، والحكمة من تقرير الحبس الاحتياطي في هذه الحالة، هو الخشية من هروب المتهم، أو لضمان تنفيذ الحكم عند صدوره ضده[20].
وعلى هذا فإنه لا يجوز الحبس الاحتياطي في المخالفات عموماً، وفي الجرائم غير الجسيمة، والجُنح المعاقب التي تكون عقوبتها الغرامة فقط، أو الحبس أقل من ستة أشهر في القانون اليمني، وأقل من سنة في القانون المصري.
وقد استثنى من ذلك المشرعان اليمني والمصري إجراء الحبس الاحتياطي في أمرين هما:
1- الجرائم التي تقع بواسطة الصحف (النشر)، إلا إذا كانت تتضمن طعناً في الأعراض أو تحريضاً على إفساد الأخلاق طبقاً لنص المادة (185) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، أو إذا كانت تتضمن إهانة لرئيس الجمهورية طبقاً لنص المادة (179) من قانون العقوبات المصري.
2- إذا لم يتجاوز سن المتهم الخامسة عشرة من عمره طبقاً لنص المادة (184/3) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (119) من قانون الطفل المصري[21]، وإذا كانت هناك ظروف تستدعي التحفظ على الحدث فيتم إيداعه إحدى دور الملاحظة أو تسليمه إلى ولي أمره أو شخص أمين يتعهد بتقديمه عند كل طلب، وفقاً لنص المادة (11) من قانون رعاية الأحداث اليمني[22]، والمادة (119) من قانون الطفل المصري.
ثانياً: أن يصدر الأمر بالحبس الاحتياطي من السلطة المختصة: يُستشف من أحكام الحبس الاحتياطي الواردة في الفصل السابع تحت عنوان: (في الحبس الاحتياطي) ومن الباب الثالث تحت عنوان: (في التحقيق الابتدائي) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، ومن أحكام الحبس الاحتياطي الواردة في الفصل التاسع تحت عنوان: (في أمر الحبس) ومن الباب الثالث تحت عنوان: (في التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، أن السلطة المخولة بإصدار أمر الحبس الاحتياطي في القانوني اليمني هي: النيابة العامة في مرحلة التحقيق الابتدائي، والمحكمة في مرحلة المحاكمة[23]، وفي القانون المصري هي: قاضي التحقيق والنيابة العامة في مرحلة التحقيق الابتدائي، وقاضي المحكمة في مرحلة المحاكمة[24]، ولا يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بالحبس الاحتياطي، كما لا يجوز ندبه لذلك استناداً إلى أنه إجراء خطير[25]، ولا يكون له سوى سلطة القبض على المتهم وإحضاره خلال مدة أربع وعشرين ساعة، وبغير ذلك فإن أي إجراء يتخذه بشأن الحبس الاحتياطي يُعد باطلاً[26]، لأنه ليس صاحب اختصاص في إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي، وبذلك فإن قرار الحبس إذا صدر من غير الجهة المختصة به كان الإجراء باطلاً ولا يترتب عليه أي آثار ويجعله قراراً معيباً[27].
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشرع المصري نص في المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم (145) لسنة2006م، على بدائل للحبس الاحتياطي، وأجاز للسلطة المختصة بالحبس الاحتياطي أن تصدر بدلاً منه أمراً بأحد التدابير الآتية: 1- إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه. 2- إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة. 3- حظر ارتياد المتهم أماكن محددة. فإذا خالف المتهم الالتزامات التي يفرضها التدبير، جاز حبسه احتياطياً، ويسري في شأن مدة التدبير أو مدها والحد الأقصى لها واستئنافها ذات القواعد المقررة بالنسبة إلى الحبس الاحتياطي[28]، بينما لم نجد مثل هذه البدائل في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، ونرى بأن المشرع المصري هو الأفضل؛ حيث كان متميزاً جداً في نصه على تلك البدائل للحبس الاحتياطي المتعارض مع أصل البراءة المفترضة في الإنسان، والتي من شأنها الحد من آثار الحبس الاحتياطي الذي قد يتعرض لها المحبوس احتياطياً، وخاصة إذا ثبتت براءته فيما بعد، كما تميز أيضاً في نصه على سريان مدة التدبير أو مدها والحد الأقصى لها على ذات القواعد المقررة بالنسبة للحبس الاحتياطي، مما يؤكد أنه جدير بالتقدير والاحترام كيف لا وهو الأقدم والأعرق، وندعو المشرع اليمني أن يسلك مسلك المشرع المصري في هذا الجانب.
ثالثاً: أن يسبق الحبس الاحتياطي استجواب المتهم: يشترط لصحة الحبس الاحتياطي أن يكون قد سبقه استجواب المتهم، طبقاً لنص المادة (184) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (134) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وعلة لزوم تقدم الأمر بالحبس الاحتياطي استجواب المتهم، أنه قد يكون لديه من الأدلة ما يمكنه من إثبات براءته، ودحض الدلائل المتوفرة ضده، وبالتالي لا يعود هناك مبرر لحبسه[29]، ولم يستثن المشرع اليمني والمصري من شرط الاستجواب السابق للحبس الاحتياطي إلا حالة ما إذا كان المتهم هارباً، فيجوز الأمر بالقبض عليه وحبسه احتياطياً، وفقاً لنص المادة (184) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (134) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، أما إذا لم تقم سلطة التحقيق المختصة باستجواب المتهم قبل حبسه احتياطياً، فإن أمر الحبس الاحتياطي يكون باطلاً لتخلف شرط جوهري من شروط صحته[30].
رابعاً: أن تتوفر دلائل كافية على ارتكاب المتهم للجريمة: يستوجب إجراء حبس المتهم احتياطياً وجود دلائل كافية على اتهامه بارتكاب جريمة من الجرائم التي يجوز الحبس الاحتياطي فيها، وفقاً لنص المادة (184) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (134) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وقد عرف المشرع اليمني (الدلائل الكافية) في المادة (2) من قانون الإجراءات الجزائية بأنها: «الأمور التي يدل ثبوتها على توافر العناصر التي تكفي سنداً للقرار أو الحكم»، وهذه الدلائل تعني الشبهات أو القرائن المستفادة من ظاهر الحال بحيث لا ترقى إلى مرتبة الأدلة[31]، وتقدير توافر الدلائل الكافية أمر متروك لسلطة التحقيق، ورقابة محكمة الموضوع، فإذا لم تتوفر الدلائل الكافية تأمر النيابة بالإفراج عن المتهم فوراً، وإذا تبين لمحكمة الموضوع أن الدلائل غير كافية لتبرير الأمر الصادر من العضو المحقق بالحبس الاحتياطي، يتعين عليها الحكم ببطلان الإجراءات المترتبة عليه، والدليل المستمد منه[32].
الفرع الثاني: الشروط الشكلية للحبس الاحتياطي:
يشترط لصحة الأمر بالحبس الاحتياطي شروط شكلية أيضاً سوف نتناولها في هذا الفرع، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: وجوب صدور الأمر بالحبس الاحتياطي كتابياً: يجب أن يثبت المحقق الأمر بالحبس الاحتياطي في محضر التحقيق، ويحرر أمراً إلى جهة الشرطة بالإيداع في الحبس الاحتياطي[33]، وقد اشترط المشرعان اليمني والمصري أن يكون أمر الحبس الاحتياطي ثابتاً بالكتابة، وفقاً لنص المادة (186) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (138) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، وتكمن العلة من كتابة أمر الحبس الاحتياطي في إثبات ما ورد فيه للاحتجاج به[34]، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بقولها: «...والقاعدة المستقرة قضاءً هو أن إجراءات التحقيق والأوامر الصادرة بشأنه يجب إثباتها بالكتابة، لكي تبقى حجة يعامل الموظفون- الآمرون منهم والمؤتمرون- بمقتضاها، ولتكون أساساً صالحاً لما يبنى عليه من نتائج»[35].
ثانياً: أن يتضمن أمر الحبس الاحتياطي البيانات اللازمة: يجب أن تتوافر في أمر الحبس الاحتياطي البيانات المنصوص عليها في المادة (186) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (127) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، ويمكن حصر تلك البيانات في الآتي:
1- اسم المتهم الثلاثي ولقبه ومحل إقامته.
2- رقم القضية المحبوس فيها، والجريمة المسندة إليه، ومادة القانون المنطبقة على الواقعة.
3- تاريخ الأمر بالحبس الاحتياطي.
4- مدة الحبس الاحتياطي، وتاريخ عرض المتهم على السلطة الآمرة بالحبس للبت في أمره.
5- أن يكون مذيلاً بتوقيع عضو النيابة المختص، أو مصدر الأمر وصفته.
6- بصمة خاتم شعار الجمهورية.
ثالثاً: أن يصدر أمر الحبس الاحتياطي مسبباً: يُقصد بتسبيب أمر الحبس ذكر مبررات ودواعي أمر حبس المتهم احتياطياً التي استندت إليها السلطة الآمرة في إصداره[36]، فلا بد من ذكر التهمة المنسوبة للمتهم (الجريمة المسندة إليه بارتكابها، والمادة القانونية المنطبقة عليها)، وذلك أسباب ودواعي الاتهام وأدلته، وعلى أن تكون الواقعة الإجرامية مما يجوز الحبس الاحتياطي بموجبها[37]، وقد نص المشرع اليمني صراحة على تسبيب أمر الحبس الاحتياطي في نص المادة (76) من قانون الإجراءات الجزائية، والتي نصت على أن: «... وعليه أن يصدر على الفور أمراً مسبباً بحبسه احتياطياً أو الإفراج عنه...»، وبالرجوع إلى قانون الإجراءات الجنائية المصري، نجد أن المشرع المصري لم ينص صراحة على تسبيب أمر الحبس الاحتياطي، إلا أنه اشترط في المادة (139) من ذات القانون على ضرورة إبلاغ الموقوف بأسباب توقيفه، ويستفاد ضمناً من نص هذه المادة إلى ضرورة تسبيب الأمر بالحبس الاحتياطي، وهذا يشكل ضمانة للمتهم حيث أن تسبيب أمر الحبس يجعل الرقابة عليه سهلاً للجهات القضائية الأعلى درجة من السلطة مصدرة أمر الحبس الأمر الذي يحد من الحبس التعسفي[38]، ولما كان تسبيب أمر الحبس الاحتياطي يمثل ضمانة أساسية للمتهم وصيانة لحق الدفاع فإن مخالفته يترتب عليها أن يكون الإجراء باطلاً.
المطلب الثاني: أحكام الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي:
وسوف نتناول هذه الأحكام في هذا المطلب، وذلك في فرعين على النحو الآتي:
الفرع الأول: طبيعة الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي:
يتعين على المحقق الالتزام بالشروط والضمانات القانونية- التي أشرنا إليها سابقاً- لإجراء الحبس الاحتياطي، ما لم فإن الإجراءات التي تمت دون مراعاة لتلك الشروط والضمانات مصيرها البطلان، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه: «إذا لم تراع شروط الحبس الاحتياطي وقع هذا الحبس باطلاً، وترتب على ذلك بطلان جميع الإجراءات التي اتخذت والمتهم محبوس حبساً باطلاً»[39]، ووسيلة التمسك بهذا البطلان هو دفع يثيره المتهم المحبوس احتياطياً أمام محكمة الموضوع، والدفوع بصفة عامة إما أن تكون متعلقة بالنظام العام، وإما أن تكون غير متعلقة بالنظام العام (أي متعلقة بمصلحة الخصوم)، وقد اختلف فقهاء القانون حول الطبيعة القانونية للدفع ببطلان الحبس الاحتياطي، فقد ذهب رأي من الفقه إلى أنه دفع متعلق بالنظام العام وحجته في ذلك إن الحبس الاحتياطي قد ورد عليه النص في الدستور، وكل ما ورد في الدستور من قواعد وضمانات هو من النظام العام[40]، بينما ذهب رأي آخر من الفقه إلى اعتبار الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي من الدفوع التي لا تتعلق بالنظام العام وحجتهم في ذلك أن الغرض من هذه الضمانة هو تحقيق مصلحة المتهم[41]، والذي يبدو لنا أن الحبس الاحتياطي باعتباره من إجراءات التحقيق الابتدائي، فإن الدفع ببطلانه يتعلق بمصلحة الخصوم، ويُفهم ذلك من نص المادة (398) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والمادة (333) من قانون الإجراءات الجنائية المصري المشار إليهما سابقاً، وبالتالي يخضع هذا الدفع للقواعد العامة المقررة للدفوع المتعلقة بمصلحة الخصوم، وعليه فلا يقبل الدفع به إلا ممن له صفة أو مصلحة في ذلك، وهو المتهم المحبوس احتياطياً[42]، كما يترتب على اعتبار الدفع بالحبس الاحتياطي متعلقاً بمصلحة الخصوم، أنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام المحكمة العليا (النقض)، بل لا بد أن يُثار أمام محكمة الموضوع أولاً قبل إقفال باب المرافعة، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه: «وإذ لم يدفع المتهم بجلسة المحاكمة ببطلان أمر النيابة العامة بضبطه وحبسه احتياطياً لعدم اشتماله على البيانات المنصوص عليها في المادة (127) إجراءات، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح قيام ذلك البطلان، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض»[43]، كما قضت بالقول: «... إن عدم الدفع ببطلان التحقيقات السابقة على المحاكمة لا يسوغ الدفع ببطلان تحقيق النيابة لأول مرة أمام محكمة النقض»[44]، كما أنه يجوز التنازل عن التمسك به، ويستوي أن يكون هذا التنازل صريحاً أو ضمنياً الذي يُستفاد من عدم الدفع به حتى إقفال باب المرافعة، كما يسقط الحق في الدفع به إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه[45]، ومن جهة أخرى يعتبر الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع[46]، وتأخذ حكم الدفوع الموضوعية؛ لأنها تتطلب الخوض في موضوع الدعوى ووقائعها لتحقيقه وإثباته[47]، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه: «من المقرر أنه لا يجوز إثارة الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وبطلان الاعتراف أمام محكمة النقض- مادامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته- لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً ينأى عن وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم فلا يقبل من الطاعنين من بعد النعي على المحكمة قعودها عن الرد عن دفاع لم يثر أمامها- ولا يقبل منها التصدي بذلك- لأول مرة أمام محكمة النقض»[48]، وعليه يكون الحكم الذي تصدره المحكمة إذا تأكدت من صحة هذا الدفع هو حكم في موضوع الدعوى يقضي ببراءة المتهم، وتطبيقاً لذلك قضت المحكمة العليا في اليمن بأن: «مخالفة إجراءات الضبط والقبض مؤداه القضاء ببراءة المتهم»[49]، كما يُعتبر هذا الدفع من الدفوع الجوهرية التي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليها، وإلا كان حكمها باطلاً، فإذا دفع المتهم ببطلان حبسه احتياطياً فإنه يتعين على المحكمة أن تتعرض لهذا الدفع الجوهري، وأن ترد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو بالرفض، وإلا كان حكمها معيباً مما يتعين بطلانه[50]، وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية بأنه:» وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي وما ترتب عليه هو من أوجه الدفاع الجوهرية التي يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، متى كان الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على الدليل المستمد منه... فإنه يكون فوق قصوره في التسبيب معيباً بالإخلال بحق الدفاع، بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث سائر وجوه الطعن»[51].
الفرع الثاني: الآثار المترتبة على الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي:
يترتب على بطلان الحبس الاحتياطي لمخالفته القواعد القانونية المنظمة للحبس الاحتياطي بطلان أي إجراء أو دليل يكون مستمداً منه أو مترتباً عليه مباشرةً[52]، وفقاً لنص المادة (402) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني، والتي نصت على أن: «التقرير ببطلان أي إجراء يشمل بطلان كل الآثار المباشرة له ويتعين تصحيح هذا البطلان متى كان ذلك ممكناً من آخر إجراء تم صحيحاً»، وكذلك نص المادة (336) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والتي نصت على أنه: «إذا تقرر بطلان أي إجراء فإنه يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة، ولزوم إعادته متى أمكن ذلك»، ويُفهم من خلال النصوص المذكورة أعلاه، أنه إذا ما ثبت بطلان الحبس الاحتياطي فإن ذلك حتماً يؤدي إلى بطلان أي إجراء أو دليل يكون مستمداً منه أو لاحقاً عليه مباشرةً، فإذا صدر عن المتهم اعتراف إثر الحبس الاحتياطي الباطل، فلا يصح التعويل عليه، والاستناد إليه في الحكم، كما يُفهم أيضاً من خلال النصوص المذكورة أعلاه أنه إذا ثبت بطلان الحبس الاحتياطي، فإن ذلك لا يحول دون الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن الحبس الاحتياطي الباطل[53]؛ كاعتراف المتهم في محضر جمع الاستدلالات، أو أمام المحكمة، وتقدير الصلة بين الحبس الاحتياطي الباطل والدليل الذي تستند إليه المحكمة مسألة موضوعية[54]، وعلى محكمة الموضوع أن تلفت عن الدليل المستمد من تفتيش المتهم إذا استبان لها بطلان القبض على المتهم وحبسه احتياطياً، سواءً لأن الدلائل لم تكن كافية، أو لإغفال استجواب المتهم أو لبطلان استجوابه، ويتعين الإفراج عن المتهم فوراً [55]، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية بأنه: «إذ لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق»[56].
الخاتمة
بعد أن انتهينا بحمد الله وتوفيقه من بحث هذا الموضوع (الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي في القانون اليمني «دراسة مقارنة»)، الذي دفعنا للبحث فيه هو عدم وجود كيان مستقل، وتنظيم واضح وصريح بأحكام هذا الدفع في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، وكان لا بد لنا في ظل هذا الغياب والغموض التشريعي العودة إلى مجمل نصوص القانون، وكذلك آراء الفقه وأحكام القضاء اليمني والمقارن، لمعرفة أحكام هذا الدفع وآثاره، وقد توصلنا إلى النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً: النتائج:
1- تبين لنا من خلال الدراسة أن الطبيعة القانونية للحبس الاحتياطي هي أنه إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي، كما أنه لا يجوز التفويض فيه لمأمور الضبط القضائي؛ لأنه لا يجوز إلا بعد استجواب المتهم.
2- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية، وكذلك المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية لم يعرفا الدفوع الجزائية عموماً..
3- تبين لنا من خلال الدراسة أن الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي يقصد به الأوجه الموضوعية أو القانونية التي يثيرها الخصم في الدعوى الجزائية أثناء المحاكمة، والتي يهدف من خلالها إلى إبطال الحبس الاحتياطي، لمخالفتها الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
4- تبين لنا من خلال الدراسة أن الأساس الذي يستمد منه الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي أساسه القانوني في اليمن هو أحكام المادة (398) من قانون الإجراءات الجزائية، وفي مصر أحكام المادة (333) من قانون الإجراءات الجنائية.
5- اتضح لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية، وكذلك المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، قد أشارا إلى طبيعة الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي على أنه من الدفوع التي لا تتعلق بالنظام العام، بل من الدفوع التي تتعلق بمصلحة الخصوم.
5- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية، وكذلك المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية اشترطا شروطاً لصحة الحبس الاحتياطي، فإذا لم تقم السلطة المختصة بالتحقيق (النيابة العامة) بمراعاة أي منها، فإن الحبس الاحتياطي يكون باطلاً لتخلف شرط من شروط صحته.
6- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية أخذ بالتقسيم الثنائي للجريمة؛ حيث أنه قسمها إلى جرائم جسيمة، وجرائم غير جسيمة، بينما المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية أخذ بالتقسيم الثلاثي للجريمة؛ حيث أنه قسمها إلى جنايات، وجنح، ومخالفات.
7- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية نص على تدابير كبدائل للحبس الاحتياطي، بينما لم نجد مثل البدائل لدى المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية.
8- تبين لنا من خلال الدراسة أن تقدير توافر الدلائل الكافية على ارتكاب المتهم للجريمة أمر متروك لسلطة التحقيق (النيابة العامة)، تحت رقابة محكمة الموضوع.
9- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية نص صراحة على ضرورة تسبيب أمر الحبس الاحتياطي، بينما المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية لم ينص صراحةً على ضرورة تسبيب الأمر بالحبس الاحتياطي.
10- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية، وكذلك المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، قد نصا على العديد من الضمانات للحبس الاحتياطي، وفي حال عدم مراعاة أي منها فإنه يجوز للمتهم المحبوس احتياطياً أن يدفع ببطلان الحبس الاحتياطي.
11- تبين لنا من خلال الدراسة أن أقصى مدة للحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي هي ستة أشهر لدى المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، وهي ضعف المدة المحددة بثلاثة أشهر لدى المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، وهي مدة طويلة جداً من شأنها التأثير في إرادة المتهم.
12- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية كان موفقاً جداً عندما تكفل برد اعتبار المتهم المحبوس احتياطياً إذا حكم ببراءته، أو صدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية ضده، وذلك من خلال تعويضه معنوياً ومادياً، بينما لم نجد مثل هذه التعويضات لدى المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية.
13- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية لم ينص صراحةً على ضرورة إبلاغ المتهم المحبوس احتياطياً بأسباب حبسه، بينما المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية قد نص صراحةً على هذه الضمانة الهامة للمتهم المحبوس احتياطياً.
14- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية لم ينص صراحةً على حق المتهم المحبوس احتياطياً الاتصال بمن يرى إبلاغه عن وضعه، بينما المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية قد نص صراحةً على هذا الحق للمتهم المحبوس احتياطياً.
15- تبين لنا من خلال الدراسة أن المشرع اليمني في قانون الإجراءات الجزائية لم يحدد المدة التي يجب على محكمة الاستئناف خلالها النظر في الطعن المقدم إليها من قبل المتهم المحبوس احتياطياً ضد أمر النيابة العامة بحسبه احتياطياً، أو من قرار مد مدته، بينما المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية كان أكثر دقة وحدد تلك المدة بثمان وأربعين ساعة من تاريخ رفع الطعن إليها.
16- تبين لنا من خلال الدراسة أن هناك خلافاً فقهياً حول طبيعة الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي، أما المشرعان اليمني والمصري فقد حسما هذا الخلاف، وأشارا إلى أن طبيعة الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي هو دفع متعلق بمصلحة الخصوم باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي.
17- تبين لنا من خلال الدراسة أن الأثر المترتب على الدفع ببطلان الحبس الاحتياطي هو إبطال الدليل المستمد من إجراء الحبس الباطل مباشرةً.
ثانياً: التوصيات:
1- ندعو المشرعين اليمني والمصري إلى أن يضعا تعريفاً للدفوع في تشريعات الإجراءات الجزائية يهتدي به الفقهاء، ويزيل الخلاف فيما بينهم، وكذلك من أجل الوصول إلى كيان مستقل، وتنظيم قانوني لأحكام الدفوع الجزائية عموماً، كما هو الحال في تشريعات المرافعات المدنية.
2- نوصي المشرع اليمني مخلصين أن يحذو حذو المشرع المصري وينص على تدابير أخرى كبدائل للحبس الاحتياطي المتعارض مع أصل البراءة المفترضة في الإنسان، والتي من شأنها الحد من تأثير الحبس الذي قد يتعرض له المحبوس احتياطياً وخاصة إذا ثبتت براءته فيما بعد.
3- ندعو المشرع اليمني بأن يسلك مسلك المشرع المصري ويخفض مدة الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي إلى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة أشهر ؛ كونها مدة طويلة جداً من شأنها التأثير في إرادة المتهم.
4- نوصي المشرع اليمني بأن يحذو حذو المشرع المصري ويقر بأحقية المحبوس احتياطياً الذي حكم ببراءته أو صدر قرار بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجزائية ضده في التعويض المادي والمعنوي عن مدة الحبس التعسفي الذي تعرض له.
5- ندعو المشرع اليمني أن يسلك مسلك المشرع المصري وينص صراحةً على حق المحبوس احتياطياً في إبلاغه بأسباب حبسه، وحقه في الاتصال بمن يرى ضرورة إبلاغه عن واقعة حبسه احتياطياً.
6- نوصي المشرع اليمني بأن يحذو حذو المشرع المصري ويحدد المدة التي يجب على محكمة الاستئناف خلالها النظر والفصل في الطعن المقدم إليها من قبل المتهم المحبوس احتياطياً ضد أمر النيابة العامة بحبسه احتياطياً، والتي حددها بثمان وأربعين ساعة من تاريخ رفع الطعن.
قائمة المراجع
أولاً: المراجع الفقهية:
- البكري، محمد عزمي، موسوعة الدفوع في قانون المرافعات في ضوء الفقه والقضاء، دار محمود، القاهرة، بدون سنة نشر.
- الخطيب، خالد عبدالباقي، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الاستدلال والتحقيق الابتدائي، مكتبة خالد بن الوليد، صنعاء، 2015م.
- الشميري، مطهر عبده محمد، شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مكتبة الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء، 2017م.
- الشهاوي، قدري عبدالفتاح، معايير الحبس الاحتياطي والتدابير البديلة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م.
- المجالي، سميح ، أثر الإجراء الباطل في المركز القانوني للمتهم، دار وائل للنشر، عمان، دون سنة نشر.
- المر، محمد عبدالله محمد، الحبس الاحتياطي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006م.
- المرصفاوي، حسن صادق، أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1998م.
- حافظ، مجدي محب، الحبس الاحتياطي، بدون ذكر الناشر، ولا مكان النشر، 1998م.
- رمضان، عمر السعيد، مبادئ قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993م.
- سرور، أحمد فتحي، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985م.
- سعد الدين، مدحت محمد، نظرية الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية، شركة الإعلانات الشرقية، ودار الجمهورية للصحافة، مصر، 2003م.
- شمس الدين، أشرف توفيق، شرح قانون الإجراءات الجنائية، طبعة مزيدة ومنقحة طبقاً لأحدث التعديلات التشريعية ونصوص دستور2014م، وأحكام القضاء، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014م.
- صقر، نبيل صقر، الدفوع الجوهرية، دار الهدى، الجزائر، 2008م.
- صياح، سري محمد، الحبس الاحتياطي في التشريع المصري، دار الشروق، القاهرة، 2007م.
- عبدالتواب، معوض عبدالتواب، الدفوع الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2006م.
- عبدالتواب، معوض عبدالتواب، قانون الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1987م.
- عبيد، رؤوف، ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية، الطبعة الثانية، مطبعة الاستقلال، القاهرة 1977م.
- عثمان، آمال عبدالرحمن، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1989م.
- عثمان، أحمد عبدالحكيم، أحكام وضوابط الحبس الاحتياطي، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2008م.
- مجلي، حسن علي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، جمع الاستدلالات والتحقيق، دار جامعة صنعاء للطباعة والنشر، صنعاء، 2012م.
- مجلي، حسن علي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، المحاكمة، دار جامعة صنعاء للطباعة والنشر، صنعاء، 2012م.
- مهدي، عبدالكريم، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م.
- نجاد، محمد راجح، شرح قانون الإجراءات الجزائية، القسم الثاني، الإجراءات السابقة على المحاكمة، لم يذكر الناشر، ولا سنة النشر، اليمن.
- ولد علي، محمد ناصر أحمد، التوقيف في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، دراسة مقارنة، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، 2007م.
ثانياً: الرسائل الجامعية:
الحوامدة، لورانس سعيد أحمد، الدفوع الشكلية في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة عمان العربية للدراسات العليا، عمان، 2008م.
ثالثاً: المجلات العلمية:
- المحلاوي، أنيس حسيب السيد، بطلان الإجراءات الاحتياطية ضد المتهم في قانون الإجراءات الجنائية المصري، مجلة الشريعة والقانون، العدد(35) الجزء الثاني (1442هـ- 2020م).
- بامعلم، صالح أحمد صالح، الحبس الاحتياطي، ضمانته والتعويض عنه في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة تهامة، العدد (10)، اليمن، لم يذكر سنة النشر.
- مهدي، عبدالرؤوف، الحبس الاحتياطي في ضوء أحكام القانون رقم (145) لسنة 2006م، والقانون رقم (153) لسنة2007م، بحث منشور في مدونة العلوم القانونية 2007م.
رابعاً: القوانين:
- دستور الجمهورية اليمنية النافذ، والصادر في عام1990م، والمعدل في عام 1994، 2001، 2009م.
- قانون الإجراءات الجزائية اليمني رقم (13) لسنة 1994م.
- قانون المرافعات والتنفيذ المدني اليمني رقم (40) لسنة 2002م.
- قانون رعاية الأحداث اليمني رقم (24) لسنة 1992م.
- قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم (50) لسنة 1950م.
- قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1986م.
- قانون الطفل المصري رقم (12) لسنة 1996م.
خامساً: الأحكام القضائية:
- نماذج من أحكام القضاء اليمني مشار إليها في هوامش الدراسة.
- نماذج من أحكام القضاء المصري مشار إليها في هوامش الدراسة.
[1] الشهاوي، قدري عبدالفتاح، معايير الحبس الاحتياطي والتدابير البديلة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م، ص13.
[2] صياح، سري محمد، الحبس الاحتياطي في التشريع المصري، دار الشروق، القاهرة، 2007م، ص23.
[3] رمضان، عمر السعيد، مبادئ قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1993م، ص41.
[4] سرور، أحمد فتحي، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1985م، صـ62.
[5] حافظ، مجدي محب، الحبس الاحتياطي، بدون ذكر الناشر، ولا مكان النشر، 1998م، ص31.
[6] المرصفاوي، حسن صادق، أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1998م، ص425.
[7] المر، محمد عبدالله محمد، الحبس الاحتياطي، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006م، ص40.
[8] القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية، الجريدة الرسمية، العدد (19ج4) لسنة 1994م.
[9] القانون رقم (50) ن لسنة1950م بشأن الإجراءات الجنائية، وفقاً لآخر التعديلات 2015م، مركز معلومات النيابة العامة المصرية، مايو 2016م.
[10] قانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني، الجريدة الرسمية، العدد 19 الصادر بتاريخ 15/10/2002م.
[11] القانون رقم (13) لسنة 1986م بشأن المرافعات المدنية والتجارية المصري.
[12] الطعن رقم (21) لسنة 44ق أحوال شخصية، جلسة7/4/1976م، أشار إليه البكري، محمد عزمي، موسوعة الدفوع في قانون المرافعات في ضوء الفقه والقضاء، دار محمود، القاهرة، بدون سنة نشر، ص11.
[13] سعد الدين، مدحت محمد، نظرية الدفوع في قانون الإجراءات الجنائية، شركة الإعلانات الشرقية، ودار الجمهورية للصحافة، مصر2003م، ص22.
[14] عبيد، رؤوف، ضوابط تسبيب الأحكام الجنائية، الطبعة الثانية، مطبعة الاستقلال، القاهرة، 1977م، ص163.
[15] والتي نصت على أنه:» يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري».
[16] والتي نصت على أنه:» إذا كان البطلان راجعاً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام، جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب».
[17] والتي نصت على أنه:» في غير الأحوال المشار إليها في المادة السابقة، يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه... وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه».
[18] بامعلم، صالح أحمد صالح، الحبس الاحتياطي، ضمانته والتعويض عنه في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مرجع سابق، ص179.
[19] بامعلم، صالح أحمد صالح، الحبس الاحتياطي، ضمانته والتعويض عنه في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مرجع سابق، ص183.
[20] الشميري، مطهر عبده محمد، شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مكتبة الصادق للطباعة والنشر والتوزيع، صنعاء2017م، ص235.
[21] قانون الطفل المصري رقم (12) لسنة1996م.
[22] القرار الجمهوري بالقانون رقم (24) لسنة 1992م بشأن رعاية الأحداث، المعدل بالقانون رقم (26) لسنة1997م.
[23] راجع نصوص المواد (116، 176، 186، 189) من قانون الإجراءات الجزائية اليمني.
[24] راجع نصوص المواد (134، 136، 137، 143) من قانون الإجراءات الجنائية المصري.
[25] عثمان، آمال عبدالرحمن، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1989م، ص520.
[26] ولد علي، محمد ناصر أحمد، التوقيف في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، دراسة مقارنة، جامعة النجاح الوطنية، نابلس2007م، ص64.
[27] المجالي، سميح ، أثر الإجراء الباطل في المركز القانوني للمتهم، دار وائل للنشر، عمان، دون سنة نشر، ص398.
[28] راجع نص المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية المصري، المستبدلة بالقانون رقم (145) لسنة 2006م.
[29] مجلي، حسن علي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، جمع الاستدلالات والتحقيق، دار جامعة صنعاء للطباعة والنشر، صنعاء2012م، ص376.
[30] سرور، أحمد فتحي، الوسيط في الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص1064.
[31] عثمان، أحمد عبدالحكيم، أحكام وضوابط الحبس الاحتياطي، دار الكتب القانونية، القاهرة، 2008م، ص66.
[32] الشميري، مطهر عبده محمد، شرح قانون الإجراءات الجزائية اليمني، مرجع سابق، ص235، و سرور، أحمد فتحي، الوسيط في الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص1063.
[33] شمس الدين، أشرف توفيق، شرح قانون الإجراءات الجنائية، طبعة مزيدة ومنقحة طبقاً لأحدث التعديلات التشريعية ونصوص دستور2014م، وأحكام القضاء، دار النهضة العربية، القاهرة، 2014م، ص449.
[34] عثمان، أحمد عبدالحكيم، أحكام وضوابط الحبس الاحتياطي، مرجع سابق، ص84.
[35] الطعن رقم (1359) لسنة 80 قضائية جلسة 6/3/2012م، أشار إليه المحلاوي، أنيس حسيب السيد، بطلان الإجراءات الاحتياطية ضد المتهم في قانون الإجراءات الجنائية المصري، مجلة الشريعة والقانون، العدد (35) الجزء الثاني (1442هـ-2020م)، ص1025.
[36] شمس الدين، أشرف توفيق، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، صـ450
[37] بامعلم، صالح أحمد صالح، الحبس الاحتياطي، ضمانته والتعويض عنه في قانون الإجراءات الجزائية اليمني، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة تهامة، العدد(10)، اليمن، لم يذكر سنة النشر، ص176.
[38] ولد علي، محمد ناصر أحمد، التوقيف في قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، مرجع سابق، ص68.
[39] النقض رقم (13784) لسنة 59 قضائية، جلسة 15/3/1990م، أشار إليه المحلاوي، أنيس حسيب السيد، بطلان الإجراءات الاحتياطية ضد المتهم في قانون الإجراءات الجنائية المصري، مرجع سابق، ص1051.
[40] مهدي، عبدالكريم، شرح القواعد العامة للإجراءات الجنائية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006م، ص396، سرور، أحمد فتحي، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص1074.
[41] عثمان، آمال عبدالرحيم، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص381، الحوامدة، لورانس سعيد أحمد، الدفوع الشكلية في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، جامعة عمان العربية للدراسات العليا، عمان2008م، ص118.
[42] الخطيب، خالد عبدالباقي، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الاستدلال والتحقيق الابتدائي، مكتبة خالد بن الوليد، صنعاء،2015م، ص238.
[43] النقض الصادر في جلسة 17/12/1995م، مجموعة أحكام محكمة النقض، س46، ص1280، مشار إليه لدى: شمس الدين، أشرف توفيق، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص442.
[44] النقض رقم (106) لسنة24 قضائية، جلسة 29/4/1973م، أشار إليه عبدالتواب، معوض عبدالتواب، قانون الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية1987م، ص768.
[45] الخطيب، خالد عبدالباقي، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الاستدلال والتحقيق الابتدائي، مرجع سابق، ص239.
[46] مجلي، حسن علي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، المحاكمة، دار جامعة صنعاء للطباعة والنشر، صنعاء، 2012م، ص439.
[47] صقر، نبيل صقر، الدفوع الجوهرية، دار الهدى، الجزائر، 2008م، ص31، 32.
[48] النقض رقم (3271) لسنة 62ق، جلسة 24/1/1994م، س45، ص151، مشار إليه لدى: عبدالتواب، معوض عبدالتواب، الدفوع الجنائية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2006م، ص320.
[49] الحكم في الطعن الجزائي رقم (353) لسنة 1418هـ، الصادر بتاريخ 15/11/1999م، مشار إليه لدى: مجلي، حسن علي، شرح قانون الإجراءات الجزائية، جمع الاستدلالات والتحقيق، مرجع سابق، ص366.
[50] شمس الدين، أشرف توفيق، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص401.
[51] النقض رقم (9071) لسنة 61ق، جلسة 2/2/2000م، مشار إليه لدى: عبدالتواب، معوض، الدفوع الجنائية، مرجع سابق، ص321.
[52] عثمان، آمال عبدالرحيم، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص516، الخطيب، خالد عبدالباقي، مبادئ قانون الإجراءات الجزائية، الاستدلال والتحقيق الابتدائي، مرجع سابق، ص253.
[53] نجاد، محمد راجح، شرح قانون الإجراءات الجزائية، القسم الثاني، الإجراءات السابقة على المحاكمة، لم يذكر الناشر، ولا سنة النشر، اليمن، ص217.
[54] عثمان، آمال عبدالرحيم عثمان، شرح قانون الإجراءات الجنائية، مرجع سابق، ص517.
[55] مهدي، عبدالرؤوف مهدي، الحبس الاحتياطي في ضوء أحكام القانون رقم (145) لسنة2006م، والقانون رقم (153) لسنة 2007م، بحث منشور في مدونة العلوم القانونية، 2007م، ص33.
[56] النقض رقم (9774) لسنة87ق، الصادر في جلسة 6/11/2017م، مشار إليه لدى: المحلاوي، أنيس حسيب السيد، بطلان الإجراءات الاحتياطية ضد المتهم في قانون الإجراءات الجنائية، مجلة الشريعة والقانون، مرجع سابق، ص1005.