جرائـم الشيك في التشريع اليمني

الدكتـور / محمـد يحـيى السلمـي

3/18/2024

يمكنك تنزيل الدراسة من هنا

جرائـم الشيك في التشريع اليمني 
«التجاري والعقوبات»

(دراسة مقارنة بالتشريع المصري)

                             

 

 

الدكتـور / محمـد يحـيى السلمـي

 

مقدمة

 الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على معلم البشرية سيدنا محمد الصادق الأمين، ثم أما بعد،،،

1- أهمية موضوع البحث: 

لا شك بأن النقص في بني البشر يتبعه القصور في التشريعات الوضعية التي يتولى تقنينها بين حينٍ وآخر لتنظيم شؤون حياته في مجالاتها المختلفة، الأمر الذي مؤداه دائماً وجود فجوة قائمة بين الواقع والقانون من شأن اتساعها شيوع الاضطراب في المجتمع بما يهدد النزول عن الحد الأدنى لضمان اقتضاء الحقوق واستقرار المعاملات وزعزعة الثقة في كفاءة القانون.

وهنا يأتي دور الفقه القانوني للقيام بوظيفته نحو البحث والدراسة لتلك المشكلات لإيجاد الحلول الملائمة لها بما غايته الحد منها إن لم يكن القضاء عليها برمتها، ويأمل الباحث قيام جهة الاختصاص ذات العلاقة بدورها نحو الأخذ بالنتائج والتوصيات المقترحة محل هذه الدراسة المتواضعة محل السطور لتحقيق ذات الغاية المنشودة وراء كل بحث علمي وقانوني.

ولما كانت البيئة التجارية تتطلب السرعة والثقة والائتمان في وقت واحد فقد تولى التجار أنفسهم خلق وسائل وأدوات تتفق وطبيعة نشاطهم التجاري ومن ذلك على سبيل  المثال لا الحصر الأوراق التجارية «الكمبيالة ـ الشيك ـ السند لأمر» كأدوات بديلة عن النقود للوفاء بالالتزامات كرسها المشرع بقواعد خاصة بأحكام القانون التجاري والتي وإن كانت تبدو في ظاهرها بسيطة وسريعة أن لها ما يضمن حسن تنفيذها من أحكام وقواعد تعتبر قاسية في جوهرها مما لا يتناسب وطبيعة الحياة المدنية، وذلك كما هو الحال في القواعد الخاصة بافتراض التضامن بين المدينين بدين تجاري ومنع المهلة القضائية والتنفيذ المعجل ووجود نظام شهر الإفلاس والخضوع لنظام قضائي متخصص للفصل في المنازعات التجارية.

ولما كان الشيك يختلف عن غيره من الأوراق التجارية (الكمبيالة، السند لأمر) فهذه الأخيرة أدوات ائتمان بطبيعتها لا تستحق السداد إلا بعد مضي فترة من الزمن قد تطول وقد تقصر، في حين أن الشيك- بحسب طبيعته الأصلية- أداة وفاء دائماً واجب الدفع بمجرد تقديمه إلى المسحوب عليه فهو كالنقود سواء بسواء لأنه ليس إلا إيصال بنقود موضوعه تحت تصرف حامل الإيصال في أي وقت يقبضها لذلك يقبل الأفراد على استخدام الشيك في معاملاتهم التجارية والمدنية أيضاً.

ولهذا كان من المنطقي ألا يكتفي المشرع بما يترتب على الإخلال بتلك الورقة التجارية (الشيك) من جزاء مدني، فقد يطول الأمد للحصول على الحق عن طريقها إن أمكن الوصول إليه، وقد لا يحقق الجزاء المدني غاية المشرع هذا فضلاً عما يترتب عليه من انكماش انتشار استعمال الشيكات وسط المجتمع.

لذلك كان من اللازم تدخل المشرع الذي لجأ إلى التهديد بوضع الجزاء الجنائي عند الاعتداء على الشيك بما غايته إحاطته بحماية جنائية تحقق الردع الخاص والعام معاً، فمراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت صاحب الشيك إلى إصداره، إذ إنها لا أثر لها على طبيعته، كونها من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية وإن كان لها أثر في تقدير العقوبة وفق ما يراه قاضي الموضوع في ظل ظروف الواقعة وشخصية الفاعل والتي تختلف من واقعة لأخرى بطبيعة الحال. 

ولا ريب أن الرصيد يعد أهم الضمانات التي يعتمد عليها حامل الشيك في الحصول على قيمته، فلولا اطمئنانه إلى وجود هذا الرصيد طرف المسحوب عليه لما رضي ابتداء بتسوية حقه عند الساحب بطريق الشيك، ولهذا كان من حُسن التشريع تمكين الحامل من الرصيد بالاعتراف له بحق خاص عليه وإجبار الساحب بطريق الزجر والعقاب على تجهيزه وإبقائه تحت تصرف الحامل إلى حين الوفاء بقيمة الشيك، وهو ما ذهبت إليه التنظيمات التشريعية لغالب دول العالم إن لم تكن جميعها نحو تنظيم أحكام الشيك وتأثيم الأفعال المخالفة لها ومنها تشريعات الدولتين محل البحث والدراسة، وحقيقة الأمر أن مثل هذا التهديد لا يقطع دابر الإجرام ولكن من شأنه التقليل منه.

2- المشكلة محل البحث والدراسة:

تكمن المشكلة البحثية في تلك الفجوة القائمة بين الواقع والقانون الوطني نحو تفشي ظاهرة جرائم الشيكات في المجتمع والتي من أجلها قام المشرع بتعديل أحكام القانون التجاري بتقرير جزاء جنائي ملائم بنصوصه لجرائم الشيكات، ولكن بالرغم من ذلك ما زالت هذه الظاهرة منتشرة من خلال اكتظاظ المحاكم والنيابات العامة بالمنازعات المتعلقة بهذه الورقة التجارية، ونعتقد أن سبب ذلك يكمن في الفروض الآتية:

1. استمرار قيام التعارض في التشريع الوطني بين نصوص كل من القانون العام (قانون الجرائم والعقوبات) والقانون الخاص (القانون التجاري) لتولي كل منهما تنظيم مسألة واحدة وهي جرائم الشيكات.

2. تنصل الجهة المعنية (المؤسسة القضائية) الوطنية عن العمل على تطبيق النص الملائم الوارد بالقانون الخاص بالمادة (805) من القانون التجاري بشأن جرائم الشيكات والتي من شأن تطبيق الجزاء محل هذا النص هو قيامها بأداء وظيفتها المرسومة نحو تحقيق الردع العام والخاص معاً.

3. استمرار العمل بتطبيق نص المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات الوطني والبين من ذلك عدم التناسب بين الجزاء المقرر والفعل المؤاثم عليه لجرائم الشيكات وهو ما يحول دون أداء العقوبة لوظيفتها للقضاء على هذه الظاهرة الإجرامية أو الحد منها على الأقل في المجتمع.

4. عدم دقة صياغة النصوص بالتشريع التجاري الوطني بشأن العقوبات المقررة بمواجهة «الشخص المعنوي» البنك المسحوب عليه حال مخالفته قواعد وأحكام الشيك.

5. ضعف وعدم تناسب العقوبة المقررة بأحكام القانون التجاري «الوطني» لتلك الأفعال المؤاثمة التي يرتكبها موظف البنك «المسحوب عليه».

وعلى الرغم من قيام المشرع الوطني مؤخراً وهو أمر محمود تولاه لمواكبة التطورات الاقتصادية- بوضع نصوص عقابية ملائمة لجرائم الشيكات بقواعد القانون الخاص بأحكام المواد (من 805 إلى 810) من القانون التجاري. إلا أن المشكلة تثور من جديد كما يحكي به الواقع العملي نحو استمرار ظهور تلك الفجوة بين الواقع والقانون بتفشي الظاهرة الإجرامية (جرائم الشيكات)، ونعتقد أن سببه كامن في عدم العمل بهذه النصوص الجديدة وبالمقابل استمرار العمل بالنص غير المناسب للعقاب نحو تطبيق النص الجزائي «القديم» بالمادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات دون تطبيق النص الجزائي (الجديد) بالمادة (805) من القانون التجاري وهو ما يثير التعارض والاضطراب وعدم الثقة في كفاءة القانون وظهور تلك الفجوة بطبيعة الحال. 

3- منهج البحث:

لقد اخترنا أن نعالج موضوع البحث من خلال اتباع نهج الدراسة المقارنة ونهج الدراسة التحليلية لجرائم الشيكات التي وضع لها المشرع الوطني تنظيماً بالقانون العام من جانب، والقانون الخاص من جانب ثانٍ ومقارنتها بما يجب أن تكون عليه كما هو كائن بالفعل بالتشريع المقارن محل البحث (التشريع المصري) من أجل بيان القوة والضعف في كل منهما للمناداة عقب ذلك بالأخذ بالنصوص التشريعية المناسبة الملائمة لسد الفجوة القائمة بين الواقع والقانون مسترشدين بآراء الفقه وأحكام القضاء للوصول إلى نتائج وتوصيات هامة إن تم الأخذ بها بشكل جاد كنا بصدد القضاء على تفشي ظاهرة جرائم الشيك في المجتمع.

4- خطة البحث:

محل البحث هي جرائم الشيك ومن هذا اللفظ المركب يتبين أنها جرائم متعددة غير محصورة في تلك الجريمة العالقة بذهن الغالب من أشخاص المجتمع المعروفة بجريمة إصدار شيك بدون رصيد؛ إذ إن هذه الجريمة وإن كان لها الصدارة في الهرم الإجرامي للاعتداء على الشيك فإن هناك جرائم أخرى قد يقوم بها ساحب الشيك أو المظهر أو حامل الشيك وكذلك قد يتم الاعتداء على هذه الورقة من موظف البنك المسحوب عليه وهو ما يحول دون تحقيق الشيك لوظيفته كأداة تقوم مقام النقود للوفاء بالالتزامات، لذلك سنقوم بتقسيم هذا البحث على النحو الآتي:

مقدمة

المبحث الأول: الشيك محل الحماية الجنائية

المطلب الأول: ماهية الشيك

المطلب الثاني: الشروط اللازم توافرها لتقرير الحماية الجنائية للشيك

المبحث الثاني: أركان جرائم الشيك

المطلب الأول: جرائم الساحب ومن في حكمه

المطلب الثاني: جرائم المسحوب عليه والمستفيد

الخاتمة: النتائج والتوصيات

المبحث الأول
الشيك محل الحماية الجنائية

تمهيد وتقسيم

يعد الشيك أهم الأوراق التجارية وإن كان آخرها ظهوراً، ولهذا اهتمت كافة التشريعات بوضع تنظيم قانوني مفرد لهذه الورقة لما لها من أهمية بالغة في الحياة الاقتصادية والتجارية، فتناولت تلك التشريعات أحكام الشيك من كافة جوانبه بما في ذلك كيفية إنشائه ابتداءً، وما هي البيانات التي يجب أن يتضمنها وكيفية تداوله وافتراض التضامن بين المدينين الواردة توقيعاتهم عليه وغير ذلك من الأحكام بما في ذلك النصوص العقابية المقررة بمواجهة كل من يخالف أحكامه، بيد أنه قبل الخوض في تلك البيانات والشروط التي بتوافرها يمكن القول إننا بصدد ورقة تجارية شيك صحيح توافرت له مقوماته ليكون محلاً للحماية الجنائية يجدر أولاً بيان المقصود بالشيك ثم خصائصه وأحكام تنظيمه الواردة بقواعد التشريع محل الدراسة، وتفصيل ما أجملناه ونتناوله من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول بالمطلب الأول ماهية الشيك، بينما نتناول بالمطلب الثاني الشروط اللازم توافرها لتقرير حماية الشيك من الناحية الجنائية على النحو الآتي:

المطلب الأول
ماهية الشيك

سنتناول بهذا المطلب تعريف الشيك مع بيان مميزاته وعيوبه، وكذلك الخصائص التي ينفرد بها عن غيره من الأوراق التجارية (الكمبيالةـ السند لأمر) كما سنتناول تنظيم أحكامه بالتشريعات محل الدراسة من الناحية المدنية والجنائية، وبيان ذلك يتجلى من خلال تقسيم هذا المطلب إلى فرعين على النحو الآتي:

الفرع الأول
تعريف الشيك وخصائصه

سنتناول بهذا الفرع تعريف الشيك أولاً، ثم بيان خصائصه (مميزاته وعيوبه) على النحو الآتي:

أولاً: تعريف الشيك:

إن أغلب التشريعات إن لم يكن جميعها على الرغم من قيامها بوضع تنظيم مفرد لأحكام الشيك في قوانينها الوضعية إنها مع ذلك لم يذهب المشرع فيها نحو وضع تعريف جامع مانع للشيك، لكونه أي المشرع يؤدي وظيفة التشريع تاركاً التعريف لرجال الفقه والفكر القانوني الذين يقع على عاتقهم تأصيل هذه الموضوعات والذين يقومون بدورهم للتصدي لهذا النقص التشريعي بوضعهم  العديد من التعريفات للشيك ومن ذلك تعريفهم ورقة الشيك بأنه محرر مكتوب ينص على أمر صادر عن محرره ويسمى الساحب موجهاً إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ محدد لأمر شخص معين أو لحامله، وذلك فور اطلاع المسحوب عليه على هذا المحرر ومطالبته بالوفاء.

ويتضح أن تعريفات فقهاء القانون للشيك- وإن كانت تختلف في اللفظ- أنها جميعاً تتحد في المعنى وتصب في مجرى واحد؛ إذ إنها تؤكد أن الشيك محرر شكلي ذو بيانات خاصة يقوم بوظيفة النقود في الوفاء بالالتزامات وغيرها من التصرفات. 

ونعتقد أن الشيك هو محرر شكلي أحادي التاريخ ثلاثي الأطراف عند نشأته “متعدد عند تداوله» مضمونه أمر من الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود للمستفيد بمجرد الاطلاع.

وما يجدر الإشارة إليه أن القضاء بالدول محل الدراسة كان له دور ملحوظ في تعريف الشيك بكل من الأحكام التجارية والجنائية الصادرة عن المحاكم الأعلى درجة.

فقد أشارت المحكمة العليا للنقض والإقرار ببلادنا إلى بيان تعريف الشيك فقضت: [من المقرر أن الشيك في حكم م (311) من قانون الإجراءات والعقوبات هو ذات الشيك المعروف في القانون التجاري بأنه أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه م (549. تجاري)، ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ما دام قد استوفى المقومات التي تجعل منه كذلك في نظر القانون] طعن رقم 14291 لسنة 1423هـ جلسة 25 شعبان 1424هـ الموافق 31/9/2003م، القواعد القضائية المستخلصة من أحكام المحكمة العليا، العدد الثالث، الجزء الثاني «جزائي» المكتب الفني، المحكمة اليمنية العليا للنقض والإقرار، طعن رقم 21760 لسنة 1426هـ / 2005م جلسة 29 محرم سنة 1426هـ الموافق 10/3/2005م، الدائرة التجارية، المحكمة العليا للنقض والإقرار.

كما أشارت محكمة النقض المصرية في العديد من الأحكام الصادرة عنها إلى بيان تعريف الشيك ومن ذلك ما قضت به: [الشيك أداة وفاء تقوم فيه الورق مقام النقد ومن ثم وجب أن يكون مستحق الدفع لدى الاطلاع وهو المعبر عنه في م (191) من قانون التجارة بالحوالة المستحقة الدفع بمجرد الاطلاع والذي جاءت المادة (337) من قانون العقوبات حماية لصاحب الحق فيه] طعن رقم 99 لسنة 15 ق جلسة 2/1/1947م، طعن رقم 1170 لسنة 24 ق جلسة 6/12/1954م، طعن رقم 1930 لسنة 38 ق جلسة 20/1/1969م مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر المدنية والتجارية ودائرة الأحوال الشخصية، المكتب الفني، محكمة النقض والإقرار المصرية.

ثانياً: خصائص الشيك (مميزاته وعيوبه):

أصبح التعامل بالشيك ظاهرة منتشرة في مختلف بلدان العالم فانتشار تداوله بدولة ما يدل على تطورها اقتصادياً، وشيوع الشيك والإقبال على استخدامه يرجع تفسيره إلى ما يضطلع به من حماية جنائية ينفرد بها عن غيره من الأوراق التجارية فأغلب دول العالم إن لم تكن جميعها تنص في تشريعاتها الوطنية على تنظيم أحكام الشيك وتأثيم الأفعال المخالفة لتلك الأحكام، ومن هنا يتضح أن الشيك يحظى بمميزات عديدة وعيوب طفيفة وإن كانت غير لصيقة به إلا أنها تلاحقه، وسنتناول ذلك ابتداء بالمميزات ثم العيوب وذلك على النحو الآتي:

-                                                                                                                                                                                                                                       مميزات الشيك وخصائصه:

1. إن أول ما يتميز به الشيك عن غيره من الأوراق التجارية أنه أداة وفاء لا أداة ائتمان، فالشيك واجب الوفاء بمجرد الاطلاع عليه، ولهذا كان الإقبال عليه لتسوية الديون كونه ينتقل من ذمة إلى أخرى كأداة تقوم مقام النقود في الوفاء بالدين بديلاً لأوراق البنكنوت.

2. كذلك يتميز الشيك بأنه يستخدم لتسوية الديون بين الأشخاص الذين تفصل بينهم مسافات طويلة كالمتعاملين في التجارة الدولية فبواسطة الشيك تتم تسوية ديون أشخاص كثيرين دون أن تتناول أيديهم نقوداً معدنية أو ورقية كذلك.

3. الشيك يتمتع بالحماية الجنائية، وتمتد هذه الحماية للشيك بغض النظر عن صفته المدنية أو التجارية، بخلاف الأوراق التجارية الأخرى «الكمبيالة، والسند لأمر، والسند الإذني» فهذه الأخيرة لا تتمتع بأي حماية جنائية تذكر.

4. الشيك دائماً يكون مسحوباً على بنك ما، بينما الكمبيالة قد تكون كذلك وإن كانت في الغالب تسحب على شخص عادي غير البنك كما هو الشأن كذلك بالنسبة للسند لأمر.

 إن استخدام الشيك كوسيلة بديلة عن النقود يؤدي إلى التقليص من سرقتها أونهبها أو ضياعها.

5. يتم بواسطة الشيك الوفاء بالالتزامات عدة مرات إذا ما تم تداوله من مستفيد إلى آخر؛ إذ قد يحدث أن يتعامل المستفيد مع شخص آخر ويفي دينه عن طريق تظهير الشيك إلى هذا الأخير، ويسمى المستفيد الأول بالمظهر والمستفيد الثاني بالمظهر إليه ويستطيع هذا الأخير تظهير الشيك إلى ثالث وهكذا.

6. من أهداف المشرع لتحقيق تقدم اقتصادي الإقلال من استخدام النقود، ومن ثم فإن قيام الشيك بدور النقود في الوفاء بالديون عدة مرات كلما انتقلت من مستفيد إلى آخر يؤدي إلى الإقلال من استخدام النقود ومن ثم تحقيق ما رمى إليه المشرع اقتصادياً. 

7. الشيك محرر شكلي يتضمن بيانات حددها المشرع على سبيل الحصر ومن ثم لا يمكن تصوره إلا وهو محرر مكتوب بحيث تكفي مجرد النظرة إليه لتحديد الحقوق التي يتضمنها ومداها، وتعرف هذه الخاصية عند فقهاء القانون بالكفاية الذاتية للورقة التجارية. 

8. يخضع الشيك لقواعد قانونية خاصة تسمى قانون الصرف أو القانون الصرفي، ويعرف الالتزام فيها بالالتزام الصرفي الذي ينفرد بخصائص يمكن إجمالها في حرفية الالتزام أو كفايته الذاتية بتجرد الالتزام عن سببه واستقلال الالتزامات الناشئة عن الورقة التجارية (الشيك) عن سبب إصداره.

9. الشيك ورقة تجارية قابل للتداول من شخص إلى آخر بالطرق التجارية السريعة المنصوص عليها في قانون التجارة (التظهير- المناولة) دون أن تخضع للإجراءات الجامدة الواجب اتباعها في تداول وانتقال الحق في الحوالات المدنية.

عيوب الشيك:

كما ذكرنا آنفاً بأن هناك عيوباً تطرأ على الشيك وإن لم تكن جوهرية إلا إنها تقلل من استخدامه وتؤدي أحياناً إلى فقدان الثقة به ونتناول ذلك على النحو الآتي:

1- من العيوب التي تلاحق الشيك ضياعه أو سرقته أو تزويره وهي عيوب تلاحقه ما دام التعامل به قائماً، إلا أن المشرع في أغلب التشريعات لم يغب عن ذهنه- وهو بصدد التشريع- ما قد يتعرض له الشيك من مخاطر عند استعماله؛ فقام بوضع الحلول الملائمة عند تنظيم أحكامه تفادياً وتقليلاً من تلك المخاطر وبما يحفظ للشيك هيبته، وحتى لا يفقد ثقة المتعاملين عند التعامل به. 

ومن تلك الحلول قيام المشرع بمنح صاحب الحق في الشيك ضمانات يمكن من خلالها التقليل من عيوب الضياع أو السرقة فأعطى صاحب الحق سلطة الاعتراض على الوفاء بقيمة الشيك أمام البنك المسحوب عليه في حالتين فقط هما ضياع الشيك أو إفلاس حامله.

وأما بالنسبة لحالة تزوير الشيك فيقع على عاتق البنك تحمل تبعة الوفاء في حالة شيك يحمل توقيعاً مزوراً على الساحب؛ إذ على البنك- وهو تاجر محترف- واجب التحري والفحص متقناً لإمضاء المحرر المحفوظ طرفه من قبل العميل «الساحب». 

كذلك نص المشرع على أنواع من الشيكات كالشيك المسطر، والشيك المقيد في الحساب، وهذان النوعان من الشيكات لا يستطيع الحائز لهما سواء في حالة السرقة أم الضياع القيام باستلام المبلغ المحرر بالشيك من البنك المسحوب عليه، ويرجع سبب ذلك إلى منع المشرع البنك من الوفاء بمبلغ الشيك المسطر إلا إلى أحد عملائه أو إلى بنك آخر، ولهذا يعتبر الشيك المسطر إحدى الضمانات التي تلجأ إليها البنوك للحد من مخاطر ضياع أو سرقة أو تزوير الشيكات.

وكذلك هو الحال بالنسبة للشيك المقيد في الحساب؛ إذ يمتنع البنك صرف المبلغ المحدد به، ويظل دوره فقط في القيام بقيد الشيك في حساب المستفيد أو النقل المصرفي بين حساب الساحب وحساب المستفيد، أو المقاصة بين الحسابين.

2- إن نهاية مطاف الشيك تكون ببنك ما سواء تم تداوله بين أكثر من مستفيد أو تم التوجه به مباشرة للبنك من قبل المستفيد الأول، ولهذا فإنه من السهل على سيئ النية من الأفراد اتخاذ الشيك أداة لخديعة الجمهور استغلالاً للعقيدة التي في نفوس الناس من أن وجود الشيك يشعر بوجود الرصيد في البنك نظراً لاستحالة الاستعلام من البنوك عن حقيقة وجود الرصيد من عدمه نظراً لسرية المعاملات وحسابات العملاء التي تحرص عليها البنوك.

3- يلجأ البعض لاستعمال الشيكات وسيلة للحصول على مال الغير دون وجه حق، أو على الأقل تسفر إساءة استعمال الشيكات من قبل الأفراد- بالرغم من حسن نيتهم- إلى الإضرار بهم (كتزوير الشيكات)، ولهذا لزم الأمر تدخل المشرع لحماية تلك المعاملات المستحدثة بتقرير الجزاء الجنائي. 

4-                                                                                                   إن قبول الشيك للوفاء بالدين لا يضمن للدائن “المستفيد” أن البنك المسحوب عليه سيقوم بالوفاء بالمبلغ محله؛ ذلك أن ضمان المستفيد في قبوله الشيك كأداة للوفاء يكمن فقط في ثقته الشخصية في أمانة الساحب الذي من الواجب عليه ألا يسحب الشيك إلا إذا كان له رصيد قائم وكافٍ للوفاء طرف البنك، لأن البنك قد يستجيب لأمر الساحب ويقوم بوفاء قيمة الشيك، وقد لا يستجيب فيمتنع عن الوفاء حال لم يكن للساحب رصيد يكفي للوفاء بقيمته.

الفرع الثاني
التنظيم التشريعي للشيك من الناحيتين: المدنية والجنائية

تناولت التشريعات محل الدراسة بكل من تشريع الجمهورية اليمنية، والتشريع المقارن بجمهورية مصر العربية تنظيم أحكام الشيك من شقين: الجانب المدني والجانب الجزائي لكل منهما، وهو ما سنتناول بيانه في تشريعنا الوطني أولاً ثم لدى نظيره المصري ثانياً على النحو الآتي:

أولاً: تنظيم أحكام الشيك في التشريع اليمني:

تولى المشرع الوطني تنظيم أحكام الشيك من الناحية المدنية بأحكام القانون التجاري ومن الناحية الجزائية بأحكام قانون الجرائم والعقوبات وبيان ذلك كما هو آت: 

1- قواعد الشيك في القانون التجاري:

انفرد الشيك بتنظيم قواعده بأحكام القانون التجاري الصادر بالقرار الجمهوري رقم (32) لسنة 1991م وتعديلاته بالقانون رقم (16) لسنة 1998م  في (42) مادة بهذا القانون (من 527 إلى 569) والمواد (من 805 إلى 810)، وقد تناولت تلك المواد تنظيمه في الجوانب الآتية: 

-   المادة (527) تناولت الرجوع إلى أحكام الكمبيالة فيما لم يتم تنظيمه بالقدر الذي لا يتعارض مع ماهية الشيك.

-   وتناولت المواد (من 528إلى540) إنشاء الشيك وبياناته.

-   وتناولت المواد(من541إلى548) تداول الشيك بالتظهير والضمان الاحتياطي.

-   وتناولت المواد(من549 إلى565) انقضاء الالتزام الثابت بالشيك.

-   وتناولت المواد(من 566 إلى569)  أحكام التقادم.

فيما تناولت المواد (805 – 810) من نفس القانون بيان العقوبات الجزائية المتعلقة بجرائم الشيك من جوانب متعددة.

وما تجدر الإشارة إليه هو بيان الأمرين الآتيين:

الأمر الأول: ما قرره المشرع الوطني بالمادة (824) من القانون التجاري التي تنص: (يلغى القرار بقانون رقم (39) لسنة 1976م بشأن القانون التجاري الصادر في صنعاء وما يقابله من أحكام في القانون المدني رقم (8) لسنة 1988م الصادر في عدن وكذا يلغى أي حكم أو نص يتعارض وأحكام هذا القانون).

الأمر الثاني: تقرير المشرع بقواعد القانون الخاص بالقانون التجاري الأحكام الجزائية لجرائم الشيك، كما هي بالمواد: (805، 806، 807، 808، 809، 810) والتي هي محل التعديل للقانون التجاري بالقانون رقم 16 لسنة 1998م، وسنتناول نصوص تلك المواد بالمكان المخصص بصفحات هذا البحث.

2- قواعد الشيك في قانون الجرائم والعقوبات:

كان السبق للمشرع الوطني «اليمني» في قيامه بتنظيم الجزاء المقرر لمخالفة قواعد الشيك بالمادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994م التي تنص: (يعاقب بالحسب مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة كل من أعطى شيكاً وهو يعلم أن ليس له مقابل وفاء كافٍ وقابل للتصرف فيه أو من استرد بعد إعطائه كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي بقيمته أو من أمر المسحوب عليه بعدم الدفع، أو من تعمد توقيع الشيك بغير التوقيع المعتمد لدى المسحوب عليه، ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهر لغيره شيكاً أو سلمه لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابل يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف، ولا تقع الجريمة إلا إذا لم يسدد الفاعل قيمة الشيك لحائزه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد).

 

ثانياً: تنظيم أحكام الشيك في التشريع المصري:

تولى المشرع المصري بتشريعاته المقارنة (الجزائي والتجاري) ذات الأمر والذي تولاه نظيره اليميني فقد تولى تنظيم أحكام الشيك من جانبين وبيان ذلك في الآتي:

1-   قواعد الشيك في قانون التجارة الجديد:

أفرد المشرع المصري تنظيم قواعد الشيك بالفصل الثالث من الباب الرابع من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م في (67) مادة بالمواد (من472الى539) وجاء بالفصل الرابع بالأحكام المشتركة للأوراق التجارية بنصوص المواد (من540الى549) حيث تناولت تلك المواد الآتي:

1-  إصدار الشيك بالمواد (472 – 496).

2-  مقابل الوفاء في الشيك بالمواد (497 – 499).

3-  الضمان الاحتياطي بالمواد (500 - 502).

4-  الوفاء بالمواد (503- 517).

5-  الرجوع بالمواد (518 – 528).

6-  التحريف  بالمواد (529 – 530).

7-  التقادم بالمواد (531- 532).

8-  العقوبات بالمواد (533 – 539).

9-  أحكام مشتركة بالمواد (540 – 549).

وما تجدر الإشارة إليه هو بيان الأمرين الآتيين:

الأمر الأول: ما قرره المشرع بالمادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م. نحو تقريره الإلغاء الصريح لنص المادة رقم (337) لجرائم الشيك المنصوص عليها بأحكام قانون العقوبات الصادر سنة 1937م ـ التي تنص: ([يلغى قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر 1883م عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه والخاص بشركات الأشخاص، ويستعاض عنه بالقانون المرافق، ويلغى نص المادة (337) من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2005م، كما يلغي كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق].

الأمر الثاني: تقرير المشرع المصري الأحكام الجزائية لجرائم الشيك المنصوص بقواعد قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م بالمواد (من 534 إلى 539).

2-  أحكام الشيك بقانون العقوبات المصري:

وهو ما سبق للمشرع المصري القيام بتنظيمه بالمادة [الملغاة] رقم (337) من قانون العقوبات الصادر سنة 1937م التي تنص على: (أن سحب شيك لا يقابله رصيد قائم أو غير قابل للسحب، أو إذا كان الرصيد أقل من قيمة الشيك، أو القيام بسحب كل أو جزء من الرصيد بحيث أصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك، أو القيام بأمر المسحوب عليه بعدم الدفع ـ جريمة يعاقب عليها بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصرياً أو بإحدى العقوبتين).

ولما كان المشرع المصري قد قام بإلغاء النص العقابي المذكور أعلاه إلغاءً صريحاً بالمادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م والاستعاضة عنه بالجزاء المقرر بأحكام هذا القانون فإن ذلك أمر صائب تولاه يشهد به الواقع العملي فقهاً وقضاءً نحو دقته وتدقيقه وهو بصدد التشريع لمنع ما قد ينشأ من تعارض بين الأحكام التشريعية (السابقة واللاحقة) التي تتولى تنظيم مسألة واحدة ومثالها محل الدراسة (جرائم الشيكات) فكان منه ذلك الإلغاء الصريح الفصيح للنص الجزائي بالمادة (337) بقانون العقوبات واستبدل بها الجزاء المقرر بقانون التجارة الجديد، وهو ما يأمل الباحث من المشرع اليمني السير على نهج نظيره المصري في هذه المسألة لتدارك تلك العيوب المستمرة نحو تعارض الأحكام القانونية (السابقة واللاحقة) بتشريعنا الوطني المقررة كل منها الجزاء لجرائم الشيكات الواردة في كلٍ من القانون العام (قانون الجرائم والعقوبات)، والقانون الخاص (القانون التجاري).

المطلب الثاني
البيانات والشروط اللازم توافرها لتقرير الحماية الجنائية للشيك

لما كان الشيك أكثر الأوراق التجارية استعمالاً في الحياة العملية، ولما كان شيوع استعماله مرهوناً على مقدار الثقة فيه، لذلك فإن المشرع اليمني ونظيره المصري قد أفرد كل منهما تنظيماً مستقلاً للشيك من كافة جوانبه وذلك في أحكام القانون التجاري لكل منهما، وأمام تلك الأهمية فقد أحاطاه بحماية جنائية بذات أحكام القانون الخاص حتى لا يستخدم بصورة مغايرة لإنشائه وإصداره، وهنا يمكن القول إن الشيك يكون محلاً للحماية الجنائية حال كان مشتملاً للبيانات القانونية المحددة على سبيل الحصر وحال كان مسحوباً على بنك، ناهيك عن ضرورة التقيد بتقديم الشكوى الجزائية خلال المدة المحددة قانوناً حتى لا يخرج عن محيط الحماية الجنائية، ونتناول تفصيل ذلك من خلال تقسيم هذا المطلب إلى فرعين على النحو الآتي:

الفرع الأول
البيانات الإلزامية في الشيك

حرص المشرع على تمييز الشيك عن غيره من الأوراق التجارية فاستلزم احتواءه على بيانات معينة حددها حصراً رتب على إغفالها قابلية الشيك للبطلان، وإذا كان المشرع قد أكد على احتواء ورقة الشيك بيانات شكلية على سبيل الوجوب فإنه في مقابل ذلك الإلزام أعطى للأطراف حرية إدراج بيانات أخرى ما دامت لا تتعارض مع طبيعته تعرف لدى الفقه بالبيانات الاختيارية فإن كانت تتعارض مع طبيعة الشيك فإنها محل لحظر إدراجها فيه بحكم القانون، وتعرف لدى الفقه بالبيانات الممنوعة، ونتناول بيان ذلك في الآتي:

ـ يقصد بالبيانات الإلزامية أنها تلك البيانات التي استلزم المشرع إدراجها وجوباً في محرر ورقة الشيك وتعرف لدى الفقه «بالبيانات الشكلية».

والمشرعان اليمني ونظيره المصري أشارا بالتشريع التجاري لكل منهما إلى تلك البيانات بالنصوص المنظمة أحكام الشيك، فالمادة (528) من القانون التجاري اليمني تنص: [يشتمل الشيك على البيانات الآتية:

1- لفظ شيك مكتوب في متن الصك وباللغة التي كتب بها. 

2- تاريخ ورقم الشيك ومكان إنشائه. 

3- اسم من يلزمه الوفاء (المسحوب عليه). 

4- اسم من يجب الوفاء له أو لأمره وفقاً للمادتين (531، 533). 

5- أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود. 

6- مكان الوفاء. 

7- توقيع من أنشأ الشيك (الساحب)].

ـ كما بيّن المشرع المصري البيانات الإلزامية في الشيك بالمادة (473) من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م تجاري مصري التي تنص: [يجب أن يشتمل الشيك على البيانات الآتية:

1.  كلمة شيك مكتوبة في متن الصك وباللغة التي كتب بها. 

2.  أمر غير معلق على شرط بوفاء مبلغ معين من النقود مكتوبة بالحروف والأرقام.

3. اسم البنك المسحوب عليه. 

4.  مكان الوفاء. 

5. تاريخ ومكان إصدار الشيك. 

6. اسم وتوقيع من أصدر الشيك].

وما تجدر الإشارة إليه أن بيانات الشيك سواء أكانت الإلزامية منها أم الاختيارية- وإن كانت محررة كتابة في مجموعها لا يتصور بغيرها ظهور شيك في الواقع العملي، بيد أن بعض تلك البيانات يأتي محرراً طباعة من المسحوب عليه بينما بعضها الآخر محرر بخط اليد كتابة أو طباعة سواء من الساحب نفسه أو من يقوم مقامه قانوناً؛ الأمر الذي يمكن القول معه أن البيانات القانونية “الشكلية” للشيك يقوم بتدوينها طرفان هما الساحب والمسحوب عليه.

ـ البيانات الإلزامية التي يتولى الساحب تدوينها بالشيك:

يقع على عاتق الساحب أو من يقوم مقامه قانوناً تدوين بيانات بمحرر الشيك علي سبيل الوجوب كتابةً او طباعة تتمثل في الآتي:

أ-  تاريخ إصدار الشيك.

ب- مبلغ الشيك.

ج- اسم المستفيد ما لم يكن الشيك صادراً لحامله.

د- التوقيع على الشيك.

ـ البيانات الإلزامية التي يتولى المسحوب عليه تدوينها بالشيك: 

لما كان المشرع قد خص البنوك وحدها دون غيرها القيام بتسليم عملائها دفاتر شيكات مشترطاً أن تكون تلك الدفاتر محررة وفقاً لنماذج معينة معدة منه سلفاً؛ بمعنى احتواء كل ورقة من تلك الدفاتر على بيانات معينة حددها المشرع حصراً مما مفاده اشتراك المسحوب عليه وجوباً إلى جانب الساحب في تدوين بعض بيانات الشيك، يقع على عاتق هذا الأخير تدوين عدد من البيانات الإلزامية طباعة في كل ورقة بدفتر الشيكات التي يقوم بتسليمها للعميل؛ كونها تتعلق بمهام أعماله البنكية ومن صميم اختصاصه، وتتمثل في البيانات الآتية:

أ-  لفظ شيك.

ب- اسم الساحب.

ج- اسم «البنك» المسحوب عليه.

د- الآمر بالدفع.

ه- رقم الحساب ورقم الشيك. 

و-  مكان الإصدار ومكان الوفاء.

كما تجدر الإشارة إلى أن هذين البيانين (مكان الإصدار ومكان الوفاء)- على الرغم من ورودهما ضمن البيانات الإلزامية بكل من التشريعين محل البحث بالمادة (528. تجاري يمني)، والمادة (473. تجاري مصري) فإنهما لا يعتبران من البيانات الإلزامية التي يترتب على إغفالها بطلان ورقة الشيك، فقد استثنى المشرع على سبيل الحصر عدم بطلان الشيك عند إغفال مكان الإصدار أو مكان الوفاء؛ إذ تنص المادة (529) تجاري يمني: [الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة في المادة السابقة لا يعتبر شيكاً إلا في الحالتين الآتيتين:

1-  إذا خلا الشيك من بيان مكان الإنشاء اعتبر منشأً في المكان المبين بجانب اسم الساحب.

2-  إذا خلا من بيان مكان وفائه، فالمكان المعين بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكان وفائه، فإذا ذكرت عدة أمكنة بجانب اسم المسحوب عليه اعتبر الشيك مستحق الوفاء في أول مكان مبين، وإذا خلا الشيك من هذه البيانات أو من بيان آخر اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يقع فيه المحل الرئيس للمحسوب عليه]. 

ـ وكذلك هو الحكم بالمادة (474) تجاري مصري التي تنص: [الصك الخالي من أحد البيانات المذكورة بالمادة (473) من هذا القانون لا يعتبر شيكاً إلا في الحالات الآتية:

أ-  إذا كان الشيك خالياً من بيان مكان الوفاء اعتبر مستحق الوفاء في المكان الذي يوجد به المركز الرئيس للبنك المسحوب عليه.

ب- إذا خلا الشيك من بيان مكان إصداره اعتبر أنه صدر في موطن الساحب].

الفرع الثاني
أثر الإخلال بالبيانات الإلزامية على صحة الشيك

تناولنا آنفاً البيانات القانونية اللازم تدوينها في الشيك على سبيل الوجوب حتى يحوز القيمة القانونية ليتمكن من أداء وظيفته كأداة وفاء تقوم مقام النقود في المعاملات التجارية أو المدنية، ومن ثم فهي ليست محل اختيار للترك بيد طرفي الشيك الساحب والمسحوب عليه ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن الأثر المترتب على إغفال تدوين أحد البيانات القانونية السالف ذكرها في الشيك أو الإخلال بها؟ وهو ما سنتناول إيضاحه وبيانه على النحو الآتي:

أولاً: أثر الإغفال أو الإخلال بالبيانات الإلزامية على صحة الشيك من الناحية المدنية:

مما لا شك فيه أن البيانات الشكلية التي اشترط المشرع تدوينها في الشيك وردت بنصوص قانونية بصيغة الوجوب فهو ما يعني أن إدراجها في الشيك أمر وجوبي؛ لا جوازي، كون النصوص المتعلقة بتلك البيانات نصوص مرة إذ لا يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفتها كونها تتعلق بالنظام العام ومن ثم فإن الإخلال بالبيانات القانونية (الشكلية) لا يتصور وقوعه إلا في حالات ثلاث (الترك- الصورية- التحريف)، ونتناول بيان ذلك في الآتي:

الناحية الأولى: الترك: 

يستفاد من النصوص المنظمة لأحكام الشيك بصفة عامة ونص كل من المادة (529. تجاري يمني) والمادة (474. تجاري مصري) بصفة خاصة أن الأثر المترتب على ترك أحد البيانات الإلزامية في الشيك لا يخرج عن أحد أمرين:

الأمر الأول: يظل الصك ممتنعاً بوصفه شيكاً وترتب عليه آثاره القانونية بالرغم من فقدانه بعض البيانات الإلزامية، وهذا الأمر يتضح في الصور الآتية: 

1- الشيك الخالي من بيان مكان الإصدار يعد شيكاً صحيحاً؛ حيث يعتبر مكان إصداره المكان المبين بجانب اسم الساحب.

2- الشيك الخالي من بيان مكان الوفاء- يعد شيكاً صحيحاً، حيث يعتبر مكان الوفاء المقر الرئيس للمسحوب عليه.

3- الشيك الخالي من بيان اسم المستفيد- يعتبر شيكاً لحامله.

الأمر الثاني: يترتب على الترك البطلان ونتناول ذلك البطلان من وجهين هما:

الوجه الأول: بطلان الشيك كتصرف قانوني: 

يكون الشيك باطلاً كتصرف قانوني عند إغفال أحد أمرين: توقيع الساحب أو إغفال كتابة مبلغ الشيك، فبدون التوقيع يفقد الشيك قيمته القانونية؛ فبدونه لا يبطل الصك وصفه شيكاً فقط وإنما يبطل كتصرف قانوني ويبطل الالتزام الثابت فيه، ولذلك فإن التوقيع شرط لصحة الالتزام أصلاً وليس شرطاً لصحة الشيك فقط.

وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض المصرية في قواعدها القضائية بتقريرها:

[لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محرره بخط الساحب يتعين وفقط أن يحمل الشيك توقيع الساحب؛ لأن خلوه من هذا التوقيع يكون ورقة لا قيمة لها ولا يؤبه بها في التعامل].

الوجه الثاني: بطلان الصك بوصفه شيكاً فقط:

قد تفقد الورقة «الصك» وصف الشيك ولكن تبقى لها قيمتها القانونية كسند عادي يخضع للقواعد العامة ويتجلى هذا الأمر في الصور الآتية: 

1- إذا جاء الشيك مشتملاً للبيانات القانونية ولكنه مسحوب على غير بنك أو على غير نماذج البنوك، فإن هذا الصك يفتقد وصفه شيكاً ولكن يمكن اعتباره سند دين عادياً تحكمه القواعد العامة الواردة بالقانون المدني. 

2- إذا جاء الشيك مذيلاً بتوقيع الساحب، ولكن الأمر بالدفع ليس مبلغاً من النقود؛ ففي هذه الحالة يفقد الصك وصف الشيك ويتحول إلى سند عادي يخضع للقواعد العامة. 

3- إذا جاء الشيك مذيلاً بتوقيع الساحب مشتملاً على أمر بالدفع لمبلغ معين من النقود غير أنه خالٍ من أحد البيانات الأخرى كالتاريخ أو اسم المستفيد... «وهنا يختلف الأمر فإذا قام المستفيد باستكمال البيان الناقص اعتبر الصك عندئذ شيكاً صحيحاً وتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها المشرع له، أما إذا لم يقم المستفيد بذلك التصرف فإن الورقة تفقد وصف الشيك مع إمكانية اعتبارها سند دين عادياً لإثبات التزام الساحب تجاه المستفيد بالمبلغ الثابت في الورقة فيعد ذلك اعترافاً بالدين.

الناحية الثانية: الصورية: 

يقصد بالصورية هنا ذكر بيانات الشيك على خلاف الحقيقة وأغلب حالات الصورية تقع على تاريخ الشيك ولا يترتب على الصورية بطلان الصك إلا إذا قصد بها الغش، وغالباً ما تقع الصورية على التاريخ حيث يحاول الأطراف جعل التاريخ سابقاً على التاريخ الحقيقي لإخراج الشيك من فترة الريبة التي تسبق إفلاس الساحب أو يجعله سابقاً لتوقيع الحجر- أو لمحاولة جعل تاريخ الشيك لاحقاً للتاريخ الحقيقي الذي صدر فيه حتى يتمكن الساحب من إيداع مقابل الوفاء لدى البنوك لتفادي الوقوع في الاتهام بجريمة إصدار شيك بدون رصيد.

والأصل أن الصورية بقصد الغش تخرج الشيك عن طبيعته ويترتب عليها بطلانه، كما في حالة إخفاء الأهلية أو نقصها أو إخراج الشيك من فترة الريبةـ ومن ثم يستطيع صاحب المصلحة التمسك ببطلان تحرير الشيك.ـ أما إذا انتفى قصد الغش عن الصورية كحالة تأخير التاريخ لتمكين الساحب من إيداع مقابل الوفاء فلا أثر للصورية على صحة الشيك، والأصل أن بيانات الشيك صحيحة حسب ظاهرها حتى تثبت صوريتها وعلى من يدعي الصورية إثباتها بأي من طرق الإثبات. 

الناحية الثالثة: التحريف:

من الأهمية بمكان بيان الفارق بين التحريف والتزوير في الشيك: 

1- فالتحريف يقصد به تعديل بعض البيانات- بمعنى أن هذه البيانات تكون محررة أولاً ثم يقع عليها التعديل «التحريف» ثانياً، وينصرف التحريف في الغالب على مبلغ الشيك حيث يتم تعديل مبلغ الشيك أو تحشير كلمات وهو ما يترتب عليه دفع مبلغ أكبر من المبلغ الحقيقي الذي انصرفت إليه إرادة الساحب عند إصداره الشيك.

2- أما التزوير فيقصد به أن يضع الشخص المزور التوقيع على محرر بإمضاء ليس لصاحبه ولا يشترط أن يقلد المزور إمضاء الشخص الذي زور عليه بل يكفي وضع اسمه بطريقة عادية لا تقليد فيها ما دام كان من شأن ذلك أن ينخدع فيه بعض الناس فيوهمهم بصدور المحرر عن صاحبه فيتم تداوله على ذلك النحو.

تحديد المسؤولية عند التحريف أو التزوير لبيانات الشيك: 

1-   التحريف: إذا وقع تحريف على بيان الشيك التزم الموقعون اللاحقون للتحريف بما ورد في المتن المحرف- أما الموقعون السابقون فيلتزمون بما ورد في المتن الأصلي، وهو الأمر الذي قرره المشرع اليمني بالمادة (437. تجاري يمني)، وأكده نظيره المصري بالمادة (529. تجاري مصري).

بيد أن النص السالف ذكره لا يمكن تطبيقه في الواقع العملي إلا إذا أمكن تحديد تاريخ التغيير ويقع عبء إثبات ذلك على من يدعي أن التغيير قد حدث بعد توقيعه.

2-  التزوير: لا مسؤولية على الساحب المزور توقيعه في الشيك عملاً بما قرر المشرع اليمني بالمواد: (429، 448، 540. تجاري يمني)، وما قرره المشرع المصري بالمواد: (480، 494، 528. تجاري مصري)؛ حيث يتحمل المسحوب عليه وحده المسؤولية في حالة الوفاء بقيمة الشيك ذي التوقيع المزور أو المحرفة بياناته، كونه تاجراً محترفاً لا شخصاً عادياً ما لم يكن الخطأ من الساحب، ويستطيع الساحب المزور توقيعه الدفع بالتزوير أمام الكافة بما في ذلك الحامل الحسن النية- ويُعد هذا استثناء لقاعدة تظهير الدفوع.

ثانياً: أثر الإخلال أو ترك البيانات الإلزامية على صحة الشيك من الناحية الجنائية:

إن الشيك في مفهوم التجريم هو أمر يصدر عن الساحب إلى المسحوب عليه بوفاء مبلغ من النقود إلى المستفيد- فإذا توافرت للصك هذه المقومات اعتبر شيكاً خاضعاً للحماية الجنائية ولو تخلف عنه بعض البيانات الإلزامية باستثناء توقيع الساحب الذي يعد بياناً جوهرياً يترتب على إغفاله فقدان الورقة وصف الشيك سواءً من الناحية التجارية أو من الناحية الجنائية على حدٍ سواء؛ ذلك أن خلو الشيك من توقيع ساحبه يجعله ورقة لا قيمة لها قانوناً وإن كانت لا تعدو أن تكون مشروع شيك لا يعتد به.

ومن ثم فإن أثر تخلف أحد البيانات الشكلية في الشيك ينبغي أن يرتبط بالحكمة من التجريم والفائدة المرجوة من التعامل بالشيكات، ذلك أن المشرع قد هدف إلى حماية الثقة في ذلك الصك ليسهل تداوله، وفي هذه المسألة بالذات يبدو استقلال القانون الجنائي عن القانون التجاري لاختلاف الغاية من تنظيم الشيكات في كل منهما ومن ثم فإن البيانات الشكلية التي ينبغي توافرها في الشيك ليتوافر له الحماية الجنائية هي التي من شأنها أن تجعله أمراً بالدفع بمبلغ معين من النقود بمجرد الاطلاع عليه ومن ثم فإن أي بيان ناقص أو زائد بعد ذلك لا أثر له ولا يغير من هذه الصفة في الورقة باعتبارها شيكاً يصلح محلاً للمساءلة الجنائية مهما كانت نظرة القانون التجاري إليها، والقول بغير ذلك يؤدي إلى هروب كثير من الجناة الذين سيتخذون الشيك وسيلة للنصب على الغير بوضع عيوب شكلية فيه عند تحريره ابتداء.

   ولما كان ذلك فإن السؤال هنا هو ما مدى خضوع الشيك المتضمن للبيانات الشكلية التي نص عليها القانون للحماية الجنائية المقررة له حال سحبه على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه؟. 

إن ذلك الصك في هذه الحالة لا يعتبر شيكاً من الناحية التجارية ومن الناحية الجنائية معاً؛ لورود نصوص صريحة قضت بذلك بالتشريعات محل البحث بالمادة (530. تجاري يمني) وما يقابلها بالمادة (475. تجاري مصري) اللتين تضمنتا حظر سحب شيك على غير بنك وأن الصك المسحوب في صورة شيك على غير بنك أو المحرر على غير نماذج البنك المسحوب عليه لا يعتبر شيكاً.

ولذلك نعتقد أن الشيك يكون محلاً للحماية الجنائية إذا ما توافرت فيه ثلاثة شروط مجتمعة هي:

الشرط الأول: أن يكون الشيك مسحوباً على بنك.

الشرط الثاني: أن يكون الشيك محرراً على نماذج البنك المسحوب عليه.

الشرط الثالث: إمهار الساحب التوقيع على الشيك.

فإذا ما توافرت هذه الشروط في الصك أصبح عندئذٍ شيكاً صحيحاً قابلاً للحماية الجنائية المقررة له، ومن ثم فإنه لا تأثير بعد ذلك لإغفال أي من البيانات الإلزامية الأخرى التي تقع على عاتق الساحب أو من يقوم مقامه قانوناً تدوينها كتابةً أو طباعةً بورقة الشيك في صحته مدنياً أو جنائياً. 

ذلك أنه بفرض إغفال الساحب تدوين اسم المستفيد في الشيك فإن مؤداه أنه شيك صادر لحامله ومن ثم يكون الصك شيكاً صحيحاً صالحاً للحماية الجنائية.

كما أن فرض إغفال الساحب تدوين تاريخ إصدار الشيك وكذلك إغفال تدوين مبلغه فإن مؤداه أن الساحب قد فوّض المستفيد القيام بهذا الأمر ومن ثم اعتبار الصك شيكاً صحيحاً صالحاً للحماية الجنائية في هذا التصور أيضاً.

وهو الأمر الذي يراه الفقه بأن الشيك المتضمن توقيع الساحب والخالي من بعض بيانات الشيك الأخرى التي يقع على عاتق الساحب إدراجها في الصك بما في ذلك مبلغ الشيك تحديداً فإن ذلك الشيك لا يعتبر باطلاً بل يعد شيكاً صحيحاً وتترتب عليه آثاره القانونية؛ ذلك أن قيام الساحب بتوقيع الشيك على بياض وتسليمه للمستفيد على ذلك النحو إنما يدل ضمناً على تفويض الساحب المستفيد كتابة مبلغ الشيك المتفق عليه وتملئة البيان الناقص. 

وقد تصدت محكمة النقض المصرية لهذا الأمر في العديد من أحكامها، ومن ذلك ما قضت به في هذا الشأن: [إن توقيع الساحب الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر في صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه، إذ إن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه... ومن ثم لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسؤوليته الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية قد خان أمانة التوقيع وملأ بيانات الشيك على خلاف الواقع].ـ طعن جزائي رقم [44389] لسنة [59] ق جلسة 2 أكتوبر 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر 1996م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

ـ وأما بالنسبة للفرض بقيام الساحب التوقيع على الشيك بتوقيع مغاير لتوقيعه المحفوظ طرف البنك المسحوب عليه. ففي هذا التصور أيضاً يكون الصك شيكاً صحيحاً صالحاً للحماية الجنائية.

 بل إن الساحب بهذا الفرض يكون محلاً للمساءلة الجنائية، لاقترافه هذا الفعل الذي من شأنه تعطيل الشيك عن أداء وظيفته التي أنشئ من أجلها؛ حيث سيمتنع البنك عن الوفاء بمبلغ الشيك بسبب اختلاف توقيع الساحب بورقة الشيك عن نموذج التوقيع المحفوظ لديه، وهو الأمر الذي قررته تشريعات الدول محل الدراسة وكرسته أحكام القضاء معاً كما هو منصوص عليه بالمادة (311. عقوبات يمني)، والمادة (534. تجاري مصري)، كما سنتناوله تفصيلاً بالمبحث المخصص لأركان جرائم الشيك.

وقد كانت نظرة قضاء النقض المصري قبل صدور قانون التجارة رقم (17) لسنة 1999م على أن بطلان الشيك كورقة تجارية وبطلان الالتزام الصرفي الوارد فيه نتيجة الإخلال ببياناته الإلزامية لا يسلبه الحماية الجنائية المقررة له قانوناً، ومما قضت به محكمة النقض المصرية في هذا الشأن: [أن توقيع الساحب الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر في صحة الشيك ما دام قد استوفى تلك البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه؛ إذ إن إعطاء الشيك للصادر لمصلحته بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه... ومن ثم لا يجدي الطاعن ما يتذرع به لنفي مسؤوليته الجنائية أن المدعي بالحقوق المدنية قد خان أمانة التوقيع وملأ بيانات الشيك على خلاف الواقع].ـ طعن جزائي رقم [44389] لسنة [59] ق جلسة 2 أكتوبر 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر 1996م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

وأما بعد صدور قانون التجارة المصري الجديد- فإن محكمة النقض المصرية قد قضت في حكم حديث لها بتاريخ 27 فبراير 2005 بالآتي: [من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق؛ إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول ويكفي أن تكون هذه الورقة بحسب ظاهرها شيكاً بالمعنى القانوني بغض النظر عن حقيقة الواقع مما ذكر فيها من بيانات شكلية خاصة بأطراف الشيك الثلاثة ليقبل في المعاملات على أساس أنها تجري فيها مجرى النقود، وإذا كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى هذا النظر المتقدم وخلص إلى عدم توافر جريمة إصدار شيك بدون رصيد رغم منازعة الطاعنة في هذا الأمر ولم يقسط هذا الاتفاق حقه بل اطرحه ولم يحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإنه يكون قاصراً في بيان سائر الأركان القانونية لجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وهو ما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة في خصوص ما قضى به في الدعوى المدنية]. طعن رقم 13979 لسنة 69 ق جلسة الأحد 18محرم 1426هـ الموافق 27 فبراير 2005م، الدائرة الجنائية، الأحد (ب)، محكمة النقض المصرية.

 

المبحث الثاني
أركان جرائم الشيك

تمهيد وتقسيم:

لما كان الشيك أكثر الأوراق التجارية استعمالاً في الحياة العملية ولما كان شيوع استعماله مرهوناً على مقدار الثقة فيه، ولما كان المشرع قد أفرد للشيك تنظيماً مستقلاً من كافة جوانبه وحتى لا يستخدم الشيك بصورة مغايرة للغاية من إنشائه فإنه كان من اللازم- حتماً وبالضرورة- إحاطة الشيك بحماية جنائية موسعة تكفل حماية الأفراد لاستيفاء حقوقهم وتحقق الردع الخاص والعام في آن واحد، وأمام تلك الأهمية للشيك قامت أغلب التشريعات- إن لم يكن جميعها- بتجريم عدد من الأفعال التي تمثل اعتداء على الشيك.

والمشرعان اليمني والمصري كغيرهما لم يغب عن ذهنهما تلك الأهمية فأحاط كل منهما الشيك بحماية جنائية كافية وهما بصدد تشريع أحكامه بالقانون التجاري كما أن كلاً من المشرعين سبق لهما تجريم أفعال الشيك بتشريعاتهما بأحكام القانون الجزائي (العقوبات).

وإذا كنَّا بالمبحث السابق قد بينّا الشيك الخاضع للحماية الجنائية شروطه وبياناته فإننا سنتناول بهذا المبحث الجرائم المتعددة المرتبطة بالشيك والجزاء المقرر لها الواجب تطبيقه عند الإخلال بأحكامه لتعطيلها الشيك عن أداء وظيفته كأداة تقوم مقام النقود للوفاء بالالتزامات.

هذا وعلى الرغم من أن التصور لدى غالب أشخاص المجتمع بأن جريمة الشيك تنحصر بذلك الفعل الإجرامي المتمثل بإصدار شيك بدون رصيد أو رصيد ناقص وليس غير ذلك، فإنه إن كان هذا الفعل له الغلبة في الظهور واقعاً للإخلال بوظيفة الشيك فإن هناك أفعالاً أخرى كذلك من شأنها تعطيل الشيك عن أداء دوره الذي خُلق له، وهو ما أدركه المشرع فجرمّها وعاقب عليها جنائياً وتتمثل في تلك الأفعال الإجرامية الأخرى المتصور وقوعها من أحد أطراف الشيك الثلاثة (الساحب- المسحوب عليه- المستفيد)، أضف إلى ذلك تلك الأفعال الإجرامية التي قد يقوم بها مظهر الشيك أو حامله عند التداول والذي يقع أي منهما في هذه الحالة بمركز الساحب ويأخذ حكمه. 

بمعنى أن الأفعال الإجرامية في الشيك متعددة بأحكام القانون؛ فهناك جرائم قد يرتكبها الساحب من جهة أولى وهناك جرائم قد يرتكبها أحد موظفي البنك المسحوب عليه من جهة ثانية، وهناك جرائم قد يقوم بها المستفيد من جهة ثالثة، وكذلك هناك جرائم المظهر والحامل التي قد تظهر حال تداول الشيك في الواقع العملي، وهو ما سنتولى بحث تلك الجرائم بالتشريعين محل الدراسة لبيان مدى التناسب والملاءمة بين العقوبة المقررة والأفعال محل التأثيم، وهل حققت العقوبة الردع العام والخاص للحد من تفشي هذه الظاهرة الإجرامية بما غايته سد الفجوة القائمة بين الواقع والقانون، لــذلك سنقوم بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين هما:

المطلب الأول
جرائم الشيك التي يقوم بها الساحب ومن في حكمه

 لم يغب عن ذهن المشرع- وهو بصدد تشريعه الجزاء المقرر لمخالفة أحكام الشيك- تصوره تلك الأفعال المتعددة التي قد يتجرأ الساحب القيام بإحداها والتي من شأنها فقد الثقة في الشيك وتعطيل وظيفته لا سيما أن الساحب يُعد الشخص الأساسي المُحرك للشيك؛ كونه الشخص المعني بتولي إصداره ووضعه للتداول أمام  أفراد المجتمع الذين يقبلون وبحسن نية منهم- التعامل به لاستيفاء أموالهم على ذلك النحو، كما قد يقوم مظهر الشيك أو حامله بالتصرف فيه سواءً بتظهيره أو تسليمه للغير مع علمهما أنه لا رصيد له أو أنه غير قابل للسحب من البنك لسبب ما فعندئذٍ يكونان في مركز الساحب ويأخذان حكمه.

وأمام تعدد جرائم الساحب ومن يأخذ حكمه فإننا سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين نتناول بالفرع الأول الركن المادي لجرائم الساحب، ثم نتناول بالفرع الثاني أركان جرائم الشيك التي يرتكبها المظهر أو الحامل على النحو الآتي:

الفرع الأول
أركان جرائم الشيك التي يقوم بها الساحب

من أجل إزكاء الثقة في الشيك وحماية المتعاملين به فإن المشرعين محل البحث قد جرمّا أفعال الساحب المتعددة والتي من شأن القيام بأحدها تعطيل الشيك عن أداء وظيفته وذلك في كل من أحكام القانون العام والقانون الخاص وفي تشريعات كل منهما وتتمثل تلك الأفعال إجمالاً في الآتي:

-   القيام بإصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف.

-    القيام باسترداد كل الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصداره الشيك بحيث يصبح الرصيد الباقي لا يفي بقيمة الشيك.

-    القيام بإصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً.

-   القيام بتحرير شيك أو التوقيع عليه على نحو يحول دون صرفه.

1- النصوص التشريعية لجرائم الساحب في القانون اليمني:

قام المشرع الوطني بتجريم الشيك من جانبين في كل من القانون العام بأحكام قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994م والقانون الخاص بأحكام القانون التجاري رقم 32 لسنة 1991م وتعديلاته النافذة ونتناول ذلك:

أ-  جرائم الساحب في قانون الجرائم والعقوبات:

كما هو مقرر ذلك بحكم المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات التي تنص:

[يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من أعطى شيكاً وهو يعلم أن ليس له مقابل وفاء كافٍ وقابل للتصرف فيه أو استرد بعد إعطائه كل المقابل أو بعضه بحيث لا يفي بقيمته أوامر المسحوب عليه بعدم الدفع أو تعمد توقيع الشيك بغير التوقيع المعتمد لدى المسحوب عليه ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهر لغيره شيكاً أو سلمه لحامله وهو يعلم أن ليس له مقابل يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف، ولا تقع الجريمة إلا إذا لم يسدد الفاعل قيمة الشيك لحائزه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد].

ب- جرائم الساحب في القانون التجاري:

تم تنظيمها بأحكام المواد الآتية:

-   تنص المادة (805. تجاري يمني): 

[كل من أصدر وأثبت سوء نيته شيكاً لا يكون له مقابل وفاء قائم وقابلاً للسحب أو يكون له مقابل وفاء أقل من قيمة الشيك، وكل من استرد بسوء نية بعد إعطاء الشيك مقابل الوفاء أو بعضه بحيث أصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك أو أمر وهو سيئ النية المسحوب عليه الشيك بعدم دفع قيمته، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10% من قيمة الشيك]. 

-                                                                                                   كما تنص المادة (809. تجاري يمني): [يعاقب بغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال: 

1. كل من أصدر شيكاً لم يؤرخه أو ذكر تاريخاً غير صحيح بسوء نية. 

2. كل من سحب شيكاً على غير بنك. 

3. كل من سحب شيكاً ليس له مقابل وفاء كامل سابق على سحبه وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها بالمادتين (805، 806. تجاري يمني].

2- النصوص التشريعية لجرائم الساحب في القانون المصري:

ما تجدر الإشارة إليه هو أن المشرع المصري قام بإلغاء نص المادة (337) من قانون  العقوبات بشأن جرائم الشيكات واستعاض عنها بأحكام قانون التجارة الجديد، وكما هو مقرر ذلك بالمادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م التي تنص: [يلغى قانون التجارة الصادر بالأمر العالي في 13 من نوفمبر 1883م عدا الفصل الأول من الباب الثاني منه والخاص بشركات الأشخاص ويستعاض عنه بالقانون المرافق، ويلغى نص المادة (337) من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2005م كما يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق].

-                                                                                                   ولهذا فقد تولى المشرع المصري تنظيم جرائم الشيكات ومنها جرائم الساحب بأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م بالمواد الآتية:

تنص المادة (534. تجاري مصري): [1ـ يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية: 

أ-  إصدار شيك ليس له مقابل وفاء قابل للصرف.

ب- استرداد الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصدار الشيك بحيث يصبح الباقي لا يفي بقيمة الشيك.

ج- إصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً.

د- تحرير شيك أو التوقيع عليه بسوء نية على نحو يحول دون صرفه.     

2- يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيراً ناقلاً للملكية أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله مع علمه أنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف.

3- إذا عاد الجاني إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم عليه نهائياً في أي منها تكون العقوبة الحبس والغرامة التي لا تجاوز مائة ألف جنيه].

-                                                                                                   كما تنص المادة (536. تجاري مصري): [يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز نصف قيمة الشيك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ادعى بسوء نية تزوير شيك وحُكم نهائياً بعدم صحة هذا الادعاء] فالإصدار يدخل الشيك دائرة التداول بتسليمه للمستفيد تسليماً مادياً وعليه يسأل الساحب جنائياً عن إصدار شيك بدون رصيد أو أي من الأفعال الإجرامية الأخرى المذكورة بنصوص المواد أعلاه عند ذلك.

-                                                                                                   كما تنص الفقرة الثانية من المادة (537. تجاري مصري):[2ـ ويجوز للمحكمة في حالة العود أن تأمر بسحب دفتر الشيك من المحكوم عليه ومنع إعطائه دفاتر شيكات جديدة لمدة تعينها، وتتولى النيابة العامة تبليغ هذا الأمر إلى جميع البنوك].

ـ وجريمة الشيك التي يرتكبها الساحب كغيرها من الجرائم تقوم على ركنين، هما: الركن المادي والركن المعنوي:

أولاً: الركن المادي: 

نستطيع القول بقيام الركن المادي لأي من تلك الجرائم التي يقوم بها الساحب سواء قام بإصدار شيك ليس له مقابل وفاء أم قام باسترداد كل الرصيد أو بعضه أو التصرف فيه بعد إصداره الشيك بحيث صار الرصيد الباقي لا يفي بقيمة الشيك أو قام بأمر المسحوب عليه بعدم صرف الشيك أو قام بتحرير شيك أو التوقيع عليه على نحو يحول دون صرفه. ولهذا يتجسد الركن المادي لأي من تلك الأفعال عند توافر عنصرين، العنصر الأول: يتمثل في إصدار الشيك، والعنصر الثاني: يتجسد في أي من تلك الأفعال أعلاه المؤاثم عليها قانوناً التي تحول دون صرف قيمة الشيك وبيان ذلك في الآتي:

العنصر الأول: إصدار الشيك:

إن الشيك لا يمكن أن يحدث أثره القانوني سواءً من الناحية الصرفية أم من الناحية الجنائية إلا بإصداره– فماذا يقصد بالإصدار؟ 

يقصد بالإصدار بث الحياة في الشيك من خلال طرحه للتداول وذلك بطريق قيام الساحب اختياراً بتسليمه للمستفيد.

أما مسألة تحرير بيانات الشيك وبقائه بحوزة محرره فتظل أعمالاً أولية تسبق عملية الإصدار، ذلك أن الساحب له أن يلغيه أو يتلفه أو يعدمه بأي وسيلة ومن ثم لا تقوم الجريمة هنا.

وكذلك الحصول على الشيك بطريقة مغايرة لما نظمه القانون كسرقته أو تزويره أو غير ذلك فلا يتحقق عنصر الإصدار ومن ثم لا تقوم الجريمة بمواجهة مالك الرصيد في حالة عدم وجود الرصيد أو عدم كفايته. 

وقد أكدت المحكمة العليا للنقض ببلادنا هذا المعني عندما قضت: [بأن الثابت في الأوراق قيام المتهم بإصدار الشيك محل الدعوى للمسحوب له على المسحوب عليه وهو يعلم أن لا رصيد له، وقد اعترف بذلك ثم أعيد الشيك من البنك لعدم وجود رصيد للساحب وهنا تتحقق أركان الجريمة بنص القانون بالمادة (311. عقوبات)] طعن رقم [14291] لسنة 1423هـ جزائي جلسة 25/7/1424هـ الموافق 21/9/2003م، القواعد القضائية المستخلصة من الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، العدد الثالث، الجزء الثاني، جزائي، طبعة 2005م، المكتب الفني، المحكمة العليا للنقض والإقرار (اليمنية).                                                                                                   

وهو الأمر كذلك الذي كرسته محكمة النقض المصرية التي قضت: [بأن إعطاء الشيك بتسليمه للمستفيد أنما يكون على وجه يتخلى فيه الساحب نهائياً عند حيازته بحيث تنصرف إرادة الساحب إلى التخلي عن حيازة الشيك، فإذا انتفت تلك الإرادة لسرقة الشيك من الساحب أو فقده له أو تزويره عليه انهار الركن المادي للجريمة وهو فعل الإعطاء] طعن رقم [3629] لسنة 62 ق جلسة 16 يناير 1995م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الهيئة العامة للمواد الجنائية والدوائر الجنائية، السنة السادسة والأربعون من يناير إلى ديسمبر 1995م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

وقد أكدت محكمة النقض المصرية هذا المعنى في العديد من أحكامها حين قضت بأن: [جريمة إعطاء شيك بغير رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له رصيد قابل للسحب تقديراً بأن الجريمة إنما تتم بهذه الأفعال وحدها دون غيرها من الأفعال التالية لذلك.......... ] طعن رقم [46468] لسنة 59 ق جلسة 11 يناير 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الهيئة العامة للمواد الجنائية والدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر 1996م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

وفي حكم آخر قضت بأن: [جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق؛ إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى العقود في المعاملات]. طعن رقم [2787] لسنة 57 ق جلسة 12 أكتوبر سنة 1988م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة التاسعة والثلاثون من يناير إلى ديسمبر 1988م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية. 

وفي حكم آخر قضت: [بأن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق] طعن رقم [21261] لسنة 60 ق جلسة 19 نوفمبر سنة 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدائرة الجنائية، السنة السابعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر سنة 1996م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية. 

وفي حكم حديث لها قضت: [أن الأصل أن إعطاء الشيك بقصد التداول– بتسليمه للمستفيد أنما يكون على وجه يتخلى فيه الساحب نهائياً عن حيازته بحيث تنصرف إرادة الساحب إلى التخلي عن حيازة الشيك فإذا انتفت تلك الإرادة بسرقة الشيك من الساحب أو فقده له أو تبديده أو تزويره عليه انهار الركن المادي للجريمة وهو فعل الإعطاء بقصد التداول] طعن رقم [27024] لسنة 63 ق جلسة 27 ديسمبر 1998م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة التاسعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر 1998م، صـ 1529، س 3، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

العنصر الثاني: والذي يتجسد بسلوك الفاعل «الساحب» في أي من الحالات الآتية:

1- عدم توافر الرصيد «مقابل الوفاء» لدى المسحوب عليه:

لا يكفي لقيام الركن المادي لجريمة إصدار شيك بدون رصيد قيام الساحب بتسليم الشيك للمستفيد– بل يلزم إلى جانب ذلك أن يكون الشيك لا رصيد له قائماً طرف المسحوب عليه كافٍ للوفاء، وعدم توافر الرصيد «مقابل الوفاء” يتحقق في صورتين:

الصورة الأولى: عدم توافر مقابل الوفاء كلياً

وتظهر هذه الصورة في الواقع العملي في أن الساحب لم يكن دائناً للمسحوب عليه أصلاً، أو كان له رصيد طرف المسحوب عليه ولكنه نفد قبل إصدار الشيك أو أن له رصيداً غير قابل للتصرف فيه كالمحجوز عليه.

الصورة الثانية: توافر مقابل الوفاء جزئياً

وتظهر هذه الصورة في الواقع العملي في أن المسحوب عليه مدين للساحب بمبلغ من النقود لا يفي للوفاء بقيمة الشيك الصادر عن الساحب– أو أن الرصيد كان كافياً لقيمة الشيك ولكن الساحب تصرف بمقابل الوفاء بعد الإصدار بحيث أصبح الباقي لا يفي للوفاء بقيمة الشيك، ومن ثم فإن هذا العنصر يتحقق عند عدم توافر مقابل الوفاء سواءً أكان ذلك الانعدام كلياً أو جزئياً؛ فالرصيد الناقص يأخذ حكم الرصيد المنعدم كلياً من الناحية الجنائية فيتحقق الركن المادي وتقوم عندئذ جريمة إصدار شيك بدون رصيد بمواجهة الساحب. 

2- إصدار الساحب أمراً للمسحوب عليه بعدم صرف قيمة الشيك

هناك حالات حددها المشرع على سبيل الحصر للاعتراض على صرف قيمة الشيك، وذلك في حالة ضياع الشيك أو إفلاس حامله أو الحجر عليه ومن ثم فإن قيام الساحب بإصدار أمر للمسحوب عليه بعدم صرف قيمة الشيك في غير أي من تلك الحالات المذكورة يجعله محلاً للمسؤولية الجنائية.

فهذا الفعل المكون لجريمة الأمر إلى المسحوب عليه بعدم دفع قيمة الشيك في غير الحالات المقررة قانوناً لا يندرج تحت جريمة الشيك بدون رصيد وهذا سببه أن مثل هذا الشيك قد يكون له رصيد ولكن البنك يرفض الدفع استجابة لأمر الساحب بعدم الوفاء.

3- قيام الساحب بالتصرف في الرصيد بعد إصداره الشيك

وتتجسد هذه الصورة في قيام الساحب أولاً بإصدار الشيك وتسليمه للمستفيد أو لحامله، وبقيامه ثانياً بسحب الرصيد من البنك خلال المدة الزمنية المقررة للمستفيد تقديم الشيك للبنك المسحوب عليه لصرفه واستلام المبلغ محله والمحددة في التشريع اليمني بشهر للشيك المحلي وثلاثة أشهر للشيك الخارجي عملاً بالمادة (550. تجاري يمني) والمحددة كذلك لدى نظيره المصري بستة أشهر للشيك المحلي وثمانية أشهر للشيك الخارجي عملاً بالمادة (504. تجاري مصري)، فإذا ما قام الساحب خلال تلك الفترة بسحب الرصيد كلياً أو جزئياً بحيث صار الرصيد المتبقي غير كافٍ للوفاء بقيمة الشيك أصبح عندئذٍ محلاً للمسؤولية الجنائية. 

4- قيام الساحب بالتوقيع على الشيك على نحو يحول دون صرفه

قد يقوم الساحب أحياناً بإصدار الشيك مستوفياً كافة البيانات القانونية وتسليمه للمستفيد ولكن لسبب أو لآخر يقوم الساحب بالتوقيع على محرر الشيك على نحو مغاير لذلك التوقيع المحفوظ طرف البنك المسحوب عليه؛ الأمر الذي مؤداه بلا شك امتناع البنك عن صرف مبلغ النقود محله لاختلاف التوقيعين.

فالفعل المكون لجريمة تحرير شيك أو توقيعه على نحو يحول دون صرفه لا يندرج تحت جنحة الشيك بدون رصيد، والسبب أن مثل هذا الشيك قد يكون له رصيد قائم ولكنه تحرر أو تم توقيعه على نحو يحول دون صرفه فيرفض البنك المسحوب عليه عندئذٍ الوفاء للمستفيد؛ إذ قدم له مثل تلك الشيكات وهذه الإفادات استحدثها المشرع وهي لا تتعلق بمسألة الرصيد، ومن ثم ففي هذه الصورة يكون الساحب محلاً للمسؤولية الجنائية لتعطيله كذلك وظيفة الشيك عن الوفاء بالالتزامات.

وقد أكدت محكمة النقض المصرية هذا المعنى فقضت: «بأن الأصل الذي جرى عليه قضاء محكمة النقض أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب الرصيد أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث أصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك، إذ إنه بمجرد إعطاء شيك على وضع يدل مظهره وصيغته على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع وأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان يتم طرحه في التداول فتنعطف الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات] طعن رقم [48319] لسنة 59 ق جلسة 9 أبريل سنة 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر سنة 1996م، صـ 488، س7، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

 

ثانياً: الركن المعنوي:

لا يكفي لقيام الجريمة وتقرير المسؤولية الجنائية بمواجهة الساحب عنها أن يصدر عن الجاني سلوك إجرامي «الركن المادي» بل يلزم إلى جانب ذلك توافر الركن المعنوي.

والركن المعنوي للجريمة بصفة عامة يأخذ صورتين هما:- العمد، ويطلق عليه القصد، والإهمال ويسمى بالخطأ غير العمدي.

وجرائم الشيكات المنصوص عليها في قانون التجارة من الجرائم العمدية التي اشترط فيها المشرع توافر القصد الجنائي العام، والقصد الجنائي في الجرائم العمدية هو اتجاه إرادة الفاعل نحو الفعل المجرم ابتغاء تحقيق نتيجته.

إذ يقسم غالبية الشراح القصد الجنائي في الجرائم العمدية إلى قسمين: القصد العام والقصد الخاص والأول هو الذي يتوافر حينما يكتفي المشرع بمجرد قيام العلم عند الفاعل بما يؤدي إليه فعله من نتائج وأنه راغب في تحقيقها، والقصد الخاص لا يكون إلا حينما يعتمد المشرع بنية زائدة عن القصد العام بصورته السالفة ويشترطه لقيام الجريمة، ومثال ذلك اشتراط المشرع لقيام جريمة التزوير في المحررات توافر نية استعمال المحرر المزور فيما زور من أجله.

والمشرع في الجرائم المعاقب عليها بكل من نص المادة (805. تجاري يمنى)، ونص المادة (534. تجاري مصري) لم يتطلب قصداً خاصاً؛ إذ لو كان كذلك للزم أن تتوافر لدى الساحب نية الإضرار بالمستفيد ولكن الواقع غير ذلك– فلم يشترط المشرع إلا مجرد العلم بالواقع مع اتجاه إرادة الساحب إلى تحرير الشيك وهذه هي عناصر القصد العام فلا يشترط توافر أي نية خاصة لذلك فالقصد العام في هذه الجريمة يكفي.

وتدعيماً للثقة في الشيك حتى يتمكن من أداء وظيفته فقد استقر القضاء المصري على أن القصد الجنائي في جرائم الشيكات هو القصد الجنائي العام. 

وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض المصرية بقولها: [والقصد الجنائي في هذه الجريمة هو القصد الجنائي العام والذي يكفي فيه علم من أصدره بأنه إنما يعطل الوفاء بقيمة الشيك الذي أصدره من قبل فلا يُستلزم فيها قصد جنائي خاص– ويتوافر هذا القصد الجنائي بإعطاء الشيك مع علمه بعدم وجود رصيد قائم له وقابل للسحب......] طعن رقم [48319] لسنة 59 ق جلسة 9 أبريل سنة 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون، من يناير إلى ديسمبر 1996م، صـ 488 س 15، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية. 

وفي حكم آخر قضت: [بأن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ذلك العلم المفترض في حق المتهم الذي يعلم من قبل عند إصدار الشيك أنه لا يوجد له حساب أصلاً بالبنك كما يجب على المتهم متابعة حركة الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه، لما كان ذلك وكان الثابت أن المتهم كان عالماً وقت إصدار الشيك أنه لا يوجد له رصيد فإن قصده الجنائي عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قابل للسحب ثابت في حقه وهو ما توافر معه أركان الجريمة المسندة إليه] طعن رقم [12261] لسنة 60 ق جلسة 19 نوفمبر سنة 1996م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السابعة والأربعون، من يناير إلى ديسمبر سنة 1996م، صـ 1208 س 3، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

ـ أثر السبب «الباعث» في قيام المسؤولية الجنائية في جرائم الشيكات: 

القاعدة العامة أن الباعث لا أثر له في قيام المسؤولية الجنائية وإن كان لقاضي الموضوع الاعتداد بالباعث للتشديد أو التخفيف في العقوبة. 

وسحب الشيك وتسليمه للمستفيد يعتبر كالوفاء بالنقود سواءً بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المستفيد ولا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها ومن ثم لا يجدي المتهم ما يثيره من الجدل عن الظروف التي أحاطت به وأدت إلى سحب الرصيد.

وأكدت محكمة النقض المصرية هذا المعنى في العديد من الأحكام التي قضت فيها: [لما كان من المقرر أن المسؤولية الجنائية في المادة (337. عقوبات) لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي من أجله أعطي الشيك، ومن ثم فلا جناح على الحكم أن هو أعرض عما تثيره الطاعنة بشأن العلاقة التي حدت بها إلى إصدار الشيك ويكون منعى الطاعنة في هذا الخصوص غير مقبول] طعن رقم [11823] لسنة 61 ق جلسة 1 أكتوبر سنة 1998م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة التاسعة والأربعون من يناير إلى ديسمبر سنة 1998م، صـ 974 س 17، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية. 

وفي حكم آخر قضت: [.... إذ إن مراد الشارع من العقاب هو حماية الشيك في التداول وقبوله في المعاملات على اعتبار أن الوفاء به كالنقود سواء ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دعت ساحب الشيك إلى إصداره، إذ إنها لا أثر لها في طبيعته وتعد من قبيل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسؤولية الجنائية التي لم يستلزم الشارع لتوافرها نية خاصة] طعن رقم (48319) لسنة 59 ق جلسة 9 أبريل 1996م.

تاريخ قيام الجريمة:

لما كان الغالب أن المستفيد يتوجه للبنك لاستيفاء قيمة الشيك في تاريخ لاحق لتاريخ إصداره فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما التاريخ الذي يعتد به لقيام الجريمة هل تاريخ الإصدار أم تاريخ تقديم الشيك للبنك؟

- اعتد المشرع لقيام الجريمة بوقت «تاريخ» إعطاء الشيك للمستفيد لا بوقت تقديم الشيك للبنك لاستيفاء قيمته– فالمشرع أراد حماية الشيك منذ لحظة إصداره «تسليمه” للمستفيد بكونه أداة وفاء وأمام هذا المعيار فإنه لا يمكن العلم في أي وقت يتقدم به المستفيد للبنك المسحوب عليه فقد يقدمه في اللحظة التالية لصدوره وقد يتراخى عن ذلك بحسب ظروفه– وتحوطاً للأمر فقد اعتد المشرع بلحظة الإعطاء كتاريخ لقيام الجريمة، أما مسألة تقديم الشيك للبنك فلا تعدو أن تكون سوى أمر كاشف للجريمة.

وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض المصرية بقولها: [إن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتم بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق– إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، أما تقديم الشيك إلى البنك فلا شأن له في توافر أركان الجريمة بل هو إجراء مادي متجه إلى استيفاء مقابل الشيك، وما إفادة البنك بعدم وجود الرصيد إلا إجراء كاشف للجريمة التي تحققت بإعطاء الشيك للمستفيد].

طعن رقم [6492] لسنة 60 ق جلسة 1 فبراير سنة 1995م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة السادسة والأربعون من يناير إلى ديسمبر سنة 1995م، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

ـ جرائم الشيك الأخرى التي يرتكبها الساحب 

هناك جرائم أخرى قد يقوم بها الساحب عاقب عليها كل من المشرع اليمني ونظيره المصري؛ إذ ذهب المشرع اليمني إلى تجريم فعل الساحب بإصدار شيك على غير بنك أو إصداره شيكاً لم يؤرخه أو ذكر فيه تاريخاً غير صحيح وكما هو منصوص علي ذلك بالمادة (809. تجاري يمني) السالف ذكرها أنفاً، في حين أن نظيره المصري استحدث أفعالاً قد يقوم بها الساحب من شأنها تعطيل الشيك عن وظيفته للوفاء بقيمته للمستفيد فجرَّمها وعاقب عليها بالمادة (536. تجاري مصري) التي تنص: [يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز نصف قيمة الشك أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ادعى بسوء نية تزوير شيك وحكم نهائياً بعدم صحة هذا الادعاء].

هذا وتقوم هذه الجريمة على ركنين هما:

1-                                                                                                                                                                                                                                       الركن المادي: هو ذلك السلوك أو النشاط الذي يقوم به الساحب بالادعاء بتزوير الشيك محل الدعوى بغية التخلص من المسؤولية الجنائية أو من أجل إطالة أمد الفصل في الدعاوى الجنائية المقامة عليه، ولا أهمية للبيان المدعي بتزويره في صلب الشيك فقد يتعلق بالتوقيع أو بالمبلغ أو بأي بيان آخر.

أما مسألة صدور الحكم بعدم صحة الادعاء بتزوير الشيك فهو ليس داخلاً في ماهية الركن المادي وإنما هو شرط فقط لتوقيع العقوبة.

2-                                                                                                                                                                                                                                       الركن المعنوي: اشترط المشرع أن يتم الادعاء بسوء نية ويقصد به ليس فقط علم مدعي التزوير بعدم صحة ادعائه بل قصده الإضرار بالحامل وحرمانه من الحصول على قيمة الشيك، وفي الواقع العملي فإن المحاكم ستلجأ من الناحية العملية إلى استخلاص القصد الجنائي من مجرد ثبوت عدم صحة هذا الادعاء.

وإذا كان قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999م قد استحدث تجريم الادعاء بسوء نية تزوير الشيك محل الدعوى فإن القضاء المصري قبل ذلك قد تصدى لمسألة الادعاء بتزوير الشيك نظراً لجديه هذا الادعاء وما يترتب عليه في حالة صحة الدفع بالتزوير من تغيير لمسار الدعوى الأصلية.

وأكدت محكمة النقض المصرية هذا المعنى في حكم حديث صادر بتاريخ 13 نوفمبر 2005: [لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لطلب الطاعن وجاء مقصوراً على تعديل الحكم المستأنف أخذاً بأسبابه على الرغم من أنه أقام قضاءه على أدلة من بينها إطلاق القول: إن الشيك صادر عن الطاعن وعلى الرغم مما أثاره الأخير من تزوير الشيك وهو دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى؛ بحيث إذا صح هذا الدفاع لتغير وجه الرأي منها، فكان لزاماً على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفاع وأن تمحصه وأن تبين العلة في عدم إجابته إن هي رأت اطراحه، أما أنها لم تفعل والتفتت عنه كلية فإن حكمها يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة] طعن رقم (23300) لسنة 65 ق جلسة 11شوال 1426 هـ الموافق 13 نوفمبر سنة 2005م، الدائرة الجنائية، الأحد (ب)، محكمة النقض المصرية.

وفى حكم آخر قضت: [لما كان ذلك وكان الدفع بتزوير الشيك هو دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى؛ بحيث لو صـح هذا الدفاع لتغير وجه الرأي فيها، فكان على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وكان رد الحكم بأن التأخير في الطعن بالتزوير يجعل الدفع به غير جدي لا يصلح رداً على هذا الدفع ولا يسوغ اطراحه لما هو مقرر من أن التأخير في الإدلاء بالدفع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجا ًمن شأنه أن تدفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى] طعن رقم [3539] لسنة 59 ق جلسة 11 أكتوبر 1989م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية السنة الأربعين من يناير إلى ديسمبر 1989م، ص759 س 2، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

وفي حكمٍ آخر قضت: [لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لطلب الطاعن وجاء مقصوراً على تأييد الحكم الابتدائي لأسبابه على الرغم من أنه أقام قضاءه على أدلة من بينها إطلاق القول: إن الشيك صادر عن الطاعن وعلى الرغم مما أثاره الأخير من تزوير الشيك وهو دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث لو صـح هذا الدفاع لتغير وجه الرأي فيها- فكان على المحكمة أن تعرض في حكمها لهذا الدفاع وأن تمحصه وأن تبين العلة في عدم إجابته إن هي رأت اطراحه، أما أنها لم تفعل والتفتت عنه كلية فإن حكمها يكون معيباً بما يبطله ويستوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن] طعن رقم [5735] لسنة 57 ق جلسة 27 نوفمبر 1988م، مجموعة الأحكام الصادرة عن الدوائر الجنائية، السنة التاسعة والثلاثون من يناير إلى ديسمبر 1988م، ص1131 س6، المكتب الفني، محكمة النقض المصرية.

 

الفرع الثاني
أركان جرائم الشيك التي ير تكبها المظهر أو حامله

من جانب آخر قد يقوم متلقي الشيك بتظهيره للغير تظهيراً ناقلاً للملكية أو القيام بتسليمه للغير بالنسبة للشيك لحامله أي جعل الشيك محلاً للتداول سواءً أكان اسمياً أو لحامله، فإذا ما قام أي منهما بذلك التصرف وهو يعلم أن الشيك ليس له مقابل وفاء يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف لسبب ما ففي هذه الحالة يكون محلاً للمسؤولية الجنائية ويعاقب بذات العقوبة المقررة للساحب.

وعلى الرغم من قيام المشرع الوطني بتعديل أحكام القانون التجاري رقم 32 لسنة 1991م لمرات متعاقبة ابتداء بالقانون رقم (6) لسنة 1998م ثم بالقانون رقم 13 لسنة 1997م ثم بالقانون رقم 23 لسنة 2004م وأخيراً بالقانون رقم 1 لسنة 2008م فعلى الرغم من تلك التعديلات المتلاحقة لبعض مواد القانون التجاري إلا إننا لم نجد المشرع يقرر بتلك النصوص المعدلة نصاً جزائياً ينظم جرائم الشيك التي قد يقوم بارتكابها المظهر أو حامله.

ويبدو أن المشرع الوطني كان قد اكتفى في هذا الشأن بالنص النافذ المقرر بالمادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات التي تنص: [يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة من أعطى شيكاً............... ويعاقب بالعقوبة ذاتها من ظهر لغيره شيكاً أو سلمه لحامله وهو يعلم أنه ليس له مقابل يفي بقيمته أو أنه غير قابل للصرف، ولا تقع الجريمة إلا إذا لم يسدد الفاعل قيمة الشيك لحائزه خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد]. 

وأمام هذا النص يكرر الباحث القول إن النص السالف ذكره يزحزح الشيك عند أداء وظيفته الأصلية المتمثلة بكونه أداة وفاء تقوم مقام النفود واستخدامه كأداة ائتمان وهو أمر واضح لا يحتاج إلى بيان– ذلك؛ إن ربط المشرع قيام الجريمة بعدم الوفاء خلال أسبوع من تاريخ الإعلان بالسداد يجعل من الشيك أداة ائتمان لا أداة وفاء– فالساحب أو المظهر سيقوم بدفع قيمة الشيك خلال أسبوع من إعلانه بالوفاء وهو تاريخ لاحق على التاريخ المبين بالشيك كموعد لاستحقاقه فضلاً عن أنه عندئذٍ لن تقوم المسؤولية الجنائية بمواجهة الساحب أو المظهر وهو ما يترتب عليه تحول الشيك من أداة وفاء إلى أداة ائتمان بحكم القانون.

وأمام ذلك القصور فإننا نري لزوم قيام المشرع الوطني بتعديل بعض أحكام القانون التجاري بوضع نص صريح لإلغاء المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات والاستعاضة عنها بالجزاءات المقررة بالقانون التجاري ومن جانب ثان فإنه يلزم قيام المشرع كذلك بتعديل نص المادة (805) من القانون التجاري وذلك بإضافة فقرة ثانية للنص بالصيغة التالية: [2- يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة الأولى كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيراً ناقلاً للملكية أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله مع علمه أنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف]. 

ـ من جانب آخر تبين تميز المشرع المصري عن نظيره اليمني بالدقة وهو بصدد التشريع وعلى وجه الخصوص تلك النصوص الجزائية التي تناول فيها أيضاً تجريم أفعال مظهر الشيك أو حامله عند تنظيمه أحكام الشيك بقواعد قانون التجارة الجديد قم 17 لسنة 1999م  وذلك بتقريره الفقرة (2) من المادة (534) التي تنص: [2ـ يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة السابقة كل من ظهر لغيره شيكاً تظهيراً ناقلاً للملكية أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله مع علمه أنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف].

ولما كانت أركان جرائم الشيك التي يرتكبها المظهر أو الحامل له عند قيام أي منهما بطرحه للتداول بالطرق المقررة قانوناً تتجلى بأنها ذات أركان جرائم الشيك التي يرتكبها الساحب في صورتها المحددة نحو إصداره الشيك أولاً وثانياً بتوافر العلم لديه بأن الشيك لا رصيد له طرف المسحوب عليه، أو أنه غير قابل للصرف، ولما كنا قد تناولنا أركان تلك الجريمة على النحو السالف ذكره آنفاً فإننا نكتفي ببيانها على ذلك النحو التفصيلي منعاً للإطالة وتجنباً للتكرار.

هذا ونخلص من دراستنا السابقة بهذا المطلب إلى استنتاج أمرين هما:

الأول: قيام التعارض بين القانون العام والقانون الخاص بالتشريع الوطني لتلك النصوص النافذة المنظمة جرائم الشيكات بين كل من المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات والمادة (805) من القانون التجاري.

الثاني: قصو ر ظاهر في التشريع الوطني «القانون التجاري» بشأن عدم تقرير عقاب للمظهر أو حامل الشيك حال قيام أي منهما بالاعتداء على الشيك.

- ومن خلال تلك النصوص العقابية بالقانونين الوطنيين (العقوبات والتجاري) يتبين ذلك القصور والاضطراب والتناقض؛ الأمر الذي يرى الباحث معه إزالة ذلك التعارض بطريق العمل فقط بنص المادة (805. تجاري) ووقف العمل بتطبيق المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات بشأن جرائم الشيكات للأسباب والمبررات الآتية:

1- أن قانون العقوبات قانون عام بينما القانون التجاري قانون خاص، والقانون الخاص أولى بالتطبيق عملاً بالقاعدة الأصولية (الخاص يقيد العام) ولكن ما يشهده الواقع العملي يحكي عكس ذلك؛ إذ يتم العمل بالقانون العام لا القانون الخاص في مسألة جرائم الشيكات التي يرتكبها الساحب دون أي مبرر مفهوم، وما يؤكد قولنا هذا بشأن استمرار العمل بتطبيق النص العام الوارد بقانون العقوبات ما تقرره أحكام القضاء المتعاقبة ومن ذلك ما حكمت به المحكمة العليا للنقض والإقرار ببلادنا في حكم حديث لها والتي قضت:

[- أن الثابت في الأوراق قيام المتهم بإصدار الشيك محل الدعوى للمسحوب له على المسحوب عليه وهو يعلم أن لا رصيد له، وقد اعترف بذلك ثم أعيد الشيك من البنك المذكور لعدم وجود رصيد للساحب وهنا تتحقق أركان الجريمة بنص القانون بالمادة (311) عقوبات] طعن رقم [14291] لسنة 1423هـ جزائي جلسة 25/7/1424هـ الموافق 21/9/2003م، القواعد القضائية المستخلصة من الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، العدد الثالث، الجزء الثاني، جزائي، طبعة 2005م، المكتب الفني، المحكمة اليمنية العليا للنقض والإقرار.

2- أن الجزاء المناسب والملائم لتقوم العقوبة بوظيفتها في هذا الشأن من أجل تحقيق الردع العام والخاص هو توقيع الجزاء المقرر بنص المادة (805) من القانون التجاري، والسبب أن العقوبة وجوبية لكل من الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 10% من قيمة الشيك ـ في حين أن الجزاء المقرر بنص المادة (311. عقوبات) غير مناسب البتة؛ كونه جزاء تخييرياً جوازياً بين عقوبة الحبس أو الغرامة.

3- أن إلغاء نص المادة (311. عقوبات) والعمل فقط بنص المادة (805. تجاري يمني) بالنسبة لجريمة إصدار الشيك بدون رصيد من شأنه إلغاء التناقض بين أحكام القانون العام والخاص والحد من تشتيت ذهن المعني بتطبيق القانون.

4- أن نص المادة (311. عقوبات) أزاح الشيك عن أداء وظيفته المتمثلة بالوفاء وجعله أداة ائتمان– ذلك أن المشرع قد علق قيام الجريمة «جريمة إصدار شيك بدون رصيد” برفض الفاعل الوفاء بقيمة الشيك لحائزة خلال أسبوع من تاريخ إعلانه بالسداد– بمعنى أن المدين سيقوم بإصدار شيك لا رصيد له وهو مطمئن سلفاً أن يد القانون لن تطاله بالعقاب طالما سيقوم بالدفع خلال المهلة التي منحها القانون وهي أسبوع من تاريخ إنذاره بالوفاء؛ الأمر الذي يترتب على هذا صيرورة الشيك أداة ائتمان لا أداة وفاء بحكم القانون وهو ما يتعارض مع وظيفة الشيك الأصلية والغاية التي أنشئ من أجلها وهذا السبب كافٍ بذاته لإلغاء نص المادة (311. عقوبات) والاستعاضة عنه بنص المادة (805. تجاري يمني) إلى جانب ما أسلفنا بيانه.

5- أن المشرع المصري كانت له نظرة ثاقبة وهو بصدد تشريعه للأحكام المنظمة لقواعد الشيك بقانون التجارة رقم (17) لسنة 1999م، وعلى وجه الخصوص عند وضعه العقوبات للاعتداء على الشيك بتقريره إلغاء النص العقابي بقانون العقوبات، والاستعاضة عنه بالعقوبات المقررة في القانون الجديد (التجاري) كما هو مقرر بنص المادة الأولى منه: [.... ويلغى نص المادة (337) من قانون العقوبات اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2005م كما يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرفق]، وصدور هذه المادة بهذه الدقة في الصياغة على النحو السالف ذكره هو أمر قصده المشرع المصري؛ حتى لا يحدث التناقض والاضطراب على وجه الخصوص بين نص المادة (337. عقوبات مصري) وبين النصوص الجزائية (الجديدة) لجرائم الشيك المنصوص عليها بقانون التجارة رقم (17) لسنة 1999م بالمواد من 533 إلى 539) وهو ما كان له تحقيقه فعلاً وواقعاً، وما يأمل الباحث هو تولي المشرع الوطني السير على نهج نظيره المصري في هذه المسألة وذلك من خلال القيام بإصدار تعديل تشريعي جديد لأحكام القانون التجاري يتضمن وضع نص صريح لا غموض فيه ولا جدال بإلغاء نص المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات والاستعاضة عنها بالعقوبات المقررة لجرائم الشيكات بأحكام القانون التجاري.

6- على الرغم من أن نص المادة (824) من القانون التجاري اليمني وتعديلاته النافذة تضمنت إلغاء أي حكم أو نص يتعارض وأحكام هذا القانون، بيد أن الملاحظ واقعاً كما أسلفنا بيانه هو استمرار العمل بالنص المعارض لقواعد القانون التجاري المنصوص عليه بالمادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات وهو ما يؤكد صدق وصحة مناداتنا بضرورة التدخل التشريعي لإلغاء حكم هذه المادة محل التعارض والتضارب.

7- الثابت أن نص المادة (805. تجاري) جاءت ضمن تشريع لاحق (حديث) بالتعديلات المؤخرة للقانون التجاري بالقانون رقم 6 لسنة 1998م بينما المادة (311. عقوبات) جاءت بتشريع سابق (قديم) بقانون الجرائم والعقوبات قم 12 لسنة 1994م، والمعلوم أنه يتم العمل بالقانون اللاحق الجديد دون العمل بالقانون السابق القديم عند قيام التعارض بينهما حال تنظيمهما مسألة واحدة (جرائم الشيكات) وهو ما يأمل الباحث من الجهات المعنية تطبيقه والعمل به في الواقع العملي؛ لما من شأنه القضاء على ظاهرة جرائم الشيكات.

المطلب الثاني
جرائم الشيك التي يقوم بها موظف «البنك» المسحوب عليه أو المستفيد

إلى جانب جرائم الشيك التي يرتكبها كل من الساحب أو المظهر أو الحامل للشيك فإن هناك جرائم أخرى مرتبطة بالشيك قد يقوم بارتكابها أحد موظفي البنك المسحوب عليه أضف إلى ذلك ما استحدثه المشرع المصري بجريمة الشيك التي يقوم بها المستفيد وهو ما سنتناوله على النحو الآتي: 

الفرع الأول
جرائم موظف «البنك» المسحوب عليه

يري المرحوم أستاذنا الدكتور محمود مختار بريري أن ضمان استخدام الشيك كأداة وفاء وفرض احترام أدائه لهذه الوظيفة وحدها استلزم معه ضبط سلوك الجهاز المصرفي بوضع الجزاء لموظف البنك المسحوب عليه لمخالفته قواعد الشيك.

ولـذلك فقد تولى المشرع اليمني ونظيره المصري وضع النصوص العقابية بمواجهة موظف المسحوب عليه في تشريعات كل منهما وبيان ذلك في الآتي:

أولاً: جرائم المسحوب عليه في التشريع اليمني:

استحدث المشرع الوطني بأحكام القانون التجاري قم 32 لسنة 1991م وتعديلاته النافذة نصوصاً تناولت تجريم أفعال من شأنها ضبط سلوك موظفي الجهاز المصرفي على نحو يكفل احترام قواعد وأحكام الشيك، وهو ما لم يكن منصوصاً عليه بجرائم الشيكات بالمادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات، رقم (12) لسنة 1994م. وجرائم المسحوب عليه تتمثل إجمالاً في قيامه بأحد الأفعال الآتية:

1- الرفض بسوء نية وفاء شيك مسحوب سحباً صحيحاً وله مقابل وفاء ولم تقم بشأنه أي معارضة.

2- التصريح كتابةً على خلاف الحقيقة بوجود مقابل وفاء وهو أقل مما لديه.

3- القيام بوفاء شيك خالٍ من بيان التاريخ.

4-                                                                                                   تسليم العميل شيكات على نحو مخالف لنص المادة (810. تجاري يمني).

ـ إذ تنص المادة (807. تجاري يمني) [يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسين ألف ريال كل مسحوب عليه رفض بسوء قصد وفاء شيك مسحوب سحباً صحيحاً على خزانته وله مقابل وفاء ولم تقدم بشأنه أي معارضة وهذا مع عدم الإخلال بالتعويض المستحق للساحب عما أصابه من ضرر بسبب عدم الوفاء وعما لحق ائتمانه من أذى].

-                                                                                                    كما تنص المادة (808. تجاري يمني): [يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسين ألف ريال كل مسحوب عليه صرح كتابة عن علم بوجود مقابل وفاء وهو أقل مما لديه وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع أي عقوبة أشد منصوص عليها في قوانين أخرى].

-                                                                                                    كما تنص المادة (809 /3. تجاري يمني): (يعاقب بغرامة لا تزيد على عشرة آلاف ريال كل من وفّى شيكاً خالياً من التاريخ وكل من تسلم هذا الشيك على سبيل المقاصة).

-                                                                                                    كما تنص المادة (810. تجاري يمني): [يجب على كل مصرف لديه مقابل وفاء وسلم لدائنه دفتر شيكات على بياض للدفع بموجبها من خزائنه أن يكتب على كل شيك منها اسم الشخص الذي تسلمه وكل مخالفة لحكم هذه المادة يعاقب عليها بالغرامة لا تزيد على خمسة آلاف ريال]. 

ثانياً- جرائم المسحوب عليه في التشريع المصري:

وكذلك استحدث المشرع المصري بقانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م تجريم عدد من الأفعال التي يقوم بها موظف المسحوب عليه الشيك والتي تمثل اعتداءً على الأحكام المنظمة للشيك، وبيانه في الآتي: 

تنص المادة (533. تجاري مصري): [1ـ يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل موظف بالبنك ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:

أ-  التصريح على خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل من قيمته.

ب- الرفض بسوء نية وفاء شيك له مقابل وفاء كامل أو جزئي ولم يُقدّم بشأنه اعتراضاً صحيحاً.

ج- الامتناع عن وضع أو تسليم البيان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة (518) من هذا القانون.

د- تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في المادة (530) من هذا القانون.

2- ويكون البنك مسؤولاً بالتضامن مع موظفيه المحكوم عليهم عن سداد العقوبات المالية المحكوم بها]. 

والجرائم السالف ذكرها يتجسد الركن المادي فيها بقيام موظف البنك بأي من تلك الأفعال التي من شأنها تعطيل وظيفة الشيك، وأما الركن المعنوي فهي من الجرائم العمدية لطبيعة ذلك النشاط المادي، والتي يكفي لتوافرها وجود القصد الجنائي العام، أي توافر الدليل على علم الموظف وتوجيه إرادته نحو تحقيق الركن المادي وذلك دون الاعتداد بباعث الموظف على ارتكاب الجريمة.                                                                                                   

الفرع الثاني
جرائم الشيك التي يقوم بها المستفيد

كالعادة ينفرد المشرع المصري عن نظيره اليمني بتجريمه الفعل الصادر من المستفيد المتمثل في حصوله على شيك لا رصيد له بسوء نية. 

وقصد المشرع المصري من تجريم واقعة حصول المستفيد على شيك مع علمه بعدم وجود رصيد الإقلال من إصدار الشيكات بدون رصيد وهي الشيكات التي اعتادت البنوك وغيرها من الدائنين على استكتاب مدينيهم لشيكات كنوع من الإكراه أو التهديد للوفاء بما عليهم– اعتماداً على الجزاء الجنائي المقرر لجريمة إصدار شيك بدون رصيد ويستوي لقيام هذه الجريمة أن يكون الفاعل شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً.

وقد خرج المشرع المصري بهذا النص على القواعد العامة في قانون العقوبات والتي تقضي بعدم مسألة الأشخاص الاعتبارية جنائياً وكما نصت عليه المادة (535) من القانون التجاري رقم 17 لسنة 1999م: [يعاقب بغرامة لا تجاوز ألف جنيه المستفيد الذي يحصل بسوء نية على شيك ليس له مقابل وفاء سواءً في ذلك أكان شخصاً طبيعياً أم اعتبارياً].

ونخلص من دراسة هذا المطلب إلى أن المشرع المصري قد انفرد عن نظيره اليمني في تجريمه امتناع موظف البنك أعطاء المستفيد «حامل الشيك” بيان بشأن الامتناع عن الدفع وسببه وتاريخه. 

فإذا كان المشرع الوطني قد قرر بالمادة (562. تجاري يمني) إلزام المسحوب عليه القيام بمنح المستفيد بيان بشأن الامتناع عن دفع قيمة الشيك وسببه وتاريخه حتى ولو كان الشيك مشمولاً بشرط الرجوع بلا مصروفات، إلا إن الملاحظ أن هذا الإلزام هو إلزام أدبي فقط- بمعنى أنه لا مسئولية ولا جزاء يفرض على المسحوب عليه إن هو رفض منح المستفيد بيان بشأن الامتناع عن الدفع وما يؤيد قولنا هذا هو إغفال المشرع الوطني وضع نصاً جزائياً يعاقب موظف البنك المسحوب عليه إن هو امتنع عن القيام بالفعل (إعطاء المستفيد بياناً بشأن امتناعه عن دفع قيمة الشيك وسببه وتاريخه).

وعلى ذلك فإن رفض البنوك التجارية الوطنية منح حامل الشيك بياناً بشأن الامتناع عن الدفع لا يترتب عليه أي مسئولية تذكر بمواجهة البنوك أو موظفيها، وهو أمر يؤاخذ عليه المشرع الوطني إذ كان اللازم عليه السير على نهج نظيره المصري في هذا الشأن بوضع نص جزائي يعاقب المسحوب عليه وموظفه إن هما امتنعا عن منح المستفيد في الشيك بياناً بشأن الامتناع عن الدفع.   

ـمن جانب آخر فالملاحظ أن المشرع الوطني وهو بصدد وضع العقاب لجرائم الشيك قد نص على معاقبة الشخص المعنوي «البنك» أي المسحوب عليه، وهذا يخالف قواعد التشريع العقابية كون المسؤولية الجزائية شخصية وكان الأولى منه تقرير العقوبة بمواجهة موظف البنك لمخالفته قواعد وأحكام الشيك ثم تقريره المسؤولية التضامنية للبنك لسداد العقوبات المالية وذلك فقاً لما سار عليه نهج نظيره المصري في هذا الشأن كذلك.

من جانب ثالث فإن الملاحظ- أيضاً- ضعف ووهن تلك العقوبات المالية المقررة بمواجهة المسحوب عليه بالتشريع الوطني بأحكام المواد: (807، 808، 809، 810) من القانون التجاري (الجزاء هو معاقبة البنك دفع غرامة مالية خمسين ألف ريال، بل إن المادة (810) العقوبة هي خمسة آلاف ريال) وهو أمر ينكره العقل والمنطق؛ إذ لن تؤدي هذه العقوبة الهزيلة وظيفتها لتحقيق الردع العام والخاص وهو ما نطالب المشرع الوطني بتعديل تلك النصوص العقابية مع مراعاة دقة صياغتها عند التعديل لتفادي العيوب والقصور لا سيما أن المشرع منزه عن اللغو.

الخاتمة

الحمد لله الذي هدانا لهذه الدراسة المتواضعة التي توصلنا فيها إلى عدد من النتائج على إثرها نضع عدداً من التوصيات أمام الجهات ذات العلاقة والتي من شأن الأخذ بها على نحو جاد هو القضاء على الفجوة القائمة بين الواقع والقانون نحو تفشي ظاهرة جرائم الشيكات في المجتمع، ونتناول تلك النتائج أولاً ثم التوصيات ثانياً على النحو الآتي:

أولاً: النتائج:

1-                                                                                                   جرائم الشيك متعددة غيرمحصورة بجريمة إصدار شيك بدون رصيد كما هو غالب بذهن كثير من أفراد المجتمع والتي قد يرتكبها أي من أطراف الشيك الثلاثة: (الساحب- المستفيد- موظف البنك المسحوب عليه)، أضف إلى ذلك جرائم مظهر الشيك أو حامله كما تم تقنينه بالتشريعات محل الدراسة.

2-                                                                                                   وضع المشرع المصري بقواعد القانون التجاري عقاباً بمواجهة المسحوب عليه وموظفه عند عدم القيام بمنح المستفيد بياناً بشأن الامتناع عن دفع قيمة الشيك وسببه، بينما لم يشر نظيره اليمنى إلى وضع نص مماثل بأحكام القانون التجاري وتعديلاته النافذة.

3-                                                                                                   قيام التعارض في التشريع الوطني بين نص المادة (311) بقانون الجرائم والعقوبات وبين نص المادة (805) من القانون التجاري بشأن عقوبة الاعتداء على الشيك.

 

4-                                                                                                   عدم دقة صياغة بعض النصوص في التشريع الوطني التجاري، الأمر الذي مؤداه تطبيق النص في اتجاه مغاير لغاية المشرع من التقنين.

ثانياً: التوصيات: 

إن ما سنبينه من توصيات كأثر لتلك النتائج السالف ذكرها هي في حقيقتها ليس من شأنها التأثير أو التقليل من قيمة التشريع الوطني أو نظيره المصري بقدر ما الغاية منها تفادي تلك السلبيات الواردة بالتشريع الوطني بما غايته وليس غيره سد الفجوة القائمة بين الواقع والقانون نحو الحد من ظاهرة جرائم الشيكات في المجتمع إن لم يكن القضاء عليها برمتها، لذلك يوصي الباحث بضرورة قيام المشرع الوطني بوضع تعديل تشريعي بأحكام القانون التجاري في المواضع الآتية:

أولاً: وضع نص صريح يتضمن بذاته إلغاء نص المادة (311) من قانون الجرائم والعقوبات الخاصة بجرائم الشيكات، والاستعاضة عنها بالعقوبات المقررة بأحكام القانون التجاري وذلك لإزالة التعارض بين نصوص القانونين للأسباب الجدية الآتية:

أ-  كون الجزاء الوجوبي (الحبس والغرامة) المقرر بأحكام القانون التجاري هو الملائم وهو المناسب لتقوم العقوبة بوظيفتها نحو تحقيق الردع العام والخاص للقضاء على ظاهرة جرائم الشيكات في المجتمع.

ب- كون القانون التجاري قانوناً خاصاً بينما قانون العقوبات قانون عام، والمعلوم أن الخاص يقيد العام لذلك يلزم العمل بنصوص القانون التجاري دون غيرها بشأن عقوبة جرائم الشيكات.

ج- كون القانون التجاري قانوناً حديثاً تم إصداره للنصوص العقابية لجرائم الشيكات بالقانون قم 6 لسنة 1998م، بينما قانون العقوبات قانون سابق صدر بالقانون قم 12 لسنة 1994م، والمعلوم أن النص اللاحق الحديث يلغي النص القديم السابق حال تولي كل منهما تنظيم مسألة واحدة.

دـ  اهتداء وسيراً على نهج المشرع المصري في هذا الشأن على وجه الخصوص وتحديداً بإلغائه النص الجزائي لجرائم الشيكات الوراد بالمادة (337) من قانون العقوبات المصري الصادر عام 1937م والاستعاضة عنه بالجزاء المقرر بأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م.

ثانياً: وضع نص جديد بأحكام القانون التجاري اليمنى يعاقب المظهر أو حامل الشيك الذي يقوم بتظهيره أو تسليمه للغير بطريق التداول وهو يعلم أنه لا رصيد له أو أنه غير قابل للصرف وذلك من خلال إضافة فقرة ثانية بنص المادة (805. تجاري) بالصيغة الآتية: [2- يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها بالفقرة الأولى كل من ظهر لغيره شيك تظهيراً ناقلاً للملكية أو سلمه شيكاً مستحق الدفع لحامله مع علمه أنه ليس له مقابل وفاء يفي بكامل قيمته أو أنه غير قابل للصرف].

ثالثاً: وضع نص جديد بأحكام القانون التجاري اليمنى يعاقب موظف البنك المسحوب عليه حال مخالفته قواعد وأحكام الشيك، ويكون بالصيغة الآتية: [1ـ يعاقب بالغرامة التي لا تقل عن مليون ريال ولا تجاوز ثلاثة ملايين ريال كل موظف بالبنك ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية:

أ-  التصريح على خلاف الحقيقة بعدم وجود مقابل وفاء للشيك أو بوجود مقابل وفاء أقل من قيمته.

ب- الرفض بسوء نية وفاء شيك له مقابل وفاء كامل أو جزئي ولم يُقدّم بشأنه اعتراضاً صحيحاً.

ج- الامتناع عن وضع أو تسليم البيان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة (518) من هذا القانون.

د- تسليم أحد العملاء دفتر شيكات لا يشتمل على البيانات المنصوص عليها في المادة (528) من هذا القانون.

2- ويكون البنك مسؤولاً بالتضامن مع موظفيه المحكوم عليهم عن سداد العقوبات المالية المحكوم بها]. 

رابعاً: يوصي الباحث بتعديل الجزاء «العقوبة» بشأن الاعتداء على الشيك الواردة بأحكام المواد (807، 808، 810) من القانون التجاري اليمني وتعديلاته النافذة بما غايته قيام العقوبة بوظيفتها للقضاء على تفشي ظاهرة جرائم الشيكات في المجتمع.

خامساً: يوصي الباحث بإضافة مادة جديدة كعقوبة تكميلية تقضي بمعاقبة الساحب في حال العود لارتكاب جريمة إصدار شيك بدون رصيد كما هو الشأن لدى نظيره المصري بتقرير العقوبات الآتية: [أـ سحب دفاتر الشيكات من الساحب.

ب- منع إعطاء الساحب دفاتر شيكات جديدة مدة تعينها المحكمة وتبليغ هذا الحظر لجميع البنوك].

-                                                                                                    وأخيراً فإن كان الباحث قد أصاب في هذه الدراسة المتواضعة فذلك بفضل من الله تعالى وحده وإن كانت الأخرى فذلك هو النقص في الإنسان حال بني البشر، والحمد لله من قبل ومن بعد.

قائمة بالمراجع

أولاً: المؤلفات القانونية:

1- د. محمود الكيلاني، القانون التجاري «الأوراق التجارية»، جمعية عمال المطابع، عمان، الأردن، طبعة 1990م.

2- د. ثروت حبيب، القوانين التجارية، “الأوراق التجارية»، دون دار نشر، طبعة 1991م.

2- د. أكرم ياملكى، الأوراق التجارية وفقاً لاتفاقية جنيف الموحدة، دون دار نشر، ط 1999م.

3- حمدي عبد المنعم، الأوراق التجارية في قانون المعاملات التجاري الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، منشورات المجمع الثقافي، الطبعة الأولى، 1996م.

4- د. فوزى محمد سامى، شرح القانون التجاري في الأوراق التجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، طبعة 1997م.

5- د. عبد القادر العطير، الوسيط في شرح القانون التجاري للأوراق التجارية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، دون سنة نشر.

6- د. أبو زيد رضوان، د. رضا السيد عبد الحميد، الأوراق التجارية وفقاً لأحكام قانون التجارة الجديد، دار النهضة العربية، طبعة 2004م.

7- د. أكثم أمين الخولى، دروس في الأوراق التجارية، مطبعة نهضة مصر، طبعة 1958م.

8- د. سميحة القليوبى، الأوراق التجارية، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 2005م.

9- د. محمود مختار بريري، قانون المعاملات التجارية، دار النهضة العربية، طبعة 1995م.

10-                                                                                               د. رضا عبيد، القانون التجاري، دون دار نشر، الطبعة الرابعة، 1983.

11-                                                                                               د. عبد الحميد الشواربى، القانون التجاري «الأوراق التجارية»، منشأة دار المعارف بالإسكندرية، دون سنة نشر.

12-                                                                                              د. مصطفى كمال طه، الأوراق التجارية والإفلاس، دار الجامعة الجديد للنشر، طبعة 1997م.

13-                                                                                              د. علي جمال الدين عوض، الأوراق التجارية، مطبعة جامعة القاهرة، طبعة 1995م.

14-                                                                                              د. سميحة القليوبى، الوسيط في القانون التجاري المصري، دار النهضة العربية، الجزء الأول، بدون سنة نشر.

15-                                                                                              د. فايز نعيم رضوان، القانون التجاري طبقاً لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، الطبعة الرابعة، 2002-2003م.

16-                                                                                              د. عبد الرحمن شمسان، أحكام المعاملات التجارية “ الأوراق التجارية في القانون اليمنى، جرافيكس للطباعة، طبعة 2005م.

17-                                                                                              د. محمود مختار بريري، قانون المعاملات التجارية، دار النهضة العربية، طبعة 2001م.

18-                                                                                              د. محمود سمير الشرقاوي، الأوراق التجارية، دار النهضة العربية، طبعة 1993م.

19-                                                                                              د. سميحة القليوبى، الأوراق التجارية وفقاً لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة 1999م.

20-                                                                                              د. فريد العريني، د. محمد دويدار، “أساسيات في القانون التجاري، دار الجامعة الجديدة طبعة 2004 م.

21-                                                                                              د. على سيد قاسم، قانون الأعمال ووسائل الائتمان التجاري وأدوات الدفع في القانون التجاري في القانون رقم 17 لسنة 1999م، الجزء الثالث، الطبعة الثانية.

22-                                                                                              د. فايز نعيم رضوان، القانون التجاري– الأوراق التجارية وعمليات البنوك طبقا لقانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية،2001-2002م.

23- د. على البارودي، الأوراق التجارية والإفلاس وفقاً لقانون التجارة طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1999م، دار المطبوعات الجامعية، دون سنة نشر.

24-                                                                                              د. على حسن يونس، الأوراق التجارية، دار الفكر العربي، دون سنة نشر.

25-                                                                                              د. فايز نعيم رضوان، العقود التجارية، عمليات البنوك– الأوراق التجارية طبقا لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دون سنة نشر.

26-                                                                                              د. فايز نعيم رضوان، د. نجيب بكير، د. نادية محمد معوض، الوجيز في القانون التجاري وفقاً لأحكام قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، طبعة 2000م.

27-                                                                                              د. حسن على مجلي، المبادئ القانونية للقضايا التجارية، مكتبة خالد بن الوليد، طبعة 2004م.

28-                                                                                              د. هدى حامد قشقوش، شرح قانون العقوبات– القسم الخاص- جرائم الاعتداء على الأموال، دار النهضة العربية، طبعة 2006م.

29-                                                                                              د. علي جمال الدين عوض، الشيك في قانون التجارة وتشريعات البلاد العربية، دار النهضة العربية، طبعة 2000م.

30-                                                                                              د. محسن شفيق، نظرات في أحكام الشيك في تشريعات البلاد العربية، محاضرات ألقاها على طلبة قسم الدراسات القانونية، معهد البحوث والدراسات العربية عام 1962م، دون سنة النشر.

31-                                                                                              د. زهير عباس كريم، النظام القانوني للشيك، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، بيروت، دون سنة نشر.

32- المستشار/ محمد محمود المصري، أحكام الشيك مدنياً وجنائياً في ضوء قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م – المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، طبعة 2000م.

33- د/ حسن صادق المرصفاوى، المرصفاوى في جرائم الشيك، منشأة دار المعارف بالإسكندرية، دون سنة نشر.

34- د. أحمد محمد محرز، “السندات التجارية، الكمبيالة والسند الإذني- الشيك»، دون دار نشر، طبعة 1995م.

35- د. حماد مصطفى عزب، الشيكات المسطرة، دار النهضة العربية، طبعة 1995م.

37- عبد العزيز سليم المحامي، الشرح التفصيلي للشيك في ظل القانون رقم 17 لسنة 1999م، دون دار نشر، طبعة 2000م.

38- المستشار/ مصطفى مجدي هرجه، المشكلات العملية في جرائم الشيك، دار محمود للنشر والتوزيع، طبعة 2005م.

39- د. هشام فضلي، الشيك في قانون التجارة الجديد، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2000م.

40-                                                                                              د. أميرة صدقي، الشيكات السياحية طبيعتها ونظامها القانوني، دار النهضة العربية، الطبعة 1994م.

41-                                                                                              د. محمود مختار بريري، القواعد الخاصة بالشيك وفقاً لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، الطبعة 2005م.

42-                                                                                              د. رضا السيد عبد الحميد، الشيك في قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، طبعة 2006م.

43-                                                                                              المستشار/ عبد الفتاح سليمان، طرق اكتشاف تزوير الشيكات والمسؤولية عنه، دار الكتب القانونية، الطبعة 2005م.

44-                                                                                              د. عزيز العكيلي، انقضاء الالتزام الثابت في الشيك، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، دون سنة نشر.

45-                                                                                              د. نادية محمد معوض، مقابل الوفاء في الشيك وفقاً لأحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999م، دار النهضة العربية، الطبعة الثانية، 2001 م.

46-                                                                                              د. محمود كبيش، الحماية الجنائية للشيك في ظل قانون التجارة الجديد، دار النهضة العربية، طبعة 2000م.

47-                                                                                              د. محمد جمعة عبد القادر، جريمة إعطاء شيك بدون رصيد علماً وعملاً، دون دار نشر، دون سنة نشر، طبعة 2002-2003م.

48- د. أسامة عبد الله قايد، جرائم الشيك في قانون التجارة الجديد،دار النهضة العربية،2001م. 

ثانياً: الرسائل العلمية: 

49-                                                                                              د. نضال فرج العلي، إصدار الشيك في قانون التجارة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2005م.

50-                                                                                              د. زهير عباس كريم، مقابل الوفاء في الشيك، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 1991م.

51-                                                                                              د. عبد الغفار إبراهيم الحكماوى، مسؤولية المصرف عن الوفاء بقيمة الشيك، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 2003م.

52-                                                                                              مهند محمد عوض، البيان الاختياري في الورقة التجارية، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، 2001م.

53- فايز خالد موسى الصغير، تنازع القوانين في الأوراق التجارية، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، 2004م.

ثالثاً: الأحكام القضائية:

54-                                                                                              الأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة العليا للنقض والإقرار.

55-                                                                                              الأحكام القضائية الصادرة عن محكمة النقض المصرية.

رابعاً: التشريعات القانونية:

56-                                                                                              القانون التجاري اليمني رقم 32 لسنة 1991م وتعديلاته النافذة.

57- قانون الجرائم والعقوبات رقم 12 لسنة 1994م.

58- قانون التجارة المصري رقم 17 لسنة 1999م.